الاثنين ١١ كانون الثاني (يناير) ٢٠١٦
بقلم أحمد الخميسي

وثائق التمويل الأجنبي السري لمنظمات مصرية

أعادت هيئة الكتاب مؤخرا طباعة كتاب «وثائق التمويل الأجنبي السري لمنظمات مصرية» للكاتب المعروف عبد القادر شهيب، وكانت طبعته الأولى قد صدرت في مارس 2012. وبهذا الكتاب المهم للغاية يواصل عبد القادر شهيب معركة التصدى للتمويل الأجنبي للمنظمات المصرية بعد أن وجد صناع المخططات الأمريكية الإسرائيلية أن شراء عقل النخبة وموقفها من هموم أوطانها أرخص بكثير من تحريك الطائرات وتزويدها بالوقود في عمليات الغزو والاحتلال. كتاب عبد القادر شهيب حلقة من حلقات مقاومة ذلك التمويل وأثره الخطير في تحريك قوى عديدة كان لمعظمها صلة بتاريخ الثقافة والكفاح لتكريس كل خبراتها لجرجرة الكفاح الوطني بعيدا عن أهدافه مقابل المال. وكانت أولى حلقات ذلك التصدي حين نشرت سناء المصري كتابها المهم " تمويل وتطبيع" عام 1998، وأثار ضجة في حينه لأنه اشتمل صراحة وبالتحديد على أسماء المتمولين والجهات المانحة والنشاط الذي يصب في التطبيع مع إسرائيل والاستعمار.

الكتاب الثاني في هذا المجال هو "التمويل الأجنبي" ونشرته الرابطة الشعبية لمقاومة الامبريالية في 2004، أما الكتاب الثالث الأكبر أثرا ووضوحا فهو" الحرب الباردة الثقافية" لمؤلفته البريطانية " فرانسيس سوندرز" ترجمة طلعت الشايب، وخطورة ذلك الكتاب أن مؤلفته ليست عربية، فلا يمكن اتهامها بالتحامل على المنظمات المصرية الممولة، ولهذا تكتسب شهادتها أهمية خاصة.

وفي كتاب الشايب تشير المؤلفة تحديدا إلي أن وكالة المخابرات الأمريكية نظمت وأدارت جبهة ثقافية عريضة بدعوى " حرية التعبير" مع الإقرار بأن المعركة تدور" من أجل الاستيلاء على عقول البشر"، وأن تلك الجبهة قامت بتكريس"" ترسانة من الأسلحة الثقافية، صحف وكتب ومؤتمرات وندوات ومعارض وحفلات موسيقية وجوائز.. إلخ.. وكانت محاور النشاط الرئيسية تدور حول الشمولية والفن والحرية والثقافة الحرة في عالم حر". ينتقل بنا عبد القادر شهيب من خريطة الأهداف العامة التي يحددها التمويل إلي تطبيق كل ذلك في مصر، ليس فقط بالنسبة للمنظمات التي تخفي وجهها وراء قناع سياسي، بل وبالنسبة لمنظمات ودور نشر ومراكز تخفي وجهها خلف الثقافة. يلفت شهيب النظر إلي اعلان هيئة التنمية الأمريكية في مارس 2011 عن تلقيها طلبات لتمويل الهيئات المصرية الأهلية، وتخصيص مئة وخمسين مليون دولار – مقتطعة من برنامج المساعدات الاقتصادية لمصر- لتلك المنظمات، وكيف أن الهيئة الأمريكية تلقت بعد إعلانها طلبات تمويل من نحو ستمئة منظمة مصرية تتوارى تحت شعارات حقوق الإنسان وغيرها. وفي عام 2011 حصلت نحو مئة وستون منظمة مصرية على أكثر من نصف مليار جنيه! مع الإصرار على "سرية التمويل" ليس فقط من جانب من يدفعونه بل وأساسا من جانب من يتلقونه! وحسب تصريحات للسفيرة الأمريكية السابقة في القاهرة "سكوبي" بررت السفيرة رفضها الكشف عن المنظمات الممولة بأن من تلقوا هذه الأموال يرفضون الإفصاح عن أسمائهم ومنظماتهم! تحية للكتاب والكاتب الذي ألقى المزيد من الضوء على عمالة تتوارى تحت عبارات منمقة عن الثقافة والحرية، وياقات بيضاء، وحفلات، ومؤتمرات، وعطور لايسعها أن تكتم رائحة العفن.


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى