الأربعاء ٢٣ كانون الثاني (يناير) ٢٠١٩
بقلم أنس الفيلالي

سنوات قبل الفجر

بعد أزيد من عشر سنوات على صدور عمله الروائي البكر الموسوم ب"الخوف"، وهو العمل الذي ترك صدى طيبا لدى القراء والنقاد في المغرب وخارجه، صدر أخيرا عمل جديد للروائي المغربي رشيد الجلولي موسوم ب"سنوات قبل الفجر"عن منشورات دار التوحيدي.

"سنوات قبل الفجر"رواية شاب اسمه عيسى تحول إلى كلب، وبينما هو مختبئ أسفل قبر مظلم توالت في ذهنه تفاصيل حياته منذ ولادته في حجرة من الصفيح، حيث ترعرع صحبة والديه وسبعة من إخوته، في عالم مفكك، يتصارع قاطنوه بحثا عن التماسك والسعادة.

من الناحية السياسية العالم تسيره حكومة عربية ذات توجه قومي، أما من الناحية الطبيعية فثمة بحر غريب ظهر في السماء واسمه بحر العذراء. في مثل هذه الأجواء المتقلبة يبدأ عيسى بحثه عن السعادة ومعنى الحياة. وقد زجت به مسيرته في دروب تعج بالاضطراب والمفارقات، حيث بدأ حياته متسكعا يقتل القطط والكلاب، قبل أن يعلن التوبة وينخرط في صفوف الشباب الإسلامي. وبعد سنوات أصبح قوميا متطرفا، إلا أنه سرعان ما تحول إلى ثوري ماركسي، لكنه في النهاية لبى نداء الواقع فتحول إلى التجارة وراكم ثروة مهمة.

هذه الرحلة الأوديسية لم تقده إلى بر النجاة، وحتى الحب والزواج انتهيا بمحاولته قتل زوجته، ليدرك أن مفاهيم مثل الحرية والعدالة، وأن المرجعات الفكرية والايديلوجية، بل وكل تصورات الناس عن الله لا تقود إلى السعادة، ذلك لأنها تتناقض مع طبيعة الوضع الإنساني، بل إن هذه المفاهيم نفسها مليئة بالتناقضات.

أما قصة تحوله إلى كلب فبقيت مفتوحة. وذات فجر، وبينما هو غارق في قلقه، نادما على إحراقه لكتبه، أدرك أن الفرد وحده مسؤول عن سعادته، إذ وبحفره عميقا في قلبه قد يحدث أن يعثر على حقيقة جديدة للعالم، يظهر فيها الإنسان والحرية والسعادة في ضوء أفق جديد، أفق يتسع لكل الأديان والطوائف والطبقات. وبكلمة واحدة، فهذه الرواية تحاول تسليط ضوء جديد على عظمة الإنسان وتفاهته في نفس الوقت.

بالإضافة إلى اشتغاله على الكتابة الروائية، يعتبر رشيد الجلولي من النقاد المغاربة القلائل المتخصصين في نقد السياق الثقافي، نشر مجموعة من المساهمات في عدة منابر مغربية وعربية، حاصل على الإجازة في الأدب الانجليزي، كلية الآداب والعلوم الإنسانية، جامعة عبد المالك السعدي تطوان، سنة 1994. حصل شهادة الماستر في الأدب العربي بكلية الآداب والعلوم الإنسانية، جامعة عبد المالك السعدي، تطوان، سنة 2015، وفي صدد تحضير أطروحة الدكتوراه في الأدب العربي في موضوع"مفهوم السياق في النقد الأدبي"، وهو رئيس الفرع المحلي للجامعة للجميع بالقصر الكبير، التابعة لفدرالية المدارس العليا الشعبية"الألمانية.


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى