الثلاثاء ١٣ شباط (فبراير) ٢٠١٨
بقلم جمال سلسع

جنازة العروبة في كأس دمي تذاب

ما عُدنا نَعرفُ في مواجِعِ أرضِنا
وجهَ العروبةِ!
كَيْفَ تَرْتَجِفُ الرؤى بضَبابِها؟
أأتَتْ قوافِلُ خيلِنا....
لِتُجَفِّفَ الأوجاعَ؟
ما ارتَجَفَتْ رؤىً...
ما جفَّ فينا الدمعُ... ما...
فَعَرفْنا ليلاً مَدَّ فينا هزيمَةً!
وما مدَّ الصباحُ لنا رؤىً
فَتَساقَطَتْ أحلامُنا...!
وكأنَّها حباتُ دَمعٍ
ما تَساقَطَ إلاَّ في جَوفِ الذِئابْ!
كُنَّا على بلفورَ يَحْفُرُ قَبْرَنا
والآنَ ألفٌ من قبورِ الوعدِ،
تَجتازُ العُروبَةَ،
كيفَ لا يجتازُ أرضي،
غيرُ عِشقٍ للقبورِ؟
تُحَدِّثُ التاريخَ،
والتاريخُ يذكُرُ لوعَةً خَجلى
وما خَجَلي سوى قبرٍ!
تَنَفَّسَ في فراغِ الصمتِ،
عُريَ عُروبَةٍ....
لا... لا تُحَدِّثُ غيرَ ذاتٍ
في عُروبَتِها المُصابْ!
أيُكَذِّبُ التاريخَ قومٌ
منْ دمي شربوا الندى؟
ودمي على التاريخِ،
يَنْقُشُ لونَ قدسي!
كيفَ يا... يا قدسُ،
أنتظِرُ الدجى...؟
ما عُدتُ أنقُشُ فيكِ وجهَ الصبحِ!
كيفَ تَضيعُ منيِّ نجمَةٌ
وقَفَتْ على دمعي
وما انتظَرَتْ سواكِ كغيمةٍ
ضاعتْ...
وما...ما ضاعَ فيكِ الاستِلابْ؟
وأتَتْ حُروفي...
منْ تُراثِ جُذورِها
تَشْتاقُ أنفاسي!
وأنفاسي مُبَلَّلةٌ بِعَتْمَةِ وقتِها!
ما اشتَاقَت الكلِماتُ غيرَ عواصِفٍ...
لا... لا تُبَلِّلني بغيرِ جَحافِلٍ
نَفَضَت غُبارَ الاغتِراب!
وأنا بلا لُغَةٍ...
وعُريُ عروبَتي
لُغَةٌ تَضيعُ...!
فَكَيْفَ أقرؤها
وما قرأتْ عيوني
غَيرَ أقوال الغُرابْ؟
قَدْ صاحَ عرييd...
أيُّ ثوبٍ سوفَ ألبَسُهُ؟
لا شيءَ حولي غيرُ حرفٍ
منْ ثيابِ الليلِ يَكتُبُني
دَماً...!
والصمتُ ليلٌ....
ما مشى إلاَّ مشَتْ في...
في يديهِ مذابِحي!
والذَبحُ يَلبَسُني!
وما لَبِسَتْ ثِمارُ الأرضِ،
ألوانَ الحِرابْ!
يا للفَضيحَةِ...!
كَيفَ نَطْمِسُ،
في العُروبةِ حَرفَها؟
ما زِلتُ مُلتَحِفاً تُرابَ الأرضِ،
كيفَ الوقتُ يخطِفني دُخاناً؟
أيُضلِّلُ الأيامَ فينا؟
منْ يُزَوِّرُ أحرفي؟
من...منْ يخونُ تُرابَ روحي؟
كَيفَ ما عادَ الصهيلُ إلى يدي؟
ويحي...!
وما اختَطَفَ الدُخانُ مشيئتي!
ما عُدتُ أعرِفُ خطو خيلٍ
ما طَمَستُ حَنينَهُ!
ما خُنت يوماً في التُرابِ وصيَةً!
ما زوَّرَ الاشراقُ أحرفَ دمعتي!
هذا زمانٌ مرَّ في وطني
وأشعَلَ فيهِ ذُلَّ الانقلابْ!
زَمَنٌ تورَّدَ فوقَ ليلٍ
ما تورَّد فينا
غيرُ الاحتراب!
ودِّعْ كرامةَ أُمَّةٍ...!
وَدِّعْ...!
فَفيكَ عُروبةٌ رَقَدَت
على وَحلِ الدُجى...!
رَقَدتْ...!
وما رَقَدتْ على شَمسِ الصهيل
خيولُها!
ما ودَّعَتْ غيرَ الشموخِ،
ولونَ وردٍ يُستَطابْ!
كَيفَ الدجى ...
يشتاقُ فيكَ وداعَهُ؟
فَعلى عيونِكَ عَتمَةٌ
تهوى السرابْ!
فَمَشَتْ جَنازةُ يعربٍ
والشمسُ عَطشى...!
ما هَمَتْ لتقومَ تشربُ صُبحَها
إلاَّ وذُلُّ الكأسِ لا يمشي
بغيرِ مَذاقِ جُلجُلَةٍ...
تُعابْ!
هذي جَنازةُ يَعربٍ
طلَّتْ على نَدَمِ السنابِلِ،
في يَدَيّها الوحلُ،
ما طلَّتْ بغيرِ حَنينِ ليلٍ
لَفَّهُ وجعُ السحابْ!
طلَّتْ على وجَعي...
وتاريخي يُحاسبُ أُمَّتي!
والجُرمُ يجري لا يُحاسِبُهُ الثرى!
ما زال يَطرُدُ كلَّ صُبْحٍ
منْ يدي...!
فمتى سنكتَشِفُ الحقيقَةَ،
تحتَ أوجاعِ الدماء؟
متى...؟
وهذا الجُرمُ لا يمشي
بغير دَمٍ ينوحُ،
فَناحَ في يَدِنا الحِسابْ!
وإذا العروبَةُ،
فوقَ جُثمانِ عُروبَةٍ
خَلَعَت عَباءَةَ كبرِياءٍ...!
مَنْ يُدَثِّرُ عُريَها
وبُكاؤها وَجَعٌ....
وما خَلَعَت ورودَ الشمسِ فيهِ؟
كَيْفَ يا وَجَعَ الجنازَةِ،
في كؤوسِ دمي تُذاب؟
هلْ جئتُ أدفِنُ أمَّتي...؟
أمْ جئتُ أزرعُ في يدي
كلَّ السنابِلِ؟
صاحَ جدي ما جئتَ تَدفِنُ،
في يَديكَ كنوزُ تاريخي...
فلا تبكي الجنازَةَ،
إبكِ فوقَ مَساحَةٍ حُبلى...
وما زَرَعَت سنابِلَ قَمحِها
فانهارَ عِشقُ الحقلِ،
ما انهارَ الخَرابْ!
يا ويحَ جدي...!
كيفَ ما عادتْ...
على أصواتِهِ
تصحو الهِضابْ؟
تمشي الجنازةُ،
تَسألُ التاريخَ فينا دَهْشَةٌ
ما... ما ذَوَتْ....
ألاَّ انذوى من لونِها
برقٌ يُطابْ!
هل كُنْتَ تدري
أنَّ في عُمرِ البطولةِ نَكْسَةً
طالتْ على دمعي...
وما طالَ الندى...
على وردٍ يُشابْ؟
ما في فمي غيرُ المَذَلَّةِ،
كَيْفَ أكتُبُها على جُدرانِ شمسٍ؟
ما كَتَبتُ على يدي جَمراً
يُذلُّ مَذَلَّةً فينا تُعابْ!
الأرضُ تَبكي عُروبَةً
ما بَكَتْ يوماً خيولُ سؤالِها!
هلْ تاهَ فيها الخَطوُ...؟
أمْ سَكَتَ الصهيلُ،
على دَمعِ الجواب؟
لا آهُ تَسمَعُ حيرتي...!
لا... لا... ولا لُغَةُ المصالِحِ،
ترتوي من سَمْعِها!
فعلى طبولِ الوقتِ تربطُ أذنَها
لُغَةً تجوعُ وترتوي...
بسقوطِ عُربٍ...
تَحتَ أقدامِ التُرابْ!
لا الدمعُ يُرجِعُ في العِتابِ عُروبَةً
لا... ولا لومي...
سيبعِدُ عن عيوني الدمعَ،
يا وَجَعا...ً
أجئتَ تَردُّ عن روحي
العِتاب؟
ماذا أقولُ لأبنَتي:
أيقونةُ التاريخِ فينا
هلْ تَلاشى عَبيرُها...؟
أم ما تلاشى من حكاياتِ الفصولِ،
خُطى اليباب؟
الآهُ تفضَحُ جهلَ تاريخٍ
بكى عَجَباً..!
ألا ليتَ السيوفَ،
تَهُزُّ ذاكِرَةَ النخيلِ،
فيعرِفُ التاريخُ كيفَ نَقَشنا
فوقَ بِحارِنا...
لُغَةً تُهابْ؟
نَبكي على ذُلِّ العُروبَةِ،
كيفَ تسقُطُ في انكسارِ عَرِينِها؟
سَقَطَتْ وما سَقَطَ التخاذُلُ من يدي!
فَلِمَ البكاءُ،
وما أتى ذلٌّ بغيرِ فراغِ عِشقٍ!
فما وضَعتُ على يدي
سيفاً يَلوحُ،
وما عَشِقتُ نِداءَ أرضٍ...
تُستَطابْ!
أتلاشت الرؤيا على وَجَعِ الملامِحِ؟
أمْ وضوحُ الوقتِ ما لاشى لرؤيا
في عُروبَتِها انتِحابْ؟
هيَ صَحوةٌ جاءت تُفَتِّشُ في المَلامِحِ،
وَجهَ أمِّي...!
كيفَ أقرؤهُ...
وما ... ما عدتُ أقرأُ وجهي؟
هلْ عادَ الزمانُ غريبَ وجهٍ؟
قدْ جَبَلتُ اللونَ من عَرَقي!
فكيفَ ستَسقُطُ الكَلِماتُ،
منْ سَطْرِ الكتابْ؟
قد كنتُ لمَّا الشمسُ تزهو
في انتسابِ شُموخِها
كانت عروبَةُ أمَّتي
في ... في سماءِ المَجدِ،
لا تزهو بغيرِ الغارِ،
كَلَّلها انتسابْ!
بِدأُ السحابِ نَدىً...
وما نسيَ العروبةَ،
فوقَ كفِّ حنانِها
قد علَّمَتهُ كيفَ يَهمي؟
كيفَ تنسى عروبتي
لُغَةَ السحاب؟
وَجَعي على هذا الثرى...
يَمشي نِداءَ دمٍ
يُلوِّنُهُ الدُجى!
ما لوَّنَ الكَلِماتِ في وجَعِ الضُحى
إلاَّ مُهاتَرَةُ الخِداعِ ...وقُبلَةٌ...
باعَتْ في ضَميرِ الأرضِ،
شَمسا...ً
لا يواسيها السلاحْ!
السيفُ أوجَعَهُ صياحُ منابري!
ما أوجَعَ الأيامَ غيرُ تُرابِ أرضي
لا يَزالُ مُعّذَباً بِشِعارِ قشرٍ
يَختفي سرُّ السنابِلِ فيهِ،
يَقعي...!
كيفَ ما لمْلمتُ من صدرِ الثرى...
قَمْحَ المَدى؟
ما... ما اختفى سرٌّ...
يُلَمْلِمُ من حقولِ الدمعِ،
خطوات الصباحْ!
ما زلتُ أبحثُ عنْ قُرنفلتي
أتوهُ... وأرتمي...!
فيضمني صدرُ السماءِ،
ويبكي وجهَ مَذلَّتي!
والسيفُ لا يُبكيهِ غيرُ دَمٍ...
تَضيعُ معالمُ التاريخِ فيهِ،
ولا تَضيعُ مِنَ الثرى آهٌ
توسَّلَت المَكانَ،
فضاعَ فينا توسُّلٌ
والسيفُ يَبكي فوقَ صوتِ دَمٍ
مُباح!
جفَّ النِداءُ بمقلَتيْهِ،
وما أتى صبحٌ...!
وما جفَّ النواحْ!
يا أمَّتي...!
منْ باعَ فينا شهامَةً؟
منْ بَدَّلَ الكَلماتِ؟
منْ غيَّرَ المعنى بوردِ الصبحِ،
حتَّى صار فينا الاغتيالُ حَدِيقَةً؟
آهٍ ...أيا وَطَناً
على شَهَواتِ لصٍ ترتمي
فوقَ الغياب،
وعَتمَةٌ مُضيئَةٌ ذَبَحَتْ ...
بِوَجهِكَ قمحَ أرضِكَ،
تَنتَشي!
لا شهوةٌ تأتي إليكَ سوى المتاهَةِ،
لا تبيعُ سِواكَ أنتَ ذّبيحَةً،
لا تنتشي...
قد علَّقَتْ كَلِماتُها بِظَلامِها
في يدِ البُهتان لا تغتالُ،
غيرَكَ أنتَ....
يا منْ علَّمَ الأرضَ الكِفاحْ!
وأنا العُروبَةُ...!
كَيفَ أمشي في جَنَازَتِها... أنا؟
لمْ يعُد في الوَقتِ مُتَّسَعٌ...
لأمضي... لمْ يَعُدْ!
ما في يدي إلاَّ ...أنا...!
كَلَّمتُ ذاتي...!
في يدي حجرٌ وغيمةُ جدي،
تَكتُبُ في نسيجِ عُروبَةٍ...
"قد جئتُ يا وطَنَ الفلاح"!


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى