السبت ١٤ شباط (فبراير) ٢٠١٥
رُؤى ثقافيّة «145 »
بقلم عبد الله بن أحمد الفيفي

يَوميَّة فارس!

أَغْمَدَ السَّـيفَ ، مُرْهَـقَ الإِنسلالِ
وثَـنَى شَهْـوَةَ الحِـصانِ الخَـيالِـي
وتـَمـَـشَّى في شَكِّـهِ الوَقْـتُ رَهْـوًا
يَسـتعـيدُ احـتمـالَـهُ باحـتمـالِ
حَـمْحَـمَ المُـهْـرُ ، شاعرًا لَوْذَعِـيًّا
أَفـْلَـتَـتْ مِنْـهُ لَـفْـتَـةٌ للشَّمـالِ
واسـتدارَ المَـدَى على أَخْـدَعَـيْــهِ
دَوْرَةَ السَّاعَـةِ .. انْخِـزالَ الهِـلالِ
تُـلْجـِمُ المُـهْـرَ كَـفُّـهُ ، وبِـكَــفٍّ
يُـلْجـِمُ الآهَ مُـدْلَـهِـمَّ السُّـؤَالِ
فَـتَّـشَ اللَّـيْـلَ وجْهُـهُ فـي يَدَيْـهِ
لـم يَـجِـدْ ما يكونُـهُ في اللَّيـالِي
في ذِئـابٍ مِـنَ الـتَّـوَى ضَارِيَـاتِ
ودَيـَاجٍ مِنَ الطَّـوَى كالسَّعـالِـي
يُـبْـدِئُ الـهَمَّ ، يَلْـتَوِي ، ويُـبَادي،
مُقْـدِمٌ ، مُحْجـِمُ الظُّنونِ ، انْتِقالِـي
* * *
شَـامَ في رَدْهَـةِ الوِهـادِ بَصِـيْصًا
ظَـنَّ نَجْمًـا مِنَ السَّمـاءِ يُـلَالِـيْ
أَطْلَـقَ الرُّوْحَ في رُخَـاءِ الـمَرايـا
وسَرَى الطَّـرْفُ يَسْتَـشِفُّ المَجَالي
طـارقٌ هذا؟ أَمْ طَرِيْفٌ؟ ومَن ذا؟
صَقْرُ ما كانَ في السِّنِـيْن الخَوالِي؟
ما الذي يَجـري؟ هل تُرانا حَلُمْنا
فصَحَوْنـا بِلا هَوًى أو وِصالِ؟!
* * *
تلك غرنـاطـةُ التي ضَمَّخَـتْـنِـي
بِـسِجَالٍ مِنَ الوَجَـى والـمَعـالِي
لـم يَـزَلْ بـابُهـا يَـصِـرُّ بـأُذْنــي
وبِـقَلْـبِيْ يُدِيْـرُ أَلـْـفَـيْ نِصَـالِ!
وفَـتـاةٍ مِن مُهْـجَـتـي نـاهِـداهـا
ودِمـائي فـي وَرْدَةِ الخـَـدِّ والِـي
قُـرْطُـبِـيَّـاتُ أُنـْسِهـا لَعِـبَتْ بِـيْ
وشَمُـوْلُ انْتِشائِهـا فـي سِـبالِـي
أتُـراهـا لِـوَهْفَـةِ العِشْقِ تَـنْـسَى؟
أَمْ تُـراهـا غَريـرةً لا تُـبـالِـي؟!
أَمْ تُـراني رَغِـبْتُ عَـنِّي وعَـنْهـا،
فاستحالـتْ قصيدةً مِن رِمالِ؟!
* * *
كـان يَلْهُـو بِـهِ السُّـؤالُ ويَـلْـغُـو
جَـدَّدَ اللَّهْـوُ جـِدَّهُ ، وهْـوَ بَـالِي
لـم يَعُدْ يَدري ما الذي يَـنْـتَوِيْـهِ؟
أَيَّ وَجْـهٍ لِـوَجْـهِـهِ مِن كَـلالِ؟!
يَـتَـرَوَّى مـاءَ الـمَلالاتِ صِـرْفـًا
فـي كـُؤوسٍ مِنَ الغَلِـيْلِ الزُّلالِ!
قال ، لمـَّا ارتأَى لـهُ الغَربُ شَرقـًا،
وإذا الفَجْـرُ نَشْـوَةٌ مِن مـُحـالِ:
يا غَزالـي مِن فِكْـرةِ الحُبِّ أَشْهَى،
قُلْ : متى فِـيَّ تَـرْعَوِي يا غَزالِي؟!
* * *
كان يَهْذِيْ وكان يَذْوِيْ عَضُوْضـًا
فـي ثِـيـابٍ ضَوْئِـيَّـةٍ مِـن نِـبَـالِ
فـإذا شَـخْـصٌ نابـِتٌ في الـبَراري
أَسْوَدَ الصَّوْتِ أَبْـيَضَ الإِنْـهِمَالِ!
يَـقْـضِـمُ العُـمْــرَ وَحْـدَةً ورُؤاهُ
تَـزْجُـرُ الطَّـيْـرَ سُـنَّـحًا للشِّمـالِ
وإذا أُمـُّــهُ الـتـي لـم تَـلـِـــدْهُ
تَـبْصُـقُ اللَّفْظَ في انْحِـنَـاءِ الجِبالِ:
«اِبْـكِ مِثْـلَ النِّسـاءِ مُلْكـًا مُضَاعًا
لـم تُحـافِظْ عليـهِ مِثْلَ الرِّجَـالِ!»
.....................................
دَمْـدَمَ الصَّمْـتُ والغُرابُ تَغَـنَّـى
وعَـوَى الذِّئْبُ مِن شِـفَـاهِ الدِّلاَلِ
اصْحَ مِن أَمْسِكَ اسْتَفِقْ يا صديقي
رُبَّ غرنـاطـةٍ رَنَتْ في احْوِلالِ!
رُبَّـمـا صـارتِ الـبِـلادُ كِـتـابًـا
أَنْـتَ فـيهـا بَقِـيَّـةٌ مِـن مِـثَـالِ!
رُبَّـمـا .. رُبَّـمـا ، ورُبَّـتَ بـاتـتْ
لِقَـتِـيْلٍ فـي أَرْضِهـا واحْـتِـلالِ
فَـدَعِ الشِّعْــرَ هـاهُـنـا وتَـهَـيَّـا
تَنْـظِـمُ الفَجْـرَ غُـرَّةً مِـن نِضَـالِ
إنَّـمـا هـذه الـحَـيـــاةُ قَـصِـيْـدٌ
خَـيْـرُ أَبْياتِهـا الحَدِيْثُ الأَصَالِـي!

[الشاعر: أ.د/عبدالله بن أحمد الفيفي، عنوان القصيدة: «يوميَّة فارس!»، المصدر: صحيفة «الراي» الكويتية، الثلاثاء 10 فبراير 2015، ص24].


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى