الاثنين ٢٧ شباط (فبراير) ٢٠١٧
بقلم فاروق مواسي

طالعت في كتب ومعاجم اللغة؟

يُخطّئ محمد العدناني في كتابه (معجم الأخطاء الشائعة)، ص 214 قول القائل:

أحضرنا كتبَ وثيابَ الرجل.

دعواه في ذلك أنه لا يجوز أن نضيف اسمين إلى مضاف إليه واحد، وأن الصواب هو:

أحضرنا كتبَ الرجل وثيابَه.

لكننا من جهة أخرى نجد من يسّر لنا، وأن بعض علماء اللغة استعملوا ذلك في شعرهم وفي نثرهم، فهذا الأعشى- صنّاجة العرب ينشد:

ولا بَراءة للبري
ءِ ولا عَطاءَ ولا خُفاره
إلا عُلالةَ أو بُداهةَ سارحٍ نَـهْدِ الجُزاره

ونُسب للفرزدق الذي قيل فيه "لولا الفرزدق لضاع ثلث اللغة" أنه قال:

يا من رأى عارضًا أرقتُ له
بين ذراعَي وجبهة الأسدِ

يقول البغدادي في (خِزانة الأدب)، ج 1، ص 173- الشاهد 23 عن قول الأعشى:
"عُلالة"- هي المضاف، و"سارحٍ"- مضاف إليه.

أما "بُداهة" فهي مضاف إلى ضمير سارح. بمعنى أن الضمير حُذف وجُعلت (بُداهة) بين المتضايفين.

من هنا فإن المضاف لم يُبْنَ ولم يُنوّن وذلك على نيّة لفظه، أي أن المضاف يُعلّق عن الإضافة في ظاهر اللفظ.

يقول الزمخشري في (المفصّل في صنعة الإعراب)- مادة الإضافة:

و"وقول الأعشى – "إلا علالة أو بداهة سابح" فعلى حذف المضاف إليه من الأول استغناء عنه بالثاني".

للفرّاء- عالم اللغة تحفّظ من توارد الاسمين المضافين، فيقول إنهما إذا كانا متصاحبين في الاستعمال الكلامي الكثير كاليد والرجل، وقبل وبعد- فهذا جائز، ويستشهد بقول القائل:

"قطع الله الغداةَ يدَ ورجلَ من قاله"
لكنه لا يجيز في غير ذلك.

انظر: ابن جِنّي: الخصائص، ج2، ص 407.

وكذلك البغدادي: خزانة الأدب ج6، ص 500.

إذا قبلنا رأي الفراء، وقد أجاز:

أكلت قبل وبعد العصر،

فما المانع أن أقول: أكلت من تفاح وإجاص الحقل؟

وهو خيرُ وأفضل العلماء؟

وطالعت ذلك من كتب ومعاجم اللغة.

في لغتي وكتابتي أفضّل الفصل، فقد اعتدت أن أقول وأكتب:

عرفت ذلك من كتب اللغة ومعاجمها،

ولكني لا أرى أن أخطّئ قول القائل:

طالعت في كتب ومعاجم اللغة.

تعجبني شهامة وفصاحة ورقّة الرجلِ.


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى