الاثنين ٩ تموز (يوليو) ٢٠١٨
بقلم إلياس خاتري

نمو اللغة الشفهية، عند جون أدلف روندال

 مقدمة

يأتي هذا العمل، مبلورا لأهم الاستراتيجيات التي تقارب "التعبير الشفهي" من منظور تدريجي تصاعدي، على مستوى النمو والتطور.حيث يشكل مضمونه، محورا مهما في فعاليات العملية التعليمية التعلمية. بحيث يمكن اعتبار التعبير بصفة خاصة؛ مدخل أساس لأغلب مراحل التعلم والاكتساب. وهذا ما جعل روندال - لحد ما - يغلب الجوانب التي تعالج التعبير الشفوي. من حيث الاكتساب والقدرة والإنجاز التلفظي. مما يبين أنه عملية مركبة، في العملية التعليمة التعلمية، ومن أصعب الإجراءات فيها. ومن اللزوميات التي ينبغي الوقوف عليها، تعريف صاحب الكتاب.

 جون أودلف روندال.

باحث في العلوم اللغوية، وعلم النفس اللغوي. أستاذ في جامعة لييج (بلجيكا)، بقسم علم اللغة النفسي.حاصل على دكتوراه في علوم اللغويات واللغة من جامعة باريس (رينيه ديكارت السوربون)، حاصل على دكتوراه في الفسفة وعلم النفس، من جامعة مينيسوتا (الولايات المتحدة الأمريكية). ومساعد لمدة 27 سنة للجمعية البرلمانية الأورومتوسطية، التي تهتم بالأطفال التوحديين وثلثي الصبغة. وعضو مؤسس للرابطة الأوروبية لمتلازمة داون. وهو حاليا أستاذ علم النفس وعلم أمراض الكلام في الجامعة بونتيفيكال ساليسيان بـ فينيس البابوية السالزيان البندقية. هو أيضا مؤلف من حوالي خمسين كتابا،وحوالي 400 مقالة علمية حول قضايا علم اللغة النفسي، وعلم النفس وعلم النفس التنمية المعرفية.

وقبل أن نشرع في الوقوف على العناصر التي تم طرحها في هذا الكتاب، من خلال هذين المحورين. ومن خلال المباحث التي حاولنا تقسيمهما - المحورين - إليها، حتى يسهل الاشتغال على العمل؛ يمكن أن نضع خارطة من التساؤلات، نعتبرها مدخلا رئيس لهذا العمل. حيث حاول أن يجيب عنها- لحد ما- ، وهي إشكاليات مركزية مؤطرة لأهم الأفكار التي تم طرحها ومناقشتها. ويمكن أن نرصدها كالتالي: - كيف تتحدد ماهية اللغة،وماهي عناصر وصفهاالدلالية والنحوية؟

 كيف سطر روندال استراتيجية الاكتساب والنمو المعجمي؟

 ما هي مظاهر النمو الدلالي عند الأطفال التوحديين؟

 هل يكمن الحديث عن فرضيات الاكتساب عند الأطفال وعلاقتها بالتنظيم المعجمعي في الذاكرة؟

 ما هي العلاقة بين الأبعاد الدلالية والنمو النحوي، في تطور اللغة الشفهية؟

 كيف يكمن الحديث، فب إطار نمو اللغة الشفهية، عن ماهية الجملة أو البنية الجملية؟

كجواب على هذه الإشكاليات، يأتي هذا العمل، مكملا لمجموعة من العمليات التي يمكن اعتبارها مدخلا أساس في تدريس هذا المكون، كعنصر فعال في الممارسة الصفية بالأساس. ومن العناصر التي تمت معالجتها بالوصف والتفسير؛ النمو المعجمي كإطار عام، تتأطر تحته عناصر فرعية، من قبيل؛ النمو اللغوي كأرضية تم التركيز فيها على مراحل اكتساب هذا المكون.حيث أكد روندال على المرحلة الما قبل لغوية وتداعيتها في اكتساب التعبير الشفوي، ثم المرحلة الموالية التي تتسم باكتشاف العالم اللغوي، وهي المرحلة اللغوية. وبعدها سيركز على مراحل الاكتساب اللغوي عند الطفل، وأهم الخصائص التي تميز كل مرحلة.

ثم سينتقل للحديث، عن النمو الدلالي عند الأطفال التوحديين، وتعتبر هذه الدراسة من خلال مجرياتها ومعطياتها، دراسة ميدانية، اعتمد فيها روندال على مجموعة من المؤشرات، التي تطبع نتائج هذا العمل، بملامح الميدان والممارسة التطبيقية. حيث تطرق في هذا المحور إلى؛ النمو الدلالي عند الأطفال التوحديين.أي كيف تتطور الدلالة المعجمية ومستويات الفهم عند هؤلاء.

لكن هذه المعطيات، تحددها بنية من التصورات، وجملة من الإجراءات، حددها روندال من خلال حديثة في العنصر الموالي، حول مظاهر التوحد في النمو اللغوي، أي تداعيات هذا التوحد، وتأثيره في التطور المعجمي، باعتباره مادة التعبير الشفوي، ووسيلته في الظهور والتبلور والتجلي يقول روندال. ولكن ما يشرعن نتائج هذه الدراسة، هو اعتمادها على النظير والمقابل والمثيل، حيث يتضح الطابع العلمي لهذه الدراسة، من خلال المقارنة التي سيقوم بها روندال، في العنصر الموالي الموسوم بـ"مقارنة التوحديين مع الأطفال الأسوياء". وهنا ستتضح بجلاء -من خلال المقارنة- النواقص التي يخلفها التوحد عند هذه العينة من المتعلمين، في النمو الشفوي عموما، واللغوي على الخصوص.

وعلى أية حال،يبقى الاكتساب المعجمي محورا رئيسا في كل مراحل الدراسة في هذا العمل. وهذا الذي سيركز عليه روندال في الموحور الموالي، الذي وسمناه بـ ؛ "فرضيات اكتساب المعجم لدى الأطفال". وهي التي يطرح فيها روندال بشكل علمي وإحصائي، تطور الفهم والتلقي المعجمي عند الطفل، من الشهر الثالث ، إلى 15 سنة. حيث يتعرض لمسألة الفهم والتلقي، حسب الشهور والسنوات، وعدد الكلمات المكتسبة في كل مرحلة.حيث تظهر الكلمات الأولى، بين 9 و 18 شهرا، المعدل المتوسط يكون بين؛ 12-14 شهرا. أي بعد نهاية السنة الأولى. حيث يبدأ الإقبال على الوظيفة اللفظية لدى الطفل. دون اعتبار الاستثناءات، كالمشاذات الكلامية وانخفاظ الفهم اللفظي عند الطفل.

كما تنمو المفردات المنتجة من قبل الأطفال، بشكل بطيء نسبيا. وخاصة في المرحلة الأولى من ظهور الكلمات، إلى نهاية السنة الثانية. ثم تلي هذه فترة، مرحلة الزيادة السريعة في ذخيرة المعجمية والإنتاجية، و التي تبدأ غالبا مع النطق بكلمتين وأكثر من ذلك. وقد ذكر روندال، سميث (1926)، في دراسة كلاسيكية له، ذكرت أن عشرين كلمة يفهمها الطفل الطبيعي ، خلال 18-20 شهرا. في تلقى الطفل لمفردات لغوية. كما يمتلك حوالي 500 كلمة في 30 شهر، وحوالي 1500 كلمة في المتوسط عند بلوغه 48 شهر.

كما أن ظهور الكلمات الأولى يكون في مرحلة نهاية السنة الثانية. حيث يمتلك حوالي 2000 من كلمات في حدود 5 سنوات. ويشير كاري (1982)، بصورة تؤكد؛ أن الطفل يتعلم حوالي 50 و 100 كلمة خلال 18 شهرا، 200 كلمة خلال 20 شهرا. وحوالي 400-600 كلمة في حدود السنة 2، وحوالي 1500 كلمة خلال 3 سنوات. وتبعا لما طرحه كاري (1982)، ما بين 2 و 5 سنوات، يتعلم الأطفال كلمة جديدة كل ساعة. وحوالي 3500 من كلمات جديدة كل عام.

العدد الذي يحدد أنه تخفيضه يمتلك حواب 2000 جذر.في حدود 10 سنوات. وعلى حواي10000 كلمات جديدة سنويا. ما بين 9 و 15 عاما، يمتلك حوالي 80.000 من جذور. و 100.000 على الأقل كلمات مختلفة.( وقد أتبعنا هذا العمل بمجموعة من الملاحق، هي عبارة عن جداول توضيحية، تلخص هذه النتائج التي وصل إليها روندال، في متوسط الاكتساب المعجمي عند الطفل).

ثم يفصل روندال في هذه الفرضيات لدى الأطفال، حسب الأعمار والسنوات، كما ربط هذه المراحل بمستويات التعلمات لدى الأطفال. ليعرج بعد ذلك، لتحليل خارطة الفهم لدى المتعلم الطفل، من خلال ربط الرموز بالمرجعيات، أي تحليل الشفرات التي تجعل من المتعلم، يفك شفرات النص شفويا، أي قرائيا، وربطها بالخارطة الذهنية التي يتحقق من خلالها إدراك المعنى، مما يجعل المتعلم ينتج ردود أفعال، من خلالها تظهر مؤشرات النمو المعجمي لديه.
لكن السؤال المطروح هنا، والذي يُتوقع من القارئ الباحث هو؛ هل يكتسب الطفل هذا المكون-المعجمي- بشكل تراكمي؟ وهل هذا التراكم يحكمه الاعتباط في التنظيم والسيرورة الاستعمالية للمادة المعجمية؟ وماهي الاستراتيجيات المعتمد في هذا التنظيم في ذهن المتعلم؟

كجواب على هذه الأسئلة، والتي يمكن اعتبارها مدخلا أساس ليس في الإجابة على ما سبق الاستقهام حوله؛ بل في خلخلته ومحاولة استيعابه في البدء. لأن هذه الإشكاليات المركبة، تحتاج أكثر من قراءة، كما أن الإجابة الكمية التراكمية، والتي يحكمها الطابع الإنشائي في تحديد العناصر السابقة، ليست موضوعية. وبالتالي لا يمكن أن نصفها بالعلمية، لمجموعة من الاعتبارات،أهمها؛ أن الموضوع متعلق بظاهرة نسبية تتقف في الإجماع، لكن ليس في الإطلاق. وبالتالي وجب التعامل معه، باعتباره بنتمي لأحد فروع العلوم الإنسانية، بشمولية، أي باعتماد مجموعة من العلوم والفروع المعرفية، حتى نتمكن من الإحاطة بالظاهرة، لأن من مميزات هذه الظاهرة، كونها معقدة ومركبة، تحتاج لأكثر من فهم، وأكثر من تحليل؛ وأكثر من علم. نظرا لخصوصيتها وطبيعتها.

وبما أننا في الميدان التربوي طبعا، فإن نتحدث عن التنظير والتقعيد له، بما يسمى في الأدبيات التربوية بـ "علوم التربية" وليس علم التربية، أي إن الظاهرة التعلمية تحتاج أكثر من علم لتفسيرها، نظرا لخصوصيتها. من قبيل علم النفس التربوي بكل فروعه (علم النفس التعلم، علم النفس النمو، علم النفس المعرفي...) علم الاجتماع، الأنثروبولوجيا، إضافة إلى علم يمثل عصب هذا التوجه؛ وهو علم اللسانيات بكل فروعه (خاصة اللسانيات التطبيقية ، التوليدية، اللسانيات النفسية، واللسانيات الوظيفية، و السوسيولسانيات...) وغيرها من العلوم التي لا داعي لذكرها إن توضحت الفكرة والتصور.

وفي عودة لما طرح روندال، فيما يتعلق بالتساؤلات السابقة. بمكن أن نعتبر المحور الموالي، والذي وسمناه بـ "التنظيم المعجمي في الذاكرة"، مزيحا لكل فضول وإشكال حول ما سبق طرحه. ومن التصورات الفرعية التي اعتمدها روندال في هذا المحور؛ "دور التنظيم المعجمي في الإنتاج اللغوي"، أي إن تنظيم المادة المعجمية في الذهن، رهين بإنتاج جيد على مستوى الكم والكيف. لكن السؤال الذي تجرنا إليه هذه المسألة هو؛ هل هذا التنظيم يتم كيفما اتفق؟

بالطبع لا، ولذلك نجد روندال في المبحث الموالي، يقترح نمط في تنظيم المخزون المعجمي. ويتضح ذلك في المبحث الذي وسمناه بـ"أهمية التنظيم العمودي في استرجاع المواد المعجمية". حيث يفصل في هذا النوع، ويبين أهمية ومميزات هذا التنظيم، في استحضار المواد المعجمية. وجعلها في سيرورة مرنة في الاستعمال اللغوي. وهذا ما يؤكد أن المعجم ليس هو القاموس الذي يحكمه الطابع الكمي التراكمي، وبالتالي التنظيم في الذاكرة، هو حديث عن المعجم الذهني، وهذا يعني بالأساس؛ أن الغاية فيه ليست هي جمع لائحة من المفردات، بل تفاعلها في المممارسة الشفوية، واستحضار المناسب منها في المقامات التواصلية المتاخمة لها. وهذا ما يؤكد فرضية أهمية هذا التنظيم في الإنتاج المعجمي. مما يجعلنا نقول أن القيمة ليست كمية فقط، بل نوعية أيضا تتجلى في استراتيجية التخزين، ثم آلية استحضار الكلمة بشكل يتماشى مع السيرورة التفاعلية في التخزين والإنتاج.

وتماشيا مع هذا، ونظرا لأهمية في تطوير ملكة التعبير، وخاصة الشفوي منه. نجد روندال يقترح نموذج رائد على المستوى العالمي في هذا المجال، وهو الذي يتمثل في "مستويات روش و ولويد في التنظيم المعجمي(1978)".

وبعد هذا الجرد لأهم التصورات المتعلقة بالاكتساب المعجمي، سيعرج روندال موضحا التطور البنيوي، من خلال ربط ما سبق، أي العلاقات الدلالية. بالجانب النحوي. على اعتبار أنه الجانب الذي يحكم السلامة اللغوية وصحتها، كما يحدد علاقة المكونات اللغوية مع بعضها، من حيث العلاقات التركيبية. وبالتالي فهو يطرح أهم الروابط التي تجعل هذه المستويات، تتعالق بينها وتتداخل. حيث لا يمكن اعتبار الجمع المعجمي وتنظيمه، كفيل بإنتاج خطاب شفوي. بل يرتبط ذلك أيضا بالجانب التركيبي الذي يحكم سيرورة المواد المعجمية، من حيث البنية والرتبة. إضافة إلى جانب آخر يحدد البنية القالبية لهذه المواد؛وهو الجانب الصرفي الذي يحدد صيغ هذه الكلمات، ويحدد قالبها اللغوي، ويفترض التغيرات الصرفية التي قد تحصل عليه. من قبيل الزيادة أو الحذف أو الإعلال أو القلب وغيرها.

ويربط روندال النمو النحوي في هذا المحور، بالعمق التعبيري. ويعتبر المبحث الذي وسمناه بـ" النمو النحوي والقوة التعبيرية". أنه كلما كان الوعي النحوي والصرفي عميقا، كلما اكتسب المتعلم قوة تعبيرية، تجعله متمكن من المتن اللغوي الذي يشتغل عليه. الشيء الذي يتقاطع مع وعي أساسي في هذا الإطار؛ وهو الوعي "الميتالغوي". حيث يعكس تعمكن المتعلم من لغته، كونه يستطيع وصف اللغة اللغة، أي الحديث عن اللغة باللغة. وهذه هي التي سماها "ياكوبسون" في حديثه عن الوظائف اللغوية، بالوظيفة الميتا لغوية. وتسمى في الأدبيات التربوية الحديثة؛ الكفاية الميتا لغوية. كونها تعمق التصور اللغوي، وتجعل القدرة التعبيرية قوية للمتعلم، مما يعكس تمكنه منها وتحقق الكفاية.

وبعد ذلك، يحاول روندال أن يقوم بتحديد مستويات تنظيم هذا النمو، من خلال وضع أهم مراحله في تصنيف، حدده بمجموعة من المستويات التي تحدد مراحل النمو التركيبي والنحوي، والعوامل المؤثرة فيها. وذلك من خلال طرح العلاقة التي تجمع بين النمو النحوي، كتصور تركيبي، وبين النمو المعجمي كبعد دلالي بالأساس. كما يؤكد أنه كلما كانت هذه العلاقة محكمة ومتماسكة، كلما انعكس ذلك على نمو وتحسن التعبير الشفوي، باعتباره مكونا يقوم بالأساس على اللغة في جانبها الحي. أي جانبها النطقي المسموع، الذي يشغل سيد الملكات، وهو السمع؛ كحاسة أو كعنصر رئيس في بلورة هذا المكون. وهذا ما يرتبط في اللغة بجانبها التواصلي المباشر.

وبشكل استقرائي في البناء،حيث عرض روندال للمراحل الأولى في تعلم الكلمات، ثم مستويات الفهم حسب العمر والمرحلة، بنسب وكلمات وإحصائيات محددة. وبعدها تحدث عن كيفية اكتساب المكون المعجمي، وكيفية جمعه وتخزينه. حيث أعطى بعض استراتيجيات التخزين والتنظيم المعجمي، والتي تساعد على جعل هذا المخزون، محكوم بسيرورة وآلية واستراتيجية في الاستعمال. كما تحدث عن العلاقة بين المكون المعجمي كجانب دلالي، وبين المكون النحوي كجانب تركيبي. وأن قوة العلاقة بينهما، تولد عمق في التفكير.
وتمتينا لما سبق، وتثمينا له. سيتحدث روندال،عن تجاوز الطفل مرحلة الكلمة، والدخول في غمار العبارة. أي التمكن من الكلام في مستوى الكلمة، والانتقال إلى مستوى العبارة، أي الجملة. وهو المبحث الذي وسمناه بـ" ماهية الجملة". أي ماهي العناصر التي تجعل الطفل ينتقل من مستوى الكلمة إلى الجملة؟

حيث يقترح مجموعة من المكونات التي تمثل عناصر الجملة حسبه. من خلال المبحث الذي وسمناه بـ " مكونات الجملة عند روندال" ويقول أن الطفل في البداية، وبعد 24 شهر. يبدأ في إنتاج عبارات كتعبير عن حاجياته. لأن الكلمة لم تعد تلبي الحاجة التواصلية لديه.

لكنه في هذه المرحة، لا يتحدث الجملة بكل مكوناتها. بل بعبارة في المرحلة الأولى مكونة من كلمتين لا أكثر. وبدون روابط. مثلا؛ إذا أراد أن يقول "هذا حذاء أبي" يمكن أن لا بحترم الرتبة فيها، أو عناصر الربط في هذا المستوى. فيقول" بابا حذاء" مثلا. وبعد التقدم في السن، يبدأ بالدخول في مرحلة أساسية، وهي مرحلة التقليد، أي تقليد الكبار، وترديد العبارات التي يستلعملونها في البيت أولا، ثم المجتمع ثانيا عندما ينفتح عليه. وغالبا ما تبدأ هذه المرحلة، بعد الاحتكاك مع محيط أخر غير البيت، وهو محيط المدرسة. والذي يكون بمثابة مدخل يمثل تحولا رئيسا في تكوينه، حيث ينفتح من خلاله على المجتمع.

ومن الطبيعي أن يتحدث روندال، عن صفة تحددها طبيعة المرحلة عند الأطفال. وهي صفة الملكية. حيث يفصل في علاقة الطفل بهذه الصفة، والتي يبني من خلالها علاقته مع العالم الخارجي. ويعبر بحقل معجمي تهيمن فيه عبارات المتكلم، أي التي تتماشى مع صفة الملكية، بالنسبة لكل الخطابات التواصلية التي يتنجها الطفل في هذه المرحل. وغالبا ما تكون هذه المرحلة في البيت مع الأسرة. لكن تضمحل تدريجيا في السنوات الأولي من التعليم الابتدائي، لأن الوعي اللغوي لدى الطفل، بدأ بستوعب، أو تؤثثه صفات أخرى في هذه المرحلة، تتضارب مع صفته الأولى-الملكية الشخصية-، كصفة الملكية الغيرية، وغيرها من القيم التي تحاول المدرسة أن تمررها، من خلال مضامينها التربوية المبثوثة في المناهج والمقررات.

 تركيب:

ويكمن أن نستنتج مما سبق، أن الاستراتيجيات الأولى التي يوظفها الأطفال في تطوير المكون المعجمي، هي التنظيم المحكم للمادة المعجمية في الذهن. كما طرح روندال في هذا ، أهم الصعوبات التي يواجهها الطفل في إنتاج وفهم الجمل، مع التركيز على الخصائص التي تجعل الطفل، يمر بشكل تدريجي من مرحلة الكلمة، إلى الجلمة المكونة من كليمتين دون رابط، إلى إنشاء خطاب مستقل ومتكامل. يراعي فيه الخصوصية النحوية والتركيبية للنظام اللغوي. كما وقف على الخصائص المميزة للجمل المبنية للمجهول، والجمل المبنية للمعلوم. مما يجعلنا نبني من خلال هذا الكتاب، نظره متكاملة -إلى حد ما- حول العناصر الكبرى، التي تجعلنا نفهم سيرورة نمو التعبير الشفوي الطفل، من شهوره الأولى حتى سن الرشد.


مشاركة منتدى

أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى