الأربعاء ٢٩ تشرين الأول (أكتوبر) ٢٠١٤

مكان الاجتماع

محمد الغريب

يسبرأغوارالسعاد ةمرة أخر يبزي اتاج روتفاصيبا ئع الملابس،ويجهزلاجتماعات العمل، مرتدياً ملابس رثة بدون تغير، بعض من تفاصيله لم تتغير، دائما ثابتة منها ملامح ملابسه الرثة غريبة الاطوار، اقترب من باب الحجرة واغلقه بعد الخروج بكل قوته، منصباً جسده، وسار في الطريق لاجتماع العمل، وهو يفكر في مكان الاجتماع، فقد نسي هذا الأمر، من نشوة الرجوع الي السعادة مرة أخري، حاول التذكر دون جدوي، تذكر كل شئ الا مكان الاجتماع.

فقرر الرجوع مرة اخري إلي الحجرة، وفتح كتب التسويق والمنسوجات، وبحث عن اماكن البيع والشراء عدة دقائق، ثم ذهب بافكاره الي فصل الاجتماعات وكيفية التباحث والجلوس، فرأي أن هناك اجتماعات مبدئية تتحدث عن كيفية الحديث مع الاخرين، واساليب الحوار، فركز بها، وقرأها كلها، ولكنها لم يجد مكان الاجتماعات، هذا الفصل لم يحوي جغرافيا الاجتماعات، شعر بالحيرة والغثيان، واغلق الكتاب.

جلس علي سريره يفكر في هذه المعضلة المهمة التي اوقفت كل شئ عن الحركة، وتوصل ان لقاءه مع شركاء المشروع سيدله ويساعده للوصول الي مكان الاجتماع، فذهب اليهم علي الفور ودون تردد، وفرح لهذا الحل السريع الذي توصل اليه وذلك علي غيرعادته، ومن فرط السعادة اشتري لنفسه مأكولات ومشروبات كثيرة، ووزع بعضها علي الفقراء كانوا يجلسون علي أحد الارصفة، بل جلس معهم للمشاركة في السعادة والابتسامات المتبادلة.

وعندما انتهي من هذه المشاركة بالسعادة، قابل اطراف الاجتماع وجلسوا علي مقهي للبحث عن مكان الاجتماع، وقال لهم:
  اين مكان الاجتماع فقد نسيته، وتذكرت كل شئ.

فرد عليه أحدهم قائلاً:

  ونحن مثلك، نبحث ايضا عنه.

  هذا امر سئ جدا يا اعزاء، يجب ان نصل اليه.

  نحنا بذلنا الكثير من الجهود للوصول اليه، فقد قرأنا كتب التسويق والاجتماعات، وقرأنا خاصة فصل الاجتماعات، ولم نجد سوي معلومات عن التجارة والتسويق.

  هل قرأتم فصل الملابس والمسنوجات.

  نعم قرأنه كاملاً.

  وماذا وجدتم.

  لم نصل الي شئ يفيدنا في مكان الاجتماعات.

  وماذا نفعل الآن.

ساد الصمت اللقاء، وكل واحداً منهم أصبح يفكر بجدية، فالوقت يمر، والمشروع سوف يبدأ، وهم الآن لم يتوصلوا الي مكان الاجتماعات، وكل هذه الهواجس سرت في عروقهم وخلايا اجسادهم، فأصبحوا يبكون ويصرخون، فالتف واقترب منهم الجالسون علي المقهي والعاملين في المكان لمعرفة جهودهم الاخيرة للوصول الي مكان الاجتماع، وكان أحدهم يحمل كتب التسويق والملابس.

وأخرون يحملون اوراق مليئة بالاسئلة والاستفهامات لمعرفة الكثير والكثير من الامور وزيادة حدة النقاش معهم، من اجل الوصول الي حل يرضيهم، ويجعلون يبدأون في المشروع.

وجلسوا بجانبهم وحاولوا تهدئهم بالابتسامات وكلمات العطف والتخفيف عن الأزمة الحالية التي يمرون بها، وقام أحد العاملين بالمشروبات الساقعة، لتهدئة الاعصاب، وبث الأمل فيهم، واتصل أحد الموجودين باحد المهرجين وفرق الفنية من اجل هذا الهدف، ومرت دقائق اتوا هؤلاء المرهجون والفنيون وبدأ تدريجياً اعصابهم تهدأ ويبتسمون مرة أخري.
ووقفوا يرقصون شاركون في افعال الرقص والكوميديا، بل اصبحوا بأدائهم هذا افضل من المرهجيين انفسهم، وفجلسوا الفنيين والمرهجين يشاهدونهم، وهم يبتسمون، وعرضوا عليهم الانضمام الي فرقهم، للاستفادة من هذه المواهب الرائعة، ولكن أخد اصحاب المشروع قال لهم:

  نحن موافقون علي هذا العرض السخي والمهم، ولكننا نبحث عن مكان الاجتماع، فكلنا نسينا هذا الامر.
فقال أحد المهرجين:

  هل مكان الاجتماع مهم لهذه الدرجة.

  نعم مهم للغاية، وسوف يساعدنا كثيرا للبدء في المشروع.

  وما هذا المشروع الذي ستبدأون فيه.

  الملابس والمنسوجات، ببيع وشراء، وكل شئ يخصها، وفي المستقبل سيزداد المشروع ويكون لدينا كثير من العملاء وعمليات البيع والشراء ستكون كبيرة للغاية، كل شئ مدروس ودقيق ولكن الا شئ واحد، ومكان الاجتماع.
  هل يمكن أن تجتمعوا عندنا في مكان التدريب للكوميديا وفنون التهريج.

  هذا عرضي ثاني واظنه جيد للغاية.

التف اصحاب المشروع مع انفسهم للتداول في الاخيتارين، ايهما افضل، وهل يمكن اختيارهم معاً، او يمكن اخيتار احدهم الآن، والثاني بعد فترة، كانت مشاورات طويلة امتدت اكثر من ثلاثة ساعات، وفي المقابل انتظر المهرجون والفنيين بالخارج حتي يعرفوا الردود.

خرج منهم أحدا وذهب للفنيين، وقال لهم:

  لم نستقر علي اختيار حتي الان

فرد احد المهرجين:

  وما الرأي حول الاختيارين.

  الرأي متفق بالاجماع علي جودة وروعة هذين الاختيارين.

  هذا تقدم ملحوظ، نحن ننتظر حسن الاختيار منكم.

  حسناً سيحدث، ولكننا نحن نرشح حتي الان الانضمام الي فرقتكم الفنية، واختيار>

ابتسم الفنيون لهذا الحديث، وظنوا أن اصحاب المشروع اصبحوا جزء اساسي من فرقتهم، فقاموا بالاشتراك مع اصحاب المشروع بفقرات غنائية وكوميديا، وذهب الجميع الي المنازل بحصبة تجمعهم.

وفي اليوم التالي، ذهب احدهم الي هيئة المساحة لمعرفة تقاسيم المدينة، وجغرافيا المكان، والاستدلال عن احتماعات رجال الاعمال، كانت خطوة بعيدة الي حد ما عن البحث عن مكان الاجتماع، ولكنهم اعتبروها محاولة من ضمن المحاولات العديدة، دخل أيمن في هيئة المساحة، وسأل الموظف:

  لو سمحت اذكر لي الاماكن التجارية.

  هناك أربعين مكانا تجارياً.

  واين الاماكن الاكثر وجودا للشركات والمحلات التجارية.

  في وسط المدنية كل شئ تجاري ومليئ بالمخاطرة والمكسب والربح والخسارة.

  من الممكن ان تشير الي اماكن والمقاهي التي يجلس عليها رجال الاعمال والتجار.

  نعم ايضا يجلسون في وسط المدينة.

\شعر أيمن بالراحة والسعادة فقد لاحت معلومة جيدة في الأفق، وشعرأن الوصول الي مكان الاجتماع اقترب الي التحقيق، وطلب من الموظف تفاصيل واكثر توضيحاً،

فأعطي الموظف خرائط كبيرة تملئ غرفة، وكتب كثيرة عن الاماكن والبومات صور، وعدة اشخاص للمساعدة، واخذ ايمن كل هذا في عربية نقل، واتفق مع المساعدين علي مواعيد للمقابلة، وذهب للمنزل للراحة قبل استئناف جهود البحث عن مكان الاجتماع.

شعر باليأس في صباح اليوم التالي، وأنه فقد القدرة علي السعادة، وأنه سوف يرجع مرة أخري الي اليأس والوحدة واللاشئ.
حاول الاتصال بباقية الشركاء، لمناقشة المستجدات، وكيفية وجود مكان الاجتماع، وقرروا مقابلة المهرجين والفنيين لتبادل الافكار والحديث حول الاختيارين المقدمين من جانبهم، وتقابلوا في مكان تدريب المهرجين، واشتركوا معاهم في الاستعراض والتدريب، وكان الوقت يمر بسعادة ومرح ثم جلسوا للحديث، وجه ابراهيم احد اطراف المشروع سؤالا الي احد المهرجين:

  هل يمكن أن تأتوا الي مكان المشروع لتقوموا بالتدريب.

  هذا عرض ممتاز يطابق عرضنا عن قدومك للتدريب في اماكننا.

  نعم يمكن ان تبادل الاماكن لتأدية العروض لكم والاجتماعات لنا.

  هذا رائع يا سيد ابراهيم، وهذا ايضا رأي الاخرين مثل رأيك انت.

  نعم كلنا لا نختلف في شئ، نحن نتفق دائماً، وقليلاً ما نختلف، فقد يقوم أحد شركاء المشروع بالحديث او الفعل من نفسه، ومع مرور الوقت عندما نري ذلك أو نسمعه نتأكد أنه علي صواب، وأننا لو كنا مكانه لفعلنا ذلك بالظبط.

دقائق مرت حتي أت مساعدين هيئة المساحة والجغرافيا الي المكان، ومعهم الاوراق الجغرافيا والخرائط والكتب المساعدة للوصول الي مكان الاجتماع.

كان معهم مأكولات بحرية، ومشروبات روحية ومياه غازية، وملابس جديدة علي مقاسنا ومقاس المهرجين، قدموا كل ذلك لنا وللمهرجين، وقمنا بارتداء هذه الملابس وأكلنا هذه المأكولات، واكتشفنا أنها من قبل السلطات الحاكمة، رأينا الفواتير بالصدفة، حتي انهم قالوا أنها دعم من السلطات، لأنهم سمعوا عن ما حدث لنا، وتأثروا للغاية، وحاولوا مساعدتنا للوصول الي مكان الاجتماع، ولكن الفشل كان نصيبهم فاكتفوا بهذه المساعدات والهدايا.

وقال أحد مساعدين الهيئة، أنه يحمل خطابات وبرقيات كثيرة من السلطات لهم، فهيا كلمات من الدعم والمساعدة وتعبر بالغ الحزن والحسرة لما حدث لنا، وقال لنا:

  هذه الخطابات تعبر عن حزن السلطة العميق تجاهم، وستقوم بكل قوتها من أجل مساعدتكم، وسوف تحاسب المقصرين في كل مكان في الادارات والوزارات والهيئات اذا لم يقم بالدور الكافي والمناسب في مساعدتكم للوصول للمكان الاجتماع،
ورد عليه عثمان، قائلاً:

  نشكر السلطات علي هذا المجهود الكبير تجاهنا، فهذا نعم الرثاء والدعم فعلاً، رغم أننا لم نجد وظائف حكومية او في القطاع الخاص منذ عدة سنوات، وايضا وجدنا كثير من الصعوبات في التمويل لكثير من المشروعات، ولم نستطع الحصول علي اي قروض، أو دراسات جدوي قوية تساعدنا في عملنا التجاري، وكل هذه السلبيات لا شئ أمام مجهودات السلطات الحالية، فليس هناك مقارنة بين الاثنين، فهذه الخطابات لم نتوقع أن تصل الينا من السلطات، وقد اسعدتنا للغاية، ونحن الان نشعر بالسعادة والرضا بشكل كبير للغاية، وسوف نرد علي السلطات بخطابات شكر وعرفان.

  كلامك جيد ويعبر عن حبك الشديد للسلطات، وعلي ولائكم وانتائمك للمدينة والمسوؤلين.
  واكثر من ذلك ايها للموظف الطيب، نحن بعد هذه الخطابات سوف نعطي اصواتنا في جميع انتخابات لصالح السلطات الحالية وحزبهم في الانتخاات القادمة، والاكثر من ذلك سوف نشارك في حملات الانتخابات والدعاية وكل شئ من اجل نجاح هؤلاء المسؤولون مرة أخري، ونقدم كل المساعدات المادية والمعنوية.

  سوف اوصل هذا الكلمات الرقيقة والحسنة للسلطات،و سوف يسعد المسؤولون سعادة بالغة لا حد لها لهذا التغير الكبير والمفاجئ في شعوركم تجاهم، بعد ان كان الشعور بالغ السوء والأسي والكره تجاه السلطة نتيجة اهمالها في مساعدتكم في تقديم كل الخدمات التعليمية والاقتصادية والاجتماعية لكم من ولادتكم حتي هذه اللحظة الراهنة.

قام الجميع موظفي هيئة المساحة وبعض الموظفين الاخرين من ادارات مختلفة من هيئة المعلومات، وادارة الاقتصاد، ومؤسسة الرعاية الاجتماعية، وهيئات الاقتصاد والتجارة، كان تقريبا يوجد ممثل لكل هيئة وادراة ومؤسسة حكومية ذهبوا للجلوس لتناول المأكولات والمشروبات وكان عدد ممثلي السلطات كبيراً للغاية.

اجتمع اصحاب المشروع الثلاثة في عدة اجتماعات لزيادة المجهودت للبحث عن مكان الاجتماع، فقرر معاذ الذهاب الي الاماكن التي تم تحديدها من قبل مساحة الجعرافيا والمساحة حول تجمعات رجال الاعمال واصحاب المشروعات الناجحة.
وذهب معاذ الي المقهي للجلوس والسؤال عن صندوق الاستثمارات والاسهم لمشروعهم والتي شارك فيها المارة والمواطنين، فوجد صناديق كثيرة للغاية، والجميع يرحبون به وبالمشروع، ويتمنون الوصول الي مكان الاجتماع، فقدم معاذ التحية والشكر للجميع.

وعند خروجه من المقهي وجد عثمان، وقال له أن مئات المحاولات والمجهودات قد بذلت، وهذا يكفي، ويجب الاتجاه الي عقد مؤتمر يحضره كل من شارك وتابع هذا الأمر، للاعلان عن اخر نتائج هذه المجهودات، والتواصل مع الجمهور والمتابعين، فواق معاذ في الحال علي هذه الخطوة، وقال له:
  يجب أن نبلغ أيمن.

  ايمن هو صاحب هذه الخطوة، وهو الآن يستعد لهذا الحدث الترتيبات والاتصال بالحضور، وترتيب كل شئ بدقة.
  وماذا سنقول في هذا المؤتمر.

  لا شئ جديد، سنحكي ما حدث بكل دقة وصدق.

مر يومين، وانعقد المؤتمر، وكان في مكان اشبه بالصحراء، بجانب المدينة، وتم وضع الالاف الكراسي الانيقة، والمنصة الرئيسية للمتحدثين، وتم وضع ايضا الانوار، فقد قامت الحكومة بتحديد ميزانية لهذا المؤتمر، حتي ينجح.
وحضر الجميع، ممثلي السلطة، العاملين في لمقهي، بعض المارة، الصحفيين، مراسلي التلفزيونات، وتحدث عثمان وايمن للجمهور حول تطورات الموقف، والجهود التي بذلت للوصول الي مكان الاجتماع، وصفق الجمهور اكثر من مرة، حتي جاء حديث معاذ أخيراً، الذي أكد فيه أن لا يمكن البدء في المشروع، دون الوصول الي مكان الاجتماع، فهذا الأمر اهم من المشروع نفسه، لذا اعتذر للجميع وان انتظار الغد والمستقبل هو الحل.

محمد الغريب

أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى