الثلاثاء ٧ حزيران (يونيو) ٢٠١٦
بقلم وديع العبيدي

المنظور السياسي والوجودي

في قصيدة الشاعر العراقي سلمان داود محمد

(1)

كنا نعتقد ان العراق قصيدة.. العراق القصيدة.. قصيدتنا.. لم نقلق يوما من اجل العراق قصيدتنا، لأن كل شاعر كان مشروع عراق!.. وكنا اقوياء.. وكبار.. وعشاق.. وثوريين.. دون أن نعرف لماذا وكيف.. ربما بالروح القدس الذي استنبت جلجامش فجر الشعر.
لم يغب العراق عن الشعر العربي، بله الادب العربي، متلده وطريفه. كان العراق هو كل شيء.. الماء واللغة والهواء.. وكيفما بدأت لا تخذلك القصيدة. ما أعنيه هنا، ان العراق هو سرّنا، سرّ الكاهن، سر الاله، سر الوجود، الالف والياء، به وبغيره لم.
العراق لم يصنعه العراقيون، وانما العراق هو الذي صنع العراقيين.. فالعراقي منسوب للعراق وليس العكس!. العراق صنعته الالهة في السماء، ثم وضعته حيث موضعه، فنجسته الشياطين. العراق مر به كل الغزاة عبر الزمن، وطمع به كل الشذاذ والجوف ولما يزالوا. والعراق هو.

عندما سقطت سومر ظهر سرجون، وحين سقطت بابل، عاد لها الاسكندر. ولكن عندما حضر هولاكو.. لم يعد أحد يجيء!. ولذلك عاد هولاكو الجديد بثيابه واسلحته الحديثة وتخذ من شوارغ بغداد حديقته الخلفية.

وبغداد هي بغداد (باغ) و (داد) من قاموس اللغة التركية. [باغ= بستان] و [داد= طعم]. وباغداد= طعم البستان، كناية عن جنة عدن الموعودة ما بين النهرين، (لذيذة للأكل، وشهية للعيون، ومثيرة للنظر)، ومن يومها يتنازعها الشياطين. وفي ذلك قال شاعرها الراحل مكي عزيز البرزنجي: لو كان للمنصور علم بأن يحكمها الانذال ما شادَها!.

ومن وجع بغداد المكتوم والمقهور، يكتب سلمان داود محمد، الشاعر الأخير المرابط في دارة الرشيد عقب الزلزال النيساني، إذ يلتقي دورية هولاكو في سوق السراي، فيحذف الخريطة من النص، ويترك الدورية الهولاكية بلا وطن .
العراق الوطن اليوم هو حقيبة – خلاف ما عناه محمود درويش- أكثر منه جغرافيا.. والعراق الوطن اليوم هو لغة وذاكره كما عناه سركون بولص أكثر منه انسانا حميما يقاسمنا الخبز والماء والعافية. ولولا ان سلمان هو الشاعر، لقلت ان العراق الوطن هرب من القصيدة والنص، عندما هربت القصيدة من العراق، قصيدتنا.!.

الشعر العراقي المعاصر واجه محنا كثيرة، مرة ومريرة وأكثر صعوبة، لكنه انتصر بالشعر وانتصر بالشاعر الانسان. قبل الحرب العالمية الاولى كان الشاعر العراقي حاضرا وقائدا للجماهير، بين الحربين لم يتراجع صوت الشاعر العراقي وكذلك في الخمسينيات والسبعينيات والثمانينيات والتسعينيات، ولسلمان حضور مؤثر في المشهد الاخير، قصيدة الحرب والحصار واليوم.

العراق القصيدة لا يخنقه احتلال، غربي او شرقي، رأسمالي أو ديني. لأن القصيدة اكبر من الرأسمالية وأقدم من الدين وأعظم من الغرب والشرق معا، سيما حين يكون العراق هو القصيدة، والقصيدة العراق. فجلجامش لا يموت!، سيكون بابليا ويكون اشوريا ويكون مقدونيا ويكون امويا وعباسيا وعربيا، وسوف يموت الجميع لكنه لا يموت. هو الالف والياء، البداية والنهاية!.

(2)

ربما تبدو كتابتي عن العراق، اكثر مما هي عن الشاعر، أو أنني أكتب عن سلمان اكثر مما عن قصيدته. لأن ما يعنيني – يعنينا- هو الألم المنتج للنص.. الدافع النفسي والوجودي للنص، اكثر من الموسيقى واللقطات التي تبهر خوارج الحواس.
سلمان معني بالنوع والتمييز الدقيق والحرفي بين مفردات كتابته وألمه. لا يكتب سلمان لاجل الكتابة، وان خلب جمالها الخارجي البعض، لكني ارجو الجميع بالدخول تحت جلد القصيدة. ان سلاحنا الوحيد في زمن السوء، هو ان نذهب تحت الجلد، ( وأما الزبد فيذهب جفاء)..

لقد تأخرت القصيدة كثيرا، وتراجع الشعر العراقي كثيرا، وفقد الادب العراقي جذوته، والثقافة العراقية بهاءها. وعجز المغول الجدد عن تزوير المشهد الثقافي والحضاري، أو تعويضه بشقشقاتهم. فالعراق العراقي لا يكون الا حرا وقويا، واما لا يكون.
لقد صادر الانجليز منتجاب ابقار الهند قرونا، لكن البقرة بقيت هندية ولم تصبح انجليزية او بريطانية. ومن هاته الكوة العمياء، ربط الشاعر دورية هولاكو بسوق السراي، أي عاصمة الكتاب ومركز العقل العراقي.
خذ الغوغاء، ولكن النخبة تعحز عنها.. وتهزمك!. يا هولاكو وتيمور وكل أحفاد وأذناب الانكشارية.
استخدم الشاعر صيغة الفعل الماضي – القرار الثوري البات- في العنوان، الذي هو ديباجة القرار.
(حذفت من سوق السراي دورية هولاكو)..

وقد قدم سوق السراي، وجعل دورية هولاكو في الأخير، المكسور قبل المنصوب، والفاعل هو الشاعر.
لم يقل (هولاكو)، بل – أذناب) هولاكو.. لأن مشكلتنا الاصلية ليس مع (هولاكو) ولكن مع (الأذناب). و(الذنب) هذا في كل مكان وزمان، مثل الدود الذي يعتاش على دم الغير، ومنفعته في مضار الخلق. وفي هذا المعنى يقول النواب الكبير: ما باع فلسطين سوى الثوار الكسبة!

أي: ما باع العراق سوى (العملاء) الكسبة – عبيد الدرهم وأذناب (البازار)-، (والكذبة)- على غطاء الدين-..
لأن الثورة انتهت مع تشيفارا، ولم يخلفه غير دونكيشوتات.

(3)

التقنية التي يستخدمها سلمان داود في القصيدة، يستعيرها من فن التشكيل، تقنية القطع والكولاج.. سلمان لا يستطيع وهو يستيقظ في صباح بغداد، ان ينظر عبر النافذة، قبل أن يدخل ورشته، ويبدأ في إعادة بناء صورة بغداده من ارشيف ذاكرته المتخم..

في (ساحة النسور)* تقترحين البلابل

لاحظ المفارقة المركبة بين [نسور، بلابل] ناهيك عن المغزى السيمائي لتلك الساحة، وقد أقترح الشاعر رائحة الانثى في العبارة، معرضا بالزخم الذكوري/ الاقطاعي المشار له من وراء النص.
إستعان بـ (ساحة الأندلس)* على ضياع الأندلس
والكناية المجازية على ضياع (الاندلسين) غير خافية عندما تقول الشاعرة:
ابك مثل النساء مجدا مضاعا.... لم تحافظ عليه مثل الرجال!..
على ساعة (القشلة) الرنين
في (خوذة الرصافي) يوم قال..

وتتضح الاستعارة في أبنية الصور المذكورة [تقترحين، استعان، الرنين في خوذة] للمفارقة بين واقع افتراضي/ شعري وواقع ميداني/ محذوف من النص.
المستوى الثالث في المكان الشعري للقصيدة، يتمثل في مغزى النص: [سوق السراي : الشقيق الأصغر لشارع المتنبي ( سوق الكتب ) أثناء تعرضهما لتفجير إرهابي في 5 / آذار /2007 ..]، هذا المدلول التاريخاني المذيل في هامش النص، يتعرض للتفعيل في مجزرة ساحة النسور: [في 16 سبتمبر 2007 أطلق العاملون في شركة بلاك ووتر الأمنية الامريكية (وهي شركة عسكرية خاصة) النار على مدنيين عراقيين مما أسفر عن مقتل 17 وإصابة 20 في ساحة النسور في بغداد. ووجد تحقيق الFBI أنه من بين ال17 شخص الذين قتلوا على أيدي الحراس كان 14 شخصا منهم على الأقل من دون أي سبب يذكر.].
النسر والفارس والمنصور والأغراض الايرانية والاستفزازات الاميركية تجتمع سوية في كرنفال دلالي لانتاج فيلم تسجيلي قصير، عن (قصة مدينة) وليس اثنتين.

سلمان داود محمد نفسه يقول انه يعتمد الرموز المفتوحة الطرفين لاستيفاء ما لايمكن البوح به في ظل دمقرطية الاحتلال، من خلال امتدادات النص داخل الذاكرة/ العقلية القرائية. بهذا يعلن الشاعر سلمان داود انه لا يكتب لقارئ كسول أو ذهن خامل. انه يستفز الذهن والذاكرة والمخيال والاسئلة، لكي ينجز كتابة نص. فإذا تصورنا عمليات التفكيك والتركيب التي يتعرض لها جسد النص بين الشاعر والقاري لتمرير المعنى بينهما، نكتشف مستوى جديدا، لقصيدة تقول اكثر مما تقول.
واترك بقية الدلالات والرموز لعقل القارئ،، فليس غرض النقد او الدراسة، هو التبسيط المتطرف أو اعادة كتابة الشعر نثرا.

(4)

الاستعارات المكانية/ الزمكانية تشير لأربعة مراحل تاريخية حضارتية من ذاكرة المكان البغدادي، يمكن ترتيبها كرونولوجيا: الاندلس (ما بين القرنين الثالث عشر والسادس عشر الميلادي)، القشلة (1885م)، الرصافي (1875- 1945م)، النسور (الفارس العربي)/ المنصور (سبعينيات القرن العشرين). لاشك ان ذاكرة بغداد اوسع من هاته الرموز المكانية ، وأعمق من عمر بغداد نفسها، اذا اعتبرنا موقعها الجغرافي بين حدود مملكة اشنونا السومرية، وبقيا أكد اول عاصمة مركزية موحدة للعراق القديم، المعتقد انها على مسافة خمسين كيلومترا جنوبي غربي بغداد الحالية، وتعود للقرن الثالث والعشرين قبل الميلاد.

دلالات الامكنة الأربعة تقع – تقريبا- على جانبي خط واحد يمر عبر دجلة، ثلاثة منها في جانب الرصافة والاخير في جانب الكرخ، في المنصور. حضور المكان في النص، واستحضاره من الذاكرة يحمل دالة الفقدان/ الغياب. هل الغياب مسألة مجازية لغويا، أو موضوع فلسفي وجودي، أو حدث سياسي تاريخي؟.. الجواب متروك لوجهة نظر القارئ- طبعا.
بغداد الحضارة هي بغداد الساحات الشهيرة والرئيسة، ولا يمكن تذكر بغداد والحديث عنها دون المرور بساحاتها. ولا يمكن المرور بساحاتها دون وقفة ملية مع معالم الفن العراقي القديم/ الحديث، سيما فن النحت العراقي الأثير والعريق التي توشح ملامح ومناظر بغداد على مدار النظر. قد لا نجد في بغداد نصبا أو جدارية شعرية – كما يفترض-، ولكن التعويض في ذاكرة النحت العراقي، ومعارضه المفتوحة امام الباصرة البغدادية.

الساحات/ الميادين هي ساحات التظاهر والاحتجاج والتغيير الديمقراطي الشعبي – مع فاتحة القرن الحادي والعشرين الميلادي-، والاعتصام المكفول بحماية الدستور.. اين هي من ذلك كله ساحات بغداد والمحافظات، [2011- 2013م] التي اسفر بعضها عن ملاحم وفتن ومجازر، وممعتقلات البداية والنهاية..

ليس المكان العراقي/ البغدادي وحده المهدد بالزوال والازالة و(الاجتثاث) من قبل قراصنة هولاكو، وانما ذاكرة العراق الفنية وتماثيل مبدعيه المأمورة بالازاحة والزوال بدء من تمثال عبد المحسن السعدون في شارع السعدون، الى تمثال ابي جعفر المنصور في المنصور، وصولا إلى رموز فنية اخرى مثل نصب النسور، باعتباره يمثل طيارين شاركا في الحرب ضد ايران (!)، وفي هذا السياق ترد المبررات الحقيقية لاجتثاث رمزي المنصور والسعدون وغيرهما. فالتخريب الحضاري والجمالي هو المشترك الدعائي للدين السياسي سواء كان داعشيا (اثار تدمر ونينوى)، أو صفويا (تدمير الذاكرة العراقية).
اختيار (سوق السراي) نصا، عنوانا ومكانا، يرفع الدالة لمستوى ترميز العراق كله- جغرافيا-، والتاريخ كله – زمن الاحتلال-. وهو يستخدم المخاطَب(ـة) – نظيرا معينا، لاكمال جملة المعنى، ولتخفيف قساوة المشهد.

(5)

حالة عدم الرضا – عن الذات-، (احب ان أوجد في أي مكان، إلا حيث أنا موجود!) تتحرك وراء ظلال الكلمات، عبر تقنية الحلم، حتى لو كان سلبيا، أو سالبا..
لأني لست (عباس ابن فرناس)، وريشي قليل
أصعدُ عسى أن أجيد الإنضمام إليّ
وأستودع إكتمالي تحت جفنيك لأرى!

(أصعد لأرى) هاته القفلة تذكر بسفر الخليقة البابلية (انوما اليش)/ عندما في الاعالي، أو (هو الذي رأى)/ جلجامش حسب ترجمة طه باقر. فكرة (العلو) في النص، نفي لفكرة (الانحطاط/ الحضيض) المفروض برسم الاحتلال، ولذلك تتسامى القصيدة عن مستوى واقع (لامعقول/ مرفوض) فلسفيا.

من واقع العلو الذي يصعد اليه الشاعر يأتي اختيار مرموز (صقر قريش). [صقر، نسر، بلابل] من جهة، وعباس بن فرناس [810- 878م] مع صقر قريش، المراد بهما دلالة اكثر معاصرة من واقعهما التاريخي، لتشكل جملة المستوى العلوي للمشهد النصي. لكن العلو/ السمو/ التعفف، لا ينجيه من نيران رصاص البلاك ووتر (سبتمبر 2007م) المترامية للسماء، أو دخان التفجيرات الجهادية (مارس 2007م). ولماذا (2007م) تحديدا [حقبة التطهير والفصل الطائفي 2006- 2008م] . حيث تختزن القصيدة تحت جلد الشاعر حوالي عقدا من السنين قبل انبجاسها للخارج/ للنشر.
عندما يعاد النص الى ملحمة جلجامش وقصة الخليقة البابلية، فنحن بحاجة حقيقية لجلجامش ومردوخ وسرجون وصقر قريش لتأسيس نص جديد.

الشاعر هنا يؤدي دور الكاهن، وهو يشعل ضوء القصيدة ويضعها على الطريق، ليوقظ الصقور/ النسور/ الفرانيس لملاحقة الغبش.
لكن ماذا يفعل هذا الصقر.. مشتتا جهده بين السكارى الثملين، عن الديدان التي تأكل التراب.

(6)

لمحات صوفية في النص..
لمحة أولى..
في عبارة (إكتمالي تحت جفنيك لأرى ، فرأيتني) ثمة استعارة صوفية، يستخدمها الشاعر لتوجيه صور الكامرة الى زاوية اخرى من مشهد الاحتلال، بل ممارساته السافرة..
خسائر من قمح تصدتْ لها بومات غامضة وطواحين...
• طفلاَ لا حصر له ومشيعين لأعياد ...
• كاتيوشا تدغدغ السقوف وشبابيك تكركر...
• آمالاَ مؤكسدة تتسرّبُ من ( حيّ الصفيح)
ومدينة تكفكفُ دمع الرصاص بأكفان مزركشة ...

ففي العامين الاولين للاحتلال [2003- 2004م] قامت الطائرات الاميركية بتدمير المساحات المزروعة بالقمح في سهول الموصل والفرات الأوسط، لاذلال البلاد بمجاعة كارثية وضائقة اقتصادية، تضعفها تحت واقع الاحتلال وبرامج المساعدات والتبعية الاقتصادية لبلدان الاحتلال. وليست (بومات غامضة) غير طائرات الشبح الاميركية..

لمحة صوفية ثانية..

ليست هاته الكناية الصوفية الوحيدة في النص، التي يمكن اعادة قراءتها قراءة صوفية خالصة، ضمن تعددية الأوجه والأحرف والزوايا المكعبة التي ابتناها لنفسه، بمداعبة/ مراوغة ذهن القارئ من غير ما موضع.. الاشارة المهمة بين ذلك..
في (خوذة الرصافي)* يوم قال :

 سأفتديك بهذا ( مشيرا إلي)!.

هاته أعمق وأغزر وأخطر إشارة، والأكثر تفردا، في الشعر العربي – متلده وطريفه- برمته، مستعارة من الطقس الكهنوتي القديم الضارب بجذوره في قعر سومر و(نفّر) القديمة، المتعلقة والمتمثلة برسم تقديم القربان، (كفارة) عن لعنة الكارثة.
(اجرة الخطية موت!).. الخطية هي مغزى اللعنة، اللعنة هي مغزى الكارثة. الكارثة هي الدينونة الفاغرة فاها مثل (هاوية لا تشبع). الدينونة/ الكارثة، دالة وجود/ حدوث شيء خطأ في الأساسات أو الممارسات، الأشياء أو الأشخاص المكتنفة الحالة أو المكان.

أما القربان (المصطفى) فليس أي شيء/ شخص، يصلح مادة لذلك، وانما يتم اختياره بحسب مواصفات صارمة معينة، يتقنها الكاهن الأعلى، بحيث يحقق تقدمة مقبولة، يهدأ معها غضب السماء على اهل الأرض.

فكرة القربان/ الاضحية، تقليد رافديني كنعاني قديم، ولعلنا نذكر/ نستذكر في لغة المتداول اليومي كلمة [فداء، فدية، (فدوة)] الأكثر شيوعا في سياق الاجتماع العراقي، من باب المحبة، أو التوسل، [فدوه لعيونك!، فدوه لطولك!، فدوه أروح لك!.. الخ]. هذا البعد الميثولوجي المتوارث عبر عصور التراث الرافديني القديم والمعاصر.

هذا المتداول التراثي القديم وجدلية تطبيقه أو توظيفه في صورة افتداء الناس – بعضهم البعض-، أو صيغ أخرى تنسجم مع طبيعة النظام الاجتماعي/ الاقطاعي/ السياسي، لافتداء رجل الدين/ النبي، أو زعيم القبيلة/ الحاكم، وصولا لافتداء الوطن، التي وجدت ذروتها ابان ثمانينيات القرن الماضي، التي جعلت من (الجندي) صورة الحجر الأساس لبناء السور الخارجي للوطن.
ولعل البعض – والشاعر منهم- يستذكر تلك اللافتة المعلقة في ساحة كهرمانه/ المتحف، مقدمة حي (28 نيسان) الناطقة كلماتها: (كل عراقي مشروع دائم للتضحية)!. التضحية هنا هي المقابل المعاصر للفظة الفداء الميثولوجي العريقة.
استخدم السومريون بعض الحيوانات الاليفة رموزا للقربان الطقسي، وفي ملحمة جلجامش يكون الثور السماوي المقدس الذي يورث بطل الملحمة ثلثيه السماوي، وفي اسطورة سرجون الأكدي ترد البقرة السماوية الهة الفداء والخصب/ (أم سرجون)، وصولا للثور السماوي المجنح: رمز مملكة أشور الديني والقومي والسياسي. بينما تشترك الشمس والأسد بين رموز مملكة بابل/ (باب ايل) المقدسة.

هذا الارث الرافديني القديم، سوف يتوارث خلال حضارات وثقافات شرق المتوسط، ليتطور إلى مبدأ افتداء الاله بالبكر من كل شيء، المال والزرع والولد عند الكنعانيين، كما تبرز في قصة افتداء ابراهيم لابنه البكر في جبل المريا/ شكيم في فلسطين، ومراسيم تقديم قرابين الطيور والثيران والخرفان في المعبد اليهودي، وصولا للعقيدة المسيحية القائمة بالكامل على فكرة الفداء السماوي لتحرير البشر من الخطية: (لأنه هكذا أحبّ الله العالم، حتى بذل ابنه الوحيد، لكي لا يهلك كل من يؤمن به، بل تكون له الحياة الأبدية!)/ (يو 3: 16).

وقد أقرّ النص القرآني فكرة الافتداء : (وفديناه بذبح عظيم!)/ (الصافات 107)، نظير النص الانجيلي: ( عالمين أنكم افتديتم لا بأشياء تفنى بفضة أو ذهب من سيرتكم الباطلة التي تقلدتموها من الآباء بل بدم كريم كما من حمل بلاعيب ولا دنس، دم المسيح معروفا سابقا قبل تأسيس العالم )/ (1بط 1: 18). وفي ترجمة أكثر تبسيطا ترد: (اعلموا انه قد دفع الفدية، ليحرركم من سيرة آبائكم الباطلة، التي أخذتموها بالتقليد عن آبائكم).

يتشكل طقس القربان من عدة عناصر تقنية، بينها شخص الكاهن، الذي يختار ويصطفي (القربان)، ثم يتولى تقديمه. وفي النص: يلعب الشاعر العراقي الكبير معروف الرصافي [1875- 1945م] دور الكاهن الأكبر الذي يختار ويقدم القربان المطلوب على (مذبح) الوطنية العراقية، ومن هو اجدر من ارصافي الخالد لنيابة الانتماء العراقي الأصيل، بلا دنس أو عيب!.

الرصافي هنا هو الجندي القائد الثمانيني المنافح عن بلده وأرضه ضد الغزاة. (الخوذة) تعتلي الرأس الذي يعتلي الجسد. وكل ما يعلو فأنه يسمو على ما سواه؛ (يسمو) اشتقاق من (سماء) مصدر القدرة والوحي التي ينطق عنها وينطلق منها الكاهن/ الشاعر في قيادة الأرض نحو مستوى السماء. فالخوذة هنا كناية تناظر (عِمّة/ قلنسوة) أو غطاء الرأس على رأس الكاهن، كناية عن (التاج السماوي).

في (خوذة الرصافي)، يوم قال:

الواقع، ان النص لا يذكر الرصافي تحديدا، وانما استناب عن قصده عبارة مركبة (خوذة الرصافي) كشخصية شعرية من ابتكار المؤلف، ولن يملك أحد، تحديد أو اعلان هوية الكائن في (خوذة الرصافي) هنا. لذلك أترك التحديد والتشخيص للقارئ، مع امتداد صفة كهنوت الكائن في (خوذة الرصافي)، يوم قال:

 سأفتديك بهذا ( مشيرا إلي)!..

وإزاء الكاهن الشاعر/ الفاعل القائل، تتجسد هوية القربان/ الشاعر: المفعول به، مادة الفداء، (هذا- مشيرا إليّ!). فعندما يتخلى الكهنة والساسة والحكماء عن ممارسة رسالة الوطن، يتقدم الشعراء، والشعراء المستنيرون العارفون، أنقياء القلب المحزونون والمضطَهَدين، ليقدموا (أنفسهم) قربانا لوطن اجتهد ذووه لتغييبه على مذابح مصالحهم الشخصية والأجنبية.
عندما يكون المسدس في يد الجبان، فأن الضحية هو رأس المثقف!.

ومن هو (العدو) في دولة الاحتلال، إلا ذوو الحجى والبصيرة، بدء بالرصافي الخالد وليس انتهاء بالكلمة الحية!. هذا التأويل، الكناية الصوفية، لا تخرج عن أطار/ سياق رمزيتها الراهنية، وسياق القراءة المزدوجة للنص/ الواقع، والذي يبقى، الامتياز الأكبر للقصيدة الثمانينية والتسعينية، في حركة الشعرية العراقية، والأصدق تعبيرا وتماهيا مع مسودة الواقع، بغير منافس. وحسب صاحب النص أن يكون تسعينيا/ ثمانينيا، ليرتفع بالواقع المهروب منه من قبل الكثيرين، والمغيب جيدا في اعلام الراهن، الى درجة التأجج الحرجة.

الدخان الذي لا يكف عن الأعالي..

وهو ملمح آخر من طقس تقديم القرابين، حيث يتم حرق الذبائح باعتبار أن الابخرة المتصاعدة سوف تتخلل المجاري التنفسية للسماء فيهدأ غضبها، علامة الرضا عن القربان. لكن الذي يرتفع هنا هو دخان/ سخام اسود، وليس اللهب الأزرق أو الأحمر الصافي. فالدخان هو دالة عكسية في التقليد، يشير إلى رطوبة الحطب أو عدم قبول التقدمة.

ولكي يكتمل لاهوت التحرير السياسي في النص، وتتنقى تربة الرافدين من نجاسة الاحتلال، يقتضي اكمال قراءة (متى 24: 1- 14)، والتمعن في قصة يونان مع أهل نينوى. ان الشعر – هنا- يعود ألى مصادره الكهنوتية – راجع كتاب الشعر لأرسطو-، ليستعيد الشعر نبوءته والشاعر قيادة وطن، لا يعيش بغير الشعر، ولا يسمو بغير سماء القصيدة. (هذا الشريد الفضفاض كحافلة، الذي أدمنته الحروب والمتأخرون عن الوظيفة والشتائم).

لمحة صوفية ثالثة:

صحت’ بالسماء :
كفى خرساً يا خالة ...
كيف رسمتُ على وجهي : ممنوع الممات ،
وطردتُ الجنة من غايتي!.

بعد صلته الكهنوتية/ الأرضية بالشاعر الرصافي – أصل الوطنية والانتماء-، يؤكد الشاعر – أخوته- السماوية مع جلجامش وسرجون أبناء الثور والبقرة السماويين من الأدب السومري. هاته الأخوة التي تمنحه الحق أن يدعو (السماء) – خالته/ شقيقة أمه. انه يدعو خالته – السماء- ان تخرج عن – صمتها-/ - صدمتها- من ممارسات سكان الأرض، وتنطق.

على مدى سنوات وعقود طويلة رفع العراقيون والعراقيات أصواتهم وأدعيتهم نحو السماء بحثا عن [غوث، فرج]. ولم يعرفوا أن أدعيتهم وصلواتهم كانت تصطدم كل مرة بأحجار وصخور، حسبوها تقربهم زلفى.

اعتقدت كل من الميثولوجيا العالمية والفلسفة الاغريقية بدور السماء في مجريات الحياة الأرضية، ونظرية المثال والصورة لافلاطون، تأكيد ان ما يوجد على الأرض، ظل لما هو في العلويات. وفي تاريخ الصين السياسي القديم، عندما تحدث كارثة وطنية، فأن الامبراطور الحاكم يعتزل الحكم، معتبرا الكارثة لعنة وعدم رضا عنه، -عدم شرعية انتخابه لحكم البلاد-. ذلك قبل ظهور الدمقراطيات الغربية العاطلة عن الفعل الانساني.

تاريخ بني اسرائيل التوراتي بكله، يؤكد حقيقة واحدة، هي تواصل الله (يهوه) مع سلوك بني اسرائيل وحياتهم اليومية، يباركهم حين يصلحون، ويلعنهم حين يفسدون. والنص هنا/، يستحضر البعد المثولوجي: القديم، مطالبا السماء العودة لمواصلة دورها القديم، والتدخل في تصحيح/ ترشيد مسالك البشر والساسة.

الاستعارة الدينية في نص عراقي -بعد ألفيني- سوف يربك بعض القراء، حول مغزاه. هذا القارئ مطالب بقليل من الموضوعية، والاعتراف بحجم الزخم الغيبي المتحكم في صناديق الانتخاب المتخلف بالنتيجة. وما يفعله الشاعر هنا، هو الاقتراب من الجمهور، بحسب مجساتهم غير العاطلة للان.

ما يحتاجه الناس هو الربط بين الظواهر، والاسباب والنتائج، والمقارنة بين الفرضيات والممكنات. وما يحصل في شرق المتوسط ليس دليل نعمة ولا بركة، دون أن يفطن أحد لمصير مظاهر التقوى والتدين والدمار غير المنقطعة عن الجريان منذ زمن هذا أجله!.

لكن ما يحسب للشاعر، ان خطابه ليس جمعيا، ولكنه ينطق بصيغة الفرد المتكلم، ليس لأنه (القربان) المصطفى، ولا كونه ابن أخت السماء بشخصه، ولكنه أيضا، يتمرد على نفسه، وشعار (ممنوع الممات) الذي يناغي قولة الشاعر القديم:
(كفى بك داء أن ترى الموتَ شافيا.... وحسبُ المنايا أن يكنّ أمانيا!).

وما بوسع الدمقراطية الغربية ان تقدمه للعرب، أكثر من جعل (الموت) منية المتمني!. لا يفوتنا هنا ملاحظة عمق السخرية المغسولة بالألم وهو يعجزه الحل، محاصَرا بـ(العبارة المحصورة بين سيفين). ان الحديث هنا مفروش بالمسامير، وهو أوضح من الوضوح نفسه: (فهل من برهان أشمس من هذا... لكي أحتفي برفاة وردتي فقط). ولكن لماذا الورد يا سلمان، وكأن الشوارع اقفرها الموت..
وأزاهيري مرهونة بالنعوش...،
ربما ارتبك الأريج بالقرب من شاهدة!..

لا أعتقد أن (اشطر) مدعي عام في العالم، يستطيع اثبات تهمة واحدة ضد (وردة/ زهرة) محكومة بالموت والقصاص في شرق السواد. ونكاية في الزمن، يراكم النص مفردات[رفاة وردة ، جثمان المزمار، نعوش]، متقدما بالنص نحو (كمائن الذئاب بعيد الأضحى). فالموت هو المشترك الأعلى والأعظم في حيثيات النص، ومعه يشكو الشاعر من (ممنوع الممات!)، المثبتة في مكان ما من باب الذاكرة.

لا تعرف كتب التاريخ والاسفار الدينية، من ومتى وكيف تم رفع [الأضحى] لمرتبة (عيد) بدل تسميته [مـأتما، مناحة، كربلاء]. فهناك، حيث تهرق نفوس وتضطهَد أرواح، تحتفل الشياطين بحفلة تنكرية لتبادل الانخاب.

العيد التقليدي المتعارف والمذكور عند العبرانيين هو عيد الفصح، والمعنى الحقيقي للفصح هو (العبور) أو الخروج من أرض العبودية، وهو مناسبة ظهور هذا العيد في التوراة. أما عيد الأضحى -هنا*- ، فيشير الى (عيد القيامة) أي قيامة يسوع المسيح من الموت في اليوم الثالث، ويختقل به المسيحيون في حينه.

ثمة حاجة ملحة لمراجعة النصوص والمصطلحات والتطبيقات الدينية التي تحاصر الشرق الأوسط منذ عقود. حيث (احتجبتْ ( ليلة القدر) عن أدعية العازبات) ولما نزل بانتظار أقمار لا تحترف (التلصص) فحسب.

(7)

القصيدة/ الرسالة..

ابتداء القصيدة بحرف جر، هو بحد ذاته رسالة مضمنة للخروج على سياق التقليد اللغوي والشعري وما يتعلق وينبثق منهما. وحرف الجر هنا يتمثل باللام، وهو من الأحرف المرخمة والمقدسة في العربية، فكيف به جارا ومجرورا. وقد وردت في ثلاثة خطوات متعاقبة..
لأنكِ (المرأة المخاطَبة) في ساحة (النسور)، تقترحين البلابل- افتراض أولي-
ولأني لست (ابن فرناس) – دفاع تبريري مبني على السلبية أو – نفي الذات (ليس أنا)!-
ولأنَّ ريشي قليل – افتراض تبريري لمواصلة الالتصاق بالتراب، والنكاية بالتحليق!
هذه اللاءات الثلاثة في مرتبة حرف الجرّ، تمثل قاعدة القصيدة – حمالة المعنى-.
والبداية الحقيقية أو الاصلية للنص تبدأ بجملة الفعل في حالة الاثبات، دون التعلق بحالة الماضي، والانجرار وراءه.
ولكن.. هل توجد نقطة (صفر) في الحالة العراقية، غير مجرورة أو معطوفة بما قبلها، سؤال ممض، تقترحه القصيدة ضمنا.
ألملم ما تبقى..
وأصعدُ عسى (أن أجيد الإنضمام إليّ)
وأستودع إكتمالي تحت جفنيك (لأرى)!..

الفعل (ألملم - لملمة) يعود على أمر/ حالة مبعثرة من الماضي، أكثر من دلالتها على – زمن حاضر-. واللملمة، ذات طاقة تعبيرية نفسية غير محدودة، تختلف عن لفظة [انظم، أرتب، أوزع، أهندس، أصفي، أؤرخ... ألخ]. انه فعل اضطراري، يحتوي على قهر وتذمر وسخرية ورفض، وتحصيل حاصل رغما عنه.

فعل اللملمة – هذا- ضروري للخروج من – الحالة الفوضوية غير الخلاقة-، للعبور/ الصعود لحالة الاستواء السابق أو المفترض/ المطلوب، عبر استعادة امتلاك الذات التي تعرضت للتبخير الكيمياوي عبر القنابل متعددة الانفلاق والراسخة في نسف الكونكريت (من إنفلاقي في ضحى الناسفات).

[ألملم.. وأصعد.. وأكتمل.. لأرى..] جملة الابتداء الاصلية اللازمة.. لكنها- سرعان ما تحيل على (ماض أبعد)/ [past perfect]، له صفة التمام/ العيان هاته المرة، وليس الافتراض المجرور بحرف اللام.
خسائر من قمح تصدتْ لها بومات غامضة وطواحين...
طفلاَ لا حصر له ومشيعين لأعياد ...
كاتيوشا تدغدغ السقوف وشبابيك تكركر...
آمالاَ مؤكسدة تتسرّبُ من ( حيّ الصفيح)...
ومدينة تكفكفُ دمع الرصاص بأكفان مزركشة...

فعلى رغم راهنية الخطاب في النص (الزمن المضارَع)، يستحضر الشاعر مستويين من الزمن الماضي، احدهما القريب – ممثلا بتفجيرات سوق السراي (مارس 2007م) ومجزرة ساحة النسور (سبتمر 2007م)؛ وثانيهما الماضي البعيد المحيل على العامين الاولين للاحتلال، وتغشية البومات الغريبة سماء السواد والطواحين [2004م].

فالنص/ الشاعر، لا يتعامل مع حالة بسيطة وزمن بسيط [simple past tense]. وانما يتعامل مع أحداث مركبة وزمن مركب متعدد المستويات والأبعاد والأغراض. وبالتالي، فان الاحتلال العراقي هو احتلال مركب ومتعدد المستويات والأبعاد والأغراض والأطراف. وليس احتلالا مفردا بسيطا، بلد ضد بلد. في حرب 1990م أعدت الولايات المتحدة الامريكية قائمة دولية ضمت أكثر من ثلاثين بلدا لمحاربة بلد واحد أعزل هو العراق. وبعد ثلاثة عشر عاما، جيشت قائمة دولية واقليمية ومحلية بقيادة الناتو والاطراف الاقليمية لاحتلال بلد أعزل هو العراق. بنفس هذا الاعتبار، يمكن تفنيد الادعاءات الدولية والمبررات الاقليمية لاستعداء العراق واستفراده واستقفاره، بأغراض الماضي البعيد والتاريخ القديم وما قبل التاريخ للاساطير اليهودية والأطماع الايرانية ضد ممالك بابل وأشور، والصراع الفارسي الروماني، والعربي الفارسي. وهكذا استقتلت البلاد الغربية لاعادة العراق للحكم الساساني القديم ونقل عاصمته إلى طيسفون، بعد عجز الامريكان عن مواجهة ايران.

ابتدأت القصيدة بافتراضات ثلاثة مجرورة، اعقبتها ثلاث جمل لاستعادة حالة الفاعل، لتعقبها خمس جمل/ حقائق/ شروخ صعبة الاندمال، تتفاوت بين الفرد والمدينة..

خسائر من قمح تصدتْ لها بومات غامضة... – قطاع الزراعة/ الاقتصاد الوطني-
طفلاَ لا حصر له ومشيعين لأعياد -قطاع التعليم والمدارس-
كاتيوشا تدغدغ السقوف وشبابيك تكركر... – قطاع العمران وبيوت المدنيين-
آمالاَ مؤكسدة تتسرّبُ من ( حيّ الصفيح).. – الطبقة الفقيرة وقطاع المستقبل-
مدينة تكفكفُ دمع الرصاص بأكفان مزركشة.. – تدمير المدن والبنى التحتية-
فالاحتلال ومضاعفاته إذن، هو حرب ضد المدنية وتدمير البلدان والمدن والقواعد الارتكازية للسكان والتمدن الحضاري، وليس لنشر الدمقراطية أو التمدن، او التخلص من حكم جائر، حسب قائمة الاكاذيب الأميركية.

ويمكن – بل ينبغي- لكل مؤرخ سياسي واجتماعي، ان يسطر لكل حالة مشخصة في الابيات السابقة، عشرات، بل مئات البيانات والحالات الموثقة، في ضمير التاريخ والذاكرة الوطنية والانسانية، بدء بتدمير المزارع واضطهاد المزارعين وأهل الأرض، الى تفجيرات وقصف المدارس ومراكز التعليم (طفل لا حصر له) – أي طفولة عصية عن العدّ-، الى التمارين العسكرية اليومية لقصف البيوت والمنازل بحجة الصيد أو تنفيس كآبة الجنود المفارقين لذويهم، إلى صعادات الدخان الملونة من أحياء الفقراء، التي جعلت من الموت والدمار طقسا كرنفاليا، يحتفل به السكان بأكفان (مزركشة)، على غرار المباهاة بالقبور والأضرحة التي شاعت خلال الثمانينيات، جراء مشاعية الموت والأضاحي البشرية – قرابين بابل..
لا يتوقف القارئ – غالبا- بامعان لقراءة النص الأدبي، بقدر ما ينتظر التعويض النفسي ومراوغة الواقع والذهن لاصطياد فكرة رومنطيقية أو سريالية في أحسن الحالات. فالفصل بين النص والواقع، ليس غير هروب فكري واجتماعي، يفسر وظيفة الأدب/ الفن بشكل عكسي.

وسلمان داود محمد، لا يكتب للتسلية، ولا يتسلى بالشعر، بقدر ما يفكر وينزف بأدوات شعرية. وهو بذلك، يحتفظ لنفسه برسالة المؤرخ، ترجمان الواقع الأبكم والأعمى، تاركا، لقارئ المستقبل، أرثا لا يسهل تزويره أو تجاهله من تاريخ بغداد. ويستطيع القارئ، ملاحظة السوريالية والسخرية الكامدة في طرائق تعبيره وترسيم صوره.

وماذا بعد!..

عبارة تحيل مباشرة لأثيرية القس بن ساعدة، أول من قال: (أما بعد)، الممهدة للدخول في منطوق الرسالة أو الخطاب. ماذا بعد.. يجيب عليه الشاعر بغير تاخير، أو نسيان.. (نعم أحبك!)

ولن يتأخر الوقت لادراك ان المقصود بالحب هي (بغداد)، لا غير. التي ترفع شهيقها (صافرة عند اختناق المرور).
لك وحدك
هذا الشريد الفضفاض كحافلة ،
أدمنته الحروب والمتأخرون عن الوظيفة والشتائم
ثم مضى يحبك
ويبجـّـل ما تساقط من سوسن على رهافة الوسن.
مؤكدا (ثم مضى يحبك) مهما يكن من أمر. هذا الحب هو الرهان الوحيد والطريق الوحيد لـ (ضمان عش يزقزق من أعلى خسفة) ولكي (يبجـّـل ما تساقط من سوسن على رهافة). هكذا هي: معادلة صعبة حبّ هذا الفتى، وامتحان جديد!.

(8)

لماذا وردت عبارة (لك وحدك هذا الشريد) بلغة الغائب، وليس المتكلم الذي عرفناه في جمل [ألملم، أصعد، أرى] السابقة. حالة تغييب الذات داخل جسد النص، أو لغة الخطاب العام للقصيدة، تشي بدلالات متعددة، حسب مقتضيات الواقع.
ما جعل الغريق يناصبني الزفير
وأنا أنفخ في جثمان المزمار
وأخيّب’ كمائن الذئاب بعيد الأضحى..
ها هوذا ربيعي بهيئة نائب للخريف

فإذا جمعنا هذا النص بعبارة (أفتديك بهذا، مشيرا إليّ)، نجد ان فكرة (الغياب/ التغييب) الطوعي أو القهري أمر مفروغ منه في خطاب القصيدة. (الانسان مشروع دائم للتضحية) طوعا أو كرها.. الفداء، الأضحية، التفجيرات، الرمي العشوائي للبلاك ووتر، القصف اليومي للبومات، الاغتيالات والاعتقالات العشوائية لحكم عرفي دمقراطي تحت بند (مادة أربعة ارهاب) كلها مشاريع واحتمالات مفتوحة للغياب والتغييب والصعود على سلم بطولة الاحتلال ومقتضياته غير النهائية.
في ديوانه (أسرة الفتنة) يقدم الشاعر موفق السواد حالة استثنائية في الأدب العربي، لشخصية تتحرك في العالم الآخر، عالم ما بعد الحياة، مقدمة أسئلتها وأجوبتها الوجودية المتعلقة بجدوى حضور أكثر جدارة بالغياب.
ان سؤال الحياة هنا مثل الهواء العربي الذي تتناقص كميته شرق المتوسط، بتسارع الزمن، وتصاعد الآمال. وفي هذا النص، كما في حوارات سلمان داود محمد، تلمس حالة تماهي الحضور في الغياب وبالعكس، دون مسافة أو حدود. والحياة في بغداد، وشوارعها ويومياتها الخارجة على قواعد اللياقة الأمنية والحياة العادية، هي حضور في الغياب، وغياب في الحضور، بالمفهوم الوجودي والفلسفي.

ها هوذا ربيعي بهيئة نائب للخريف ،
وهذا مطري لا يصلح
أن المناخ تناسى غيومي في مصيف المخالب
وأزاهيري مرهونة بالنعوش
ربما ارتبك الأريج بالقرب من شاهدة
واحتجبتْ ( ليلة القدر)!

الصور والمفردات الفائتة عموما وردت في صورة – سالب- نقضية لمضمونها، فالخريف والنعش والشاهدة وغياب ليلة القدر، من علامات أواخر الأزمنة، أكثر منها علائم استقبال الحياة. واحتجاب ليلة القدر، كناية عن انغلاق باب السماء، وحالة القطيعة بين السماء والأرض، فالتفسير الميثولوجي والثيولوجي يجد حضوره على مدى النص- كما سبقت الاشارة- وثمة محاولة من الرصافي لاصلاح الحال وإعادة فتح باب السماء عبر فكرة الفداء/ الأضحية.

لكن ماذا يعني الاصلاح والعلاج حين يقتضي موت الشاعر. هذا السؤال بحاجة لمزيد من التأمل والتمعن..
هل الرصافي بعيد عن نهر الدم المفتوح منذ سبتمبر 1980 م لليوم وبنجاح ساحق وجريان مدو وبغير انقطاع يذكر؟.. وماذا عن جداول التصفية الرسمية والأهلية وعلى مستويات ومبررات متعددة منذ نيسان 2003م، حتى تقتضي الأرض مزيدا من الاضاحي، بينما يتناسل الخونة والأذناب متقلدين سيوف السلطة وصناديق الحكم والمال.

هذا يعني أيضا، على خلاف العنوان، ان المحذوف من العبارة هو الشاعر، وأن البقاء لدورية هولاكو، وما وراء جثة هولاكو الجديد، هادم بغداد وعدو الحضارة والحياة الطبيعية.

فالقصيدة بذلك مبنية على سوريالية ساخرة متهكمة، لتقول كفى للعنف والدم والدجل والخيانة والعهر. ان طفلا واحدا (لا حصر له)- كثير على التضحية به- فكيف بسجلات الالاف التي فاقت ما يدعى بالابادة الجماعية والتصفية العرقية والطائفية على موائد الهيمنة الاقليمية.
بغداد بحاجة الى بلابل وأزاهير وساحات وسواسن وحب وطوابير عشق ومهرجانات كتب وموسيقى بدل النواح والقتل والفساد المؤدلج.

(9)

استدعاء الغياب..
نعم..
أحبك .. ألا تنظرين..؟
كيف مشطتُ حياتي بأصابعك
وغرستُ عفش الحنان في خطر للسكن..،
كيف خبأتُ مفاتن المحنة
عن شبق المروحيات..

الجمل الاعتراضية المتناقضة، لا تنفي منطوق الصورة النفسية المعتلجة في ذهن الشاعر. كلمة الحب، مقترنة دائما بمنطوق الايجاب والاثبات، كما في افادات التحقيق الجنائية. فالحب، جريمة يحاسب عليها القانون، سيما إذ يكون الحبيب هو الوطن، تلك الشوكة التي توخز الخائن. نعم أحبك.. وماذا بعد!..
كل صورة عادية ملغومة بفعل عسكري للاحتلال..
عفش الحنانــــــــــــــ خطورة السكن
مفاتنــــــــــــــــــــــــــــــــــــ المحنة
شبقـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ المروحات البومات

لماذا لا يتعب الانسان من النكد.. وكم هو طول سيناريو الاستفزاز والابتزاز والاذلال المرسوم أمام العراقي ليتحول الى عبد للأجنبي وصاحب المال والسلطة، بحسب مقولة لورنس: جئت لاعلم البدوي المتمرد أن يقول (نعم) للشرطي!. ومن هو الشرطي في الحالة العراقية، هل هو الامريكي أم الايراني أم أذنابهما المحليون؟.

هل العراق بحاجة الى غزو جديد لتنظيف واقع الاحتلال وآثاره، أم الى ثورة شعبية تقطع أصل الشر من جذوره، أم هو بحاجة إلى زلزلة سماوية على رتبة طوفان نوح، تمسح السواد والفساد ولا تبقى غير الثمانية من العباد؟!..

(10)

كيف ورثتُ عن الورّاقين فصاحة العثّ
والعبارة المحصورة بين سيفين ،
كيف حذفتُ من (سوق السراي)* دورية هولاكو
وأثـقلتُ كاهلك بـ ( مروج الذهب)*
كيف ازدهر المتفرجون على خرائبي!

اللوحة الأخيرة في النص، تعود إلى ميدان الواقعة، سوق الكتب، مرثاة الوراقة العراقية، المحيلة على تاريخ الوراقين وصناعة الكتاب العربي القديمة الجذور، على شاطئ دجلة من قلب بغداد.

وصيغة الأسئلة التي طبعت القصيدة عامة، والمقطع الاخير تحديدا، يفيد الاستنكار والرفض. والذي يرفعه الشاعر في وجه المتلقي، لينتهي بجملته الأخيرة غير المتوقعة: أريد جوابا!.

فالقارئ، المشاهد، الجمهور، مشترك في حركة الواقع والتاريخ، ومطالب بالبحث عن الاجوبة وتحمل المسؤولية الكاملة التي لا يتنكبها هولاكو لوحده.

وهنا ايضا نجد المتعارضات الاسلوبية المتقابلة في الجملة الواحدة.
الوراقةــــــــــــــــــــــ العث
سوق السرايــــــــــــــــــــــــ دورية هولاكو
ثقلـــــــــــــــــــــــــــــــــــ مروج الذهب
ازدهارــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ خرائب
أما العبارة المحصورة بين سيفين، فمفتوحة لشتى التأويلات ودورية هولاكو بها أعلم. ولكن.. ماذا تفعل دورية هولاكو في سوق السراي، أو سوق الكتب كما هو مراد في النص.
كيف يصبح هولاكو حارسا أو رقيبا على حركة الكتاب والعقل العراقي في ظل دمقراطية الاحتلال؟...
ان هولاكو التاريخي معروف جيدا، ولكن هولاكو بغداد الجديد والمعاصر بحاجة لمزيد من اعلانات وضوء، قبل تزويره وتحويله لملاك حارس.

وإذا كان الحارس الرقيب هولاكو وأذنابه يحرسون العقل العراقي، فكيف حدثت عملية تفجير السوق في مارس 2007م ولم تكن الأولى ولا الأخيرة؟..

هذا ما يتطلب الجواب، من القارئ أو السلطة أو من الاحتلال، أو هولاكو نفسه.

لم يرد الشاعر ان يقدم صورة مجتزأة مقطوعة من مأـساة الكاتب والكتاب العراقي، وانما ربطها وقدمها مشتركة ومجموعة بأسبابها ونتائجها ومبرراتها وأدعاءاتها، ضمن لوحة الاحتلال البغيض وملابساته، وجداول الارهاب والاذلال المفروضة على كاهل الناس باسم الدمقراطية والرعاية الأميركية والحماية الايرانية، وصولا لأغراض كل منهم، على ظهور ثلة من الأذناب والخونة وتجار الأرض والضمير.

لا بغداد بلا ثقافة، ولا ثقافة بلا عقل، ولا عقل بلا حرية، ولا حياة بلا ابداع. وقد جعل الاحتلال العنصري الثقافة العراقية نصب عينيه وفي صدارة أعدائه للسيطرة على العراق واستعباد أهليه. ومن هنا، كان استهلال هذه القراءة، بعراق القصيدة، وانتهاؤها ببغداد الثقافة والعقل والحرية!.

ثمة زعيمان عربيان بارزان تم تصفيتهما على يد الاسلام السياسي عشية عيد الأضحى الاسلامي هما، الرئيس المصري الاسبق محمد أنور السادات يوم السادس من اكتوبر 1981م، والرئيس العراقي الاسبق صدام حسين يوم الثلاثين من ديسمبر 2006م. وفي عام 2008م انتجت ايران فيلما بعنوان (اعدام الفرعون) تعريضا بالقادة العرب، وتمجيدا للقتلة.
سلمان داود محمد: شاعر عراقي تسعيني (مواليد بغداد) صدرت له المجاميع الشعرية التالية: (غيوم أرضية)-شعر/1995 على نفقته الشخصية؛ (علامتي الفارقة)-شعر/1996 على نفقته الشخصية؛ (إزدهارات المفعول به)-شعر/1996- 2000، صدرت عن دار الشؤون الثقافية / بغداد / 2007؛ (ماراثون إنفرادي)-مسرحية مأخوذة عن المجموعات الشعرية المذكورة آنفا، وهي من اعداد واخراج الفنان المسرحي (سنان العزاوي )، وقد فازت كأفضل عرض مسرحي ضمن فعاليات مهرجان ربيع المسرح العراقي الاول الذي أقيم في بغداد عام 1998. (هنا بغدآآآآآآآآآآآآآآآه)-يوميات الحرب العالمية الرابعة على العراق للفترة من 20 /3 / 2003 ولغاية 9 / 4 / 2003 وما زالت. (واوي الجماعة)-شعر؛ (سعفة كلام)-شعر؛ (دمعة في صندوق البريد)- شعر. وقد صدرت أعماله الشعرية الكاملة في جزئين تضم كل منها ثلاثة مجاميع شعرية؛ الأول عام 2012م، والثاني عام 2013، وصدردت طبعتها الثانية عام 2016م عن دار ميزوبوتاميا في بغداد.

نص القصيدة..
سلمان داود محمد
عندما حذفت من سوق السراي دورية هولاكو
بغداد - العراق
لأنكِ في (ساحة النسور)* تقترحين البلابل ،
ولأني لست (ابن فرناس)* وريشي قليل ..
ألملمُ ما تبقى من إنفلاقي في ضحى الناسفات
وأصعدُ عسى أن أجيد الإنضمام إليّ
وأستودع إكتمالي تحت جفنيك لأرى ، فرأيتني :
• خسائر من قمح تصدتْ لها بومات غامضة وطواحين...
• طفلاَ لا حصر له ومشيعين لأعياد ...
• كاتيوشا تدغدغ السقوف وشبابيك تكركر...
• آمالاَ مؤكسدة تتسرّبُ من ( حيّ الصفيح)...
• ومدينة تكفكفُ دمع الرصاص بأكفان مزركشة ...
وماذا بعد ؟؟
- نعم..أحبك
وأقبـّـل الصافرة لأنها رئة عند إختناق المرور
وضمان لعش يزقزق من أعلى خسفة
في (خوذة الرصافي)* يوم قال :
- سأفتديك بهذا ( مشيرا إلي) ،
أي لك وحدك هذا الشريد الفضفاض كحافلة ،
الذي أدمنته الدروب والمتأخرون عن الوظيفة والشتائم
ثم مضى يحبك
ويبجـّـل ما تساقط من سوسن على رهافة الوسن ،
فما كان على (صقر قريش) إلا التورط بالسكارى
حين إستعان بـ (ساحة الأندلس)* على ضياع الأندلس ،
وما كان على ساعة (القشلة)*
إلا الرنين في غبش ( المتحاصصين )* تماماً
حين أشارت إلي بناقوسها المشطور بعدئذ :
- قشٌ .. لك..
- قشٌ .. لك..
القشُ لك.....
ولاذ الفرقاء ببيض اللقالق ،
ما جعل الغريق يناصبني الزفير
وأنا أنفخ في جثمان المزمار
مقاصد الرعاة
وأخيّب’ كمائن الذئاب بعيد الأضحى..
ها هوذا ربيعي بهيئة نائب للخريف ،
وهذا مطري لا يصلح
لشرب العائدين من دول السراب المعقم ؛
حتى أن المناخ تناسى غيومي في مصيف المخالب
وأزاهيري مرهونة بالنعوش...،
ربما ارتبك الأريج بالقرب من شاهدة
واحتجبتْ ( ليلة القدر) عن أدعية العازبات ،
حيث احتشاد أقمار التلصص
والدخان الذي لا يكف عن الأعالي ....،
وماذا بعد ... ؟
نعم ..
أحبك ..، ألا تنظرين..؟
كيف مشطتُ حياتي بأصابعك
وغرستُ عفش الحنان في خطر للسكن..،
كيف خبأتُ مفاتن المحنة
عن شبق المروحيات وصحت’ بالسماء :
كفى خرساً يا خالة ...
كيف رسمتُ على وجهي : ممنوع الممات ،
وطردتُ الجنة من غايتي ،
كيف ورثتُ عن الورّاقين فصاحة العثّ
والعبارة المحصورة بين سيفين ،
كيف حذفتُ من (سوق السراي)* دورية هولاكو
وأثـقلتُ كاهلك بـ ( مروج الذهب )* ،
كيف ازدهر المتفرجون على خرائبي
وتجمهرتُ في رحابك..،
فهل من برهان أشمس من هذا
لكي أحتفي برفاة وردتي فقط
في مكحلة لا تقصد تمرير السواد
على وجهات النظر...؟؟؟؟؟
أريدُ
جواباً ...

ساحة النسور / ساحة الأندلس : من الساحات الشهيرة في بغداد ..

إبن فرناس : توظيف لإسم عباس بن فرناس الأندلسي القرطبي (810-887 م ) اشتهر بمحاولته الطيران إذ يعدّ أول طيّار في التاريخ، وفي العراق وضع تمثال له على طريق مطار بغداد الدولي تكريما له ..
خوذة الرصافي : توظيف لإسم الشاعر العراقي المهم معروف عبد الغني الرصافي ..

القشلة : المقصود بها ( ساعة القشلة ) الأثرية في بغداد ويمتد عمرها الى مئات السنين مع الاشارة الى ان الحياة عادت لهذا المعلم الاثاري قبل سنوات قلائل بعد صمت طويل وصدحت بصوتها ودقاتها التي تسمع حتى من الجهة المقابلة لنهر دجلة، لكنها رجعت الى صمتها ثانية من بعد الاحتلال في العام 2003..

المتحاصصين : إشارة الى أقطاب المحاصصة الطائفية سيئة الذكر التي دمرت العراقيين والبلد ..
سوق السراي : الشقيق الأصغر لشارع المتنبي ( سوق الكتب ) أثناء تعرضهما لتفجيرإرهابي في 5 / آذار /2007 ..
مروج الذهب : إشارة الى كتاب ( مروج الذهب ومعادن الجوهر ) للمسعودي، الذي تعرّض للحرق بفعل التفجير الإرهابي المشار إليه آنفاً ..

في قصيدة الشاعر العراقي سلمان داود محمد

أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى