الثلاثاء ١٢ تموز (يوليو) ٢٠١٦
بقلم حسين سرمك حسن

موسوعة جرائم الولايات المتحدة الأمريكية

ملاحظة: هذه السلسلة من المقالات مترجمة عن مقالات لكتّاب وصحفيين أمريكيين وبريطانيين مثبتة في خاتمة المقالة.
المحتوى
(تمهيد ونظرة احصائية - نبذة عن المسلمين في الهند - التضليل الإعلامي المُحكم - لكن قبل ذلك إليك هذه المعلومة الخطيرة - بأمر دونالد رمسفيلد نُقل مقاتلو القاعدة وطالبان إلى ملاذات آمنة !- الدعم الأمريكي للإرهاب في كشمير- من هما جماعتا عسكر طيبة وجيش محمّد ؟- مساندة الحركات الإنفصالية في الهند- أسباب تصاعد التهديد الإرهابي الإسلامي في الهند- منذ عام 2013 زار 25,000 من علماء الوهابية ثماني ولايات هندية للتبشير بالعقيدة الإسلامية المتشدّدة – مصادر هذه الحلقات)

تمهيد ونظرة احصائية

معهد السلام في واشنطن (تصوّر معهد للسلام مقره عاصمة أعتى قوة عنف في التاريخ أمن القنابل الذرية والكيمياوية والهيدروجينية ... إلخ) أصدر تقريره عن مؤشر السلام العالمي في عام 2015. ومن يقرأ الإحصائيات الواردة في التقرير لابدّ أن تثور في ذهنه وداخله الشكوك أمّأ في دقّتها وكونها جزء من حملة تضليل "علمية" "موضوعية" مُحكمة أو في قصور عقله وذهنه عن ملاحقة التحوّلات "المابعد حداثوية" في الإحصاء والمفاهيم . إذ كيف تكون الولايات المتحدة الأمريكية الدولة الأكثر تضرّراً في العالم من العنف (خسرت !! 1,3 تريليون دولار من مجموع 3 تريليون خسرها العالم !! في حين يأتي العراق في المرتبة التاسعة) . لن تستطيع حل هذا اللغز حتى لو قرأت تقرير معهد السلام عشر مرات.

وفقا للطبعة الثالثة من مؤشر الإرهاب العالمي 2015 (GTI)، صُنّفت الهند في المرتبة السادسة من بين 162 دولة الأكثر تضررا من الإرهاب في عام 2014 (طبعاً العراق في المرتبة الأولى بسبب التحرير الأمريكي وإشاعة الديمقراطية الأمريكية حيث خسر العراق بسبب الإرهاب 82 مليار دولار عام 2015 !!).

ووفق مؤشر الإرهاب العالمي شهدت الهند زيادة طفيفة في الوفيات الناجمة عن الإرهاب، بنسبة 1.2 في المائة في عام 2014 لتصل إلى ما مجموعه 416، وهو أعلى عدد وفيات من الحوادث الإرهابية منذ عام 2010.

الهند من بين البلدان العشرة الأكثر تأثرا بالإرهاب في عام 2014، وفقا لتقرير جديد قال إن تنظيمي الدولة الإسلامية وبوكو حرام الإرهابيين هما الآن يتحملان المسؤولية المشتركة لأكثر من نصف جميع الوفيات العالمية من الهجمات الإرهابية.
وقال تقرير صادر عن معهد الاقتصاد والسلام ومقره واشنطن كان هناك 763 حادثة إرهابية في الهند وهو ما يمثل زيادة بنسبة 20 في المائة عن عام 2013.

في الهند، كان اثنان من أخطر الجماعات الإرهابية الإسلامية في عام 2014 وهما : عسكر طيبة (Lashkar-e-Taiba (LeT وحزب المجاهدين Hizbul Mujahideen.

كانت جماعة عسكر طيبة ومقرها باكستان مسؤولة عن 24 حالة وفاة في عام 2014، في حين كان حزب المجاهدين مسؤولاً عن 11 حالة وفاة في عام 2014، بانخفاض 30 حالة وفاة عن العام السابق.

وأضاف التقرير أنه في عام 2013، كان حزب المجاهدين المجموعة الوحيدة في الهند التي تستخدم التكتيكات الانتحارية، ولكن في عام 2014 لم تكن هناك هجمات انتحارية في الهند.

وقال أن عدد الأرواح التي فُقدت بسبب الإرهاب في جميع أنحاء العالم زادت بنسبة 80 في المائة في عام 2014، ليصل إلى أعلى مستوى على الإطلاق عند 32658 ضحية مقارنة مع 18111 في عام 2013.
احتلت باكستان الموقع الرابع من القائمة بينما احتلت الولايات المتحدة المرتبة 35 بين الدول الأكثر تضررا من الإرهاب (!ذن لماذا تشن حرباً دمّرت العالم ضد الإرهاب ؟؟) .

وأضاف التقرير أن اثنتين فقط من الجماعات الإرهابية، هي الدولة الإسلامية وبوكو حرام ، هي الآن مسؤولة معا عن 51 في المائة من جميع الوفيات العالمية من الهجمات الإرهابية (وسترى في حلقة مقبلة أن هيلاري كلنتون هي التي تقف وراء نمو جماعة بوكو حرام).

"بوكو حرام التي أعلنت ولاءها للدولة الإسلامية كمقاطعة غرب أفريقيا من الدولة الإسلامية في مارس 2015، أصبحت أخطر جماعة إرهابية في العالم، وتسبّبت في 6644 حالة وفاة مقارنة بـ 6073 سبّبها تنظيم الدولة الإسلامية الإرهابي.
وظهرت الهند 14 مرّة بين البلدان العشرة الأكثر تضررا من الإرهاب للفترة 2000-2014.
نبذة عن المسلمين في الهند

يشكل المسلمون في الهند 15 في المئة من سكان البلاد، وهي ثالث أكبر مجموعة إسلامية في العالم في أي دولة بعد اندونيسيا وباكستان (حسب آخر إحصاء في عام 2015 يصل عدد المسلمين في الهند إلى 255 مليون نسمة أي ما يعادل 20% من سكانها). الجماعات المتطرفة مثل الدولة الإسلامية وتنظيم القاعدة وحركة طالبان وشبكة حقاني ترى الهند كهدف مهم لنشاطها. الكثير من الاتجاهات تفسر الارتفاع المتزايد للتهديدات الإرهابية في جنوب آسيا بأنه مترابط ومتنقل؛ إذا تم ضرب مصدر واحد للإرهاب، ينتقل الجهاديون الى العثور على قضية إسلامية أخرى. مع انسحاب الناتو من أفغانستان، فإن قسماً من الجهاديين الإرهابيين سيضع العين على الهند. باكستان تعتبر الهند العدو الرئيسي وحتى بعض المسؤولين فيها يشجع الإرهابيين لاستهداف مناطق هندية مثل كشمير أو مومباي. وفي الوقت نفسه، يزور تيار من الدعاة الوهابيين الهند باستمرار، ويطرحون رسائل متشددة لدعم الجماعات المتطرفة مثل القاعدة والدولة الإسلامية التي تتنافس على النفوذ. ويقوم المتشددون بالدفع المالي للجهاديين. المسلمون كأقلية في الهند يمكن أن يوفروا أرضية خصبة لتجنيد المتطرفين.

التضليل الإعلامي المُحكم

عندما تقرأ هذا التحليل من مقالة للصحفي الأمريكي "بروس ريدل" من معهد برووكنغز الشهير Brookings Institute ومقره واشنطن وعنوانها : الإرهاب في الهند والجهاد العالمي Terrorism in India and the Global Jihad:
"الهجمات على أهداف متعددة في وسط مدينة مومباي في اواخر نوفمبر تشرين الثاني 2008 ليست الأحدث في سلسلة طويلة من العمليات الإرهابية المروّعة في الهند. الإرهاب في الهند هو ظاهرة معقدة مرتبطة بالعديد من الجناة. التهديد الإرهابي الأكثر خطورة يأتي من جماعات ذات صلات حميمة بشبكة جهادية عالمية تتمحور حول أسامة بن لادن وتنظيم القاعدة وحلفائه في الثقافة الجهادية الباكستانية. في حين أنه من السابق لأوانه استخلاص استنتاجات مؤكدة حول مسؤوليتها عن الهجمات في مومباي في نوفمبر تشرين الثاني عام 2008، فإن احتمالات جيدة تشير إلى أن الإرهابيين والعقول المدبرة وراء مؤامرتهم ترتبط بالجهاد العالمي.

وكانت الهند هدفا لتنظيم القاعدة والحركة الجهادية العالمية لأكثر من عقد من الزمان. وكثيرا ما أدرجت الهند من قبل إبن لادن وأيمن الظواهري شريكه كجزء من ’الصليبية الصهيونية الهندوسية " المتآمرة ضد العالم الإسلامي. أهداف القتلة في مومباي من الأمريكيين والبريطانيين والإسرائيليين والهنود - تناسب بالضبط في التشكيل الجانبي تنظيم القاعدة وشركائه. وقد تحدث كل من إبن لادن والظواهري عن "التحالف الامريكى- اليهودي- الهندي ضد المسلمين".

أقول إن من يقرأ هذا التحليل "الأمريكي" الهادىء والمغطى بغطاء العقلانية وعدم التسرّع يعتقد أنّ الأمريكان والبريطانيين والصهاينة الذين يتحدّث عنهم بروس ريدل أبرياء من دم الإرهاب في الهند ويرتجفون من ظلم القاعدة وشركائها وكانهم ليسوا المسؤولين عن خلقها وتدريبها وتسليحها ومدّها بأسباب البقاء.

لنتابع التحليل المقبل بهدوء لنتلمّس أبعاد المخطط الأنكلوأميركي الصهيوني الخبيث الهادف إلى تدمير باكستان والهند كجزء من عملية "بلقنة" مخيفة للشرق الأوسط وجنوب آسيا وآسيا الوسطى لتحقيق المصالح الإمبريالية.

"حُظرت جماعة عسكر طيبة أو جيش الفقراء في باكستان في عام 2002 ، ولكن لا تزال تعمل هناك تحت عدد من الأسماء كغطاء بما في ذلك جماعة الدعوة. وهدفها المعلن هو اقامة دولة اسلامية في كل من جنوب ووسط آسيا، وليس فقط كشمير. عملت عناصرها بشكل وثيق مع تنظيم القاعدة وحركة طالبان في أفغانستان، وهناك تقارير عن متطوعين من عسكر طيبة تقاتل في العراق. مثل القاعدة تموّل بأموال من دول الخليج. ونوقش كثيرا مدى العلاقة المستمرة مع وكالة الاستخبارات الباكستانية. وتدعي السلطات الباكستانية أن لا شيء موجوداً، ولكن الحقيقة هي أن المنظمة قد تم التسامح معها في باكستان على الرغم من الحظر عام 2002. لا يزال لديها قيادة هناك وتدرب مقاتليها في كل من كشمير الباكستانية والمنطقة الوعرة على طول الحدود بين أفغانستان وباكستان.

لقد تم العثور على العديد من الناشطين الرئيسيين لتنظيم القاعدة في هجمات 11 أيلول في باكستان في البيوت الآمنة التي تديرها جماعة عسكر طيبة. تم القبض على مسؤول رئيسي لتنظيم القاعدة بعد 9/11، وهو أبو زبيدة، الذي تم القبض عليه في منزل آمن لعسكر طيبة في فيصل آباد. وقد لاحظ غاري شروين، الذي شغل منصب رئيس وكالة المخابرات المركزية في محطة في باكستان وقاد أول فريق لوكالة الاستخبارات المركزية في أفغانستان بعد 11/9، أنه "منذ عام 2002 حينما تم إجراء غارة في باكستان ضد تنظيم القاعدة، تم العثور على أعضاء تنظيم القاعدة وقد تمت استضافتهم من قبل الباكستانيين المتشددين، في المقام الأول مجموعة عسكر طيبة، أنصار التمرد في كشمير".

وعند الإنتباه إلى الطرح السابق والتالي تشعر بأن الكاتب ماضٍ في مسار محدّد يتمثل بوضع المسؤولية الكاملة على عاتق باكستان وتبرئة اية جهة أخرى . يواصل الكاتب تحليله :

"أيضا مثل تنظيم القاعدة، تجنّد عسكر طيبة بنشاط بين الشتات الباكستاني في المملكة المتحدة. فهناك 800,000 رجل باكستاني قوي، من جذور كشميرية، يعتبر المجتمع الباكستاني البريطاني هدفا جذابا لأسباب عديدة ليس أقلها أن أعضاء الجيل الثاني والثالث يحملون جوازات سفر بريطانية وبالتالي يمكن أن ينتقلوا بسهولة أكبر في الغرب. وقد تم ربط عسكر طيبة بالعديد من الهجمات الإرهابية في الهند بما في ذلك مجزرة العشرات من السيخ في كشمير مارس 2000 وتفجيرات في نيودلهي في عام 2005 وتفجيرات في فاراناسي ومومباي في عام 2006. وتفجيرات ميترو مومباي في 11 يوليو، 2006 حيث قتل أكثر من مئة شخص".

ينتقل بعدها الكاتب إلى تحميل أسامة بن لادن مسؤولية إنشاء ودعم منظمة هندية إرهابية "إسلامية" أخرى هي "جيش محمد" فيقول :

"وكان إبن لادن شخصية رئيسية أيضا في إنشاء مجموعة كشميرية أخرى تعمل بشكل وثيق مع الجهاد العالمي، وهي جماعة (جيش محمد). في ديسمبر 1999 خطف مسلحون من كشمير الهندية طائرة تجارية، IA 814، من كاتماندو، نيبال، وتوجهوا بها إلى قندهار، أفغانستان، العاصمة الفعلية لإمارة طالبان الإسلامية في أفغانستان. وطالب الخاطفون بالإفراج عن عدد من الإرهابيين المحتجزين في السجون الهندية، بما في ذلك مولانا مسعود أزهر، المطلوب لعدة فظائع إرهابية سابقة. وحصل الخاطفون على مساعدة من محطة المخابرات الباكستانية في نيبال، واستقبلوا كأبطال من قبل طالبان في قندهار، وورد أن المؤامرة قد خططت من قبل إبن لادن. وقد احتفل أسامة بعشاء النصر عندما أستجابت الهند - على مضض - لمطالب الخاطفين لانقاذ 155 رهينة.

وزير الخارجية الهندي السابق جاسوانت سينغ، الذي توجه الى قندهار لترتيب الافراج عن الرهائن والتفاوض مع طالبان، وصف عملية خطف IA 814 بأنها "بروفة" لـ 11/9 لأنها تنطوي على الكثير من الشخصيات نفسها التي وقفت وراء 11/9 . بعد الإفراج عن أزهر اخذته المخابرات الباكستانية إلى باكستان حيث استقبل استقبال الابطال وجمع الأموال في جولة عبر البلاد للمساعدة في تشكيل المجموعة المسلحة الجديدة جيش محمد".

إنني إذ أنقل تحليل هذا الكاتب "بروس ريدل" فلخطورة التدرّج الهادىء الذي سيسحبنا إليه ويغطّي به حقائق خطيرة سيكشفها بعد قليل المحقق الصحفي الشهير "سيمور هيرش" . الآن لنركز على الكيفية التي يفسّر يها انتقال قيادات القاعدة ومقاتليها إلى باكستان هرباً من القصف الجوي الأمريكي :

"في ديسمبر 2001 جيش محمد، وربما بمساعدة من عسكر طيبة، كان وراء الهجوم على البرلمان الهندي. وقد تم تصميم هذا الهجوم لخلق أزمة بين الهند وباكستان تسفر عن مقتل القيادة العليا للحكومة الهندية ومشرّعيها. ونجحت هذه العملية في إثارة المواجهة المتوترة التي استمرت أكثر من عام والتي تم خلالها نشر أكثر من مليون جندي هندي وباكستاني في المواقع الأمامية على طول حدودهما. من خلال تركيز الجيش الباكستاني على الحدود الشرقية مع الهند أيضا تُركت الحدود الغربية مع أفغانستان مفتوحة لقيادة تنظيم القاعدة وحركة طالبان لتتراجع بما في ذلك بن لادن والظواهري والملا عمر الذين كانوا يفرون من عملية "الحرّية الدائمة" التي كانت تقوم بها القوات الأمريكية في أفغانستان. بلا شك ، لم يكن هذا من قبيل الصدفة. مثل عسكر طيبة، تم حظر جيش محمد في باكستان لكنه ما زال يعمل تحت أسماء مختلفة. كما ناقش كثيرا مدى العلاقات الحالية إلى وكالة الاستخبارات الباكستانية".

لكن قبل ذلك إليك هذه المعلومة الخطيرة

(أغلب مقاتلي القاعدة وطالبان المحاصرين في كندوز لم يتم جلبهم إلى العدالة ولم يُعتقلوا ولم يُحقّق معهم ! بل حصل العكس تماماً ، فقد تمّ نقلهم جوّاً إلى ملاذات آمنة حسب أوامر وزير الدفاع دونالد رمسفيلد !)

سيمور هيرش
صحيفة نيويوركور
21 كانون الثاني 2002

بأمر دونالد رمسفيلد نُقل مقاتلو القاعدة وطالبان إلى ملاذات آمنة ! :

أغلب هؤلاء المقاتلين الأجانب لم يتم جلبهم إلى العدالة ولم يُعتقلوا ولم يُحقّق معهم ! بل حصل العكس تماماً، كما يؤكد ذلك الصحفي المعروف "سيمور هيرش" : لقد تمّ نقلهم جوّاً إلى ملاذات آمنة حسب أوامر وزير الدفاع دونالد رمسفيلد ! :

"لقد أمرت الإدارة الأمريكية القيادة المركزية الأمريكية لتأمين ممر جوي خاص لتأمين الإنقاذ الآمن للباكستانيين ونقلهم من كندوز إلى شمال غرب باكستان.. حصل الرئيس الباكستاني برويز مشرّف على دعم الأمريكان للإخلاء الجوي من خلال التحذير بأن قتل المئات أو ربما الآلاف من رجال الجيش الباكستاني سوف يدمّر بقاءه السياسي . . كانت هناك رغبة قوية في مساعدة مشرّف. أغلب الرجال الذين تم إخلاؤهم كانوا من قادة القاعدة البارزين الذين كانت باكستان تأمل أن يلعبوا دوراً في حكومة ما بعد الحرب في أفغانستان. كان مشرّف يريد استخدامهم كورقة ضغط في المفاوضات المقبلة. قال أحد محللي الـ CIA لسيمور هيرش : "كنّا نريد الوصول إليهم .. ولكن هذا لم يحصل، وظل مقاتلو طالبان الذين تم إنقاذهم خارج سيطرة المخابرات الأمريكية في ذلك الوقت".

من بين الـ 8,000 رجل أو أكثر ، استسلم 3,000 للتحالف الشمالي، تاركين 4,000 إلى 5,000 رجل خارج الحساب. يقول هيرش اعتماداً على مصادر مخابراتية هندية أن 4,000 رجل على الأقل من بينهم جنرالان باكستانيان قد تم إخلاؤهم. هؤلاء كانوا مقاتلين من القاعدة وطالبان . وحسب وكالة الأنباء الهندية فإن هؤلاء لم يكونوا من العناصر "المعتدلة moderate" – هذه الصرعة التي يلوكها الأمريكان والبريطانيون والفرنسيون الآن عن الإرهابيين في سوريا – بل من أكثر عناصر طالبان والقاعدة تطرّفاً.

تم إخلاء مقاتلي القاعدة الأجانب والباكستانيين إلى شمال باكستان كجزء من عملية عسكرية استخبارية اشرفت عليها المخابرات الباكستانية والأمريكية.

الدعم الأمريكي للإرهاب في كشمير:

العديد من هؤلاء المقاتلين أدمجوا ضمن المجموعتين الإرهابيتين في كشمير : جيش الفقراء lashkar e taiba وجيش محمّد jaish e mohammed (وهما مصنفتان كمنظمتين إرهابيتين من قبل الولايات المتحدة نفسها عام 2001). بعبارة أخرى إن واحدة من نتائج الإخلاء الأمريكي كان تعزيز المنظمات الإرهابية الكشميرية حتى صار 70% من الإرهابيين في كشمير وجامو من هؤلاء المقاتلين الأجانب وليس من شباب المنطقة . وبعد أشهر قليلة من عملية الإخلاء هذه في تشرين الثاني نوفمبر 2001 تمت مهاجمة البرلمان الهندي في دلهي من قبل جيش الفقراء وجيش محمد.

من هما جماعتا عسكر طيبة وجيش محمّد؟

عسكر طيبة وجيش محمد هي جماعات مسلحة تسعى لانضمام كشمير من الهند إلى باكستان. وتعتبر قيادة عسكر طيبة الهند وإسرائيل الأنظمة الأعداء الرئيسيين للإسلام. عسكر طيبة، جنبا إلى جنب مع جماعة جيش محمد، هي جماعة مسلحة أخرى تنشط في كشمير. تم تشكيل جماعة جيش محمد في عام 1994 ونفذت سلسلة من الهجمات في جميع أنحاء الهند. وقد تم تشكيل المجموعة بعد انشقاق أنصار مولانا مسعود أزهر عن منظمة إسلامية متشددة أخرى، وهي "حركة المجاهدين". وينظر إلى جماعة جيش محمد من قبل البعض بأنه "الأكثر دموية" و "المنظمة الإرهابية الرئيسية في ولاية جامو وكشمير". كما انخرطت المجموعة أيضا في خطف وقتل الصحافي الاميركي دانيال بيرل.

ارتكبت بعض التفجيرات الكبرى وهجمات في الهند من قبل متشددين اسلاميين من باكستان، على سبيل المثال، هجمات مومباي عام 2008 و 2001 الهجوم على البرلمان الهندي.

ويشير الكثير من المحلّلين السياسيين إلى أنه لغرض فهم طبيعة ودور وارتباطات الإرهاب "الإسلامي" في الهند يجب التركيز على هاتين العمليتين الكبيرتين اللتين هزّتا الهند والمنطقة آنذاك وهما هجمات مومباي عام 2008 بشكل خاص ، وبدرجة أقل الهجوم على البرلمان الهندي عام 2001.

مساندة الحركات الإنفصالية في الهند

يقول البروفيسور "مايكل شودوفسكي" في كتاب America’s War on Terrorism :

""بموازاة عملياتها السرّية في البلقان والاتحاد السوفيتي السابق ، قدّمت المخابرات الباكستانية ، ومنذ التسعينات ، الدعم للعديد من الحركات الانفصالية المسلحة في كشمير الهندية.

وبرغم الإدانة الرسمية التي تطلقها واشنطن فإن تلك العمليات السرية للمخابرات ااباكستانية تحظى بالموافقة الضمنية لحكومة الولايات المتحدة. ومع اتفاق السلام في جنيف عام 1989 والانسحاب السوفيتي من أفغانستان ، أصبحت المخابرات الباكستانية أداة اساسية في خلق حزب المجاهدين في كشمير وجامو المسلّح.

هجمات كانون الأول عام 2001 المسلحة على البرلمان الهندي ةالتي كادت تشعل الحرب بين الهند وباكستان نفّذتها مجموعتان مسلّحتان قاعدتهما في باكستا هما جيش الفقراء ، وجيش محمّد ، وكلاهما يحصلان على الدعم السري من المخابرات الباكستانية.

الهجمات الموقوتة على البرلمان الهندي، التي تبعتها العصيانات المدنية العرقية في كوجرات في بداية عام 2002 ، كانت تتويجاً لعملية بدأت في الثمانينات وتم تمويلها من أموال المخدرات وتم التحريض عليها من قبل المخابرات الباكستانية.
ولا حاجة للقول أن هذه الهجمات الإرهابية التي تسندها المخابرات الباكستانية تخدم في النهاية المصالح الجيوبولوتيكية للولايات المتحدة. فهي لا تساهم في إضعاف وتمزيق الاتحاد الهندي فحسب بل تخلق أيضاً ظروفاً لصالح إشعال حرب في المنطقة بين الهند وباكستان.

مجلس العلاقات الخارجية القوي الذي يحكم السياسة الخارجية الأمريكية من وراء ستار، أكّد أن الجيشين: الفقراء ومحمد مدعومين من قبل المخابرات االباكستانية حيث أكد في إحدى وثائقه على أن:

باكستان من خلال وكالة مخابراتها قامت بتمويل وتسليح وتدريب الجيشين ومساعدتهما على عبور الحدود للقيام بالعمليات المسلحة. هذا العون – كمحاولة لاستنساخ "الحرب المقدّسة" التي خاضتها الفيالق الإسلامية الدولية ضد الاتحاد السوفيتي في أفغانستان – تساعد على دخال الإسلام المتطرّف في صراع طويل الأمد على مصير كشمير">

هل تسلّمت هذه المجموعات تمويلا من مصادر أخرى غير الحكومة الباكستانية ؟

نعم . عناصر من المجتمعات الباكستانية والكشميرية في بريطانيا أرسلت ملايين الدولارات كل سنة ، والوهابيون المتعاطفون في الخليج العربي قدّموا العون ايضاً .

هل للإرهابيين الإسلاميين في كشمير علاقات بالقاعدة ؟

نعم . في عام 1998، قائد منظمة هاراكات ، فاروق كشميري خليل ، وقّه إعلان أسامة بن لادن الداعي إلى هجمات ضد أمريكا وحلفائها. ويعتقد ايضاً أن ابن لادن موّل الجيش ، حسب المسؤولين الأمريكان والهنود . ومولانا مسعود أزهر الذي أسّس الجيش سافر إلى أفغانستان عدة مرات للقاء بابن لادن.

أين تمّ تدريب هؤلاء المسلمين المسلحين ؟

الكثير منهم حصل على التثقيف الأيديولوجي في نفس "المدارس" التي تعلم فيها مقاتلو طالبان والمقاتلون الأجانب في أفغانستان. كما حصلوا على تدريبهم العسكري في معسكرات بأفغانستان ، أو في قرى كشميرية تسيطر عليها باكستان. وقد قامت المجموعات المتطرفة مؤخرا بافتتاح العديد من المدارس الجديدة في آزاد كشمير.

ما فشل مجلس العلاقات الخارجية في ذكره هو ذكر العلاقة بين المخابرات الباكستانية والـ CIA . فقد تأكد في كتابات زبنغيو بريجنسكي (الذي هو عضو في مجلس العلاقات الخارجية أيضاً) أن "الجيش الإسلامي العالمي" هو من خلق الـ CIA (راجع الحلقة (50) كيف اخترعت الولايات المتحدة الإرهاب "الإسلامي" العالمي؟ - قصّة الإرهاب الأمريكي العالمي من الألف إلى الياء).

أسباب تصاعد التهديد الإرهابي الإسلامي في الهند

التهديد الإرهابي يتنامي في الهند. فقد تبنّى زعيم تنظيم القاعدة أيمن الظواهري الهجوم على فندق تاج بالاس في مومباي الذي نفّذته جماعة عسكر طيبة ومقرها باكستان في 26 نوفمبر 2008 .

في 2 أكتوبر 2014، كشف انفجار عبوة ناسفة شديدة الانفجار عن طريق الخطأ عن وجود مصنع سرّي لصنع القنابل لجماعة تُعرف باسم "الجهاد" في منطقة ريفية في البنغال الغربية .

تعرف المحققون على الطراز كعمل من أعمال جماعة "بنغالي"، وهي جماعة من المجاهدين الهنود الموالية لجماعة المجاهدين البنغال (فرع من القاعدة) الإرهابية والتي تدعمها باكستان. فجأة صارت الهند مُحاطة فجأة بمدّ من التهديدات الإرهابية من تنظيم القاعدة والدولة الإسلامية وشبكة حقاني، التي تستخدم المسرح الهندي بالتبادل مع طالبان - وكل هذه المجموعات كانت تاريخياً تتجنب المسرح الهندي.

ثلاثة اتجاهات محددة ولكن معقدة تفسر الارتفاع المفاجئ في تهديدات الإرهابيين:

(أولا) :

التهديدات الإرهابية في دول جنوب آسيا مترابطة ارتباطا وثيقا. إذا قمعت في مكان واحد، فإنها تخرج في مكان آخر. الجهاديون المارقون يهيمون على وجوههم من الخطوط الأمامية في كشمير إلى تلك الموجودة في أفغانستان أو العراق. في أفغانستان، الـ 87,000 من قوات حلف شمال الاطلسي التي تقاتل المتمردين تنسحب. وبحلول نهاية عام 2014، فإن الولايات المتحدة سوف تترك وراءها 10,000 من الجنود المدربين وفقا للاتفاقية الأمنية الثنائية بين الولايات المتحدة وأفغانستان. وبينما تنسحب قوات حلف شمال الأطلسي، بعد حرب استمرت 13 عاما، فإن القاعدة وطالبان وشركاءهم الباكستانيين يعلنون أنهم انتصروا. وهناك عدد متزايد من الهجمات الجريئة في أفغانستان تشير إلى ميل الكفة لصالح المتشددين.

مع انسحاب قوات حلف شمال الأطلسي، فإن البعض في باكستان سيقوم بتوجيه المتشددين ضد الهند. الدولة الإسلامية، كما حذّر، مدير عام نخبة حرس الأمن القومي في الهند، هو الوافد الأحدث والأكثر فتكا، الذي سوف يقوم "بعدة هجمات في عدة مدن" في الهند.

التهديد الإرهابي الراهن في الهند هو انعكاس للتاريخ الذي يعيد نفسه. في عام 1989، كان جهاز الاستخبارات الباكستاني يحتفل منتصرا بعد الانتصار في أفغانستان، وكان حريصاً على تكرار حرب عصابات في كشمير. كانت الهند غير مستعدة، وسقطت كشمير في قبضة التشدّد. بعد غزو الولايات المتحدة أفغانستان في عام 2001، تركت بعض الجماعات المتشددة كشمير وانضمت الى الجهاد الأفغاني.

منذ عام 2001، حاولت بعض القوى في الجيش الباكستاني تحويل تركيز الجماعات الإرهابية من منطقة أفغانستان وباكستان إلى الهند وحتى تم ربطهم بهجمات من نمط الكوماندوز في مومباي في عام 2008.

انسحاب الناتو من أفغانستان جعل جيلاً من الجهاديين الأفغان والباكستانيين عاطلين عن العمل، فاتجه العديد من المقاتلين العاطلين إلى الهند. هذه العملية قد بدأت بالفعل. شبكة حقاني، التي يدعمها الجيش الباكستاني باستمرار، تهاجم، بالتعاون مع عسكر طيبة والقاعدة، المصالح الهندية في كابول وكشمير.

إذا قدم الكشميريون المحليون الدعم لأي من الجماعات القادمة من الخارج، فإن التهديد الإرهابي للهند سوف يزداد أضعافاً مضاعفة. مع صعود الدولة الإسلامية، كانت هناك مسيرات احتجاجية متفرقة في المناطق الحضرية من كشمير ، حيث اكتسح مواطنو كشمير الشوارع، رافعين أعلام الدولة الإسلامية السود.

إلى جانب تنظيم القاعدة، وشبكة حقاني والدولة الإسلامية ، تواجه الهند تهديدات من متشددين باكستانيين. ومن نتائج الوجود الأمريكي في أفغانستان هو انخفاض الإرهاب في الهند بشكل ملحوظ . وبمجرد إزالة هذه الحماية، ستتعرض الهند، مرة أخرى ، لخطر الارهابيين من باكستان والمتعاطفين معهم. في ديسمبر 2012، طالب رئيس جماعة تحريك طالبان باكستان "حكيم الله محسود" الجيش الباكستاني بوقف الانخراط ضد المتمردين الأفغان وإعادة التركيز على الحرب الانتقامية ضد الهند. سيتم تلقائيا الوفاء بهذه المطالب مرة واحدة اذا اخلَت قوات الناتو أفغانستان. بدأ الجيش الباكستاني اثنين من المناوشات الحدودية الرئيسية في يناير 2013 وأكتوبر 2014 - ربما لأن الهجمات على الهند تظل الأداة الوحيدة لإصلاح علاقة باكستان مع المتشدّدين. . لذلك، فإن الخطر على الهند من المجموعات المتنافرة من المتشددين الذين يعملون الآن في المنطقة الأفغانية الباكستانية هو خطر حقيقي ويلوح في الأفق.

منذ عام 2013 زار 25,000 من علماء الوهابية ثماني ولايات هندية للتبشير بالعقيدة الإسلامية المتشدّدة

(ثانياً).

والاتجاه الثاني هو تدفق الدعاة الوهابيين على الهند منذ عام 2013 يدعون إلى التطرف في المدارس الدينية المسجلة في الهند وعددها 7000 مدرسة ، وإعداد هذه المؤسسات كأساس للتجنيد لصالح تنظيم القاعدة والدولة الإسلامية وطالبان وغيرها. في ملف سرّي، ذكر مكتب المخابرات الهندية أن 25,000 من علماء الوهابية من 20 دولة زاروا ثماني ولايات هندية - ولاية اوتار براديش وراجستان، تشهاتيسجاره وأندرا براديش، وكيرالا وبيهار ومهاراشترا وجهارخاند – وطرحوا 1.2 مليون موعظة متشدّدة ودعوا إلى تنفيذ الشريعة الإسلامية في أكثر صورها تطرفاً. المنظمات الإرهابية مثل المجاهدين الهنود، سيئة السمعة لنشرها الأيديولوجيات المتشددة في الهند، تسهّل تدفق الجماعات الإرهابية الأجنبية . إن أغلبية المسلمين في الهند يتمسكون بالشكل البريلوي - Berlevi المعتدل للإسلام، ولكن في الآونة الأخيرة تشير التقديرات إلى أن ما يصل إلى 20 في المئة منهم تم جذبهم إلى الفكر الوهابي. والهند الآن عرضة للوقوع في فخ التطرف.

(ثالثاً).

والاتجاه الثالث هو المنافسة المشتعلة بين المنظمات الإرهابية؛ بين القاعدة والدولة الإسلامية، لمدّ منطقة نفوذها وحشد الدعم لها من المسلمين الهنود الساخطين. حتى الآن، قاوم المسلمون الهنود إغراء الانضمام إلى الجماعات المتطرفة مثل القاعدة. ولم يتم تتبع أيّ من المتآمرين في هجمات 11 أيلول أو غيرهم من المهاجمين الممولين من تنظيم القاعدة إلى الهند. وبالمقابل، لم يتم ربط أي هجوم على الهند بتنظيم القاعدة. في عام 2006، ولأول مرة تحدّث أسامة بن لادن عن الهند وكشمير مشيراً إلى "الحرب الصهيونية الهندوسية ضد المسلمين" . ومع ذلك، ومنذ عام 2001 ، أُغرِى العديد من الشباب الهندي للجهاد في الخنادق في المناطق القبلية الخاضعة للإدارة الاتحادية في باكستان وأفغانستان حيث تعرّضوا لعقيدة تنظيم القاعدة وحركة طالبان. ولكن قبل أن تترسخ مثل هذه العلاقات وتتطور بشكل كامل، مات أسامة بن لادن. ولكن بعد ذلك بقليل، بدأ تنظيم الدولة الإسلامية الذي انشق عن تنظيم القاعدة بتجنيد المسلمين الهنود. بشق الأنفس، أعاد تنظيم القاعدة التركيز على الهند، وفتح فرعاً له تحت اسم " قاعدة الجهاد " في سبتمبر 2014. بعد عام 2015، سوف تكون أفغانستان نقطة انطلاق للإرهاب، وستكون المكان الذي يجد المتطرفون فيه ملاذا آمنا.

إدّعى زعيم تنظيم القاعدة أيمن الظواهري أن الأمر استغرق عامين من العمل الشاق، وتحديدا بعد تعيين فارمان شينواري كزعيم لتنظيم القاعدة في باكستان، لإنشاء قاعدة الجهاد. ضبطت وكالة التحقيقات الوطنية الهندية أنشطة لـ "المجاهدين الهنود" في غرب البنغال الريفية في أكتوبر عام 2014، وأشارت وثائق سرية إلى أن إرهابيي المجاهدين الهنود بحثوا سبل تطوير العلاقات مع تنظيم القاعدة وحركة طالبان لمهاجمة الهند.

الكشف عن نية المجاهدين بالحصول على قنبلة نووية من باكستان لمهاجمة مدينة سورات، وهي مدينة في ولاية غوجارات الهندية، أرسل موجات صادمة في جميع أنحاء الهند. وبالفعل استجاب 25 من الشباب المسلم الهندي لدعوة الإرهابي أبو بكر البغدادي للقتال في سوريا، والمئات في طريقهم للانضمام هناك ، وأي منهم يمكن أن يعود بأيديولوجية الدولة الإسلامية إلى الهند.

مصادر هذه الحقات

مصادر الحلقات الثلاث الخاصة بالإرهاب في الهند سوف تُذكر في الحلقة 79


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى