الخميس ١٨ آب (أغسطس) ٢٠١٦
بقلم إبراهيم خليل إبراهيم

مدحت عاصم وبابا شارو

من الأسماء التي تركت بصمات خالدة في مسيرة حياتها الإذاعي مدحت عاصم والإذاعي محمد محمود شعبان الشهير ببابا شارو .

الإذاعي مدحت عاصم من مواليد 20 فبراير عام 1909 بحي العباسية ووالده إسماعيل بك عاصم المحامي الشهير والأديب والشاعر الوطني ووالدته فاطمة شركس أديبة ومن طلائع النهضة النسائية في مصر وعاشقة للموسيقي مما كان له اكبر الأثر في حياته الأدبية والوطنية وعشقه للموسيقي والفن .

تلقى مدحت تعليمه الأولي في كتاب الشيخ البراموني والابتدائي في مدرسة الحسينية والثانوي في مدرسة فؤاد الأول ثم العالي في مدرسة الزراعة العليا وتلقى تعليمه الموسيقي الشرقي علي يد الشيخ إبراهيم القباني في أنقرة بتركيا وتلقى تعليمه الموسيقي الغربي في كونسرفتوار برجرين النمساوي وفي عام 1924 وهو في عامه الخامس عشر كتب أولى مقطوعاته الموسيقية (سماعي نهاوند مدحت ) والتي قدمتها الإذاعة اللاسلكية للحكومة المصرية يوم افتتاحها عام 1934 وتعد أول مقطوعة مصريه كتبها مؤلف مصري وكان موسيقيو ذلك العصر أمثال القصبجي والشيخ زكريا أحمد ومحمد عبد الوهاب ورياض السنباطي يجتمعون في بيت مدحت عاصم ويحفظون مؤلفاته .

في أواخر العشرينيات وأوائل الثلاثينيات ظهر اسمه في عالم الصحافة حيث كتب في مجلة البلاغ سلسلة من المقالات عن إعلام الموسيقي العالميين أمثال : بيتهوفن وموتسارت ثم انتقل إلى مجلة السياسة يكتب نماذج من الشعر المنثور وكان أول من كتب بهذا الأسلوب في الأدب المصري ثم بعدها ظهرت مدرسة شعر التفعيلة (دون التزام بالقافية الواحدة) وبعد ذلك كتب سلسلة من المقالات بعنوان موسيقانا وحاجاتها إلي العناية والتهذيب ثم كتب في مجلة الرسالة حول الفروق بين الموسيقي الشرقية والغربية وعن تلك المقالات حصل علي عضوية مجلس المعهد الملكي للموسيقي وهو في سن العشرين وثم تم ترشيحه ليتولى الإشراف علي قسم الموسيقي الشرقية في الإذاعة اللاسلكية للحكومة المصرية عام 1934 .

كون مدحت عاصم أول فرقة موسيقية للموسيقي الباحثة (كان عمل الفرق الموسيقية هو مصاحبة الغناء) واسماها فرقة الراديو الشرقية وجمع أفرادها من خيرة العازفين المعروفين آنذاك وأضاف إلى الفرقة آلتي التشيللو والكونترباص وكانت هذه الفرقة النوة الأولي لفرق الموسيقى العربية التي انتشرت بعد نصف قرن كما كانت اوركسترا الإذاعة هى نواة اوركسترا القاهرة السيمفوني .

من خلال منصبه في الإذاعة قدم بعض الأصوات الجديدة وتعدها بالرعاية مثل : فريد الأطرش وأسمهان ورياض السنباطي وليلى مراد ومحمود الشريف وإبراهيم حمودة وغيرهم وخطط ورسم خريطة الإذاعة وجعل البرنامج اليومي يفتتح وينتهي بالقرآن الكريم إلى جانب الألعاب الرياضية وهو أول من احتفل ببداية العام الهجري وجعله عيدا قوميًا كما اقترح أسماء الأدباء والمفكرين الذين يتحدثون في الميكرفون أمثال : طه حسين وزكي مبارك وفكري أباظة وعبد العزيز البشري وغيرهم .

الإذاعي مدحت عاصم بجانب اهتماماته الموسيقية كان وطنيًا فقد اشتعل بالعمل الوطني في العشرينيات والثلاثينيات وأوائل الأربعينيات وشارك في تأسيس حزب حزب مصر الفتاة واعتقل عدة مرات وكان يؤلف الأناشيد الوطنية داخل سجنه ويرسلها لتذاع بالإذاعة وشارك في تكوين كتائب التحرير التي قاومت الاحتلال البريطاني .

لحن أول نشيد وطني للثورة (على الإله القوي الاعتماد) الذي عرف بنشيد الاتحاد والنظام والعمل وفي أوائل الستينيات قام بتلحين أول أوبرا مصرية كلمات الشاعر الكبير صلاح عبد الصبور وكان موضوع الأوبرا الكفاح ضد الاستعمار وهى (لومومبا) وفي عام 1963 اختير مستشاًرًا فنيًا للإذاعة ورئيسًا للجنة الموسيقي والاستماع ومثل مصر في العديد من المؤتمرات الدولية واختير رئيسًا للجنة الموسيقي والأوبرا البالية بالمجلس الأعلى للثقافة .

مدحت عاصم ألف ولحن العديد من الأغنيات ووضع الموسيقي التصويرية للعديد من الأفلام السينمائية وهو ما أهله عن جدارة ليكون رئيسًا للجنة الموسيقي بالمجلس الأعلى للفنون والآداب والعلوم الاجتماعية عام 1973 ورئيسًا للجنة القومية المصرية للموسيقي والأوبرا والبالية بالمجلس الأعلى للثقافة عند تكوينه عام 1980 وفي عام 1972 انتخب بالإجماع ليكون رئيسًا للجنة الموسيقي في أمانة الدعوة والفكر باللجنة المركزية للاتحاد الاشتراكي وفي عام 1973 تم ترشيحه لنيل جائزة الدولة التقديرية في الفنون وفي عام 1975 انتخب رئيسًا للجنة القومية المصرية للموسيقى التابعة للمجلس الدولي للموسيقى بهيئة اليونسكو وفي عام 1980 اختير مقررا للجنة الموسيقية والأوبرا والباليه .

حصل على العديد من الجوائز والأوسمة في عام 1974 حصل برنامج " أنا الإنسان " الذي وضع موسيقاه وألحانه جائزة الشرف والامتياز في مسابقة اشتركت فيها كل الإذاعات الأفريقية كما حصل على جائزة ناصر في الموسيقى من الاتحاد السوفيتي وجائزة الدولة التقديرية عام 1978 ووسام الاستحقاق من الطبقة الأولي عام 1979 وفي 4 فبراير عام 1989 توفي الإذاعي الموسيقار الوطني مدحت عاصم .

أما الإذاعي القدير محمد محمود شعبان أو كما اشتهر بابا شارو فقد بزغ نجمه مع تقديم أحاديث الأطفال والبرامج الدرامية والغنائية في الإذاعة المصرية .. وهو من مواليد 21 سبتمبر عام 1912 في حى الرمل بالإسكندرية وكان أكبر الأبناء لوالده محمود شعبان سلامة والذي كان يعمل في مجال المقاولات وكان من أشهر المقاولين في عصره وكان يهدف لدخول ابنه كليه الحقوق أسوة بالزعيم سعد زغلول ولكن أراد الله دخوله كلية الآداب جامعة فؤاد الأول وهى جامعة القاهرة حاليا وتخرج في قسم الدراسات اليونانية واللاتينية عام ‏1939‏ مما يعني انه من أوائل من تخرج في هذا القسم الذي أنشأه الدكتور طه حسين عميد كلية الآداب في تلك الفترة.

التحق بابا شارو بالإذاعة فور تخرجه عام‏ 1939 ‏بتزكية من د. طه حسين عميد كلية الآداب في تلك الفترة والذى كان أستاذه حيث عمل بالإذاعة كمقدم برامج ومذيع وكان سبب عمله ببرامج الأطفال هو غياب مقدم البرنامج فتم تكليفه بالحلقة وحدثت غلطة مطبعية فبدلا من كتابة بابا شعبان تم كتابة بابا شارو في الورق الذي يقرؤه المذيع وبعد إذاعة الحلقة أحبه الناس والأطفال وتم تكليفه ببرنامج الأطفال حيث عمل بها حتى وفاته

قدم العديد من البرامج الدرامية والغنائية والصور الموسيقية وأشهرها : عيد ميلاد أبو الفصاد وأصل الحكاية والدندرمة والراعي الأسمر وعذراء الربيع جلنار وظل يقدم أحاديثه للأطفال على مدار 20 عاما من عام 1940 حتى1960 م .
قدم محمد محمود شعبان الشهير بـ ( بابا شارو ) ألف حلقة من حلقات ألف ليلة وليلة و‏300‏ حلقة درامية من كتاب الأغاني للأصفهاني‏‏ وله عدد كبير من البحوث والدراسات في فروع الفن الإذاعي المختلفة‏‏ فضلاً عن أنه قد انشأ معهد التدريس الإذاعي والتليفزيوني وقام بالتدريب فيه كما قام بالتدريس في قسم الدراسات العليا بكلية الإعلام جامعة القاهرة وكان أستاذا زائرا لكلية الإعلام بجامعة الرياض بالسعودية‏‏ وأستاذاً متفرغاً بجامعة الملك عبد العزيز حيث انشأ بها كلية الإعلام‏، وحاضر لعدة سنوات بمعهد السينما والفنون المسرحية بأكاديمية الفنون بمصر وكان أول مصري يدرس فنون التليفزيون.
حاز على العديد من الجوائز منها : ميدالية الاستحقاق عام 1954 وميدالية الجمهورية عام 1976وتلقى عدداً من الهدايا والجوائز لدوره الرائع في الحياة الثقافية منها : جائزة من المركز الكاثوليكي عام 1980 وأكاديمية الفنون والمركز العربي للأفلام التسجيلية والقصيرة والإذاعة المصرية في عيدها الفضي عام 1984 والمجلس القومي لثقافة الأطفال واُختير رئيساً شرفياً لمهرجان الإذاعة والتليفزيون الأول والثاني.

تزوج من الإذاعية صفية المهندس أم الإذاعيين وتوفي رائد أدب الأطفال والإذاعي القدير محمد محمود شعبان (بابا شارو) في 10 يناير عام 1999.


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى