الأحد ٣١ آذار (مارس) ٢٠١٣
بقلم خيرة خلف الله

بغداد عروس الثّقافة العربيّة

عاصمة العشق العربيّ :بغداد:

عربية الوجه ...إسلامية القلب ...إنسانية الرّوح

وهل اللقب بجديد عليها؟!!!

كنّا ورودها لثلاثة أيّام بلياليها فتضوّع فينا سُكرها وسحرها وخلبتنا عراقتها
ملأتنا بغداد حتّى ضقنا عنها ،وأسرتنا حتّى ردّد الجوى... كلّ الجوى اسمها وهمسها وووقعها...

بغداد تلك الفاتنة الجميلة برغم الضّيم الذي لحقها وعربدة التاريخ فوق أديمها
نهضت بغداد لأجلنا وخلعت سوادها عنها لتتزيّن بالتفافنا حولها وعانقتنا أصالتها العربية الباذخة الشّامخة...

كلّ لحظة تبسط بغداد راحتيها لاحتضاننا خوف الطّارئ ...كلّ لحظة تضمّنا فرق جدائلها الأمنيّة ...كلّ لحظة تأخذنا بين ذراعيها وتتفقّدنا فنتلألأ كالنجوم في سماء شموخها ...نطرب لمقاماتها على نهر دجلة فتخلب وجداننا قهوة عراقية معتقة تجوب نكهتها الزّوراء ومن الرّصافة شرق دجلة إلى الكرخ غربه...

كلّ همسة تقارئك الشّعر وكلّ شارع يتوسّطه مجسّم شاعر للعراق
هذا الرّصافي وقد نأت به الكلمات حتى إذا أدرك شارع المتنبّي سلّمنا مقاليد التجوال فيأسرنا سحر القوافي ويجرفنا نخب العراق

حتى إذا جنّ الليل وعيينا وما عيى بنا المسير تقابلك مشاوي سمك
ال"كارب "العراقي هذه اللذة العصية على غير العراق...حيث تقام المجامر فتطالعك فوقها سحائب السّمك المبسوطة الشّطرين في اسطوانيّة تسيل لعاب الوافدين...

على يمينك أمنيّ وقد تسلّح بعبق الحضارة فيطارحك التاريخ على شوق هادئ ويتصفّح معك الوقائع في فصحى عميقة تزيدها اللهجة العراقية جمالا فتطلب المزيد فلا يشعرون الكدر أو الملل أو حتى مجرّد التعب ،وهم في خدمتك ،وهم رهن إشارتك أسيادا ودودين ،الكلّ كان عاصمة ثقافية في ذاته وبذاته ،الكلّ يحبّ العراق ...الكلّ ساهر لعيون العراق ...الكلّ يشعرك أنّ العراق واحد ...الكلّ رهن إشارتك لأجل أن يؤكّد أن بغداد فعلا عاصمة الثقافة العربية وعروسها...

للعروبة هناك حقا ثقافة أخرى ،يؤثرن على أنفسهم فلا تبدو عليهم خصاصة
تقّلب على محياهم صفحات بغداد من السومر إلى الآشور مرورا ببابل وتحليقا في العصور الإسلامية الزاخرة تجد أنّ بغداد أشهر عاصمة عربية اقترفت فضيحة حبّ الاستمرار والتواصل ،بغداد المنصور وبيت الحكمة...

بغداد، لا شيء عليها أغلى من اسمها ،المغنّي في مقاماته يردّد لحن بغداد والشاعر يصافحك وعلى جبينه نخلة وكتاب ،والشّباب كالورود يرقصون الدبكة العراقيّة الأصيلة "الجوبي " فتقتنص الشّفاه البسمة التي كانت على قلق ولكنّهم جعلوها ممكنة على شفاهنا ...
لقد أبدعوا في نحتها كأجمل مايكون رغم الجراحات وويلات المرحلة ...عشنا الحلم البغداديّ كأنبل مايكون وأشهى مانحلم بغداد تلك الحلوة العربية كلّ شيء كان موقّعا فيها حتّى رقصة "الجوبي" والمقامات العراقيّة، بغداد ،جلّنار الوقائع وجوهرة الآداب وأيقونة التاريخ وأنت تحطّ الرحال في أزمانها الغابرة على عتبات المتحف الوطنيّ تجد نفسك في حراسة أسود "جلجامش" فيرافقك صديقه النصف البشري وقد تشكل أسفله من نصف ثور لينتهي بك حيث ساحة الإله "اورنمو" بحركة يديه التي أسرت الزائرين فنانين شعراء إعلاميين ومثقفين مختلفي المشارب والاهتمامات وأجانب شغفوا بسحر العراق فيتدافعون في محرابه لالتقاط صورة وهم يقلدون حركته الموحية متأوّلين معناها ودلالاتها فتشعر أنك في حضرة قدّاس تليد العصور يواصل بك الرّحلة في ذاكرة بغداد فيصافحك تمثال الملك "بنوخذ نصّر" ومنه تشدّ الرحال إلى حيث عشتار آلهة الحبّ والجمال في تجرّدها العبق ليرافقك "سرجون الأكديّ" الى حيث "نرامسن" ملك الجهات الأربع ...

ونعود أدراجنا في حماية الوطن العراقيّ وفنونه مترنّمين بتليد المقامات على لسان مطربي جيلها السبعينيّ فتهزّ كيانا نغمات مطربها ياس خضر والرائع سعدون جابر والمبدع حسين نغمه والمرح فاضل عوّاد والرقيقة أمل خضيّر فتستنتج أنّ الحرب علمتهم الحكمة على معرفتهم أنّ الرصاصة تلغيها كيف لنا أن ننهي الرحلة البغداديّة دون أن نتجوّل في شاعر المتنبّي وفي أسواق بغداد وحصونها القشلة وما جاوره هذه المآثر العثمانية العابقة بالروعة وقد تحوّلت إلى مركب ثقافي ومتاحف مشرعة التاريخ بعد أن كانت محاكم تفتيش وقلاع حرب زمن القلق فتطالعك الأقواس والطوابق المنقوشة وبعض التحف النادرة هنا وهناك من المكان المطلق الفسيح فتنهض شاهد عيان عما عاشته بغداد من مختلف الحضارات
وليس بالبعيد عنها تقابلك الكتب والعناوين المختلفة وقد افترشت الأديم طوار شارع المتنبي،كتب ومجلات ومجلّدات من شقي الحضارة تقطف،احتفاء بالفنّ والثقافة والأدب ...مشهد عريق متأصل في شوارع بغداد ،رغم ما يطالعك بين الفينة والأخرى من آثار دمار تعود لجرح الغزوات المتفاوتة على هذا البلد العريق الذي صمد رغم الدّاء والأعداء كالنسر فوق القمّة الشّماء

فلله درّ العراق ومنحه ما تزدحم به قلوبنا تجاهه من محبة صافية


مشاركة منتدى

  • تحياتي يا مرهفة الحس ورقيقة الكلمات، فأنت منصفة وصادقة وتستحقبن الثناء والرجاء بأن يكون أصحاب الرأي والكلمة مثلك صادقين، ينقلون الحدث دون تسييس أضاعنا ثقافة وشعوب ومستقبل، فمرحى لبنت الخضراء تونس ومرحبا بك في بغداد اليوم وكل يوم فأنت وأمثالك ممن يستاهل ان يكونوا نموذج ثقافة عربية واحدة وليس أكالين سحت ومرتزقة ومدعين ،ومازالوا يتأسون على أيام أخو هدله الذي أذل العراق والعرب وأساء لله وللبلاد والعباد.أحييك يا أختاه
    د.علي ثويني
    ستوكهولم

أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى