الاثنين ١٢ كانون الأول (ديسمبر) ٢٠١٦
بقلم عادل عامر

الإرهاب وإثارة الاقتصادية

إن هؤلاء المجرمون الذين يصرون على أصباغ الاحتفالات الدينية بلون الدم، ليسوا من الإسلام والوطنية في شيء، وأن هذا الحادث الأليم ضد كل القيم الإنسانية والأخلاقية. أن كل أفراد الشعب المسلم والمسيحي استقبل الخبر بكل الحزن والأسى، ناعيا جميع الشهداء من أبناء الشعب المصري، نتمنى من الله أن يستقبلهم برحمته. أن يد الإرهاب الآثمة التي فشلت في النيل من عزيمة المصريين وإرادتهم الصلبة، لن تنجح أبدا في التأثير على تماسك أبناء هذا الوطن، الذين يواجهون الإرهاب في خندق واحد لتحقيق رفعة الوطن واستكمال جهود البناء والتنمية.

الاستقرار والأمن الاجتماعي والسياسي من أهم مقومات التنمية الاقتصادية، فبدون الأمن لا تكون هناك تنمية وبدون ذلك تنهار الدول، فالإرهاب يؤثر على التنمية الاقتصادية وعلى الاستثمار والتمويل للمشروعات فرأس المال جبان والاقتصاد يشمل السياحة والتمويل والاستثمار والسياسة النقدية. ويؤثر الإرهاب في زيادة البطالة ويؤدي إلى اختلال اقتصادي واجتماعي تتجاوز خطورته النطاق المحلي إلى النطاق الإقليمي والدولي، فالعلاقة بين الإرهاب والآثار الاقتصادية له تبرز أهمية مكافحة الإرهاب والحد من آثاره على اقتصاد الدولة حتى يتحقق الاستقرار السياسي والأمني والاقتصادي، إن الإنسان سواء كان عاملاً أو صاحب عمل وهو لا يأمن حياته وحريته وعقله

يعمل في قلق وهذا يقود إلى ضعف الإنتاجية وقلة الإنتاج. ورأس المال المهدد بواسطة الإرهاب الذي بطبيعته جبان وأشد خوفاً وقلقاً من العامل نجده يهرب إلى أماكن ومواطن وبلاد حيث الأمان والطمأنينة وهذا ما نشاهده بعد كل عملية إرهابية حيث نجد خللاً في أسواق النقد والمال والبورصات وارتفاع الأسعار وظهور السوق السوداء

وهروب الاستثمار إلى الخارج وهذه الآثار جميعاً تقود إلى خلل في آلية المعاملات الاقتصادية ومن ثم إلى إعاقة التنمية. والتخريب في البنية الأساسية والتي تعتبر من مقومات التنمية بسبب العمليات الإرهابية يعتبر تدميراً للاقتصاد وتتطلب أموالاً باهظة لإعادة بنائها وتعميرها وهذا كله على حساب الاستثمارات التنموية. كما أن التصدي للإرهاب ومحاربته يحتاج إلى نفقات وتكاليف باهظة كان من الممكن أن توجه إلى مشروعات تنموية وجود تداعيات سلبية للحادث الإرهابي على تدفقات الاستثمار وحركة السياحة إلى مصر، لارتفاع عنصر المخاطر في مصر نتيجة الأعمال الإرهابية، باعتبارها أحد أدوات المستثمرين لدى تقيمهم لبيئة أعمالهم.
فيما لو كانت الحياة آمنة مستقرة. كما أن انتشار الخوف والرعب والحذر واليقظة بين الناس بسبب توقع حدوث عمليات إرهابية يقلل من الإنتاج ويضعف الإنتاجية. أن الإرهاب يقود إلى التخلف والحياة الضنك، ولابد من تحقيق الأمن والطمأنينة للناس وللعاملين ولرجال الأعمال وللمال وللبنية الأساسية حتى تتحقق الحياة الكريمة.

في حالات الاستقرار السياسي والاقتصادي ينشط الطلب نتيجة لزيادة الإنفاق الاستهلاكي، وينتج عن ذلك ارتفاع في المستوى العام للأسعار يكون أحيانا في النطاق المقبول اقتصاديا، وهنا يكون لهذا الارتفاع آثار إيجابية على حفز الاستثمار وزيادة التوظف وقد يكون التضخم كبيرا بحيث تنتج عنه آثار سلبية في الاقتصاد والمجتمع،ولكن في حالات انعدام الأمن أو زيادة المخاوف فإن الطلب يتضاءل ويترتب على ذلك ركود في الأسواق وكساد للمنتجات، ولذا فإن معدلات التضخم تبعا للوضع السياسي الدولي وانتشار خطر الإرهاب

للإرهاب خسائر شتى: سياسية واجتماعية وسياحية واقتصادية ونحو ذلك، ومن أبرز تلك الخسائر وهى مناط هذه الدراسة الخسائر الاقتصادية، والتي تتمثل بصفة أساسية في الآتي

● ـ الخسائر المالية الناجمة من تدمير الأبنية والسيارات والفنادق والمحلات والمتاجر بسبب العمليات الإرهابية وتكلفة إعادة إعماره .

● ـ نقص في الموارد السياحية بسبب هروب السياح الناجم من العمليات إرهابية، وتعتبر السياحة في معظم الأحيان مورداً رئيسياً للعملات الأجنبية التي تحتاج إليها الدولة في تمويل التنمية، كم من الأموال السياحية تُفقد بسبب الإرهاب؟.

● ـ ارتفاع تكلفة الأمن بسبب النفير العام لكافة أجهزة الدولة المعنية به والتي كان يمكن توجيهها إلى التنمية ولرفع مستوى دخول الأفراد.

● ـ الخسائر المالية في المرافق الرئيسية التي أصيبت بسبب أحداث الإرهاب من طرق ومياه وكهرباء وتكلفة إعادة إعمارها أو إنشائها من جديد.

● ـ تكلفة علاج المصابين بسبب العمليات الإرهابية في المستشفيات وغيرها ، والتي كان من الممكن توجيهها إلى تحسين الخدمات الطبية والى تنمية موارد الدولة.

● ـ ويُضاف إلى ما سبق الخسائر في الأنفس التي تعتبر أغلى وأعظم خلق الله والتي كرمها الله، وحرم الاعتداء عليها، وكذلك تكلفة الألم النفسي والمعنوي في قلوب الناس ... وهذا كله لا يمكن ترجمته إلى مال.

أن من مصائب الإرهاب الخسائر الاقتصادية

والتي تسبب في معظم الأحيان خللاً في ميزانية الدولة وارتباكاً في المعاملات المالية والاستثمارية وتحدث التخلف ولا سيما في الدول الفقيرة السياسة الاقتصادية المالية للدول تقوم على تحقيق الرفاهية للشعوب، وذلك عن طريق الاستثمار والتنمية الاقتصادية، ويكون ذلك من خلال التمويل لهذه المشروعات والتمويل هو الذي يوفر الأموال اللازمة لإقامة المشروع وتحقيق التنمية الاقتصادية والرفاهية للشعوب تتطلب مكافحة الإرهاب والإرهاب عدو التنمية الاقتصادية، والتمويل هو عصب الاقتصاد والتنمية الاقتصادية، فلا استثمار ولا فائدة إلا بالتمويل، وكلما زاد حجم التمويل وحسب استثماره كلما زاد الإنتاج وزادت المشاريع؛ فالتمويل ينشئ مشاريع جديدة ويغطي العجز المالي

ويزيد الإنتاج ويحقق التنمية الاقتصادية للبلاد، لأنه يوفر فرص عمل ويقلل البطالة ويحقق الرفاهية لأفراد المجتمع، ويتطلب ذلك استقرارا سياسيا وأمنيا، فالتمويل هو الشريان الرئيسي للمشروعات وتعطيل حركة التنمية الاقتصادية بزيادة البطالة مما أدى لزيادة معدلات البطالة لأعلى مستوياتها في مصر متجاوزة 34 % في 2016 -أثر الإرهاب على التضخم: الإرهاب يؤثر سلبا في زيادة التضخم نتيجة قلة الطلب فزيادة الإنفاق يؤدي لارتفاع الأسعار ويحفز الاستثمار وقلة الإنفاق يؤدي لآثار سلبية على الاقتصاد والمجتمع لأن في حالة الإرهاب الطلب يتضاءل ويظهر الركود في الأسواق وكساد المنتجات نتيجة تراجع الاستثمار ونتج عن ذلك زيادة معدل التضخم في مصر22 % خلال الخمس سنوات الأخيرة ،وزاد معدل الفقر 36 %في الفترة بين 2012/2016 وتجاوز عجز الميزانية 20 % من إجمالي الناتج المحلي عام 2016وسجل 25.8 %في 2016/2015

مما أدى لارتفاع مستوى التضخم. -أثر الإرهاب على الميزانية العامة وميزان المدفوعات وسعر الصرف: الإرهاب يؤثر على التضخم الذي بدوره يؤثر في الميزانية العامة نتيجة قلة فرض النمو الاقتصادي وتمويل العجز في الميزانية مما يؤدي إلى خلل في ميزان المدفوعات، ويؤدي ذلك إلى التأثير على سعر الصرف، كما أن الميزانية تتأثر نتيجة محاولة توفير الأموال اللازمة لمكافحة الإرهاب. وتجاوز عجز الميزانية 19 %من إجمالي الناتج المحلي عام 2016وبلغ الدين العام 91.5 %من إجمالي الناتج المحلي الإجمالي في منتصف 2016.

أثر الإرهاب على الأسواق المالية وإفلاس الشركات وشركات التأمين: الأسواق المالية تتمتع بأهمية اقتصادية نظرا لدورها في تنقل رؤوس الأموال والتحكم في السندات والأسهم والإرهاب يؤدي لقلق المستثمرين من الآثار السلبية مما يؤدي لتأثر معظم الأسواق المالية العالمية ومن ثم تأثر أسهم شركات التأمين وإفلاس الشركات فقد تنهار شركات مثل ما حدث في فترة 11سبتمبر 2001فقد أفلست 60 ألف شركة وتم تسريح ما لا يقل عن 140ألف أمريكي وذلك كان يمثل تهديدا خطيرا لمؤسسات الرعاية الصحية وشركات التأمين وأدى إفلاس تلك الشركات إلى تراجع أسعار الأوراق المالية في البورصات العالمية وزيادة البطالة لذلك تلجأ البنوك المركزية الآن إلى زيادة احتياطها من الذهب للحفاظ على استقرار الأسواق المالية من خلال إتباع سياسة نقدية مرنة

يشهد الاقتصاد المصري بعد أن تسبب تراكم المديونيات الهائلة علي الشركات في تزايد حالات الإفلاس بينها خلال الفترة من يناير 2011 لتصل إلي 811 حالة بنهاية نوفمبر 2016، مقارنة بـ65 حالة خلال شهر نوفمبر 2015، وفقا لما أعلنه مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار لترتفع بنسبة 34%، بينما ارتفعت حالات الأحكام النهائية بنسبة 200 %وبلغت 12 حالة في نوفمبر 2013
أثر الإرهاب على السياحة

السياحة أهم القطاعات التي تتأثر بالإرهاب، نظرا لأن عائدات السياحة تساهم بنسبة كبيرة في ميزان المدفوعات، وهو قطاع حساس لأن السياح يحاولون قضاء أجازتهم في دول آمنة ويؤدي ذلك لإحجامهم عن زيارة الدول التي ينتشر فيها الإرهاب مما يؤدي إلى تسريح عمالة كبيرة تعمل في قطاع السياحة نتيجة انخفاض أعداد السائحين، ويؤدي ذلك لزيادة البطالة فضلا عن عدم وجود فرص عمل جديدة في قطاع السياحة ولعل مصر من أكثر الدول التي تأثرت في السياحة في فترات ماضية

وأثرت على الدخل القومي والتنمية الاقتصادية حيث تمثل السياحة 6.5 %من الناتج المحلى الإجمالي وبإضافة الصناعات والخدمات المرتبطة بصناعة السياحة تصل إلى 12 %من الناتج الإجمالي وصلت الاستثمارات السياحية إلى 200مليار جنيه وفق بيانات البنك المركزي وبالمقارنة نجد أن معدلات السياحة في عام 2010وصلت إلى 14.7مليون سائح وبإيرادات وصلت إلى 11.6مليار دولار طبقاﹰ لوحدة الحسابات الفرعية لوزارة السياحة مقابل 10مليون سائح في 2014بدخل قدره 9.5مليار دولار. مما يثبت انخفاض عدد السائحين وإيرادات السياحة نتيجة الأعمال الإرهابية ويتأثر بهذا القطاع 1.8مليون عامل مباشر و2.8مليون عامل غير مباشر في قطاع السياحة.

فالآثار الاقتصادية للإرهاب تتفاوت حسب قدرة المؤسسات الاقتصادية والسياسية لاحتواء الإرهاب وتقليل آثاره السلبية وذلك من خلال المؤتمرات والندوات الدولية لدراسة الإرهاب وأسبابه وكيفية مواجهته والتصدي له لتعزيز الاقتصاد القومي. و يتضح لنا من خلال هذه التأثيرات الاقتصادية للإرهاب أن نتوصل إلى نتيجة هي أن الإرهاب أهم معوق للتنمية الاقتصادية في مصر.
وقد تأثر الاقتصاد المصري بالإرهاب ومن قبله الفوضى في السنوات الأخيرة فتأثر دخل السياحة وزادت البطالة وزاد التضخم وارتفع سعر صرف الدولار أمام الجنيه المصري مع ضعف الاحتياطي النقدي في البنك المركزي آنذاك. وتأثرت مصر بالإرهاب إلا أنه باستقرار الوضع السياسي بانتخاب الرئيس عبد الفتاح السيسي انحسر التأثير الاقتصادي نظرا لعودة الاستقرار السياسي والأمني وتلاحم الشعب والجيش والشرطة ضد الإرهاب. كما أنه لإقامة مؤتمر دعم وتنمية الاقتصاد المصري أثره في طمأنة الاستثمار الأجنبي وعودة لثقة في الاقتصاد المصري ورفع التصنيف الائتماني للاقتصاد المصري

وتدشين الرئيس عبد الفتاح السيسي المشروعات العملاقة مثل مشروع قناة السويس الذي سوف يضاعف دخل القناة من 7 مليار دولار إلى 13مليار دولار سنويا، كما تم تنشيط السياحة ورفعت أغلب الدول تحذيراتها على زيارة مصر نتيجة لجهود الرئيس وزيارته لدول العالم لإقناعهم بأن مصر آمنة. وكان للدعم الخليجي في المؤتمر أثرا بالغا حيث حصلت مصر على 12.5مليار دولار في صورة منح ومساعدات وودائع في البنك المركزي مما رفع الاحتياطي النقدي لأكثر من 20مليار دولار. كما أن المشروعات العملاقة الزراعية التي تتمثل في زراعة مليون فدان وإقامة مشروعات صناعية هو أفضل طريقة لمحاربة الإرهاب من خلال تنمية اقتصادية حقيقية تقوم على زيادة الإنتاج


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى