الجمعة ٤ تموز (يوليو) ٢٠١٤
بقلم محمد محمد علي جنيدي

حديث الذكريات

سرى أحمد حاملا يده الصارخة ألما بعد صلاة الصبح متوجها نحو مقبرة أبيه ليترحم عليه ويتأمل ذكرياته الجميلة معه هناك، ولكنه لم يكن وحيدا في رحلته هذه، فقد كان يرافقه كلام الله، يرتله فيطمئن له قلبه، ويتدبره فتسكن له روحه حتى أحال سكون الجبل أنيسا ورهبة الأفق صاحبا يبوح له بحديث الذكريات في هذا الصباح الدافئ الفريد، وفجأة أخترق أذنيه نباح لكلاب مفترسة لم يرها إلا أمامه واثبة وقد كشرت عن أنيابها في وجهه.

لم يكن بينه وبين هذه القافلة المتوحشة سوى خطوة قدم واحدة، وها هي متحفزة تحاول القفز عليه ولكن كأن شيئا ما يمنعها!، فاتكأ بظهره على جدران مقبرة خلفه وهو يحمل برباط يدا مصابة يمتد من عنقه، واليد الآخرى يوجهها في وجوههم المتوعدة به، ولسان حاله يردد بسم الله الذي لا يضر مع اسمه شيء في الأرض ولا في السماء وهو السميع العليم.

شعر أحمد حينها وكأنه قد أُلقي في خاطره أن يحمل حجرا صغيرا كان يلامس قدمه الأيمن وينتظر من يحمله ويوجهه ليؤدي أمرا بدا الله قد أنطق به قلبه ولسانه، وما أن مال ليأخذ الحجر بيده إلا ورأى الكلاب وكأنها فئران تقفز مسرعة لتنجو بحياتها من مطاردة أسد يتربص بها.

انطلق الحجر من يده ببركة وما رميت إذ رميت ولكن الله رمى، فأصاب أحدهم وكأنما تخطفته صاعقة من السماء.
أين ذهبوا واختفوا بل من أين جاءوا، ومن صرفهم عنه مذعورين مقهورين.

استكمل أحمد مسيره لمقبرة أبيه سالما مطمئنا للذي لا يضر مع اسمه شيء في الأرض ولا في السماء وهو السميع العليم.


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى