الخميس ١ حزيران (يونيو) ٢٠١٧
بقلم فاروق مواسي

عن ياء المتكلم وعن ياء المنقوص

سألني سائل:

لماذا أثبت القرآن نون الإعراب مع أن الفعل مجزوم، وذلك في قوله تعالى:

سأريكم آياتي فلا تستعجلونِ- الأنبياء، 37

هذه النون في الآية هي نون الوقاية، فالفعل المضارع (تستعجلوا)- فعل مضارع مجزوم بلا الناهية، وعلامة جزمه حذف النون- لأنه من الأفعال الخمسة، والواو هي الفاعل.

حذفت ياء المتكلم من (تستعجلوني)- التي هي المفعول به، ونلاحظ أن حركة النون في (تستعجلونِ) هي كسرة لمناسبة حركة الياء التي حذفت.

يكثر حذف الياء في القرآن الكريم- إما للرسم (لملاءمة فاصلة الآيات) أو للاختصار.
يقول تعالى:

ربَّنا وتقبَّلْ دُعاءِ- إبراهيم- 40.

لاحظ أن الهمزة في آخر "دعاءِ" مكسورة، فهي لمناسبة الياء المحذوفة التي تُعرب مضافًا إليه. ولو كانت (دعاءِ) لا تتبعها ياء المتكلم لكان شكلها- (دعاءً) منصوبًا.

ويقول تعالى:

فأما الإنسانُ إذا ما ابتلاه ربّه فأكرمه ونعّمه، فيقول ربي أكرمنِ * وأما إذا ما ابتلاه فقدَر عليه رزقه، فيقول ربّي أهاننِ- الفجر، 15-16، فياء المتكلم في الآيتين حُذفت.

ويقول:

يا قومِ اتبعونِ أَهدِكم سبيلَ الرشاد- غافر، 38 ،

اتبعوا- فعل أمر مبني على حذف النون، والواو فاعل، والنون للوقاية، والياء المحذوفة مفعول به.

حركة ياء المتكلم:

تبنى الياء- ضمير المتكلم على السكون أو على الفتح:

قرأت كتابيْ، أو كتابيَ، جاء صديقيْ أو صديقيَ، بيْ أو بِيَ، ساعدنيْ، ساعدنيَ...وقد تلحق الياء المفتوحة هاء السكت، وهي ساكنة: ما أغنى عني ماليه* هلك عني سلطانيَهْ- الحاقّة- 28-29- ، وتكثر هاء السكت في الشعر وفي السجْع.

إذن نلفظ ربّـيْ أو ربّـيَ ونحوها.

لاحظ أننا في الصلاة نكرر الياء بالفتح- "سبحان ربيَ الأعلى"، و"سبحان ربيَ العظيم"، وهذا جواز.

وجوب فتح الياء:

إذا كان ما قبل الياء ألف فتبنى على الفتح:

عصايَ، هدايَ، مولايَ، معلمايَ، محيايَ...

وكذلك إذا كان قبلها ياء ساكنة: بُنيَّ، قاضِيَّ (القاضي الذي لي)، معلمِـيَّ (المعلمون الذين يعلمونني)، معلمَـيَّ (معلمَين علَّماني- في حالة النصب أو الجر).

بعبارة أخرى:

الاسم المنقوص والاسم المقصور والمثنى وجمع المذكر السالم إذا أضيفت إلى ياء المتكلم وجب فتح الياء وتسكين ما قبلها.

حذف الياء في المنقوص

إذا نُوّن المنقوص حُذفت ياؤه رفعًا وجرًّا، وبقيت في حال النصب، نحو:

أنت هادٍ لكل معتدٍ وإن كان عاصيًا.

هو راضٍ من قاضٍ فصار الحكمُ جاريًا.

في غير ذلك تثبت الياء في المنقوص.

غير أننا نجد في القرآن الكريم حذف الياء من المنقوص المعرَّف بلام التعريف، وذلك إذا كان موقوفًا عليه بإسكان ما قبل الياء: المتعالِ (بدلاً من المتعالي)، الداع (= الداعي)، التناد (التنادي)، التلاق (التلاقي) وغيرها.

في غير القرآن لا أرى أن نكتب أو نقول:

الفعل الماض، وهو للخيرالساع، سهر الليال... إلخ

بل نقول: الفعل الماضي، وهو الساعي الذي سهر اللياليَ...


مشاركة منتدى

أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى