الاثنين ١ أيلول (سبتمبر) ٢٠٠٣
بقلم سليمان نزال

أعمدة إبراهيم

شعر: سليمان نزال

أتخيلُ الآن- والعهدة على خيالي

الممزوج بالحسراتِ..المطوق بالظلالِ-

أن أعمدةَ إبراهيم قد هُدمت..

بقصفٍ همجيٍ مجرمٍ احتلالي..

و أن قبة الصخرة.. قد سُرقت

حُملت على ظهورِ الجِمالِ!

ثم وُضِعت بمتحفٍ صهيوني

و عاملتها عصاباتُ الأنذالِ..

مثل صخرةٍ عادية..لا تُلهم المؤمنينَ

لا تردع عن ضلالِ...

أتخيلُ أني شاهدتُ صرختها

تشكو غياب الرجالِ.. الرجالِ

أتخيلُ الآن.. و يحرقني سؤالي

بأن جرحي يقف على الأطلالِ..

و ينادي: هل هناك من يدافع عن أقصانا

عن المقدسِ الغالي؟

***

و أقولُ أن المماليكَ الأوغاد

أسباب هزائمنا و مهالكنا..

أحصنة طروادة

حين سقطت بغداد

في دموع معاركنا..

أخذتْ تجدلُ الخزيَ حبالا حبالا

ليتقدمَ من الموعدِ الفدائي

حشدُ نسور من ملائكنا..

شرعوا يطوقونَ أعناقَ آباء رغال

بما صنعوا من حبال..

***

أتخيلُ.. و أثقُ الآن بخيالي

مثما أنا واثقٌ من اشتعالي!

كما أثقُ بنزيفِ النجوم

في بلادي.. في أرضي, في جبالي..

و أعتمدُ على ما شقَّ هذا الحزنُ المبجَّلُ

من وديانٍ و تلال..

و ما عبَّدت من دروبٍ

وثباتُ الاحتمالِ الفلسطيني

و فوق الاحتمال..

بأن مياه دجلة و الفرات

تنتفض ضد الغزاة..

و تقذفهم بلهيبِ النصالِ!

فتتكاثر نعوشُ الأبيضُ اليانكيُ

فتحملها لأمريكا, الخيباتُ

عليها آثار أندحارٍ و رمال..

***

أتخيلُ بأني أطوفُ على سطحِ اليقينِ

و أني قطعتُ مع الشكِ اتصالي..

فأدركتُ بأن الانتصار في فلسطين

يسبقهُ النصر على أصحابِ المعالي..

وأن الفوزَ سيأتي أرض الرافدين

حين أنظفُ من عفنِ الخانعينَ أحوالي

***

أعلمُ الآن بكلِّ حواسي الجريحة و العنيدة

والبعيدة و الصديقة القريبة..

بأن أعمدة إبراهيم باقيةٌ

و الكعبة المشرفة باقيةٌ,

عزيزة, مهيبة..

و أني بجرحي النازف

أخوضُ النزالَ

كي أنقذَ فجرَ الحبيبة..

من المشرق العربي إلى غربه

و شعبه و حتى الموالي..

***

أتخيلُ الآن..

 و العهدة على ما تطلقه

في هذا المنفى, زفرات في بالي-

بأني تأخرتُ عن قافلةِ الشروقِ كثيرا

لم أفعل بما أمرني

أنبياء البسالة و النضال..

طلبوا أن أقاتلَ الأعداءَ بكلِ الجهاتِ

قاتلتهم شرقاً و جنوباً

و نسيتُ بعضَ الغرب و الشمال..

نسيتُ ألف طاغية و تمثال..

من الذين يقمعون أمثالي!

***

كيف نسيتُ الغزو

أقطع يده الشريرة, المغتصِبة

كيف جررت وقتي –تسرعت-

و ضعت الحصان خلف العربة!

كيف غفلتُ عن الذي سطا

على أيامي..

و يَتّمَ أحلامي

و حسبَ الدموع التي تحجرت

بأحداقِ تاريخنا, ذهبا..

وداسَ على جذوري بالنعالِ؟

***

أعرفُ الآن..

أن الأنظمة العربية

تمشي كلها في سروال..

من خوفٍ و ذعرٍ و قلة وقتٍ و إنشغال!

لكن الزمانَ سيعود إلى ساعاتي زاهيا

ستجبره يعود مكرها , أبطالي.


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى