الخميس ٢٣ حزيران (يونيو) ٢٠١٦
تأهيل المؤسسات الوطنية
بقلم مهند النابلسي

لتطبيق استراتيجيات ناجحة للاعمال

نلاحظ أحياناً وبصراحة تخبط الكثير من المؤسسات العربية وضياعها وعدم قدرتها على تحديد أحتياجاتها والطريق المثلى لتحقيق أهدافها .

وربما يجهل الكثيرون أن مفهوم الجودة الشاملة يتضمن كماً هائلاً من المعارف والطرق والاساليب والادوات التي يمكن أذا استخدمت بكفاءه ومهارة أن تحقق المعجزات والاختراق للمؤسسات سواء في مجال الانتاجيه أو الربحيه.

فهناك مفاهيم التخطيط الاستراتيجي ، والمراجعيه القياسيه وبطاقات التوازن الرقمي بالاضافه لادوات الجوده السبعه المعروفه ( لمخططات السبب والتأثير و باريتو والتفتيش والعصف الذهني ) مع أدوات التخطيط كمخططات الشجره والقرابه وتحليل تأثير الاعطال ... وغيرها ، وقد لاحظت للاسف أن الكثير من مؤسساتنا الوطنيه لا تستخدم هذه التقنيات والادوات إلا للاستعراض وبغرض الحصول على الجوائز! غير مقتنعه أساساً بأهميه وضروره استخدام هذه الادوات الفعاله لحل المشاكل وتحقيق الاهداف ، وحيث يشبه أحد الخبراء هذه الادوات "بعدة النجاره" الذي لا يستطيع النجار بدونها أن يصنع الاثاث !

كما لاحظت اننا ما زلنا نتخبط في محيط الجوده الواسع ولا نعرف اين رست سفينتنا وإلى أي ميناء تبحر ؟ لقد أصبح العالم المتطور (بالتحديد الغرب واليابان وكذلك كوريا ويعض دول جنوب شرق أسيا وربما الصين أيضاً ) يتحدث عن عصر ما بعد الجوده، فهناك مفاهيم جديده في الثقافه الاداريه العالميه مثل الحيود السداسي ، والجوده الرشيقه ونظرية " التقييد " وغيرها ، وهي التي تبعث الرعب في نفوس مدراءشركاتنا العربية خوفاً من التغيير والاختراق الذي قد تحققه هذه المفاهيم وعدم القدره على مجارته! لقد أصبح " التفكير الرشيق " الذي أبدعته تويوتا نموذجاً ريادياً لكافة الشركات الناجحه في العالم.

وأصبحنا نجزأ المفاهيم بدلاً من توحيدها ضمن الصوره الشامله لتحديد بوصلة الابحار والتطور، من هنا نرى تخبط الكثير من الشركات المحليه والعربيه وعجزها عن مواكبة الشركات العالميه سواء في الاداره أو التنظيم أو الأرباح أو التقنيات !

إن الهدف من هذه المقاله هو تحفيز أدارتنا العربية لتبني خطوات بناءه لانشاء ما يسمى " هرم الجوده " في المؤسسات وتقديم النصح والمشوره المهنيه لانجاز الاهداف المؤسسيه بالقدرات الذاتيه، دونما حاجه لمستشارين " فاشلين" باهظي التكلفه ! كما أنها محاوله جاده لربط كافة المفاهيم والنظم الحديثه ضمن أطارمتكامل فريد يبعدنا عن الاصطلاحات المتخصصه والتعابير الغامضه التي تقودنا في النهايه الى متاهه لا نعرف الخروج منها !

والمطلوب هنا التحلي بالنزاهه والشجاعه لاعطاء النصائح المناسبه الصحيحه وللتوقف عن الادعاء والاستعراض والجشع واللامبالاه!

لقد تبين وجود ألاف مراكزالتدريب المتخصصة في الوطن العربي وعدد هائل مماثل من المستشارين والادعياء ، ولو أفترضنا أن حوالي خمسين بالمئه فقط من هؤلاء يعملون بمصداقيه، ونزاهيه وحرفيه لأدى ذلك في المحصله لتحسين هائل نسبي في أداء معظم شركاتنا العربية ومؤسساتنا الصناعيه والخدميه والحكوميه، ولكن الحقائق تشير لعكس ذلك تماماً ! فمن المسؤول عن ذلك ؟

إن المستشار الناجح أخيراً هو الذي يبني مشروعه الاستشاري بأسلوب السيناريو السينمائي الذي لا يخلو من المتعه المهنيه الخلاقه، ويستطيع مستخدماً معارفه النظريه والعمليه وأطلاعه الواسع وقراءآته أن ينقل للمشاهد الصوره المتكامله ( وهو هنا الزبون أو الشركه المستخدمه) وأن يدفعه إلى المشاركه والانغماس في الاحداث والفعاليات وبناء هرم" الجوده المعرفي " وبشكل تدريجي وضمن أسلوب يحفل بالمشاركه والمتعه والتفاعل ، مستخدماً مهاراته الاستشاريه والشخصيه وتقنيات التدريب والتوجيه وبواسطة الاسئله والتمارين والمهارات ، كما يستطيع أن يستخدم ببراعه "الحكم المجازيه والاقوال المأثوره" والامثله المعبره وقصص النجاح والفشل ، كل ذلك ضمن سيناريو محكم متماسك يقود من خلاله الزبون تلقائياً لأن يستخلص بنسخه الدروس والعبر ويختار بحريه الطريق الانسب لمؤسسته بإحتراف ونزاهيه .

ولقد أن الأوان لوقفة شجاعه جريئه نواجه بها أنفسنا وقدراتنا وكل المزيفين الادعياء ولكي نوجه لهم اللوم والاتهام :

كفى زيفاً ... كفى جشعاً ... كفى تطفلاً ... اتعبوا أكثر على بناء معارفكم وقدراتكم ... كفى تكراراً واجتراراً لمعارف " قديمه مستهلكه "!! الرجاء أن تتوقفوا عن تضليل شركاتنا العربية التي بنيت بعرق وكفاح المساهمين والموظفين والعمال ... فهي لاتستحق ذلك ... كفى جشعاً ... أنظروا لشركاتنا العربية بأحترام وتبجيل فهي تمثل عماد اقتصادياتنا الوطنية ... ولا تتخيلوا أنها بقرة حلوب إلى مالا نهايه ! واعلموا أن الله يراقبكم وأنكم أيضاً بحاجه ماسه لهدوء البال ! و في الختام ارجو التركيز قليلا على مناحي الحياة الاخرى "الغير سياسية" كالاقتصاد و الصحة و التغذية والزراعة ، فقد شبعنا تنظيرا في السياسة و الفكر و الادب، و اصبحنا خبراء في المسلسلات التلفزيونية و نجوم الفن و الغناء . و ربما يعزى مجمل تخلفنا لعجزنا عن مواكبة احدث تطورات علوم "الجودة" في العالم المتقدم، و تشدقنا المتواصل بالانجاز و الاتقان .


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى