الأربعاء ١ تشرين الأول (أكتوبر) ٢٠١٤
لا تحصوا عدد القتلى
بقلم رينا ميني

المبعثرين في الأرض

لا تحصوا عدد القتلى المبعثرين في الأرض كالتراب، بل تفقدوا الأحياء فهم قلائل. لا تحسبوا عدد الدموع المنذرفة من

المقل كالمطر، بل اسألوا عن لحظات الفرح الشحيحة في مواسم الجفاف. فالسعادة عطيةٌ نتوسلها من المارة العابرين، تارةً

يلقونها كالفُتات في أيدينا وتارةً يتمنعون متذمرين.

أيّ زمنٍ رديءٍ هذا، يتقاذف فيه الحقد والجريمة كالحمم من بركانٍ، طال به الكبت، فجُنّ جنون الصمت الطويل. أم أن

الزمن هو الزمن، والحال هو الحال، منذ الأزل، وقد خُدعنا بشعاراتٍ رنّانةٍ ومبادئ مزيفة تفنينا قبل الفناء!

كذبوا وقالوا لنا حريّة، ديمقراطية، أخلاق... كم من سنين مرّت وشعوبٍ تعاقبت تطالب بتحررها من نير العبودية والظلم،

كم من متوهمٍ بالعدالة وبحريّة الرأي، فلا السجون فرغت من المظلومين، ولا الشهداء عاشوا، ولا الخونة ارتدوا عن بيع

ذواتهم من أجل المال الوفير.

كسرونا حينما غذوا فينا الأحلام والطموح، ووعدونا بفردوس النجاح بعد الكد الدؤوب. صعدنا السلالم الواحدة تلو الأخرى،

وكل خطوة يشوبها الشوك والصخور. وما إن وصلنا للقمة فتحنا الباب على الجحيم ووقفنا بين لهيب النار واللاعودة.

وبعد أن أفقنا من هول الصدمة التي دوّت في أنفسنا، أُسرنا بين النار والمياه، إن تبللنا غرقنا، وإن لمسنا النار احترقنا. وها

نحن نسير كالأشباح بلا هدف أو مصير، يلفنا الغموض والخوف على كل مفرقٍ وحافة طريق.

ماضون نحن في حقل الألغام الذي لا ينتهي، نتفجر ونرتعب ونسقط حتى آخر الطريق، وحيث أننا نجهل متى المنتهى، ما

من عقلٍ يدرك وما من ضميرٍ يستجيب.


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى