الاثنين ١٥ أيار (مايو) ٢٠٠٦
بقلم أحمد طالب

الإسهام النقدي للدكتورة ماجدة حمود

لعل من بين الأساتذة، الذين تجشموا عناء البحث، في النقد العربي الحديث والمعاصر، الأستاذة الفاضلة الدكتورة ماجدة حمود، من خلال كتابها القيّم " نقاد فلسطينيون في الشتات " الذي صدر عن دار كوثا بدمشق سنة ١٩٩٨.

فقد ركزت الدكتورة، على أهم الخصائص المميزة للنقاد الفلسطينيين على الصعيدين النظري والتطبيقي، والقضايا الأدبية التي شغلتهم. فالسؤال:"هل تعني خصوصية الناقد الفلسطيني فردية تنأى به عن بقية النقاد أم فردية تجعله منسجما مع غيره من النقاد الفلسطينيين والعرب، دون أن تلغي بصمته الذاتية." [1] يحمل في ثناياه دلالات عميقة أهمها، أهمية الإحاطة بالمكونات الشخصية والثقافية، التي من شأنها التأثير في رؤياهم النقدية.

إذ كان يرى هؤلاء النقاد – فيما ترى الدكتورة - في العلم والمعرفة والنقد البناء، طريقا نحو حياة أفضل، مما يجعل شخصياتهم، تستحق أن تكون مثلا أعلى لنا وللأجيال اللاحقة، فقد يتعلم منهم الإنسان أن يتجاوز ظروفه الصعبة، وبما فيها من ألم وضعف وفقر وتشرد. بفضل علمهم وعملهم الدؤوب والمخلص، استطاعوا ربط العلم بالنقد، في المجال المعرفي، المقترن بالفاعلية، وكل ما يمكنه أن يكون عميقا، وجوهريا في الحياة.

وكم كانت الأستاذة أن تتمنى، لو وجدت تفاصيل حياتية أكثر، لجميع النقاد لأن أدق التفاصيل تجعلنا نقف على مدى معاناة هؤلاء، هذه المعاناة التي أصبحت قوة دافعة للحركة الأدبية والنقدية، في تاريخ الأدب والنقد الحديث والمعاصر.

والشيء الأهم هو اهتمام الدكتورة الفاضلة بجمع السيرة الذاتية، لما تمثله من جوانب هامة، أسهمت في تكوين شخصية الناقد وعمقه، تأثر بها ومن تم أصبح يؤثر في الآخرين.

لعل الظروف الذي مر بها النقد العربي واحدة، وهي تختلف عن النقد الغربي تماما، ولذلك ارتأت الدكتورة أنه من الطبيعي ألا تتمكن من تصنيف حركة النقد الفلسطيني وفق اتجاهات نقدية غربية منها الفني والنفسي والاجتماعي... [2]

فالقضية الوطنية والاجتماعية، ميزت هذا النقد، بالإضافة إلى مستواه الفني الذي مثله أدب رفيع، أسهم في بناء الإنسان العربي وتربية ذوقه الجمالي الفائق. [3]

فالنظرة التكاملية للنقد، والتوازن بين المضمون والشكل، وهي من أساليب المناهج النقدية الحديثة، ميزت هذه الدراسة العلمية الجادة، في حقل النقد العربي الحديث.

فقد تناولت الدكتورة ماجدة حمود، مجموعة من النقاد الفلسطينيين،من بينهم الدكتور إحسان عباس، عارضة سيرته الذاتية، مع ذكر منشوراته العلمية والأدبية [4]. بالإضافة إلى الكتب التي حققها مثل كتاب: " نفح الطيب من نفح الأندلس الرطيب" للمقري التلمساني، "الذخيرة في محاسن أهل الجزيرة" لابن بسام، "أمثال العرب" للمفضل الضبي، وغيرها من الكتب القيمة التي حققها وهي كثيرة ذكرتها الأستاذة مع حقائق الطبع لأهميتها المرجعية. بالإضافة إلى الكتب التي ترجمها مثل كتاب " فن الشعر لأرسطو" وغيره من الكتب الهامة في مجال الدراسات النقدية والأدبية. والبحوث العلمية و المقالات النقدية.

أما المنهج النقدي لدى د. إحسان عباس فكان يتميز بالجمع بين الثقافة العربية القديمة والثقافة الغربية الحديثة، وقد ألح على ضرورة ربط الشعر بالحياة والمجتمع [5]. كما حاول أن يؤسس للفكر النقدي العربي الحديث عندما ربطه بالنقد العربي القديم. [6]
كما نجد من بين النقاد الذين تناولتهم الدكتورة بالدراسة التحليلية العميقة جبرا إبراهيم جبرا ، والدكتور حسام الخطيب، والدكتور عبد الرحمن ياغي، والدكتور فيصل دراج، والدكتور محمد يوسف نجم، ويوسف اليوسف. مهتمة اهتماما خاصا بسيرهم الذاتية ، وإنتاجهم الفكري والإبداعي ، مستعرضة منهجهم النقدي وما يميزه من سمات ذاتية خاصة، ذات طابع لغوي خاص، يكون دقيقا أقرب إلى لغة المنطق والفلسفة، عند بعض النقاد، أو يشحن بشتى صور الخيال الفني الجميل،عند البعض الآخر.

لقد وقفت الأستاذة الدكتورة ماجدة حمود، على أدق التفاصيل، لهؤلاء النقاد مسلطة الضوء، على أعمالهم الأدبية والنقدية واصفة منهجهم النقدي بسماته وخصائصه المتميزة. وقد يُعد كتابها هذا من أهم المصادر الحديثة في النقد العربي الحديث والمعاصر.


[1د. ماجدة حمود" نقاد فلسطينيون في الشتات" دار كوثا دمشق 1998ن ص 5.

[2المرجع نفسه، ص9.

[3المرجع نفسه، ص9.

[4للدكتور إحسان عباس أكثر من سبعين مؤلفا في مجالات التأليف والترجمة عدا التحقيق من بين مؤلفاته على سبيل المثال لا الحصر:

[5د. ماجدة حمود "نقاد فلسطينيون في الشتات"ص 38.

[6المرجع نفسه ، ص 40.


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى