الثلاثاء ٢٧ كانون الثاني (يناير) ٢٠١٥
بقلم غزالة الزهراء

معاناة

منذ مدة بعيدة وأنت تعاني انهيارا داخليا عصيبا لا مهرب منه، تتآكل تضاريس روحك ببطء لا متناهي، يعلوك الضجر حتى قمة رأسك، تئن بفزع متقطع في صمت الليالي الحالكات، كل الأمور اختلطت عليك، اختلط سوادها ببياضها، تشابكت كحسابات ذهنية عصيبة وتأزمت، تنغمس في دوامة رهيبة من التلاشي المزمن، لا شيء يكبح جماح عذاباتك وانهياراتك.
ينزف فؤادك أطنانا من التوجع والآه، جراحاته غائرة في العمق كالأخاديد، لاسعة كسياط جلاد ملثم، تطرق أذنيك تلك العبارة اللاهبة كطبول إفريقية مزعجة: حاليا لا ينقصنا موظفون.
أنهكتك رحلة البحث هذه، أذاقتك طعم المر والهوان، لم تسخ عليك ببصيص أمل يضيء أفقك المعتم، المتجهم القسمات، أفراد أسرتك يتخبطون في خضم العوز والحاجة، ستة إخوة صغار لما يشتد عودهم بعد، وأب عليل نخره الداء العضال، وأم بائسة لا حول لها ولا قوة.
اجتاحك سرب من الذبول واللاتفاؤل، مغروس أنت كالطحلب المميت في جحيم السآمة حتى الاندثار، بلا وظيفة كأنك مبتور الذراعين لا تقوى على مد اللقمة إلى فمك، مفكك الحظ، متصدع الروح، تشعر أنك الوحيد الذي بمقدوره إعالة أسرته وإنقاذها مما هي فيه.

حامت نظراتك اليائسة هنا وهناك، أطفال وشبان انبثقوا من رحم المعاناة، يبيعون على حافة الطرقات أكياسا بلاستيكية، وجرائد.
غزاك نوع من الاطمئنان، أدركت أنك لست الوحيد الذي فوق الأرض يعاني، هناك أمثالك كثيرون، ولكنهم يتألمون في صمت.


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى