الأحد ١٠ شباط (فبراير) ٢٠١٣
بقلم توفيق الشيخ حسين

آلآم على أسطر الحياة

قراءة في ديوان «لا شيء غير الكلام» للشاعر الدكتور صدام فهد الأســــــدي

آلآم تسكن الحروف.. وتحرق سنوات العمر بلا صوت.. عندما يعجز القلم عن البوح ما بداخل الأعماق.. وترحل الحقيقة عبر همسات النفس مع حروف الليل.. إلى شاطئ التعب والآلام.. ولا يبقى شيء غير الكلام.. عندما تعبر بنا قصائد الشعر إلى حدود الشجن.. لتمحوا الآم الجرح من صفحة الوطن الحزين...

لا شيء غير الكلام المجموعة الشعرية الثالثة للشاعر الدكتور صدام فهد الأسدي وتضم (36) قصيدة.. يتأمل فيها الشاعر جرح الأيام مع هموم الزمن.. عندما يغدر بنا ويعزف على أوتار القلب لحنا حزينا عبر نبضات العمر.. حين تتكسر المرايا وتلغي المسافات عن صدر الأرض.. نقبـّل جبهة الأرض الصابرة بقطرات المطر.. لتعزف لنا طيور البر ألحانا تختصر دروب الزمن...

حين تكسرت المرايا وفاض الجسد بطفح الجروح
حين أصبح العشق كذبة لا يحتملها القلب
حين جف صدر الأرض وشهق المطر من جفاف
الغيـوم
حين أدركت إن الستين قدري

يتميز شعر الدكتور الأسدي بوضوح الصورة الشعرية والتي تعتبر نقطة جذب للقارئ والتي تعتمد على مهارة الشاعر..

وكما يقول (س. داي. لويس) "الصورة الشعرية رسم قوامه الكلمات"...

من هنا امتلك الشاعر سيطرة كاملة على اللغة فنرى الصلة الحميمة بين الصورة واللغة في شعره...

مع صخب السكون ورحيل العمر في أدمع الليالي.. وما بين الهذيان والموت على هامات البرق.. يتدفق الصبر..

عندما تنقرض الأجوبة، ويخبو ظل الخيبة، كيف الخلاص من هامات البرق؟؟؟؟

رحلة العذاب على ضفاف الحزن.. ترسم أشجارا ًتحاكي لوعة الخوف.. أصبحنا بين طيات السنين خلف عالم موحش.. وأحلام تراقص الكلمات على كفة الأحزان.. وتقتحم الأعماق لتواجه أعاصير الحنين عبر أسطر تقاوم الألم والأنين...

كم علمونا نكتب الحزن على الشجر
ونشرب الخوف إذا أتت من الشمال الريح
متى يا كوكب الأحلام تستريح؟؟؟
اكره أن أمد أفراحي إلى قيثارة لا تعرف المسيح

خوف من المجهول.. قلب يغرق في بحر المشاعر ويبحر في دروب الصبر..ويتيه في غربة النفس وسط غربة الوطن.. ويسافر مع طائر الحزن بصمت مذبوح إلى الماضي ليكتب أسطورة الزمان عبر حب الوطن الذي يسكن في الحدق...

في واحة حزني يتدفأ عصفور الآمال بموقد شعري
اقطع أشجار الصبر بسكين الروح
كيف سأغسل عار الأيام، أمزق أثواب الغرباء
بصمت مذبوح؟
طير الحزن يسافر في أعوادي الجرداء
أحدق في آثار الأمس من أقصى الجزر إلى هذا
الكون المنسي
أجد الوطن غريبا من أغنية الفكر

ينتظر من البحر موجة تصرخ في أعماقه.. يجرفه تيار الألم ليغرق في دروب الظلمة..
يتحدى الصعاب ويقف شامخا كهزات النخيل أمام هوج الرياح.. عواصف تبعده عن الأمل وترمي به في الألم...

يتلوى زند النار على آهات الجرح، ويئن الشط حين
يرى البحر المسكين المذبوح بسكين الوهم
لا يغرف في وقت الجزر بقايا الطين
والسمك السابح في أثداء الموج يغني ينتظر
الصياد وعواصف هذا التأريخ جراد يحمل ألف
جراد

يبقى الجرح عندما تنطفئ شموع الأمل.. ويبقى الحزن والصبر يدمي قلب الشاعر.. عبر همسات الحروف.. عندما يصرخ الدم في الوريد.. ويروي الشجن في غياهب الظلمات.. ويسفح الكلمات على أوراق الرياح ويجدل حبالا من الذكريات ليعلق نفسه في كلمات لا تنتهي..

عراب الدهر طوى صبري، وتجار الموت حرثت
بستاني الصيفي
ثمة جسر مقطوع في هذا الحي
قل كيف سيعبر حلمي الراقد تحت خيول الأهوال؟

ويبقى عشق الوطن في أحشاء القلب.. وبين سطور الكلمات.. نرسمه على جدران الزمن.. عندها يصبح للموت طعم وتبقى آخر نقطة من كلمة العذاب على أسطر الحياة..ويصبح اسيرا بحب الوطن ومملوكا حتى العظم له.. ويبقى يتألم ويسير في عربة حلم مع المجهول..


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى