الاثنين ٨ شباط (فبراير) ٢٠١٦
رؤية نقدية فاحصة
بقلم عصام شرتح

في ديوان«من أوراق الموريسكي»

لعل أبرز ما يميز هذه المجموعة أنها تخلق فرادتها اللغوية، وثوبها الإبداعي الخاص،وهذا لأن الشاعر حميد سعيد يملك مخيلة إبداعية خصبة وإحساساً جمالياً بالأشياء من حوله؛فهو يدرك تماماً أن الإبداع تجدد دائم، وعطاء مستمر؛ ولهذا يتأنق في كل مجموعة جديدة يصدرها ،في إبراز كل مفاتن اللغة، بما يحقق لقصائده التجدد والتميز، والإضافة؛ وهذا- بتقديرنا-لأن حميد سعيد يدرك تماماً أن التكرار عدو الشاعر، وعدو الشعرية؛لهذا،يتأنى في أيِّ عمل يصدره ألاَّ يكرر نفسه،لأن الإبداع أفق متجدد،والشاعر الذي لا يتجدد فلا بد أن يكرر نفسه، شاء أم أبى، وبالتدريج سيتلاشى أفقه الإبداعي، وستنحدر قصائده إلى هاوية التصحر والعقم الإبداعي؛ ولا نبالغ إذا قلنا: إن الكثير من التجارب الشعرية المتميزة فقدت الكثير من ألقها الجمالي بسبب هذا المطب الخطير الذي ما نأت عنه،فما عادت تملك ذاك الحضور وذاك البريق الفني؛ والأمثلة على ذلك كثيرة يدركها كل من له صلة بالشعر والشعرية؛ ويدركها حتى الشاعر نفسه، وتأسيساً على هذا نقول :إن المبدع الحقيقي ينأى عن هذا المزلق الخطير، ويتأنى في إصداراته، لتكون إضافته مهمة،وبصمته الإبداعية لاماحة؛ وهذا ما وعاه وأدركه حميد سعيد في قوله:"إن المجموعة التي أصدرها تقترن بكل ما هو جديد فيها، ويميِّزها،فإذا عرفت أني ما عدت أجد ما أضيف إليها، أتوقف عن كتابة قصائد أخرى، وإذ أقدم المجموعة للنشر تكون فترة انقطاع للبحث والتأمل وتجاوز ما انتهيت منه، وتطول هذه الفترة إلى حين صدور المجموعة الشعرية الجديدة، حيث يتم تداولها، وتناولها نقدياً وإعلامياً،بعد ذلك أعود إلى الكتابة الشعرية، فأكون قد وجدت ما أضيف إلى ما كان قبلها وما يميزها؛ فالمجموعة الشعرية عندي ليست مجموعة قصائد تنشر بين دفتي كتاب، بل هي مرحلة في مسار تجربتي الشعرية"(1).
وما ينبغي الإشارة إليه قبل الولوج إلى الطقس النفسي والشعوري لهذه القصائد،أن هذه القصائد مشغولة على الجسد الرؤيوي أكثر من الجسد اللفظي، وهذا يعني أن محمولها اللفظي ينوء بثقل محمولها الرؤيوي، لأنه أشد كثافة، واشتغالاً عليه، وهذا ما أوقع الكثيرين منهم في مقاربة اللغة، وجرفتهم عن منعرجات الإبداع الحقيقي في قصائد الديوان،ولا أعني بذلك التقليل من الشأن الإبداعي لهذه اللغة، وإنما أعني أن موجهات الإبداع الحقيقي تقع ما خلف اللغة،ماخلف منسوجها اللفظي؛ وهذا ما سنحاوله في هذه المقاربة النفسية لقصائد هذه المجموعة دون أن نغفل الجانب اللغوي الذي يأتي في المرتبة الثانية،بعد الجانبين النفسي والرؤيوي، مؤكدين رؤيتنا الاختلافية هذه وفق ما تحثثناه في بنياتها الدالة وقواها الرؤيوية الفاعلة.

أهم العلامات الرؤيوية الفارقة في(من أوراق الموريسكي ) لحميد سعيد

إن لكل نص إبداعي إبداعي علامته الرؤيوية الفارقة ،هذه العلامة هي بمنزلة البصمة الإبداعية أو الرؤيوية الفاعلة التي تميز كل قصيدة عما سواها فنياً وإبداعياً؛ وبمقدار ما تكون هذه العلامة عميقة في إشارتها


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى