الثلاثاء ٢٢ آذار (مارس) ٢٠١٦
بقلم رياض كامل

«فاطمة» هوية اللغة ولغة الهوية

 1-

يلفت نظري كثيرا استعمال الدارسين مصطلح "الأثر الأدبي"، وأرى أن هذه التسمية ليست عفوية لأن عملية تقييمنا المنتوج الأدبي تتناول فيما تتناول هذا الأثر الذي يتركه المؤلف في عقلنا وفي وجداننا. فماذا تترك رواية "فاطمة" (2015) للأديب محمد نفاع في عقلنا وفي وجداننا وفي ذاكرتنا بعد الانتهاء من قراءتها؟ وكيف سيتجاوب القراء مع موضوع هذه الرواية ومع خصوصية لغتها "العتيقة"؟

يتجاوب الانسان العادي مع كل عمل إبداعي مهما كان نوعه، وتتعلق نسبة التجاوب مع العمل بحسب ثقافة المتلقي؛ مدى اتساعها أو ضيقها، ومدى نجاح العمل أو فشله. تستغرق قراءة الرواية وقتا زمنيا طويلا، مقارنة مع قراءة قصيدة أو قصة قصيرة، مما يفرض على القارئ نقاشا متواصلا مع الذات ومع الرواية وأحداثها ومركباتها طوال عملية القراءة وبعدها. تختلف التساؤلات من شخص لآخر، وذلك منوط بالذوق الأدبي للمتلقي. والذوق ليس مجرد إحساس وحدس بل هو أكثر من هذا بكثير لأن الذوق قابل للتطوير من خلال التكرار وممارسة القراءة المتنوعة والمختلفة.
إن قراءة رواية "فاطمة" ليس أمرا سهلا على فئات عديدة من أبناء الشعب الفلسطيني، فلغة السرد بما تحمله من وصف وتصوير، وما يتخلل ذلك من مفردات وتسميات، أضحت غريبة على القارئ وبعيدة عن واقع حياتنا اليومية. كما أن لغة الحوار واللهجة المحكية المعتمدة في الرواية قد تحد من رقعة التجاوب مع الرواية. فكيف إذن سيتجاوب معها ناطقو اللغة العربية في أماكن تواجدهم من المحيط إلى الخليج؟ وعليه يطرح السؤال هل على الكاتب أن يجاري روح العصر كي يبحث عن قارئ؟ أم أن هناك دافعا قويا وخفيا يحث الكاتب لأن يقول ما يريد قوله بلغته هو وبأسلوبه الخاص؟
لقد رأى المنظرون الأوائل للرواية (بالذات إدوين موير) أن هناك روايات تنتمي لما أطلقوا عليه "رواية الحدث" أو "رواية الشخصية"، ثم تطورت الرؤية بحيث بتنا نرى أن هناك رواية المكان ورواية الزمان، وذلك منوط بالعنصر الأكثر سيطرة على الرواية نفسها. وتكاثرت النظريات وتشعبت وبدأ البحث يسير أكثر باتجاه الربط بين عناصر الرواية ومركباتها ككل، فدخل السرد في عملية تحليل العمل الروائي من أوسع الأبواب.

بعد قراءتي رواية "فاطمة" تراني مصرا على تسميتها "رواية اللغة"، رغم أهمية المكان والزمان في هذه الرواية، تحديدا، ورغم أن عنوان الرواية يقودنا مباشرة نحو الشخصية المركزية – فاطمة - التي تدور حولها الأحداث، ورغم أن اللغة ليست عنصرا من عناصر بناء الحبكة الروائية. إن هذه التسمية تجعل قارئ هذه المقالة يتساءل ما مميزات لغة هذه الرواية؟ وما هي خصوصياتها؟ سيتوقع مني الكثيرون أن أخوض في تركيبها النحوي والصرفي وقدرة الكاتب على توظيف لغة سليمة خالية من الشوائب، وهو أمر بعيد كل البعد عن الهدف الذي ترمي إليه هذه المقالة.

إن الرواية عمل لغوي بامتياز، ولن نأتي بجديد حين ندعي أن جميع عناصر الرواية، دون استثناء، ترسم وتشخص وتبنى من خلال اللغة وبواسطتها، فلكل كاتب طريقته الخاصة في توظيفها معتمدا على ذخيرة واسعة من المفردات القادرة على تصوير عالم الرواية ومركباتها. ولن تتمكن الرواية من مخاطبة المتلقي إذا افتقرت إلى اللغة الغنية الثرية، فاللغة الثرية الغنية قادرة على التشخيص بحيث تتناغم الأصوات والأحداث مع بعضها كما تتناغم أصوات الآلات الموسيقية في الأوركسترا، فتتشابه وظيفة الروائي بوظيفة المؤلف الموسيقي. لقد لفت الأديب محمد نفاع إليه الأنظار في مجموعاته القصصية السابقة من زوايا عدة منها العمل على ترسيخ صورة القرية الفلسطينية بعاداتها وتقاليدها وسموها وارتقائها وجيرة أهلها الطيبين، وفقر ثقافتها وشح مواردها المادية والعلمية، وسيطرة المعتقدات البالية على أبنائها. وبذل جهدا عميقا في دراساته اللغوية التي قام بنشرها على مدار سنوات في صحيفة الاتحاد، حيث حاول إيجاد علاقة صلة وتواصل بين العديد من المفردات المحكية وبين أصلها المعجمي، وكأني به كان يحضّر لتأليف "فاطمة" بهذه اللغة بالذات.
لن نأتي بجديد حين نقول إن نفاع يعمل على ترسيخ اللغة لأن رصيده القصصي السابق يشهد على ذلك. أما الجديد فهو هذا التكثيف وهذا الحشد الهائل للمفردات والتعابير والصور الفلاحية القروية التي تميز القرية الفلسطينية إبان زمن محدد بعينه يعود إلى النصف الأول من القرن العشرين. إني أرى أن هذه اللغة بالتحديد – لغة محمد نفاع الروائية – وحشدها لمواعين وآلات ومعدات لا وجود لها اليوم، وتوظيفها بهذا الشكل أشبه بدور توظيف الآلات أو الديكور والصور في عمل سينمائي، ما يعيد إلى الأذهان كتابات المنظر الفرنسي رولان بارت الذي تحدث عن توظيف الآلات والأدوات ودلالاتها، فوجود تليفون، مثلا، داخل غرفة يحمل دلالة على نوعية الشخصية ودورها وعلى رمزية هذه الآلة. ونحن نرى أن كل أداة وكل تصوير لأي زاوية في القرية التي تدور فيها أحداث "فاطمة" لها دلالتها، كما يتجلى لنا في النص التالي : "فاطمة صبية جبارة، حتى وهي تقوم بأود البيت لا تكف عن الرودحة في أغنية ما، تخزن مونة السنة من القمح والزيت والحطب، بيتها نظيف مهفهف لولا تلك القرنة التي يرقد فيها العجوزان، فيها ما هب ودب من أغطية، لحف وحرامات مجعلكة مكومة مدعوكة، حتى تأتي الابنة وتكنس وتسوي الفراش، في كل سنة ترشق البيت والسدة وحيطان وسقف الإسطبل وتدلك أرضية البيت، وتمسحها بالعكر فتظل تفوح منها ريحة النظافة المتقنة الطيبة".(ص20-21) إن هذه الأغراض في شكلها المطروح أعلاه ذات دلالة سوسيوإقتصادية لفئة معينة من الناس، تعيش في ظروف الفقر تشاركها السكنى طيور وحيوانات، وبالرغم من ذلك تفوح من المكان رائحة النظافة، إشارة إلى نظافة صاحبته وقدرتها على الحفاظ عليه وعلى نفسها أيضا.

إن اللغة هي الأداة التي يستعملها الروائي لتصوير الحدث والمكان والشخصيات وفق زمان محدد، وهي في تنوعها ذات بعد اجتماعي طبقي وثقافي وفكري، خاصة إذا كان الروائي مؤدلجا، كما هو حال الأديب محد نفاع، وكما هو حال الروائيين الفلسطينيين الذين يسعون إلى ترسيخ اللغة الفلسطينية بكل مركباتها وأبعادها وحيثياتها. ودراسة لغة الرواية الحديثة تتعدى دراسة التركيب النحوي السليم إلى قراءة البيئة والمحيط والمكان والزمان ومستوى الشخصيات الفكرية والثقافية والإيديولوجية. فاللغة الروائية حامل لأفكار الشخصيات وأذواقهم وعاداتهم الاجتماعية وانتماءاتهم، وقادرة على كشف مكنون النفس وإبراز حالة المفارقة لإثارة الأحداث وتطويرها. لقد تمكن نفاع من تجسيد هذا التنوع الفكري رغم أن الأحداث تدور في قرية صغيرة يتشابه أهلها في كل شيء تقريبا في الشكل وفي الجوهر، لكن الكاتب تمكن من إبراز هذه الفوارق الصغيرة داخل نسيج القرية الصغيرة، فانعكس كل ذلك في مستوى اللغة وتعدد الرؤى بين العقلاء والجهال، وبين الكبار والصغار، وبين المرأة والرجل، وذلك من خلال توظيف أساليب تيار الوعي، وبالذات المونولوج والاستطراد والتداعي، والحوارات على اختلافها، فأتاح للراوي وللمتلقين، في آن معا، أن يدخلوا في أعماق الشخصيات ومكنون النفوس واختلاف وجهات النظر. وليس من الضروري أن تكون الرواية مشروطة بتعدد الرواة، فبإمكان راو واحد أن يعقد علاقات بين مقاطع حكائية مختلفة من حيث زاوية الرؤية، وهكذا يولد الراوي الواحد زوايا متعددة للرؤية متفقين بذلك مع رؤية الباحث حميد لحمداني.

 2-

إن عنوان الكتاب هو فاتحته لا شك في ذلك، وهو مفتاح النص وعتبة الدخول إليه، وحين نقرأ عنوانا ما فإن ذلك يقودنا للبحث عن العلاقة بين العنوان وبين النص. يبدأ القارئ مع فاطمة وينتهي مع فاطمة الشخصية المركزية لهذه الرواية، حتى صفحات الرواية الأخيرة، رغم إعلان الراوي خبر وفاتها في الفصل الخامس والعشرين (ص226، عدد الفصول اثنان وثلاثون). يجد القارئ نفسه بعد الانتهاء من القراءة مسكونا بأكثر من جانب من جوانب هذه الرواية. يرى نفسه جزءا من قريتها وفردا من أفرادها، له فيها معارف وأهل وخلان، يعيش في حقولها ويدبك في أعراسها ويسير في جنازة أحدهم. تسكنه اللغة الخاصة فيها ويتساءل بينه وبين نفسه، بعد الانتهاء من القراءة وأثناء عملية القراءة، عن قدرة الكاتب في تجميع هذا الكم اللغوي الهائل، وهذه الذخيرة من لغة باتت عتيقة. ويتساءل، أيضا، كيف يمكن لكاتب واحد أن يجمع كل تلك المفردات والتعابير وأسماء الطيور وأصواتها، والحيوانات وأشكالها وعاداتها وطرق معيشتها، والحشرات وألوانها وأماكن وأزمنة تواجدها، والمواعين والآلات وشكل البيوت القديمة التي تعود إلى النصف الأول من القرن العشرين! ويعيش القارئ مع تفاصيل حياة فاطمة منذ الصفحات الأولى وحتى نهايتها ويعايش صراعها وقهرها وقوتها، لأنها شخصية مركبة تحمل الكثير من التناقضات اللافتة. فاطمة الشخصية المركزية مؤطّرة بمناخ اجتماعي له ميزاته الاقتصادية وله عاداته ومعتقداته، وله هذه اللغة بالذات، كجزء هام من مركبات هويتها.

يأخذك راوي "فاطمة" معه عبر أساليب تيار الوعي، كما أسلفنا أعلاه، منذ السطر الأول وحتى نهايته، وكأن الكاتب سطّر جميع أحداث الرواية في جلسة واحدة. تسير مع الأحداث تارة إلى الأمام وأخرى إلى الخلف، يتلوى زمن الحكاية في صعود وهبوط وفي حركات لولبية،. يبدو لك كأن الراوي يجلس في ديوان عربي فلسطيني يصول ويجول راويا أحداث فاطمة والقرية وأهلها في صراعهم من أجل لقمة العيش الحرة الكريمة. راوي حكاية فاطمة حكواتي فلسطيني ماهر لا يحمل بين يديه كتابا يقلب صفحاته، ولا تلامس أنامله وجه أي صفحة، بل إنه يغرف من ذاكرته الثرية الغنية أحداثا تروى بنبرة ولهجة ومنطق وعقل وإدراك حكواتي فلسطيني له خيال لا تنضب موارده، لكنه لا يلتزم بالتسلسل الزمني للعرض.

فاطمة ابنة قرية فلسطينية تتمتع بجمال بلدي خلاق تأسر الصغير قبل الكبير يشتهيها كل ذكر متمنيا لو يرى طرف "كراعينها": "كراعينها بيض مثل القلقاس، والرجال يتطلعون بنظرات سعرانة طويلة" (ص62) ، وتحسدها كل أنثى، إذ طالما كانت السبب في خصومة بعض الزوجات مع أزواجهن حين تمر بجوارهم أو حين تدبك في عرس فتلفت أنظار الرجال الذين ترمقهم عيون زوجاتهم، يعودون إلى البيوت فيكون العتاب والحساب: "تقف أمام واحد سحجته باردة وترشقه بنظرات مشبوبة وتدب فيه النخوة، وترقص أمام لعّاب الشبابة والأرغول فيزعق من قحف رأسه مع النغم." (ص201) لها لسان سليط تدافع به عن كرامتها فلا "عزوة" تحميها سواه، تجنده في الأفراح والأتراح، وتفلته من عقاله ليصب جام غضبه على سمسار باع عرضه، وعلى رجل يرميها بلسعة كما نرى في الحادثة التالية: "وعندما غنى أحد الرجال القارحين على نغمة الأرغول، وراح يمعني عليها، هذا الشايب المتختخ:

على دلالك على دلالك
وانت المهيرة وانا خيالك
مدت لسانها على طول وردت:
يا طير الطاير عالعنبر هدي
أرمل ما ريده شايب ما بدي
بدي شب وشليشه مندي
يظل يهللي تنشبع نوما". (ص275-276)

لكنها في النهاية ليست سوى فتاة تعيسة لأبوين أكثر تعاسة يفقدان أبناءهما في السفربرلك، فلا يبقى لهما في هذه الحياة سواها. تتزوج ولكن زوجها يفارق الحياة بعد أشهر قليلة من زواجهما، فتشقى كي تحرث الأرض وتجني زرعها لتوفر لقمة عيش ورغيف خبز تطعمه لوالديها اللذين يفارقان هما أيضا الحياة، فتظل وحيدة تلوكها ألسن الجميع في الليل والنهار. إنها "مكوعة الرعيان" وعشيقة "الغول". وهي بالمقابل قائدة في مناسبات الفرح والترح؛ ينتظر الرجال أكلة الكبة من يديها، ولا يصح تشييع الميت إلا بنواحها المؤثر. يلاحقها "فرخ" صغير يتعلق بها، يعشقها ويحبها من أعماق قلبه ويرافقها مشاويرها في الحقول وفي "الحليشة" و"الحصيدة" ويسليها في وحدتها الليلية دون أن تمانع، رغم أن سيرتها على كل لسان، حتى يفجع بموتها المفاجئ.

 3-

لقد اختار الكاتب عنوان قصته على اسم الشخصية المركزية فيها –فاطمة- التي تدور حولها الأحداث وتتمحور حولها دون غيرها، كما أطلق هيكل اسم "زينب" (1913)على روايته التي اعتبرها النقاد والدارسون أول رواية فنية عربية حديثة. وبالرغم من أهمية الشخصية المركزية في كلتا الروايتين إلا أن الطبيعة الريفية وحيثيات هذه الطبيعة تلعب دورا هاما كدور الشخصية الثانوية التي تدعم عملية رسم وبناء الشخصية المركزية وتضيء جوانب هامة خفية فيها. كما تجرأ هيكل في حينه على كسر قواعد وقوالب الكتابة الفنية والأدبية بتطعيم روايته بلغة أهل الريف وبتضمينها لغة حوار محكية مجافية للغة العربية الفصحى التي فرضت نفسها على أدبيات و"أخلاقيات" ذلك العصر. أما الأديب محمد نفاع فلم يكتف بتطعيم روايته بلغة أهل الريف الفلسطيني، وبالتحديد لغة القرية الفلسطينية ولهجتها في شمال الجليل قبيل منتصف القرن العشرين بل جعلها غالبة على النص ففاحت نكهتها متغلبة على اللغة الروائية التقليدية متحديا كل الأعراف. لن نأتي بجديد حين نقول إن اللغة تتغير وتتجدد، كما هو حال البشر، تتغير عاداتهم ومفاهيمهم للحياة ومأكلهم وملبسهم. واللغة ابنة البيئة وابنة الزمان والمكان كما ينعكس في النص التالي: "... فتركت صحيبها حبيب قلبها وصجّت في الوعور، نفد عليها واحد جحيف من سفلة الناس وهي نايمة على ظهرها، فراح يقوّر شنتيانها تحت منتيانها ليفعل فعلته ويأخذ كشفة وجهها، بلج عليه ابن حلال وسترها وضربه كم من عصاية علّمت في جنابه لهذا الدخاخ قليل الأصل". ( ص11)

أين نحن اليوم من المفردة "صحيبها" وما تحملها هذه الكلمة من دلالات سلبية تمس بالأخلاق والأعراف السائدة آنذاك؟ وأين نحن من المفردة "صجّت" التي تعني ضاعت وهامت على وجهها بمفهومها السلبي أيضا؟ أما "بلج"، على سبيل المثال، فهي مفردة فصيحة الأصل باتت مفردة عامية محكية، إذ هي بالأصل "بلج الحق" بمعنى ظهر وبان. هذا فضلا عن بقية المفردات الغريبة والتعابير التي باتت في عداد المفقودات مثل "شنتيان"، "منتيان" و"دخاخ". هذه لغة "الديوان" العربي الفلسطيني ليس على صعيد المفردات المحكية فحسب، بل هي أوسع من ذلك بكثير، فهي لغة غنية بدلالاتها وأبعادها، وفي إشارتها الواضحة إلى من يحمل فكرا عربيا فلاحيا فلسطينيا أصيلا ذا صلة وثيقة بشريحة هامة من شرائح مجتمع يرى الفارق بين الشهامة والنذالة في مفهوم تلك الأيام. ليس لدينا أدنى شك أن محمد نفاع يرمي إلى توثيق هذه اللهجة خوفا عليها من الضياع، يقوده إلى ذلك دافع داخلي هو الحنين إلى الماضي، وإلى أيام كانت ظروف الحياة أكثر بساطة وأقل تعقيدا من اليوم. وما هذه اللغة إلا جزء من ذاك الماضي العزيز على قلب الكاتب. فلو دققنا في اللغة الفلاحية التصويرية للطبيعة التي يكثر الكاتب من توظيفها واستعمالها في الرواية لتأكد لدينا مدى تعلق نفاع الكاتب بهذه اللهجة وبهذه اللغة وبأصحابها وطريقة عيشهم، رغم ضيق ذات اليد. وتراني أتساءل هل هناك شعب يحن إلى ماضيه كما يحن أهلنا إلى ماضيهم وإلى فقرهم؟ وما سر هذا الحنين؟ هل هو فقدان الأرض وما عليها؟ وهل هو اغتراب هذا الجيل بسبب التكنولوجيا التي ألغت العمل اليدوي، وقضت على حسن الجوار وفرقت بين القريب وقريبه؟

ما يميز هذه الرواية، أيضا، هو هذا التكثيف في توصيف القرية وناسها وهمومها وأحلامها الصغيرة وأفراحها المتواضعة، وكأن نفاع يصر على توثيق صورتها ومظهرها الخارجي والداخلي على حد سواء، وتوثيق حياة أهلها اليومية؛ مواعينهم وحقولهم وسهول قريتهم وتلالها وسفوح جبالها. إن الرواية أشبه بمتحف يحتفظ بلغة الناس وأدوات عملهم وملبسهم ومأكلهم ومشربهم، فقام بجمع هذا الرصيد وهذا الإرث فثبّته ورسّخه في روايته خوفا من الضياع: "في لحظات معينة لا أدري ما يحدث لي، شيء أكبر بكثير من الفرح والسعادة، تتسع له الجبال الكبيرة العالية والوديان العميقة، وتصير أكبر وأعلى وأجمل، والليل والنجوم والمرجات الضيقة والخلالي والوعر والمغر والدروب والبيادر والناس، الشيوخ والأطفال وقطعان البقر والماعز والروث المفتت الممعور ودعس الطيور وعرايش الكروم ومناجل الحصادين والجحاريف وسراج الليل." (ص200)

أي فرح هذا الذي يتحدث عنه الراوي!؟ إنه فرح صبي "شبيب" يفرح لأمر ما ويسعد به، فيعبر عن ابتهاجه ببساطة تلك الأيام، مستعملا أوصافا تتلاءم مع مقومات الحياة على طبيعتها المعهودة. إن كل الأوصاف مستمدة من الطبيعة المحيطة بقريته بنبتها وأشجارها. لاحظ هذه السعادة المتواضعة التي تشبه تعابير الأطفال حين يعبرون عن حبهم لأهلهم. في نفس الوقت هي لغة تصدر عن روائي ينضح كلاما من وحي الطبيعة قبل أن تمتد إليها يد التكنولوجيا فيتشابه البشر والشجر في العفوية والبراءة والطيبة والجمال.

إن القارئ كائنا من كان، بالذات إذا كان قارئا متمرسا سيقف حائرا أمام هذا المزيج وهذا الخليط من الفصحى والعامية، وتداخل العامية بالفصحى في الجملة الواحدة، مهما كانت قصيرة، وسيقع على لغة عامية مفصّحة، وعلى لغة محكية لم يعد لها وجود في أيامنا، وعلى توصيف لحياة فئة من الناس باتت في عداد الماضي: "صوت القمح وهو ينزل في المذراية ناعم، الحب ينزل على الحب والقصل على القصل، والتبن على قضيب التبن، والطحل شرقي العذاري، البقر لا يأكل الطحل، وكل إنسان لا فائدة منه يقولون عنه:

شرقي العذاري بلا منفعة، إشللَّه فيه!!

لا في العيش ولا طارت، إيده ماسكه!!

جرذون في الدنيا حرذون في الآخرة.

قالت لي: ركد الريح روح جيب لقمة فطور، مقلى بيض وجاط لبن قوام...خطيتك في رقبتي يا هلولد.
قالت الكلمات الأخيرة وهي تتنهد، وتذوب الكلمات.
شو!! شو قلتي!!

ضحكت.
سمعه خلدي. تزعلش.

لم أكن ولدا. أنا شبيب، فرخ زلمة، يقولون عني. البدوية أخت محسن في الزابود قالت لي:
إروج يا عجي نلقح حملة الحطب على راسي." (ص218)
إنها لغة عتيقة في مفرداتها وحوارها وأمثالها وحكمتها، وعلى القارئ أن يتزود بذخيرة معرفية خاصة ليس ممكنا اكتسابها بمثل تلك السهولة، وليس بمقدور المعاجم العربية أن تسعفه في العثور على معاني المفردات وأسماء الآلات والمكاييل ونوعية الأتربة والنباتات والأشجار وخشب البيوت وأسماء العصافير والحيوانات البرية والأليفة وأصواتها، وحشرات الليل والنهار على اختلاف أنواعها. ولن يسعفه أي معجم في معرفة كل أنواع الألعاب التي مارسها الصغار والكبار آنذاك، ولا أدوات الحرث والزراعة التي استعملها أهل تلك الحقبة الزمنية.

 4-

من أهم أدوار اللغة في الرواية هو دورها الاجتماعي، فهي قادرة على تصوير جميع الشخصيات وميزاتهم وأخلاقهم؛ غضبهم وفرحهم وعواطفهم، وقادرة على تصوير مستويات تفكيرهم ووجهة نظر كل منهم لتنسجم مع الحدث بكل ما فيه من صراعات بين شخصيات الرواية. وفي كل رواية هناك المكان والزمان والحبكة وهي مركبات فنية من خلق خيال الروائي، تماما كما حال الشخصيات، وهذه المركبات الفنية كلها ترسمها اللغة وتبنيها. وبما أن الأحداث تسير في قرية عربية فلسطينية في أعالي الجليل فإن لغة السرد والحوار تتجاوب مع طبيعة القرية الجبلية ومزاج أهلها وعاداتهم وتقاليدهم ومأكلهم وملبسهم ومستويات تفكيرهم ورؤيتهم الاجتماعية على اختلاف مواقعهم. وهي لغة قادرة على الإيحاء والانفتاح على عوالم الرواية حتى لو كان المكان مجرد قرية صغيرة لكنها مزيج من أبناء هذه القرية في زمن محدد بعينه من الكبار والصغار والرجال والنساء والفلاحين والرعيان والإيجابيين والسلبيين والمخلصين والسماسرة والعقال والجهال.

شغلت اللغة الكثير من الدارسين بعد أن كان الهم ينصب أكثر في مركبات الرواية وعناصرها. ولقد عانى رواد الرواية والقصة العربيتين نتيجة موقف المتشددين الذين عارضوا عملية "انفتاح" اللغة واقترابها من لغة الناس العاديين كونها في العصور السابقة، وعلى مدار قرون طويلة، كانت حكرا على الخاصة دون العامة. وبرأينا أن هذا الانغلاق وهذا التشدد كان سببا في تخلف روايتنا العربية الحديثة مقارنة بالرواية في بلاد الغرب. نذكر في هذا السياق المجهود الكبير والطليعي الذي قام به المنظر الروسي ميخائيل باختين الذي تحدث عن تعدد لغات الرواية، وعن لغة الجماعات والفئات ولغة المثقفين والعمال وأصحاب الحرف، بل ولغة الأيام الساعات. هذا العمل لقي اهتماما كبيرا فيما بعد لدى بعض المنظرين والدارسين نذكر منهم بيير زيما وجوليا كريستيفا التي عملت على تطوير نظرية التناص واعتبار الرواية مجمعا لنصوص عدة، من ناحية وقادرة على الدمج بين عدة لغات وعدة أساليب كتابية من ناحية أخرى.

وبالرغم من أن هذه الأبحاث وهذه الدراسات طبقت على لغات أجنبية لكنها في مضمونها وفي محصلتها تتناغم مع مركبات ومميزات لغتنا العربية. ولقد تساءل أحدهم حول وعي الروائي بتعددية اللغة وحواريتها، كما يقول باختين، وحول سعيه أثناء الكتابة إلى خلق هذه المزيج. مهما تكن الإجابة فإن الرواية لا بد أن تتضمن هذه الحوارية وهذا المزيج لكن بدرجات متفاوتة. وهي أكثر وجودا في الرواية متعددة الأصوات وأقل وجودا في الرواية ذات الصوت الواحد.
محمد نفاع كاتب جريء يلج في روايته هذه عالما صغيرا من ناحية، ويوظف لغة شريحة صغيرة من مجتمع صغير من ناحية أخرى ويتيح لسرده أن ينطلق فيجمح ويستطرد دون توقف، ويتنقل من سرد مباشر إلى حوار مباشر فمونولوج فحلم أو فلاش باك رابطا بين الماضي والحاضر فاتحا كوة للمستقبل نطل من خلالها بانتظار ما قد يحدث. ويعرج على حضارات عدة؛ القديم والحديث عربيا وأجنبيا فيغرف من ذاكرته قصص الزير سالم وسيرة بني هلال وأبطالها أمثال ذياب بن غانم وأبو زيد الهلالي والزيناتي خليفة، ويستشهد بأشعارها ليسقط الماضي على الحاضر. كما يعمل على توثيق أغاني الفلاحين في مناسباتهم المختلفة ونواح النساء والرجال في المناسبات الحزينة، ويسرد حكايات من ثقافة أوروبا الشرقية والاتحاد السوفييتي سابقا. (انظر: ص54-56)

إننا نرى أن رواية "فاطمة" هي رواية رائدة على صعيد اللغة وهي خطوة مغامرة، كما ذكرنا آنفا، لأن فهمها ليس سهلا على أبناء الشعب العربي، كونها ترتبط بفئة محددة ضيقة من فئات العالم العربي الواسع. لقد ساهمت الأفلام المصرية على مدى عشرات السنين في نشر اللهجة المصرية، وساهمت الدراما السورية في العقود الأخيرة في نشر اللغة واللهجة السورية، أما الدراما والسينما الفلسطينية فما زالتا في مراحلها الأولى. إن محمد نفاع بوعي منه أو بدافع خفي يقوم بعملية ترسيخ وحفظ هذا التراث اللغوي الفلسطيني الذي بات في عداد المفقودين والمفقودات. يؤمن نفاع أن الحفاظ على اللغة هو الحفاظ على الهوية كما نحاول الحفاظ على الأرض وما عليها. نفاع كاتب مؤدلج ذو هوية ماركسية مسكون باللغة وبالأرض؛ ما عليها وما فوقها وما تحتها.

إن رواية "فاطمة" تحوي مزيجا من أساليب الخطاب المتنوعة تماشيا مع تعدد اللغات وتعدد الأصوات وتعدد رؤى الشخصيات وتشكل الساردين، وبالرغم من سيطرة السارد الرئيسي على القسم الأكبر من سرد الأحداث، إلا أن الدمج بين أساليب السرد المختلفة خلق حالة حوارية وأتاح للشخصيات أن تتحرر من القيد الذي يضعه الكثير من الروائيين لشخصياتهم، فتوظيف المونولوج والحلم والاستطراد والتداعي، بالذات، دون توقف، وتهشيم المبنى التسلسلي للحدث ساهم في تعدد اللغات وتعدد الأصوات.

 5-

"فاطمة" رواية الناس المنسيين على أكثر من صعيد؛ رواية فئة مهمشة على صعيد المنطقة عامة، وفئة مهمشة على صعيد المجتمع المحلي، وفئة مهمشة داخل القرية الصغيرة كون البطلة فاطمة مولودة لأبوين فقيرين "ضاع خبر إخوتها في السفربرلك، وهي على بز إمها. ساقوا الشباب على اليمن وانقطعت أخبارهم. ومن يومها انقطع ظهر أهلها" (ص30) فقدتهما كما فقدت زوجها في سن صغيرة فبقيت دون ولد أو تلد، ودون عائلة تحميها من ألسن الأغراب والمقربين على حد سواء، إنها "مقطوعة من شجرة": "هي ليست فاطمة بنت صعلوك من صعاليك العرب، ردت طلاب يدها من أبناء الأكابر [...] ولا هي فاطمة بنت نجد وعسير وربوع الحجاز والقصيم [...] ولا هي فاطمة بنت رسول حمزاتوف [...] ولا هي فاطمة الخطاطة". (ص9-11) عوضها الله بدلا من ذلك جمالا قرويا طبيعيا فاتنا، كما جاء في الأسطر الأولى من الرواية: "خلقتها سبحان الخلاق من بياض الثلج الناعم في الأرض الفجاج، وعبق الربيع الصافي الفواح، ووهج الصيف اللافح الذي يحرق طرف العصفور" (ص9)، فكان هذا الجمال مثار حسد وكيد، ومثار جدل بين النساء والرجال على حد سواء، ولولاه لما أعارها أحدهم أي انتباه.

وبالرغم من أن الكاتب قد أعطى روايته عنوان "فاطمة" على اسم الشخصية المركزية إلا أنها ليست رواية الشخصية الواحدة لأن فاطمة البطلة تحولت إلى نموذج المرأة العربية الفلسطينية المكافحة العنيدة التي تفرض وجودها وكيانها رغم العثرات والمطبات، فباتت رواية المرأة الفلسطينية القروية المكافحة التي تحرث الأرض، و"تدلك" حيطان بيتها، وتتحمل مسؤولية أود عائلتها رغم الفقر والعوز، والمرأة التي تعمل داخل البيت وخارجه، وتقف سدا في وجه سلطة رجال الدين المتزمتين بحجة حفاظهم على العرض. إنها رواية المرأة الثورية التي تدوس على الأعراف لتفتح أبواب الحرية تنطلق عبرها رافضة أن تتقوقع في زي الأنثى التي تعيش في حمى الرجل وكنفه. فنتضامن معها ومع قضيتها رغم أنها لم تلتزم بأهم تقاليد وعادات مجتمعها في تلك الأيام، ورغم أن جميع سكان القرية يصفونها ب"مكوعة الرجال" و"ملاهية الراعي" و"منوحة الرعيان". نحمل لها صورة المكافح في وجه الظلم والمدافع عن الأرض، خاصة أن ما اقترفه غيرها من رجال ونساء من سوء كان مستورا أما هي فكان ما تفعله مكشوفا للجميع، لا لسبب سوى أنها لا تنتمي لعائلة تقوم بحمايتها، فقامت هي بحماية نفسها بلسانها السليط وبجرأتها القروية.

وهي قبل هذا وذاك رواية اللغة الفلسطينية وليست رواية اللهجة الفلسطينية فحسب، رغم أهميتها في هذه الرواية، لأنها لغة القرية الفلسطينية وأهلها الذين فقدوا الكثير من مميزاتهم الفلاحية، وبالتالي تغيرت لغتهم وطريقة تفكيرهم وأسلوب حياتهم، فجاء محمد نفاع ليؤكد على أن اللغة هوية وميراث هام يجب الحفاظ عليهما. إن خصوصية لغة نفاع في هذه الرواية نابعة من قدرتها على ترسيخ ماض لا ظل له في ذاكرة الأجيال الصاعدة، ماض بات مجرد ذكرى ونوسطالجيا لدى جيل يحاول استرجاع هذا الماضي دون جدوى. فجاء نفاع ووثق هذا الماضي الذي يعجز المؤرخون والدارسون عن توثيقه، فالرواية وسيلة أخرى أكثر قربا من وجدان الناس. والرواية، وإن كانت ليست كتابة توثيقية بالمفهوم المباشر، إلا أنها قادرة، من خلال كونها عملا خياليا، على أن تخاطب العقل وأن تخاطب الروح وأن تهز الذاكرة وأن تعمل على توثيق أمور عدة من أهمها اللغة والمكان والإنسان.

جمعت الرواية ما بين اللغة الفصحى والعامية ولغة العقال والجهال ولغة أهل الأرض في مقابل سماسرة الأرض، ولغة العاشقين والحاسدين، ولغة السخرية والإيرونيا والتهكم مقابل اللغة الجدية كما كانت مألوفة في تلك الأيام. كلنا يعلم أن السخرية تتبدل وتتغير من موقع لآخر ومن حقبة لأخرى، لذلك فإن السخرية في "فاطمة" لها نكهة مغايرة عن نكهة اليوم، ولها لغة مغايرة أيضا عن لغة اليوم. والأهم أنها جمعت ما بين لغة الحكايات الشعبية والأمثال والحكم والأغاني الشعبية ولغة السير الشعبية. ولم يكن ذلك ليتأتى لولا كسر التسلسل الزمني واستبداله بأسلوب الاستطراد والتداعي والحلم والفلاش باك والذكريات. فتمكن الراوي أن يستحضر حكايات من ثقافات عدة عربية قديمة وحديثة فلاحية وحضرية وحكايات أخرى ليست عربية.

يكثر نفاع من استعمال اللغة القريبة من المحكية والمفصحة في سرده. أما في الحوار فهو في مجمله لغة أهل بلادنا في تلك الحقبة الزمنية. وهنا بالذات تتجلى قدرة الروائي على استحضار تلك اللغة المحكية لا لغة اليوم المحكية، فتمكن بذلك من الحديث بلغة الشخصيات ولغة عصرهم وعاداتهم وتقاليدهم لا بلغة الروائي، وأتاح للشخصيات أن تتحرك بحرية، فبدت حية متوهجة ارتبطت ببيئتها ومحيطها لأنها تحمل رؤى ومفهوم الناس للحياة آنذاك. وهنا بالذات يبرز تميز الرواية في تكثيف هذه اللغة وهذه اللهجة الخاصة.

"فاطمة" هي رواية المجتمع الفلسطيني في صراعه من أجل لقمة العيش الحر الكريم، يكافح كي تبقى الطبيعة حرة نظيفة نقية طاهرة وشريفة لا تلمسها يد غريبة. وهي رواية اللغة الفلسطينية التي يجب الحفاظ عليها كما نحافظ على فاطمة وعلى الأرض، وهي رواية القرية الفلسطينية بعاداتها وتقاليدها وأهلها. وهي فوق هذا وذلك رواية تمثل الانسجام التام بين اللغة والطبيعة.

قام نفاع بدور هام في هذه الرواية، تحديدا، جمع فيه ضمن كتاب واحد – رواية فاطمة – أحاديث الديوان الفلسطيني وهمومه وفرحه وترحه. وأعاد إلى الأذهان مركبات هذا المجتمع وعلاقته مع بعضه البعض ومفهومه للحياة. فغدت رواية مجتمع بأكمله، في فترة زمنية محددة، يعارك من أجل الحصول على لقمة عيش حرة كريمة، يعمل بكل ما أوتي من قوة وعزيمة للحفاظ على الأرض والكرامة، مؤكدا على أن ذلك لن يتأتى إلا بالحفاظ على اللغة وانتمائها إلى أهلها، وانتماء أهلها إليها، إذ لا يمكن الفصل بين اللغة وبين أصحابها لأنهما مع بعضهما البعض ينسجان مفهوم الهوية التي يجب التشديد على ترسيخها وتثبيتها.


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى