الاثنين ١١ آب (أغسطس) ٢٠١٤
بقلم مهند النابلسي

الأرق لآل باشينو: سايكو دراما وكآبة "الاسكا"!

ينتقل الشرطي الكفؤ ويل دورمير(آل باشينو) الى قرية نائية في ولاية ألاسكا الأمريكية الباردة، وذلك للتحقيق في جريمة مقتل مراهقة، وفيما يحاول ويل أن يعتقل المجرم المشبوه، يطلق النار بالخطأ على مساعده فيرديه قتيلا.
وبدلا من الاعتراف بما حدث، يقبل ويعترف بشهادة مزيفة تدعي انه كان بمكان آخر أثناء حصول الحادثة، غير أن الشعور الجارف بالذنب يطغى عليه فيحرمه النوم ويسبب له أرقا مزمنا، ثم تتفاقم المسألة مع ظهور مفاجىء لشخص مجهول يحاول ابتزازه، ويدعي أنه رآه يقتل مساعده، ثم يتبين أن لهذا الشخص علاقة بمقتل المراهقة. وفيما يواصل جهوده الحثيثة للتحقيق في مقتل الفتاة، تظهر المحققة الخاصة الي بور(هيلاري سوانك) ساعية لاكتشاف الحقيقة بشأن مقتل المساعد.

هذا الفيلم هو الشريط الثاني للمخرج البريطاني اللامع كريستوفر نولان بعد فيلمه الأول الشهير "تذكار"(2001)، ويكمن الفرق بين العملين اللافتين بطريقة أداء البطل بكل منهما، فالممثل "ستيلان سكارسغارد" يبرع تماما بالتعبير عن الجوانب النفسية المعقدة والمرتبطة بفقدان الذاكرة بالفيلم الأول، فيما يتحفنا آل باشينو هنا كعادته بالحضور الطاغي وتقمص الشخصية والانغماس بالتفاصيل والتعابير القوية، وكعادة أفلام نولان اللاحقة فهو يركز هنا كثيرا على الدور "الكاريزمي" للبطل، وكما شاهدنا لاحقا بأدوار دي كابريو والراحل هيث ليدجر (بدور الجوكر الشرير) بفيلمي "الاستهلال والفارس الأسود".

وجرائم وشعور بالذنب!

يحدث بنهاية الشريط مواجهة مسلحة يطلق فيها فينش ودرمير النار باتجاه بعضهما البعض، ويقتل فينش (روبن وليامز) فيما يتعرض "باتشينو" لجروح قاتلة، وتتعاطف معه بور "سوانكي" وتطمأنه بأنها تعرف بأن قتله لمساعده "ايكهارت" كان مجرد حادثة عرضية، وتسعى لازالة الأدلة ووضعها بكيس بلاستيك، ولكنه يحذرها من ذلك، طالبا منها أن تبقى على الدرب "الأخلاقي" الصحيح قبل أن يلفظ أنفاسه الأخيرة!

يسترجع هذا الشريط اللافت السيناريو الأصلي للفيلم النرويجي الذي اخرجه أريك سكيولدبارغ بالعام 1996 ولكن بنكهة امريكية خالصة، مع لقطات خلابة لجمال المناظر الطبيعية، ويحقق الممثل الكوميدي "روبنوليامز" المعادل الموضوعي للشرير الداهية، ويعمل ندا لباتشينو المتفوق دوما، ويقومان معا بتفكيك الأكاذيب تدريجيا ضمن لعبة "القط والفأر" وصولا لمواجهة حاسمة بأجواء طبيعية ساحرة...كما ينجح المخرج البريطاني الشهير نولان بضخ جرعات مدروسة من التوتر والقلق، وتصعيد حالة "الأرق المزمن" التي يعاني منها باتشينو وصولا للارتباك والتيه وباسلوب يكتنفه الغموض والتوقع، ونكاد نشعر بنهاية الشريط بأن الموت الحقيقي ربما سيكون الحل الأمثل لتخليص البطل" المعذب الضمير" من طغيان حالة "الأرق" المدمرة، وبأن الموت هو بالحق "الراحة الأبدية" الذي سيحقق الخلاص النهائي للروح المعذبة والمثقلة بالشعور بالذنب والندم!


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى