الخميس ٦ نيسان (أبريل) ٢٠٠٦
بقلم سليمان نزال

الماغوط يرحل مع "شقائق النعمان"

هو حزن على الشاعر و الكاتب الكبير "محمد الماغوط" إذ يرحل مع "برقوق نيسان" ....هو الشعور بخسارة مبدع عربي كبير, فارس قصيدة النثر العربية, التي ارغمت العموديين و العروضيين التقليديين على الاعتراف بدور الماغوط و قيمته الكبيرة كشاعر رائد, جعلَ من نثره الخاص المتألق شعراً خالداً زاهيا, ينتصب قامة شامخة, تدير مدرسة إبداعية منتشرة, كان عشقه و إخلاصه لوطنه, يزادد مع كل صيحة للمفارقات يطلقها في كتاباته"سأخونك يا وطني"

هو "حزن على ضوء القمر", و حزن آخر على مشهد من قصيدة حديثة, تغمس جرحها المرسل في أضواء الديار المعرضة لكل أنواع القهر و الهجمات الذئيبة و القمع و الحصار و التخلف, و خنق أنوار الحقوق العربية من فلسطين إلى العراق, إلى سائر أمصار الأسى و الصبر و العنفوان.

مع نيسان يرحل"و شقائق النعمان" تورق في نيسان.. عشرات القادة من الفلسطينيين عانقوا الشهادة في فصل الزهور و اليخضور, من أمثال, الشاعر و المناضل الكبير كمال ناصر و القادة الكبار, خليل الوزير"أبو جهاد", و يوسف النجار و كمال عدوان و الدكتور عبد العزيز الرنتيسي و سواهم من كواكب خالدة في مسيرتنا النضالية, بعد أن جرى اغتيالهم على أيدي الصهاينة الهمجيين المتوحشين, قاتل الربيع في ضلوعنا العربية, الممتدة من الماء إلى الماء.

كان الشاعر يدعونا , في مسرحيته مع الفنان الكبير دريد لحام, إلى شرب كأس الوطن.. و كانت هذه الكأس الوطنية-في الثمانينات زمن عرض المسرحية الشهيرة- مليئة بالغصات و المواجع, فماذا نقول في وقت الحملات المسعورة على أمتنا أيها الراحل الكبير؟ بماذا نحدث كأسنا التي أصبحت بساحة خريطة نازفة؟ يا لهذا الكأس الذي فاض بصرخاتنا.. بآلام شعبي العراق و فلسطين..بالمرارة التي تحس بها سوريا حين يتهارب الأشقاء عن نصرتها و تُحاك ضدها المؤامرات..

كأسك يا ماغوط نشربه على القذا! لأنه كأس الوطن الحبيب..و سنتخيله حلو المذاق و نحن على علقم في جرعات هذا الوقت الأرعن و ساعاته المدلهمة.

و" الغربة" يا محمد الماغوط, تتطاول وز تمتد في دواخلنا و بين الأهل و الخلان و في جوار السلطة, ماذا نقول للغربة يحس بها الإنسان العربي دخل مسقط همه.. و يكابر؟

عندما شاهدت مسرحيات الراحل الكبير الماغوط قلت" سوداوية! هو مسرح اللامعقول..! أيمكن أن يلجأ المواطن العربي إلى بيع أطفاله.. بسبب الفقر و الجوع و المرض؟لكن الوقائع الدامغة الكئيبة دلَّت على بعد نظرك و دقة تشخيصك لأمراض العربان في أزمان و أز مات الانبطاحات المتتالية...

كان الماغوط على حق في وصفه لمكابداتنا و سوء أحوالنا في المواقف و المبادرات و الأخذ بأسباب النهوض و التقدم و مغادرة كهوف الهوان و التحجر..

لقد شعرت بالرعب حين أبدى أحد أبطال مسرحيته خشيته من مجىء يوم تُقرا فيها الفاتحة-و لا سمح الله- بالعبرية..كان لخوفك يا ماغوط من هذا المصير الأسود القاتل, ألف مبرر و سند و لكننا لن نسمح لهم..أبطال المقاومة العربية الباسلة لن يسمحوا بمرور المزيد من الفواجع..

لك الرحمة الواسعة من العلي القدير , لك الخلود أيها الشاعر و الكاتب الكبير, محمد الماغوط.


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى