الأربعاء ١٣ تموز (يوليو) ٢٠١٦
من قائل:
بقلم فاروق مواسي

إن معروف زماننا هذا منكر زمان قد قضى

كنت قرأت قبل سنين في كتاب (النصوص الأدبية للصفين التاسع والعاشر) – مراد ميخائيل (السموءلي)، ص 45 مقالة بعنوان "التسامح"، كتبها أنطون الجميل مقولة نسبها لعلي -كرم الله وجهه- وهي:
" إن معروف زماننا هذا منكر زمان قد مضى، ومنكر زماننا معروف زمان لم يأت".

ثم كان أن تناقل هذا الاقتباس عدد من كتابنا المحليين المعروفين على أنه لعلي بن أبي طالب.

أعجبني هذا النص، فبحثت عنه في كتاب (نهج البلاغة)- المنسوب لعليّ بن أبي طالب علِّـي أجده، وأعرف مناسبة قوله، وهيهات.

سرني أنني في أثناء تصفحي المصادر المعتمدة وجدت أن القائل هو الخليفة معاوية بن أبي سفيان، في خطبة له في المدينة المنورة، حيث يخاطب أهلها داعيًا إياهم إلى قبول حكم الأمويين- "فاقبلونا بما فينا، فإن ما وراءنا شر لكم"، فاليوم يختلف عن أمس، كما سيختلف عنه المستقبل، فالأيام دول، وذلك بمنطق أراه بلغة اليوم جدلية الواقع والمجتمع.

* النص في (العقد الفريد) ج4، ص 83- لابن عبد ربه، وورد كذلك في (جمهرة خطب العرب) ج2، ص 183 – أحمد زكي صفوت.

الشيء بالشيء يُذكر:

في الأدب الغربي وجدت قولاً نُسج على نفس المنوال:

قالَ لابرويـير (ت. 1696 م) الكاتبُ الفرنسي:
"ما يُعدُّ حقيقةً أمامَ جبالِ البيرينه (البيرانيس) يُعدُّ خطأً وراءَها".

الحقيقة التي تراها أنت في مكان وزمان معينين تختلف عن الحقيقة في مكان آخر وفي ظرف آخر، فالحقائق تتباين، فليس من الضروري أن يبقى المنظار إياه، والنظرة إياها، فنحن لا نمتلك الحقائق كلها، كما أن الظروف لها تأثيرها، فما أحوجنا إلى تقبل الآخر وتفهّم رأيه.

ثم إننا أوتينا من العلم قليلاً، ولم نُحِط بكل شيء علمًا،
وصدق أبو نواس في نظرته الحصيفة:

فقل لمن يدّعي في العلم معرفة
حفظت شيئًا وغابت عنك أشياء


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى