الأحد ١ حزيران (يونيو) ٢٠٠٣
مجدى أحمد على مخرج أسرار البنات لديوان العرب
بقلم أشرف شهاب

صناعة السينما تحتاج للتكاتف لا لإلقاء التهم

مجدى أحمد على واحد من جيل من المخرجين الذين يعيشون ظروفا بالغة الصعوبة. وهم يحفرون بأصابعهم لاكتشاف الضوء فى نهاية النفق الذى دخلته صناعة السينما المصرية من بعيد. مراسلنا فى القاهرة أشرف محمود التقى مجدى أحمد على الذى كشف "أسرار البنات"، وعاش فى "يا دنيا يا غرامى"، وفيما يلى نص الحوار:

 ديوان العرب: مجدى أحمد على، واحد من المخرجين الكبار الذين يقدمون فنا مختلفا. ومع ذلك نلاحظ أن حالة الفن المصرى بشكل عام فى ترد متزايد. فعلى من تقع المسئولية. المخرجين أم النقاد أم الجمهور؟
 مجدى أحمد على: الوضع العام للسينما المصرية بل والعالمية لا يشجع.، فصناعة الفن جزء من الاقتصاد المتدنى لهذا العالم، والمخرج جزء من شخصيات هذا العالم المضطرب. وقد التقيت بخيرى بشارة ومحمد خان، وهم أساتذتى وأصدقائى تعلمت منهم. وأنا أنتهز هذه الفرصة لأدعوهم من خلال مجلتكم مرة أخرى للعودة للعمل فورا، لأن وجود هذه النوعية من المخرجين الجيدين، فيه ضمانة للسينما الجيدة. ولا يمكننى أن ألقى المسئولية بشكل عام على صناع الفن، أو على الجمهور أو على النقاد، أو على دور العرض. لا يوجد سبب واحد يتحمل المسئولية عن هذا الانهيار. صناعة السينما تحتاج إلى تكاتف الجميع لا إلى إلقاء التهم، وتوزيعها. فتوزيع التهم سيزيد من حدة الانقسام، والخلافات، ويزيد من تعميق الأزمة.

 ديوان العرب: تتعدد مظاهر الأزمة التى نتحدث عنها جميعا، كصحفيين وكمخرجين، وكمشاهدين. ولكن الملاحظ بشكل عام أم السينما لم يعد لديها قضية مركزية تناقشها؟
 مجدى أحمد على: ربما ينطبق هذا الكلام على السينما العربية عبر تاريخها بشكل عام. ولكن هذا الحكم العام فيه مجموعة من الاستثناءات. فمثلا، القضية الفلسطينية موجودة فى أفلامنا، وقضية الصراع العربى الإسرائيلى مطروحة، وحتى الحروب بشكل مباشر تمت معالجتها. صحيح أن هذه المعالجة كانت دون المستوى. ولكن المستوى الفنى شيء، وغياب الموضوع تماما شيء آخر. نحن نعبر عن هذه القضايا بشكل مختلف عن الشكل الذى يمكن أن يعبر به أبناء هذه القضايا أنفسهم. فبالتأكيد لا يمكننى تصوير معاناة الفلسطينيين وإحساسهم بالقضية كالفنان الفلسطينى نفسه.

 ديوان العرب: أتذكر أيضا معالجة يوسف شاهين للقضية الجزائرية فى فيلم "جميلة بوحريد".
 مجدى أحمد على: هذا الفيلم يؤكد مدى صحة تقديرى أن أبناء القضية سيكونون أصدق الناس تعبيرا عنها. فيوسف شاهين عندما قام بالتعبير عن الجزائريين بفيلم "جميلة" خرج علينا بفيلم يشبه الكارثة. فقد قرأ عن القضية فى الصحف، وحولها إلى صور، وأشخاص جزائريين يتحدثون باللهجة المصرية. وبالتالى خرج عن هدفه. أراد تحية الشعب الجزائرى ولكنه وجه تحيته للشعب المصرى.

 ديوان العرب: فى اعتقادى أن هذا لا يعيب فيلم يوسف شاهين. فأنا زرت الجزائر بنفسى ولمست مدى عشق الجزائريين للهجة المصرية، لدرجة أنهم كانوا يتحدثونها بطلاقة أذهلتنى. ومن هنا أعتقد أن يوسف شاهين نجح فى رسالته. وهذا يدفعنى للسؤال هل تصنع أفلامك بهدف الحصول على جوائز؟
 مجدى أحمد على: لا..لا. الجوائز ليست هدفا لى. ببساطة ليس لأنى لا أحب الجوائز. ولكن لأنى لا أعرف ما هى القاعدة المحددة التى تجعلك تربح الجوائز. خذ مثالا على ذلك، فى مهرجان جمعية الفيلم لم يحصل فيلم "أسرار البنات" سوى على جائزتين فقط.. واحدة لكاتبة السيناريو عزة شلبى والثانية شهادة تقدير لمايا شيحة. نفس هذا الفيلم حصل فى المهرجان القومى للسينما على عدد كبير من الجوائز. والغريب أن ثلاثة من أعضاء لجنة التحكيم تكرروا فى المهرجانين. وهذا يؤكد أن الجوائز تخضع للمزاج الشخصى، ولحب أشخاص بعينهم، وهذا يحدث فى العالم كله وليس فى مصر وحدها.

 ديوان العرب: وكيف تختار أبطالك؟
 مجدى أحمد على: موهوبة الممثل هى الأهم بالنسبة لى. وحتى لو لم يظهر الممثل بشكل متميز فى أعماله السابقة. فأنا عندى القدرة على رصد موهبته. ولا يمكننى إطلاقا التعامل مع ممثل غير موهوب. وأؤكد لك إن تجربة مايا شيحة وشريف رمزى فى "أسرار البنات" كانت غريبة -فتقريبا- لم يوافق جميع العاملين معى فى الفيلم عليهما، وراهنت بمفردى عليهما. وفى النهاية جاءت النتيجة لصالحى.

 ديوان العرب: هل معنى ذلك أنك يمكن أن تغامر بفيلم أو بإيرادات فيلم لكى تثبت صحة نظرتك فى المواهب التى تعمل معك؟
 مجدى أحمد على: تحمسى لأشخاص معينين لا يعنى التنازل عن الرح، ولا عن المبادئ التى أسعى إلى تحقيقها. ففى النهاية أنا أسعى للوصول إلى الشكل الذى يرضينى كمخرج عن عملى. وأعتقد أننى نجحت فى أفلامى الثلاثة "يا دنيا غرامى"، و"البطل"، و"أسرار البنات"، فى صنع شىء مختلف.

 ديوان العرب: النقاد لا يرون فى أفلامك نموذج الصراع بين الشر المطلق ولا الخير المطلق.
 مجدى أحمد على: ببساطة لأنه ليس فى الشعب المصرى شخص يمكن اعتباره خير مطلق أو شر مطلق.

 ديوان العرب: كيف وصلت لهذه القناعة؟
 مجدى أحمد على: من خلال معرفتى بظروف الشعب المصرى. فطبيعة حياتنا لا تولد هذا النوع من الناس. قد يوجد الأشرار فى المجتمعات التى تتمتع بالرفاهية، وفى الثقافات التى تملك قدرا كبيرا من الثقة فى نفسها، وتملك قدرا من العنصرية. أما الشعب المصرى فهو يعيش على ضفاف النيل، وقد بنى حضارته على انتظار الفيضان، وانتظار نمو الزرع، ورعايته. وهذه الحالة لا تخلق أشرارا بمعنى الكلمة. وحتى فى أسطورة "إيزيس وأوزوريس" كان الإله "ست" يعتبر رمزا للشر. ومع ذلك كان هناك من يعبدون "ست". والحقيقة أنهم لم يكونوا يعبدون الشر، فالإله "ست" كان يقدر مواقف "أوزوريس" ودوافعه. أى أن رمز الشر كان هو نفسه يقدر دوافع الخير ويتعامل مع الأخر بالتزام.

 ديوان العرب: تحدثت عن الثقافة العنصرية التى يمكن أن تخلق "الشرير". ومن الواضح أنك كنت تقصد هوليوود. فهل لديك ما تقترحه لمواجهة هذا النموذج؟ وما رأيك فى دعوة مقاطعة الفيلم الأمريكى؟
 مجدى أحمد على: لم أكن أؤمن بفكرة المقاطعة الفنية مطلقا قبل وقت قليل، ولكن موقفى مختلف الآن. لقد آمنت بالمقاطعة كنوع من الاحتجاج الرمزى. خاصة بعد أن كشفت الإدارة الأمريكية القناع، وعادت شعبها، وأظهرت أمريكا أنها مصرة على أن تعاملنا بدرجة كبيرة من الاستخفاف والإذلال. وهناك قطاع كبير من الرأى العام هناك يتفق مع الإدارة الأمريكية. ولهذا يجب أن ننبه هؤلاء لوجودنا. واعتقد أن المقاطعة ستكون فعالة لأنها الطريقة الوحيدة التى ستترك أثرا لديهم. لابد أن نكون أقوياء فى المقاطعة، وهناك نموذج باكستان التى لم يبدأوا فى احترامها إلا بعد امتلاكها لأسلحة نووية.

 ديوان العرب: لقد جربنا المقاطعة"، و يبدو أن الكثير غير مقتنعين بها. ألا توجد وسائل أخرى بديلة للمقاطعة السلبية؟
 مجدى أحمد على: بالعكس، هناك بدائل أخر من بينها تنويع مصادر الثقافة السينمائية لدينا، بحيث نشاهد أفلاما فرنسية وألمانية وآسيوية. وهذا سيعود علينا بالمزيد من الثراء الفكرى.

 ديوان العرب: ما هو جديد مجدى أحمد على؟
 مجدى أحمد على: هناك مشروع سيناريو مع الأديبة عفاف السيد لكتابة فيلم عن تجربة مصر مع الجماعات الدينية. وأيضا هناك مشروع مع الكاتب والسينار


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى