الثلاثاء ٢٠ تشرين الأول (أكتوبر) ٢٠١٥
بقلم عائشة المؤدب

فانطازم اللقاء

ما زلنا هناك
يعلّم الفقد على أبوابنا بدم كذب
تدوّخنا المسافة
ويمطر الوقت
مازلنا هناك
كان المساء الحاضر دائما يحاصر سرّه المفضوح في أوجاعنا
حتّى أنّنا كنّا نحبّ أن نحضر معا بروفات الصّباح
بينما تعدّ العصافير سنفونيّة صاخبة الطيران
نرقب السماء وهي تغيّر فساتينها
ونسعد لعريها المشرق فينا عشقا إثر عشق
كنّا نحب أن تشغل الشمس مقاعدنا الخالية على الشرفة الشرقيّة
بينما يلحّ المؤذن في دمنا لنقضي الفوائت
تدوّخنا المسافة
ويمطر الوقت
على قاب شهقتين أو أدنى
كان اللقاء يمارس فانطازماته على احتضار المسافة الباردة
و الصّباح يبعثر كبريائه مرتبكا
تهدّل الشوق فوق الخطى
تدافعت على الأحداق اشتعالات الكلام :
سأهديكَ وردتي قبل الصّباح
سأهطل فيكِ
سنصنع خبزنا من حفاء الطريق
ونقتات من زيتون ليلنا المالح
ورحنا نسمّي الشوارع بأسمائنا
نعِدّ الرصيف ليرشف رعشة تستبدّ كشهوة النوافل
كان على الصدر حبر ثقيل
فرحنا ندوّن الدهشة في عيون العابرين
ونخطف شهقة طفل باغته الفرح
كان في البال لون تفسّخ الليل فيه
فجئنا إلى النغمة الناشزة نطيّرها
تلوّن رعشتها دبيب الرغبة الماردة فينا
ونفرش السماء لحنا تشبث بنا... بعد الرحيل
يدوّخنا الوقت وهو يباغتنا على ضفاف الشرفة الشرقية
حيث مازالت تستلقي الشمس باردة على جسد الطريق
لم تكن فنتازيا الألم المزمن أجمل أوجاعنا
إنّما كنّا نلتذّ بساديّة اللقاء وهو يفخّخ الفرح الهارب ويغرس في الوقت خنجرا
تمطر المسافة هطلا ً
يمزّق ارتجافات الكلام
تركنا المكان ولكن بقينا هناك
على حفنة من رفات الزمن
نسير معا
نعزّي موعدا كان لنا عند احتضار الخطى
نعدّ من غبار الآتي ضريحا
نشيّع شهوتنا الطفلة ونصنع من شرود النظرات الكفن
نموت سويّا وتحيى المسافات ما بيننا
تدوّخنا المسافة
وتحفر الرغبة عميقا ...عميقا تضاريس الفراغ
يحفر الوقت عميقا... عميقا تضاريس الغياب
تنهش الأورام ساعات النهار
والليل يوقظها
ما زلنا هناك
مازلنا نردّد المكان وتلهث خلفنا الذّاكرة

أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى