السبت ٢٢ نيسان (أبريل) ٢٠٠٦
بقلم نزار بهاء الدين الزين

أطفال وكلاب

بعد الانصراف من المدرسة، توجهوا إلى دورهم مسرعين، ألقوا بكتبهم كيفما اتفق، نزعوا عنهم ثياب المدرسة الموحدة وألقوها- أيضا - كيفما اتفق، تناولوا طعامهم على عجل، ارتدوا دشاديشهم (ملابسهم الشعبية) بلمح البصر، وبلمح البصر توجهوا إلى ساحة الحي، فالمباراة لهذا اليوم ستكون حامية الوطيس، فسيمو وشيمو سوف يتصارعان حتى الموت..... يتحلق الأطفال في دائرة... حمود يمسك برباط سيمو، وعمر يمسك برباط شيمو... ما أن يلمح أحدهما الآخر حتى يكشران عن أنيابهما، ثم يصدران همهمات تهديدية، ثم ينبحان غاضبين! الأطفال يصيحون محرضين... الأطفال انقسموا إلى فريقين أحدهما يشجع كلب حمود والثاني يشجع كلب عمر يحررانهما من رباطهما.. فيبدأ كلب حمود بالهجوم... وتحتدم المعركة بين الكلبين... يمزقان جلود بعضهما بعضا... تُصبغ جلودهما بدمائهما.... والأطفال لا زالوا يصيحون صيحات التحريض الهستيرية.... إذبحه يا شيمو!..... إقضِ عليه يا سيمو!..... ولكن.... يبدأ سيمو بالانهيار، يتحول نباحه إلى غثاء ثم إلى فحيح... ثم يعلن عمر انتصار شيمو على سيمو فرحاً، ويشاطره مناصروه صيحات الفرح!... يستشيط حمود غضبا من كلبه سيمو المنهزم، فقد خذله اللعين... حمود ذو الثانية عشر، المدمن على شم البنزين، يصب ما تبقى في علبته من البنزين، فوق سيمو... وحمود المدمن أيضا على التدخين، يخرج ولاعته من جيبه، ثم يشعل النار بسيمو.... كان الليل قد ألقى بستاره الداكن فبدا سيمو شعلة من نار ونور، وهو يرقص في ساحة الحي رقصة الموت!

بعد عشر سنوات، تنامى لحمود أن شقيقته لولوه على علاقة هاتفية مع أحد أصدقائه، يستشيط غضبا... والدته التي تعمل قارعة دف (طقاقة) في فرقة نسائية تحيي الأفراح، كانت تمارس مهنتها. والده كان مع أصدقائه في سهرة ماجنة - كعادته - في إحدى المزارع... الخدم كانوا في المطبخ يتسامرون، وفي غفلة منها وبينما كانت تتجه إلى غرفة نومها.... يلقى عليها ملء علبته من البنزين. وقبل أن تدرك لولوه ما يفعله، أخرج ولاعته من جيبه بكل برود، وبكل برود أوقد شقيقته! كان الليل قد أرخى بستاره الداكن، فبدت لولوه شعلة من نار ونور، وهي ترقص في ساحة الدار (الحوش) رقصة الموت!


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى