الاثنين ١ أيلول (سبتمبر) ٢٠١٤
بقلم جميل السلحوت

رسالة من مولاتي وحب القدس

صدر في الأسابيع القليلة الماضية الديوان الشعري الثاني للدكتور الشاعر معتز علي القطب، يحمل عنوان «رسالة من مولاتي» ويقع الديوان الذي قدّم له الدكتور مشهور حبازي وابراهيم جوهر في 100 صفحة من الحجم الكبير، ويحوي بين دفاته 30 قصيدة عمودية.

حظيت القدس بكتابات أدبية تراوحت بين القصيدة والقصة القصيرة والأقصوصة، والرواية والمسرحية، أكثر من أي مدينة أخرى، ولا غرابة في ذلك، فالقدس هي جوهرة المدائن، كونها مدينة عربية، وجزء من العقيدة الاسلامية، ففيها المسجد الأقصى قبلة المسلمين الأولى، ومعراج خاتم النبيين، وأحد المساجد الثلاثة التي تشد اليها الرحال، وفيها كنيسة القيامة احدى أشهر الكنائس المقدسة لدى المسيحيين، اضافة الى عشرات المساجد والكنائس والأديرة والمدارس والمقابر التاريخية. فكل حجر في القدس يحمل عبق تاريخ عربي لا يكذب. والقدس أيضا هي عبر التاريخ العاصمة السياسية والدينية والتاريخية والاقتصادية والثقافية والعلمية للشعب الفلسطيني ودولته العتيدة.

وشاعرنا الدكتور معتز علي القطب، ابن مدينة القدس ليس استثناء، فالقدس التي ولد وترعرع فيها أبا عن جدّ تسكنه كما هو يسكنها، وتكاد تكون قصائده حكرا عليها، حتى أن ديوانه الأول يحمل عنوان"آخر صورة لمولاتي" وهذا ديوانه الثاني "رسالة الى مولاتي" ومولاته وسيدته هي القدس، مدينته التي يسرق تاريخها وثقافتها أمام ناظريه كما سرقت جغرافيتها. ولا عجب في ذلك فمدينة القدس تسحر وتسلب قلب وعقل زائرها، فما بالكم بمن ولد وترعرع فيها؟ وشاعرنا القطب يعتبر القدس سيّدته وعشيقته وبالتالي هو وفيّ ومحب لها الى درجة الوجد والهيام.، ومعه الحق كله في هذا الفهم الذي يدلّل على عمق وأصالة الانتماء.

وفي ديوانه هذا يهيم الشاعر بمدينته المقدسة، ويراها فتاة حسناء يتمنى في أكثر من موضع، وأكثر من قصيدة أن يضمها الى صدره مثل قوله في قصيدته"متى أضُمّ القدس؟" ص 30:

متى أضمّك يا أحلى مدائننا...وأطفئ الشوق والتحنان واللهبا
أقبّلُ المسجد الأقصى وأحضنه...وأمسح السور والأبواب والقببا
ويواصل قوله:

ما زالت القدس أحلى ما بعالمنا...كدرّة تلبس الألماس والذّهبا
بل انه يرى نفسه في حبه للقدس كقيس بن الملوح"مجنون ليلى" في حبه لليلى فيقول في قصيدته"قيس والقدس"ص 20:
أنا قيس وأرض القدس ليلى...وأطمع أن أكون غدا فتاها
أدللها وأفديها بروحي...حبيب قد تجلى في هواها
متى يا رب تجمعنا سويا...فإن القلب لا يهوى سواها
وفي هذه القصيدة يبدو واضحا مدى تأثر الشاعر بغزل قيس بليلى خصوصا قوله:
سألت الله يجمعنى بليلى...أليس الله يفعل ما يشاء!

والقارئ لديوان الدكتور القطب يرى فيه العاطفة الدينيّة الصادقة، والمبنية على الوعي الشّرعي والثقافي والتاريخي للمدينة، وهي يستغل ذلك في بناء مشروعه الشعريّ. ولن يجد القارئ للديوان قصيدة بعيدة عن الفهم الديني.
والشعر في قصائدة لا ينسى معالم القدس وأحياءها، فهناك قصيدة عن حي الشيخ جراح وأخرى لقرية سلوان لتعرضهما لسياسة تهويد مبرمجة ومركزة، وكذلك قصيدة لمقبرة مأمن الله في القدس الغربية والتي تعرضت لسياسة تجريف مؤلمة اقتلعت فيها عظام الموتى المسلمين ممن شاركوا في الفتح الاسلامي للمدينة، ورفات أعلام وأعيان القدس، اضافة الى رفات 70 ألف مقدسي-هم سكان القدس في حينه- الذين قتلهم الفرنجة الذين احتلوا المدينة عام 1099م وهم يحتمون بالسجد الأقصى.

الأسلوب: الشاعر معتز القطب لا يكتب الا القصيدة العمودية، ويبدو أنه غير مقتنع بالشعر الحرّ، أو هو لا يريد الكتابة به، وهو يعمد الى استعمال أكثر من بحر من بحور الخليل بن أحمد، ومع أنه يملك موهبة شعرية واضحة، إلا أن بعض قصائده ليست بعيدة عن النظم على حساب الشعر.؟


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى