الثلاثاء ١١ شباط (فبراير) ٢٠١٤
بقلم رينا ميني

مُعنّفات

وكأنّ التفرقة العنصرية العرقية والطائفية لم تعد تحقق النتائج المرجوة، حتّى بُلينا بالتفرقة الجنسية كي تقضي على

ما تبقّى من إنسانية في قلوب البشر.

هن.. أسيرات أعرافٍ بالية، تتحكّم بهنّ مجتمعاتٌ فاشلة وتجور عليهن قوانين عفنة، تدمّر أحلامهن وتستبيح

أعراضهن وأجسادهن وكلّ حياتهن.

هنّ، بشرٌ كسواهم، ذوات عقلٍ وذكاءٍ وإرادةٍ ومشاعر، لا يختلفن عن الأخرين سوى بالبنية الجسدية. هنّ، الأمهات

والزوجات والبنات والعاملات وربّات البيوت، اللواتي شاء حظّهن البائس أن يخلقن في بلادٍ لا تعرف معنى

للإنسانية، وتهمل قوانيناً من شأنها أن تحميهن من الظلم وقساوة مَن لا رحمة في قلوبهم.

هنّ النساء المعنّفات، اللواتي يمتن ألف مرةٍ في اليوم الواحد، تموت فيهن أدميتهن، من كثرة الضرب الجسدي

والعنف المعنوي. لا مجال لحصر عدد النساء المعنفات في بلادنا، كما لا يمكننا حصر عدد اللواتي، تُقتلن ضرباً

وحرقاً واغتصاباً. نشراتنا الإخبارية تحفل كل يومٍ بأسماءٍ لم نكن نعرفها قبل أن يتحوّل شريك الحياة من إنسانٍ إلى

وحشٍ كاسر.

هن.. أيضاً قاتلات، يقتلن أنفسهن بالسكوت والرضى على الجور.كما يقتلن رجالهن، يتحولن إلى مجرماتٍ شرساتٍ،

في لحظةٍ يهون فيها كلّ شيء، لحظةٌ تعيد شريط العنف كاملاً فيستيقظ نداء الخلاص في صدورهن، ويرمَيْن كلّ ما

لهن بعرض الحائط ويصرخن: "عليّ وعلى أعدائي".

هذا حصاد تربيتنا العقيمة: "يحقّ للرجل ما لا يحقّ لغيره". هذا هو جنى العمر، تعنيفٌ وإهانةٌ وظلمٌ، ومطالبةٌ بأقلّ

الحقوق الواجبة على أيّ صاحب ضميرٍ وأيّ عقلٍ واعٍ لخطورة الوضع الراهن.

فيا أيتها النسوة، لا تطالبن بحقوقكن من دولةٍ لا تبالي لأمركن، ولا من مجتمعٍ قائمٍ على الجهل والتشبث بتقاليدٍ أقل

ما يقال عنها أنّها رثة، ولا من رجالٍ أسقطوا عنهم بشريتهم وأطلقوا العنان لغرائزهم الذكورية. إسلبن ما لكنّ من

فم الأسد، ولا تحسبّن حساب الخسارة الآتية، فأي شيء يهون أمام كرامتكن.

يا أيتها النسوة، إن السكوت عن الحقّ جريمة، فتحررن..


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى