الثلاثاء ٢٣ كانون الأول (ديسمبر) ٢٠١٤
رُؤى ثقافيّة «138»
بقلم عبد الله بن أحمد الفيفي

ويصحو السؤالُ أشجارًا!

(حِواريَّةٌ أُولى)

أصحُو على إيقاعِ قلبي
حينَ يُدركني المساءُ
وأَلُـمُّ مِن وَجِعِ السِّنينِ
براحتي ما لا أشاءُ..
...
أ تَـرُدُّني خَيلُ الحُروفِ
لنخلتي الأُولى،
وبَسمةِ أُمِّيَ الأُولى،
إلى بيتي المُعَلَّقِ بينَ أشواقي
على صَدْرِ المعاني الشاعِريَّةِ،
حيثُ تَحضنني السماءُ؟
أ تَـرُدُّني خَيلُ الحُروفِ الجامحاتُ
إلى جُفونِ الماءِ، أَنْقَى
مِن عُيونِ الغِيْدِ، أرْقَى..؟
يَسْتَبِدُّ الوَجْدُ أحيانًا ويَغمرني الصَّفاءُ!
أ تُعيدُ لي نَبْعًا تَكَفَّنَ بالحليبِ
إلى الحَبيبِ،
لمَبْعَثٍ حُرٍّ،
رأيتُكِ فيه دِيوانًا،
يُرَوَّى الصَّيفُ منهُ والشِّتاءُ؟
أ تُعيدُ شامًا صارَ أندلسًا،
وتَصنعُ مِن عِراقِ الفَجْرِ إيوانًا
يُجَلِّلُ صَرْحَهُ الأَبـَـدُ المُسَجَّى والبَهاءُ؟
 
ماذا جَنَى المتنبئُ المَحْمُومُ شِعرًا،
غيرَ خَيْلٍ إذ تَكُوْسُ..
ويَهْطِلُ المطرُ/ الدِّماءُ؟!
أَ وَلَمْ تُعَلِّمْكَ السُّنُوْنَُ(1) بِأنَّ عَصْرَ الحُلْمِ وَلَّى،
أنَّ عاقبةَ المُغامرةِ الشَّقاءُ؟
فتَظَلُّ تَغْزِلُ نَهْـرَكَ الأَبَدِيَّ
مِن دَمْعِ القَبيلةِ،
ثُمَّ تُهْرِقُهُ فَراشاتٍ مُلَوَّنَةً،
وتَرْحَلُ...
أيُّها الـيَـفَنُ المُضاءُ!..
 
قالَ القصيدُ:
أنا الزَّمانُ،
وما تَـبَـقَّى مِن رَغيفِ الرُّوحِ،
والدُّنيا هَباءُ..
وأنا انبثاقُ النارِ مِن قَلْبِ الظَّلامِ السَّرْمَدِيِّ،
أنا الثُّرَيَّا والثَّرَى،
وأنا البِناءُ!..
وأنا ابنُ آدَمَ،
بِنْـتُـهُ،
يَخْتَارُ عالَـمَهُ البَدِيْعَ بِنَفْسِهِ،
ويُؤَثِّثُ السَّاعاتِ مِن أَلَقِ الرُّؤَى الأَبْكَارِ،
يُرْسِلُها الغِنَاءُ!..
سيُحِبُّ في رِئَةِ اللَّيالي
مِن ظِـباءِ البِيْدِ غانِـيَـةَ الحَضارةِ،
هِرَّةَ الأَعشَى
جَلَتْ وَلَّادَةَ الأَشْهَى
مِنَ الأُفُقِ الغَرِيْبِ،
يَحُوْطُهُ الأَرْطَى
ويَعْلُو الكَسْتَناءُ!
فأنا الذي يَسْتَلُّ غايَـةَ سَيْفِهِ
مِن هُدْبِ أُنْثَى،
أَوْقَدَتْ ثَوْبَ المَجَالِ
إلى المُحَالِ
بِأُقْحُوانِ صباحِها البَضِّ المُعَتَّقِ بالشُّمُوْسِ،
فيُغْرِقُ الكَوْنَ الحَرِيْرُ/ الاشْتِهاءُ!..
لَيَرِفَّ فَوْقَ هَيادِبِ الرِّمَمِ الُمحَنَّطَةِ الصُّوَى،
حُلُمًا يُسافِرُ فَوْقَ تِـمْثالِ الأُنُوْثَةِ..
حِيْنَ يَسْكُنُهُ الجَلِيْدُ قَطًا..
ويَقْطُنُ بَيْنَ أَضْلُعِهِ الخَوَاءُ!
يَسْتَنْبِتُ الآتي
مِنَ الماضيْ المُكَدَّسِ في جَماجِمِنا،
جُذاذاتٍ مِنَ الأَشْباحِ،
والأَلْواحِ،
والأَرْواحِ،
تأكلُها الرِّياحُ المَوْسِمِيَّـةُ..
ثُمَّ يَشْرَبَها العَفَاءُ!
 
في البَدْءِ كُنْتُ أُكَوِّنُ الأَكوانَ..
أحلامًا وأيـَّامًا
عذارَى في يَدِيْ..
أَمْ هَلْ تُراني قد كَبِرْتُ؟...
ألا فكَلّا..
إنَّني إنْ شِئتُ كُنتُ كما أَشاءُ!

() مِن العرب مَن يَضُمُّ آخر «السُّنُون» في مثل هذا الموضع. قال (أبو تمّام، (1982)، ديوان أبي تمـّام، بشرح: الخطيب التبريزي، تح. محمّد عبده عزّام (القاهرة: دار المعارف)، ج3: ص152: ب10):
ثُمَّ انقَضَتْ تِلكَ السُّنُونُ وَأَهلُها فَـكَـأَنـَّها وكَـأَنـَّـهُمْ أَحـلامُ


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى