الثلاثاء ١٢ كانون الثاني (يناير) ٢٠١٦

لا مفر

فاطمة الزهراء علمي

بينما كان يحتسي قهوته السوداء الساخنة شارداً، انسكب عليه ما تبقى من الكوب بعد أن حركه دون قصد من موضعه، فاستيقظ من شروده الذي كان يأسره.

حينها فقط تساءل:

ــ إلى أين المفر؟

لم يدرك أنه المعني بالأمر، وهو المتهم بقضية لم يظن أنه سيكون لها صداً كبيراً إلا قبل بضع ثوان حينما أقبل عليه أحد أصدقائه من الباعة المتجولين ممن يبيعون الشراشف على نواصي الشوارع ليزف له الخبر.

خبر نزل عليه كالصاعقة، أعلمه بأنه متهم باغتصاب داليا؛ المرأة الأجنبية التي انتقلت للعيش في الحي قبل أشهر، وبالدليل وشهود العيان الذين لمحوه يقوم بفعلته الشنيعة بعدما اعترض سبيلها وهي تمارس رياضتها الصباحية بين أشجار أحد "الفيرمات".

انتشر الخبر كسرعة البرق وصار قضية رأي عام بعد بضع ساعات فقط.

مسكين هو، كان يعتقد أن التمكن من الأجنبيات كنظيرهن من المحليات، لن يلقى جرمه أي صدى. في اعتقاده أن سلطة القانون لا تعير أي اهتمام لمثل هذه القضايا، لم يفهم أن الوضع يختلف مع داليا، المرأة الأوروبية المتحررة.

حاول صديقه مد يد العون كعادته ومساعدته على الفرار، لكن ما إن استجمع شتات نفسه ليقدم على الهروب، طوق رجال الأمن المقهى من كل جنباته ومخارجه وأطبقوا عليه كأنه أحد أعضاء تنظيم "داعش".

فاطمة الزهراء علمي

أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى