الأربعاء ٤ آذار (مارس) ٢٠١٥

«وردة وسيف» مسرحية جديدة

«وردة وسيف» مسرحية جديدة للكاتب المسرحي المصري "خالد وهدان"

"الرومانسية- الدم" ثنائية الربيع العربي في مسرحية "وردة وسيف" للأديب "خالد وهدان"
صدرت مسرحية "وردة وسيف" للكاتب المسرحي المصري "خالد السيد وهدان"، بعد العديد من الجوائز والإصدارات المسرحية والقصصية والسياسية.

وتصدرت أغلفة ومتون مؤلفات "خالد السيد وهدان" مقدمات نقدية وسياسية لكبار الكتاب مثل، سعد الدين وهبة ومحفوظ عبد الرحمن ود.عبد المعطي شعراوي وسامي خشبة ود.محمد عباس وفهمي هويدي ود.عبد الوهاب المسيري ود.رفعت سيد أحمد.

ويضم الإصدار الجديد مسرحيتان، الأولى بعنوان "أبريل 2003م" وهو تاريخ سقوط بغداد، التى يراها المؤلف النقطة المفصلية والتفسيرية لعديد من الشواهد المدمرة التى تحدث في العالم العربي الان، وفقا لما يعرف بالربيع العربي وخاصة سوريا والعراق من حروب وطائفية وقتل ودمار بسبب غياب الديقراطية وتداول السلطة بشكل ديمقراطي سلمي.
وتدور أحداث المسرحية في سفينة يقودها ربان كهل يفتقر إلى مواصفات القيادة الرشيدة للبلاد والمواطنيين وفقا لمتطالبات العصر العصر الحديث، فكان عليه أن يستعين بمساعديين من أهل الثقة والمقربين لقيادة كل مفاصل البلاد التي ترهلت بفعل تجريف كافة العقول الفاعلة، بينما العالم يتغيير بسرعة البرق دون أن يدرى بما يحدث حوله.

وتنعكس فكرة المسرحية وأحداثها من خلال ديكورها وتقسيم المسرح، فنجد الربان يتوسط جوقة كبيرة من الرجال والنساء تحتشد في مقدمة سفينة عتيقة، والربان لديه عادة أن يحرك رأسه بعصبية في خوف، فيبدو عاجزا مذعورا، ويقبض بصعوبة على عجلة السفينة المتهالكة التي يقودها، وتلك السفينة التي نقشت عليها آثار محيت معالمها بفعل الإهمال، الربان والجوقة يرتدون ملابس غربية وأقنعة كأنهم في حفلة تنكرية، وتمتد أماهم موائد الشراب واللحوم التي وضعت بدمها دون طهي، يشربون ويأكلون وهم يطلقون الضحكات المستهترة، والأمواج العاتية تستبد بالسفينة الواهنة فتوشك على إغراقها، لا تستقر إلا في ظل صراخ مجموعة من الضعفاء، ويتأوهون.

وتبدأ الأحداث وتمضي على فتاة وشاب ينسجان ثوب حبهما خلال ميعادهما اليومي أمام النهر وصيد الأسماك، لكن بالقاء صنارتهما في الرمال بدلا من النهر الذي جفت خيراته وثروته بسبب الجوقة الفاسدة.

ويعلق البطل وبجواره البطلة في استهلال للمسرحية التي كتبت بالفصحى، على مشهد الربان المتداعي وهو يقود السفينة ودفته مرتعشة بين يديه: "سفهاء يقودون السفينة.. أمس اليوم غدا لا فرق.. مجنون يرحل ومجنون يأتي بخبز جديد وسوط جديد.. نحن لا نملك إلا الدعاء بحمده والبكاء من سوطه.. إذا فاض الكيل اكتفينا بصدور نسـاءنا للاحتماء".
وتتحرك الصراعات في المسرحية بين أحلام الجيل الجديد والجيل القديم الحاكم بنفس الثقافة القديمة في الحكم والادارة وتدبير شئون البلاد وفكرة الحياة الكريمة، إلى أن يصل الأمر أن تتحول أفكار الشباب من الخلاص السلمي إلى المؤامرة بفعل عنف مواجهة السلطة لأفعالهم، بتدبير فعله أن تتحول صنارة العاشقين إلى أداة للتخلص من الربان. فيحولان "شص الصنارة" إلى مخلب للقضاء على الربان وجوقته من أجل انقاذ السفينة من هلاك محقق.

ووسط هذا اليأس تنتهي أحداث المسرحية بصعود فئة من الشباب المتشدد المنقطع عن متطلبات العصر وتحاول على طريقتهم المتشددة أن تقصي الجميع بعدما تقتص من الربان وجوقته. وهنا المسرحية تستشرف الجيل المتشدد الذي ينتشر في العالم العربي.

أما المسرحية الثانية "وردة وسيف" والذي أخذت عنوان الإصدار، تتناول الأحلام السياسية الرومانسية نحو العدل مقابل الديكاتورية السياسية، ومن أول وهلة نرى رمزية المسرحية من خلال خشبة المسرح التي تحولت إلى قصر أثري مقسم قسمين, الأول: علوي, عبارة عن قصر الرجل الأول يتـصدره مجلســه وحاشيتـه, الثاني: سفلي, عبارة عن سجن مظلم مكتظ بالبشر, مرسوم على جدرانه ملامح تاريخ قديم في نماذج معبرة, وقد محيت ألوانها, بين القسمين يتدلي قفص ذهبي محبوس بداخله عصفور هزيل, يقف أسفله ثلاثة من الحراس, كخيال ضخم.
تتناول المسرحية أصوات الشباب البكر الرومانسية والتي شبهها الكاتب بالورود نظرا لفطرة وعمق ونبل أفكارهم وأحلامهم، مقابل أصوات الحكم المستبدة التي تتجسد في السيف الذى يقابل كل رأي أو وردة بجبروت السيف والسجن والدم.

والبطل الأساسي في المسرحية وفقا ما أسماه المؤلف "الرومانسي" الذي يحمل في صوته وقلبه كل الأصوات والأحلام الرومانسية بشكل عصري وجرىء مقابل صوت الملك المتسلط الخشن.

وعلى لسان "الرومانسي" وفي استهلال للمسرحية التي كتبت بالفصحي البراقة يقول لظالميه: أيها الظالم القاسي. يا صاحب الحقد المقدس, يا صاحب القناع المزيف, يا من تنقلنا دوما من الدمار إلى الدمار, وتعشق الدم مثلما تعشق مكانتك في إسراف, يا من ترى أن القتل الأسلوبك الأفضل للعقاب, من دون أن تفرق بين مذنب وبريء, ألم ترو كل تلك الدماء عطشك؟ لكن..اعلم أنني كابوسك المهلك, وأن لعنات الناس والتاريخ لن تمّهلك أو تهمّلك, كما أننا لم نعد نبالي بأمجادك الزائفة التي رفعت راياتها بخديعتك وغفلتنا. لا عيش لنا معك, وأنت تنطلق خلف شعبك كما تنطلق الوحوش الجائعة خلف فرائسها. إن قلوبنا لـم تـعد تعتصر خـوفا من قهرك أو آلما من تعذيبك. لا سبيل أمامك الآن إلا أن تجمع غنائمك الباطلة وتختفي في نهايات التاريخ, غير مأسوف عليك، قبل أن يستبد بك, الجـراد. النبـوءة. هلاكو. أما مديتنا. الوردة ستسعد بعدما تذبح سيفك, وتتحول إلى معنى كبير.

ويقابل صوت "الرومانسي" شخصية "الملك" الذي يمتعض من جرأة الشاب الرومانسي ويهرب من صوت نبوءه كابوسه الذي يطارده ويذكره بكل ماضيه وأخطاءه في حق شعبه وقلبه، ويتبدل صوت ضميره بين الجلادين والثكالي ومعشوقته الذي تركته لقساوته قلبه وخبث لسانه الذي لم يفرق ما بين الفتاة بيضاء السيرة والغانيات اللائي اعتاد معرفتهن.
وتطور الأحداث والمسرحية ويقوم الملك بقطع رقبة "الرومانسي" بعدما يستمر في انتقاد حكمه بلا هواده مشجعا كل الأصوات الخافتة والخائفة والمترددة والتي تبغي السلام على التمرد ومواجهة الظلم ورسم مستقبل بلادهم عبر الأطر الديمقراطية.

لكن "الملك" يجد كل الأصوات تحولت إلى صوت واحد ألا وهو "الرومانسي" يطالبون فقط بالحرية والعدل، العدل الذى غاب عن العالم والقلوب. والمسرحية من اصدار سلسلة اتحاد كتاب مصر 2015م.

في سياق متصل، يذكر أن المجموعة القصصية "فراش ناعم" كانت الإصدار الأخير للمؤلف في العام 2013م التي تدعو إلى "إنقلاب ناعم" داخل الحياة الأسرية والخاصة باعتماد الحوار والحب دليلا للأسرة، قبل أن يجد أحد الأطراف نفسه في مشكلة عائلية كبرى لا يستطيع أمامها إلا اتخاذ قرار صعب، بعدم الاستمرار، ويترجل في تجربة جديدة غير واع بما حدث سلفا، فيقدم على قرار آخر أصعب.

والمؤلف حاصل على جائزة تيمور المسرحية مرتين عامى 1997/2003م – عن نصين الأول:" الحياة على إيقاعات الموت"، صادر عن الهيئة العامة للكتاب 1998م ،تقديم: د. حسين عبد القادر.
الثاني: "أخبار الربيع" صادر عن الهيئة العامة للكتاب 2005م، تقديم: سعد الدين وهبة ومحفوظ عبد الرحمن. وحاصل على جائـزة اتحاد الكتاب عن مسرحية أخبار الربيع 2005 م. وقام بمسرحة الإلياذة بالكامل لأول مره في نص "حصان طروادة" عام 2008م.

ويذكر أن للمؤلف مسلسلا بعنوان "شخصيات من نور" -تحت الإنتاج- ويرصد فى 100 حلقة أهم الشخصيات التى أثرت القرن العشرين في كافة المجالات، وكذلك 150 مقالا سياسيا نشروا في الصحافة العربية.

ويتولى المؤلف رئاسة تحرير موقع عين مصر الاخباري "ainegypt.net" الذي يتميز بالعمق الثقافي والعلمي. ويرأس "وهدان" تحرير سلسلة أدباء ماسبيرو التي تتبع مشروع الإبداع الجماعي الذي نفذ منه 8 أعداد ونشر أكثر من 8 الاف نسخة وزعت مجانا تحمل انتاج أكثر من 30 أديب شاب ومترجم وفنان تشكيلي.


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى