السبت ١٠ شباط (فبراير) ٢٠١٨
بقلم سلوى أبو مدين

ثرثرة صامتة

ـ كيف فصولك؟
ـ كلها ظمأ
ـ عجباً.. كيف؟!
ـ أتذكر يوم دفنََّا ذاك الألم تحت الثرى.
ـ تحت النجم الشاحب
ـ كان بكاؤنا كطلقات رصاص
ـ كل شيء دُفن تحت الحصى
ـ رماده يحرق...!
ـ حتّى صباحنا لم يُقرأ
ـ كأنه يسكب وجعاً.
ـ الأرض كانت هشة
ـ والريح تعصف
ـ شربنا الدمع
ـ نحيبك كالريح ـ أرسلت لك وجعي عبر صندوقك البريدي
ـ لم يصلني غير زفرات حارة
ـ كانت قلبي محشواً بندف قطن لم أشعر بما يدور
ـ لم يعد يكفي
ـ أقصد آخر قطرات الشمس كعادتها
ـ رواسب الأيام السود تقلقني
ـ وجه أيار البائس لا يفارقني، ودمع مدينتي يُجهض آخر حلم لي.
ـ متى آخر مرة غرست قدمك في الوحل؟
ـ حين مررت ببلاد صامتة، تركت صغارها ينتحبون، وإناثها سبايا
ـ سئمت موسيقى النشاز.
ـ كم ألقى تحت قدم تلك الشهيرة؟
ـ بستان من الياسمين!
ـ ونشيج جوعى، وحيرى، ودماء، وسياط أكثر من نجوم السماء.
ـ كان قلبي سنابل قمح.
ـ والآن أتسكّع وحيداً بين الصمت والكلام .
ـ هذا قلبي حوافيه ملح .
ـ بلا هوية!
ـ قرأتُ ورقة من تقويم مُهْتَرىء.
ـ لا أذكر سوى رائحة جُدُر مهدومة أقوى من الخبز.
ـ والرجل العجوز يحنُّ لمعركة أخرى مع الفقر.
ـ يكنس الغبار بعينيه المتعبتين.
ـ كان يلمعُ تحت العاصفة.
ـ أكاد أختنق.
ـ تعبي لم يغفُ.
ـ مدينتي ضاقت بوجهها القرمزي.
ـ والمطر لا يكفُّ عن البكاء!
ـ سأوقظ الليل!
ـ هذا.. هذيان.. مهزوم
ـ سأعبث بعقارب الساعة
ـ لنمضِ يا صديقي
ـ فالريح تئن، والبرد يغرز أسنانه في جسدي
ـ أراك في مقهى الموناليزا.
ـ وداعاً
ـ لا تنسَ وأد أحلامك
ـ وداعاً.

ـ كيف يومك؟
ـ معكر... استيقظت لأقرأ في الصحف عن سائح يُرعب المدينة
ـ يتربّص بهم..
ـ ما اسمه؟
ـ الغلاء!!!
ـ أين يختبئ؟.
ـ في جيوب الفقراء المعدمين!
ـ ألم يعثروا عليه؟
ـ للأسف لا!
ـ وماذا عنك؟
ـ أبحث عن اسفلت انتعله لقدمي
ـ وأنت؟
ـ سأترك الجوع يتراكم فوق شفتي.
ـ آه .. أضحى العالم كهرمٍ مقلوب.
ـ أتعتقد.. سيتم القبض عليه؟
ـ قِيل إن البحث جارٍ..
ـ وكيف تمضي حياة هؤلاء؟
ـ قرأتُ في صحيفة استيقظتْ باكراً
ـ إنهم مُنعوا من الحليب كي لا تصبح حياتهم ناصعة.
ـ واعتادوا شرب القهوة الداكنة.
ـ ستتدحرج قلوبهم ككرات ثلجية
ـ هذا خبر ملطّخ بالحزن.
ـ ربما هذا المقتحم جاء ليغيَّر حياتنا
ـ لا.. بل لنعيد النظر إليها من جديد.
ـ وماذا ننفث ؟
ـ ضجيج الهَمّ الإنساني
ـ وعن ماذا ستقلع؟
ـ عن استنشاق العادم.
ـ إليكَ الخبر المفاجئ
ـ هاته...
ـ ازداد ثمن مستحضرات التجميل، والسيدات يُعلنََّ الغضب!
ـ إذاً سترى الطبيعة غير التي اعتدت عليها!
ـ جاري المسكين زوجته تحرمه هو وصغاره من الطعام لتوفّر ثمن مستحضرات التجميل
ـ هذا المارق شغل الناس.
ـ سأطلق شعري وذقني!
ـ كنت أملأ قاع جيوبي بدموع المساكين.
ـ الآن بتُّ أنفضُ كل تجاويفه!
ـ كفانا ثرثرة.
ـ أراك لاحقاً في أيّ مكانٍ بلَّلته جراحنا
ـ لا.. لِمَ لا نفترش السماء كباقي التعساء.
ـ ونأكل من صُرَرِ الطعام المبلَّلة بالحلمُ.
ـ هذا أفضل
ـ إلى الملتقى.
ـ أتركك بحلم.
ـ وأنت كذلك.


مشاركة منتدى

أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى