الاثنين ١٣ آذار (مارس) ٢٠٠٦
بقلم نعيم عودة

الطفــــــل والبحـــــــر

ذات يومٍ

وقف الطفل بشاطي البحر

فرحانَ سعيدا

ينظر الأمواج تحبو

بين كفيه، وتجثــو

ثمّ تختالُ بعيدا

ضحك الطفل وغــــنىّ:

أيها البحر العظــيم،

أنتَ مخلوقٌ كــــريم،

فيكَ أسرارٌ مثيرةْ

فيك أسماكٌ كثيرةْ

وجميلٌ أنت يا بحرُ

تغـــني.. تتهادى

تنشرُ الحُـبّ على الرملِ

وتجتـازُ البــــلادا

لا تخافُ الليل والناسَ

جموعاً وفــرادى

وأنا أفتحُ أبوابي

كما يحلو لها

بـاباً فبــــابا

هبٌت الريحُ على البحــرِ

نشـــيجاً ودويــــا

وتعالى المـوجُ حيراناً

حزيناً وشقيا

فــزع الطفلُ، وناجى البحرَ

يــــا بحـــرُ

لقد كنتَ وفيـــا

ما الذي أغضبكَ اليومَ

أقومٌ من جوارك؟

نحن يا بحر، نحب البحرَ

والبــــدرَ

ونسماتِ هوائكْ

دمدمَ البحرُ وفي عينيه طوفانٌ

كطوفان السنابك..

وعلا الموجُ وكانت منه أصواتٌ

كاصوات المعاركْ

قال: يا ناسُ،

لقد أفسدتمو كل المسالك

شاطئـي الأجمــلُ

ألقيتمْ عليه ما أردتمْ

فاستكانا

وهوائي.. كم نثرتم فيه

ســــماً ودخـــانا

إرحموني.. وتعالوا

نجعل الدنيا.. سلاماً وأمـانـــا

الجزء الثاني:

كنتُ أمشي عند شاطي البحرِ

أجتازُ الرمالا

وعلى جنـــبيّ يختالُ نسيمُ البـرّ

تتيهـــاً ودلالا

وطيورُ النورس البيضاءِ

تهتــــزّ اختيالا

وعلى البُعــد ســـــفينٌ

غاب َ عنــا وتعالـى

ورؤوس الموج تختالُ

شموخاً ودلالا

فجأةً عنّ ببالي خاطرٌ..

أين اصحابي؟

تركوني عندما

أشرقت الشمس ببابي

ثم غابوا وتواروا

بين طيات الضبابِ

لم اعُـد أبصر شيئاً

أين انتم يا صحابي؟؟

فأجاب البحر محزوناً:

هنا بين يديكا

صحبك الشاطئ والبحر

وبدر الليل منكا

أنتَ إن تحفظه يسلمْ

يخبر الأفلاكَ عنكـــا

إنما الإنسان مخلوقٌ

جميلٌ ... فاحفظـــوهُ

واجعلوا منه صديقاً

ورفيقــاً... واحملـــوهُ

هو يرعى حقنا في الكون

صيفاً وخريفا

يجعل الشاطئ لو شاء

نقيأ ونظيفــا

بارك اللهم هذا الخطوَ

كم كان شريفا

أيها الأصحاب كونوا

مثلما كنتُ - لطيفا

الجزء الثالث:

عـــزف البحر على الشاطئ

لحنـــاً عربيـــا

ثم عنــى الموجُ للصبيةِ

لحنــا أبديا

قالت الموجة يا هذا

لقد كنتَ وفيــــا

مالك اليومَ تغيــرتَ

فأصبحتَ شقيا

تلفظ الــزيت على الماءِ

فيغــزو سمكاتــــي

يحصد الأرواح بالآلاف

رغــــم الحســـــراتِ

قد ملأتَ الجــوّ بالآلام

فـاجتــرّ دخــانــا

وجعلـتَ القبـة الزرقاءَ

بــؤســاً وهـــوانــا

جــفّ حلق البحر من عبـــثي

وألقــى دمعتيــهِ

في يدي ألقيتَ يا بحرُ

دموعاً وعواصفْ

وعلى الشاطئ ألقيتَ

طيوراً وزعانف

وعظامُ النورس الفضيّّ

تعلوهــا السلاحفْ

هدّها الجوْرُ وظلمُ الناسِ

من غير عواطف..

الجــزء الــرابـــع:

كيف يا بحــرُ

وفي أعماقنا ظلمٌ وقهــرُ

كيف يا بحــرُ

وفي أفعالنا كــرّ وفـــــرُّ

كم نحب البحرَ يا بحــرُ

ونسمات هوائك!!

أسعد الأيام يا بحــرُ

تكونُ في لقائك!!

لك مني بعد هذا اليوم

أن أبقى وفيــاّ

ذاك عهدي لك يا بحرُ

وذا ديــنٌ عليـــــا


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى