الأحد ٢٠ نيسان (أبريل) ٢٠١٤

من الميدان - اخطر معارك بيروت

مازن عز الدين

(لروح خليل الوزير (ابو جهاد) وفي ذكرى استشهاده ازيح غبار الزمن عن اهم واخطر معارك الثورة الفلسطينية في حصار بيروت 1982م كان بطلها الميداني)

لقد طال امد الحصار و بيروت تواجه اسوأ حصار في التاريخ الحديث والمعاصر ليلها كنهارها والقيادة الفلسطينية تعرف ان المفاوضات تتم عبر القصف الجوي والبري والبحري وتعرف ان العدو اصبح فاقدا لأعصابه وقد استخدم كل ما لديه من قدرات نارية ليفرض عليها الاستسلام او القبول بخروج مذل ولكن قيادة يقف على رأسها ياسر عرفات وأبو جهاد وأبو اياد وسعد صايل لن تستجيب لضغوط القوات الاسرائيلية التي عبر عنها شارون قائلا لفليب حبيب المفاوض الامريكي في بيروت ابلغ عرفات انني قذفته بكل ما لدي من اسلحة ولم يبقى لدي سوى قنبلتي الذرية اما رئيس الوزراء الاسرائيلي بيغن فقد اعلن في الاول من اغسطس ان الفلسطينيين لا ينوون المغادرة وفي حال ارسال قوة متعددة الجنسيات لتفصل بين قواتنا لن يرحل هؤلاء الاوغاد عن بيروت ابدا لهذا اخذ الضوء الاخضر من الوزير الامركي هيج باجتياح بيروت قائلا له ( عندما تطلق عملية ما عليك الانتهاء منها بأسرع وقت ممكن ) ولهذا اصدر تعليماته الى شارون بالاستعداد لاقتحام بيروت

ابو جهاد / المعلومات تتوارد اليه بسرعة :

بعد تلك التعليمات اخذ شارون على مسؤوليته اقتحام بيروت وبدأت المعلومات تتوارد بسرعة الى ابو جهاد عن النوايا الاسرائيلية وابلغني الاخ اللواء م / سعيد (نظمي عوض نصر) وهو المرافق الشخصي للقائد ابو جهاد قائلا : لا اعرف من اين تأتيه المعلومات هل من داخل اسرائيل ممكن ؟ هل من الاستطلاعات الميدانية ؟ ممكن والمهم ان الاخ ابو جهاد كان وصله عبر اكثر من جهة ان شارون ينوي اقتحام بيروت الغربية لهذا اجرى لقاء سريع مع القائد العام ابو عمار ومع الفريق الركن سعد صايل ووضعهم بما لديه من المعلومات وقاما معا بدراسة وتحليل تلك المعلومات حيث اكد ابو عمار ان المفاوضات سوف تشتد بالنيران وان المعلومات المتوفرة لدى ابو جهاد تؤكد ان الجانب الاسرائيلي يعَوَل كثيرا على المعركة القادمة فإذا لم ينجح سوف تتحسن شروطنا وسوف تكون اوضاعنا افضل مما نحن عليه الان .

ويغادر ابو جهاد ليرى الاوضاع على الارض وفي محاور القتال حيث استمع للقادة الميدانيين الذين اكدوا اليه صحة تقديراته ان المعركة القادمة ستكون من محور المتحف فقام بتكليف عدد من الضباط للتمركز في اقرب النقاط على خطوط التماس مع القوات الاسرائيلية ووضع بين ايديهم منظارا للرؤيا الليلية ومزودين بأجهزة اتصال لمراقبة التحركات الاسرائيلية وعاد الى غرفة العمليات لمزيد من التشاور مع ابو عمار وأبو الوليد ليضعا خطة المواجهة القادمة التي وصفها القادة الثلاثة بأنها معركة النهاية .

التحضيرات الاسرائيلية للهجوم :

1- حددت القيادة الاسرائيلية الرابع من أب (اغسطس) موعدا للهجوم على بيروت الغربية ودخولها من ثلاثة محاور اساسية .

2 - ان يسبقه قصف مدفعي وبحري وجوي لجميع المناطق .

3- زج لواء مدرع ضد المواقع الفلسطينية في مرفأ بيروت

4- زج لواء دبابات لاقتحام منطقة المتحف وسباق الخيل وسط بيروت بهدف شطر العاصمة

التحضيرات في الجانب الفلسطيني :

1- ابو عمار : مشرفا على المعركة

2- ابو جهاد : متابعة المعركة ميدانيا

3- ابو الوليد : يدير المعركة

وقد تم الاتفاق على الخطوات التالية :

أولا / عقد اجتماع لقادة المحاور ليكونوا على أهبَة الاستعداد لمواجهة اي طارئ .

ثانيا / تحديد المهام والاتفاق على خطة النيران على الاهداف المحتملة .

ثالثا /اجتماع لجميع قادة الفصائل في منظمة التحرير ليكونوا عند مسؤولياتهم .

رابعا / حشد كل ما لديهم من مدفعية وراجمات وكميات الذخيرة .

خامسا / تعزيز المحاور المحتملة للهجوم بالمقاتلين .

سادسا / فتح النيران مركزيا بأمر من ابو الوليد شخصيا .

ويغادر ابو جهاد ليتابع ادق التفاصيل الميدانية استعدادا للمواجهة لكن ابو جهاد يعاني من انتقادات اخوانه في الميدان الذين يكونون سعداء برؤيته لكنهم يخشون عليه من القوات الاسرائيلية المنتشرة في المحيط وهكذا استمر ابو جهاد الى ان اصبحت لديه كافة التفاصيل عن التمركز الاساسي للقوات الاسرائيلية وقد حدد اتجاهات هجومها الرئيسي والثانوي وعاد الى غرفة العمليات وبالتشاور المستمر بين القادة الثلاثة وضعوا احتمالات تقارب ما يفكر فيه العدو في الميدان وأصبح كل شيء معد للمواجهة لقد ثم حشد كل ما تحتاجه المعركة من امكانيات ( فوهات مدافع - راجمات - مع ذخائرها ) وثم زراعة الطرق المحتملة للهجوم بالألغام والعبوات الجانبية وأصبحت المنطقة تعج بالمقاتلين من كافة القوى الفلسطينية واللبنانية الى جانب القوة الاساسية من جيش التحرير الفلسطيني المتمركزة اصلا في المحور الرئيسي والتي يقف على رأسها قائد مميز وشجاع يجسد المثل العليا في الوطنية والانتماء لوطنه ولأمته وهو اللواء عطية عوض ( والذي لا نعرف عنه شيء هل استشهد في السجون السورية ؟ ام لازال قيد الاعتقال منذ حرب طرابلس ؟ )

وبدأت الثواني في غرفة العمليات تصبح كالجبال والقادة الثلاثة كانوا عنوانا للصبر والثبات والحكمة والشجاعة وكعادته عندما يكون لديه حدث كبير فانه يقطع المسافة في قيادته ذهابا وإيابا هكذا كان ابو عمار وأبو جهاد الحديث بينهما كان ذهابا وإيابا والمسافات التي قطعاها في الغرفة كأنها مساحة الفضاء وأبو الوليد يتابع تأكيداته على اليقظة التامة وفجأة بدأت المعلومات تتوارد عن تحركات العدو دبابات تسير ببطء وجنود يختبئون خلفها والجميع ينتظر اللحظة التي تبدأ فيها المعركة ومن الذي سيبدؤها والعدو يعتقد ان عنصر المفاجئة بيده وان لم يكن بيده فعنصر القوة الغاشمة بيده ويعتقد جازما انه سيحسم المعركة لصالحه وأبو الوليد مصَر ان تكون المفاجئة للعدو بيده والدبابات تسير ببطء ومشاة العدو اصبح اعدادا منها على مقربة من كمائننا الامامية وأصبح الوضع متوترا جدا والسؤال من يسبق من في البدء بفتح النيران ؟ بكل تأكيد التوتر يسيطر على كل شيء ويتوازى ويسير كخطي القطار وأي خطأ سيكون ثمنه باهظا من جانب شارون يعني معركة النهاية التي تجعله ينهي الحرب كما اراد ومن جانب ابو عمار وأبو جهاد وأبو الوليد هي معركة النهاية التي تجعلهم ان قبلوا مبدأ المغادرة ان تكون مشرفة وبندقية مرفوعة الراس عالية الجبين وفعلا جاءت اللحظة عناصر الاستطلاع تبلغ ابو جهاد ان الدبابات في مرمى اسلحتهم والجميع ابلغه ان الحشد الاسرائيلي قد اكتمل وانه قد يفتح نيرانه في اي لحظة ابو الوليد ينظر الى عيني ابو عمار وأبو جهاد ويعطي اشارة المعركة قائلا للجميع ابو عمار يبلغكم ( هبت روائح الجنة )

وهي كلمة السر لفتح النيران الفلسطينية على القوات الاسرائيلية في محور المتحف حيث مواقع الحشد الاسرائيلي وكانت المفاجئة الفلسطينية في كثافة النيران الغير متوقعة حيث اعتقد شارون ان المخزون الفلسطيني من الذخائر لن يفي بمتطلبات المعركة

وفتحت القوات المشتركة نيرانها من كل الاتجاهات وبكل ما لديها من قطع المدفعية البعيدة المدى او الهاونات القريبة او الراجمات الجميع صب نيرانه على نقطة التمركز الرئيسة لحشد العدو والمكان الذي كان يعتقد الجميع انه متسع ملأه شارون بدباباته وجنوده إلا ان المكان قد ضاق كثيرا عليهم فلاحقتهم القذائف والصواريخ من كل فضاء في بيروت فأصبحوا في حالة هذيان التقدم واجهه الموت والتراجع يواجهه الموت والاجناب محاصرة بفرسان قرروا ان يذيقوا العدو الموت قبل موتهم وقائد المحور اللواء م /غازي مهنا يصف لنا المشهد قائلا : كان الجميع على ثبات عظيم وصوت اللواء عطية عوض يصدح عبر الاجهزة لن يمروا إلا على اجسادنا وأبو الوليد يوقف القصف ليبدأ العدو في لملمة اشلائه ومن ثم يعيد فتح نيرانه من جديد الى ان اخذ العدو قرار انهاء الهجوم ولم يعد يفكر في ذلك مرة اخرى لان الاربيجيهات ستنطلق على جنوده من كل بيت وزقاق وشارع .

وسرت في جميع القوات نشوة النصر وتدفقت المعنويات وشعر كل واحد من الذين شاركوا في صد العدوان الاخير انه سحق ارادة العدو

وعن ذلك يقول الرائد مائير عميتاي من سلاح الدروع الاسرائيلي في مقابلة نشرتها علهمشمار في آب / أغسطس انني متأكد بان ليس هناك طائرة في سلاح الجو الاسرائيلي لم تشارك في هذه الحرب وكان الطيار الاسرائيلي يقوم بما يزيد عن 20 طلعة جوية يومية وإنني اتساءل لو لم يكن لدينا سلاح جو متطور ومتفوق فكيف سيكون حالنا ؟ لقد كانت المعارك قاسية ومريرة لكنني استطيع القول بان اعنف تلك المعارك هي التي خاضتها قواتي في بيروت - منطقة المتحف - لا اخفي عليك انني احاول دائما نسيان الامر فكلما تذكرت تلك المعارك اضطررت للنظر الى حالي وما اصابني انني ام اعد رجلا عاديا كبقية الرجال لقد تمزقت في هذه الحرب.

وفي ذكرى استشهاد القائد المميز خليل الوزير ( ابو جهاد) نقول له ولجميع الشهداء ولجميع الاسرى ان معركة المتحف كانت عنواننا لنا جميعا وبوحدتنا الوطنية خضنا غمارها لهذا نحن انشاء الله سنكون في موقع الوفاء لكم ولشعبنا الذي يستمد عظمته من عظمة الله .

مازن عز الدين

أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى