الأحد ٢٠ أيار (مايو) ٢٠١٨
بقلم فاطمة نزال

ما قبل الحكاية

«١»

لن تتذكر أنت ...

لكنني لن أنسى وقفتي أمام المرآة صبية تشهد تفتح أزرار ورودها، تزهو بقامة الريحان وشذاه في أرجاء حديقتها.

كنت أتسكع في أسواق المدينة، تلفتني واجهات محلات بيع "اللانجري"

أتأمل تلك القطع القصيرة الشفافة "البيبي دول" بألوانها

وأخال نفسي أرتديها.

لم تكن خزانة أمي تحوي سوى الأسود والألوان الحيادية لم أذكر أن رأيت غيرها في دولابها إلا جزدان مرصع باللؤلؤ كانت تحتفظ به بين طيات ثيابها

وكلما كان أحد أخويها المغتربين يرسل لها قطعة قماش ملونة هدية العيد، كانت تستبدلها بقطعتين بألوان قاتمة من صديقاتها.

عيناك يا أمي شفافتان جميلتان تعكسان أي لون ترتديه لماذا دائما ثيابك كئيبة؟

تسيل عيناها البحيرتان في أخاديد وجنتيها المتغضنتين،

تسيل الحكاية...

ولا تذكر منها إلا رحلتها الوحيدة معه إلى حيفا على عربة يجرها حصان.

جميلة أدراج حيفا وسوقها وبحرها تهمس في أذني،فأسمع هدير الموج في نبرة صوتها وصدى الرّيح تلوح في الذاكرة بينما ترنو الى أفق بعيد.

قبل نكبة البلاد كانت حيفا عروس جميلة.

كنت البهية وكان هو العاشق.

حين وقع لافظا أنفاسه تحت معدات الحفر في أحد منشآتها ، سقطَتْ حيفا وتحطمتُ أنا...

حيفا ما قبل الحكايةr


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى