الخميس ١٤ آذار (مارس) ٢٠١٣
بقلم محمود سلامة الهايشة

حقن الطيور!

رنَّ جرسُ الهاتف النقَّال، فأخرَجه مِن جَيْبه، ردَّ السلام، سائَلَه المتحدِّث:

• هل أنت الدكتور عبدالعزيز؟

• نعم، مَن حضرتك؟

• معك الحاج حسني، عُمدة قرية ميت حصان، أقمتُ مزرعة دواجن منذ فترة يسيرة، كلَّما أضفتُ أيَّ أدوية في مياه الشُّرْب أو العلف، لا يأتي بنتيجة فعَّالة، فزادتْ نِسبة النفوق، فدَلَّني أحدُ الأصدقاء عليكم، حيث قال عنك: إنَّك طبيب بيطري ممتاز.

• العفو يا حضرةَ العمدة، الله يكرمك، هذا مِن ذَوْقك.

• هل الوقت مناسِب الآن؟ أم أُغلق وأكلِّمك في وقت آخر؟

• لا، لا، تفضَّل.

• يا دكتور، هل هناك طريقةٌ أخرى لإعطاء الطيور الدواءَ خِلاف الأكْل والشُّرب؟

• بالطبع يا حاج حُسني، يُمكنك إعطاءُ الدواء عن طريق الحَقْن.

• الحَقْن! كيف ذلك؟

• إمَّا تحت الجِلْد، أو في العَضَل.

• فما هي إذًا الحالات التي تتطلَّب إعطاءَ الدواء عن طريق الحقْن؟

• سؤال رائع يا حاج، تُحقَن الطيور بالدواء عندما تكون ضعيفةً وغير قادرة على الأكْل أو الشُّرب، أو عندما يكون المطلوبُ حسابَ الجُرْعة الدوائية بدقَّة، أو حينما يتطلَّب الأمرُ العلاجَ السريع، أو حينما يكون المطلوب هو الامتصاصَ السريع للدواء، أو عندما يكون المطلوب رفْعَ مستوى تركيز الدواء في الدَّمِ إلى درجة مرتفعة جدًّا، لا يمكن الوصول إليها عندَ إعطاء الدواء عن طريق الأكْل أو الشرب.

• "الله يُنوِّر عليك يا دكتور"، هناك سؤال آخر، آسف، سوف أُثقِل عليك.

• تفضَّل يا حضرةَ العمدة، أنا تحت أمْرك.

• هل طريقة الحَقْن في العضَل، أو تحت الجلد لهما نفسُ التأثير على الطيور؟

• بالطَّبْع لا، فتأثيرُ الحقن في العضَل أسرعُ مِن الحقن تحت الجلد؛ لأنَّ الدواء يتمُّ امتصاصه مباشرةً بواسطة الأوعية الدموية المنتشرة في العضَلات، المهمُّ أن يكون الدواء على صورةِ سائل مائي أو زَيْتي.

• الحقن تحت الجِلد يكون في أيِّ مكان بجِسْم الطائر؟

• ليس في أيِّ مكان، بل يتمُّ الحقن تحت جِلد الرقبة، بسَحْب الجلد إلى أعْلى، ثم دفْع إبرة الحقن تحت الجلد في الثُّلث العلوي، مِن الرقبة، على أن تكون الإبرةُ في اتجاه جسم الطائر.

• شرْحُك جميل جدًّا يا دكتور عبدالعزيز، فأنا أشعر وكأني أراك وأنت تحقن الطيور أمامَ عيني، إذن هذا بالنسبة للحقْن تحت الجلد.

قبل أن يُكمل، قاطَعَه عبدالعزيز قائلاً:

• أكيد تُريد أن تعرفَ كيف يتمُّ الحقن في العضل؟

فقهقه العُمدة، ارْتفع صوتُ ضَحِكه، فضحِك الدكتور على الجانب الآخَر، ثم قال العمدة:
• لن ننساك يا دكتور، فهَديَّتُك محفوظة.

فردَّ عبدالعزيز في لهفة:

• لا تفهمني خطأً يا حضرةَ العمدة، ربنا يُوفِّقنا جميعًا، ويُديم المعروف بيننا.

• إن شاء الله تكون معرفةَ خير يا دكتور، نرجِع للكلام عن الحقن في العضَل؛ حتى لا أطيل عليك الحديث.

• يتم الحقن إمَّا في عضلة الفَخِذ أو الصدر، مع مراعاة أن يتمَّ الحقن في الجهة الخارجية من الفخِذ، مع الحذر مِن الحقن في الجهة الداخلية حتى لا يتصادف طرَف الإبْرة مع أحدِ الأوعية الدموية، أو الأعصاب التي تنتشر في الجِهة الداخلية.

• هذا بالنِّسبة لعضلة الفخِذ.

• صحيح، أمَّا بالنسبة لحقن عضَلة الصدر، فيجب استعمالُ إبرة قصيرة وسميكة، يكون الحقنُ في الثُّلث العُلوي من الصدر في مكانٍ موازٍ لعظمة القفص، على أن يكون اتجاهُ الإبرة عموديًّا.

فقاطَعَه العمدة:

• عفوًا دكتور، آسف على المقاطعة، لكن لي سؤالٌ هنا، حضرتك قلت: في الثُّلث العلوي من عضلة الصدر، لو حدَث وكان الحقن في الثُّلث السفلي؟

• الحذرَ كلَّ الحذرِ مِن الحقن في الثلث السفلي، أو تغيير اتِّجاه الإبرة؛ خوفًا من اختراقها لجدار البَطن إلى الكبد، فتؤدِّي لنفوق الطائر على الفوْر، عمومًا أكثر الأدوية استعمالاً عن طريق الحقن هي المضادات الحيويَّة.

شَكَر العمدة الدكتور عبدالعزيز، انتهتِ المكالمة الهاتفية بوعْد من هذا الطبيب البيطري بزيارة مزرعة العمدة الجديدة بالقرية في أقربِ وقت ممكن، سيكون بينهما هاتِف لتحديد الموعِد.


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى