الثلاثاء ١٦ تشرين الأول (أكتوبر) ٢٠١٨
«ضحى» وكاتبها حسين ياسين
بقلم خلود فوراني سرية

في أمسية ثقافية في نادي حيفا الثقافي

نظم نادي حيفا الثقافي يوم الخميس 11.10.2018 أمسية ثقافية مع الكاتب حسين ياسين ابن قرية عرابة، لمناقشة وإشهار الطبعة الثانية من روايته "ضحى" ثلاث نساء في القدس- الصادرة عن دار فضاءات للنشر

وقد حضر الأمسية جمهور مميز من الأصدقاء، المعارف، النقاد والمبدعين في مجال الأدب والفن والشعر من حيفا وخارجها.

كانت البداية لمسة وفاء لطيب الذكر الأديب والسياسي القومي أكرم زعيتر.

افتتح الأمسية بعدها مؤهلا بالحضور المحامي حسن عبادي، ومما جاء في كلمته، أن نوقشت رواية ضحى في طبعتها الأولى قبل خمس سنوات في نادي القرّاء ضمن نشاطات نادي حيفا الثقافي، لكنّها لم تأخذ حقّها في حينه، و نتاجا لتعاون بين نادي حيفا الثقافي برئيسه المحامي فؤاد نقارة ودار فضاءات للنشر لصاحبها الأديب جهاد أبو حشيش فقد صدرت الطبعة الثانية قبل عدّة أشهر.

و دعا لأمسيات النادي المقبلة ثم ختم بتقديم شكره للمجلس الملّي الأرثوذكسي الوطني، ممثَّلًا بالسيد جريس خوري، على دعمه غير المشروط لمشروع النادي.

تولت عرافة الأمسية الكاتبة حنان جبيلي عابد، فكان لها تقديم شاعري أنيق للكاتب وروايته.
في باب المداخلات، كانت البداية مع بروفيسور جريس نعيم خوري حيث قدم مداخلة أكاديمية مثرية وشاملة استعرض فيها بإسهاب اللغة الشاعرية التي تزخر بها الرواية وما تحتويه من محسنات بديعية وصور جمالية وحبكة متناسقة، دون غفلة منه عن الإشارة وبموضوعية أصيلة إلى "عثرات" في الرواية.

وقد جاء في مداخلته التي حملت عنوان "ضحى... حيرة الهوية وسيطرة الحلم" أنّ حسين في عمله هذا كان رومانسيًّا حالمًا أكثر من كونه روائيًّا يسرد واقعًا أو يرصد مستقبلا برؤيته الخاصّة. ودليل على ذلك أن العمل من أوّله لآخره يعجّ بالمجازات والكنايات والتشبيهات والبلاغة العربية اللفظية على نحو لم يُشهد له الكثير من الأمثلة في رواية حديثة، إلا إذا اعتبرنا روايات الرومانسيين وفي رأسهم جبران حديثة. أي أن سرد الكاتب على امتداد العمل، خاصّة في قسمه الأوّل، سرد ليس من هذا العالم، ولا من هذا الواقع، نشعر ونحن نقرأه أننا تحلّق بعيدًا، في عالم من المُثل والأحلام، تعبيرًا، تصويرًا ولغة. ومع امتداد هذا الحسّ الشاعريّ الحالم، يميل الكاتب بشكل تلقائيّ إلى نوع من الإيقاعيّة. وغريب أنّ في العمل كلّه لم نجد توظيفًا من قبل الشاعر للحوارات أو الخطابات العامّيّة وتحريكًا للحوار الواقعيّ ولو لمرّة واحدة. حتّى إنّ كل الحوارات تقريبًا جاءت بالفصحى، وهي أقرب إلى الفلسفة والتخييل منها إلى الواقع، أرفع من أن نقتنع بأنّها يمكن أن تجري بين شخصيّتين من لحم ودم.

أما المداخلة التحليلية المعمقة الثانية فقد قدمتها د. راوية جرجورة بربارة حيث توقفت فيها عند جميع محطات الرواية وشخوصها بروح المدرسة النقدية وبموضوعية.

فجاء في مداخلتها والتي حملت عنوان " العنعنة وتبدُّل الرواة يولِّدُ طقوس الحَكايا ": يتبدّل الرواة في الرواية عن قصد، ليس لأنّ ذاك تَعِبَ والآخر يُريحُه، بل لنرى مأساة الإنسان في المكان، لنرى الروايةَ التاريخيّة من وجهات نظر مختلفة، لنعرفَ ونفهم كيف وصلنا إلى ما وصلنا إليه، وعن عنوان الذي هو عتبة النص، قالت، هناك من النقّاد مَن ينظر إلى العنوان كوحدة مستقلّة موازية للنصّ، وإذا كان العنوان "ضحى، ثلاث نساء في القدس" نصًّا موازيًا، كان عليه أن يكون أكثر حياديًّا فلا يفضّل ضحى عن غيرها من النساء، ولا يخصّها بالعنوان وبالعتبة الأكبر على اعتبارها نصّا مستقلًّا بذاته، وتكون حصّتها في الرواية هي الأقلّ من بين غيرِها منَ النساء فتكون هذه هي المفاجأة الأولى، وتأتينا المفاجأة الثانية على مهلها، فلا يعود العنوان نصًّا موازيًا إذ يلتقي المتوازيان في الرواية الثانية في الكتاب ويتقاطعان، فتظهر ضحى بمعناها الحقيقيّ لا التأويليّ، الذي يمكن أن تحتمله على مضضٍ، وكما تظهر فجأة تختفي فجأةً فلماذا كانت الرواية باسمِها؟ ألأنّها العربيّة بين أجنبيّتيْن؟ أم لأنّها تأويلًا تشبه القدس وما آلت إليه حين "أدخلوا كلّ زناة الليل إلى حجرتها ووقفوا يسترقون السمع إلى صراخ بكارتها"؟

هناك من النقّاد مَن يرى "أنّ العنوانَ يقودُ إلى النصّ، بل أنّ العنوانَ هو النصُّ والنصُّ هو العنوان" ، وفي حالتنا هذه لا يمكن الأخذُ بهذا القول، لأنّ ضحى لم تكن كلَّ النصّ، والنصّ لم يكن عن ضحى وحدها، بل تشعّب ليحدّثَنا تواريخ وتراثَ وجغرافيّةَ العديدِ منَ الأماكن والشعوب.
في الختام كانت الكلمة للمحتفى به الكاتب حسين ياسين الذي تحدث عن تجربته في الكتابة بعد أن قدم شكره الجزيل للحضور والمشاركين على المنصة، خاصا شكره وتقديره لرئيس نادي حيفا الثقافي، صديقه المحامي فؤاد مفيد نقارة على اصراره بإعادة رواية "ضحى" إلى الحياة واهتمامه بإصدارها بطبعتها الثانية بعد أن همشت في البداية وذلك إيمانا منه كقارئ يتمتع بذائقة أدبية أن الرواية تستحق النور.

بقي أن نذكر أنه تخلل الأمسية معرض أعمال فنية للفنان التشكيلي مبدا عبد ياسين ابن بلدة طمرة.

بالتقاط الصور والتوقيع كان الختام، ولقاؤنا القادم يوم الخميس 18.10.18 في الأمسية التكريمية مع الكاتب الفلسطيني فتحي البس وإشهار كتابيه (انثيال الذاكرة) و (في الفلسفة والثقافة والسياسة). بمشاركة الأديب محمد علي طه، الكاتب والباحث سميح غنادري وعرافة الكاتبة عدلة شداد خشيبون.

يتخلل الأمسية معرض لوحات فنية للفنانة التشكيلية نرمين شعبان.


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى