الثلاثاء ١٩ شباط (فبراير) ٢٠١٩
عبد الرحيم العلام

يتنحى عن رئاسة اتحاد كتاب المغرب

بداية، لا بد من التذكير بالمجهود الكبير الذي بذلناه في المكتب التنفيذي لاتحاد كتاب المغرب وفي اللجنة التحضيرية، في الإعداد لتنظيم المؤتمر الوطني التاسع عشر المنعقد في شهر يونيو الماضي بمدينة طنجة، وفي توفير الشروط اللازمة، التنظيمية والأدبية واللوجستية،

لعقده وضمان إنجاحه، وفقا لقوانين الاتحاد ولمبادئه وأهدافه النبيلة، إلا أنه، وللأسف الشديد وكما يعلم الجميع، تم إجهاض هذا المؤتمر أثناء جلسته الافتتاحية، ضدا على المنهجية القانونية والديموقراطية المعتمدة في تنظيم مؤتمرات الاتحاد أو غيرها. بل والأنكى من ذلك، تواصلت واستفحلت، بعد ذلك، ردود فعل بعض التوجهات المعاكسة لتطلعات منظمتنا وأعضائها، في تغييب تام لمطارحة القضايا الكبرى للثقافة الوطنية.

لذا، وإثر تأمل عميق وتفكير جاد ومسؤول، بما تستلزمه الظرفية الحالية من حرص تام على راهن منظمتنا ومستقبلها، ومن حفاظ على مكتسباتها وإشعاعها وتوهجها في المحافل الوطنية والدولية، واستحضارا لمسؤوليتي التاريخية والتنظيمية باعتباري رئيسا للاتحاد:

- وحيث إن المكتب التنفيذي كان قد نظم، من منطلق واجبه ومسؤولياته المنوطة به وطبقا لقوانين الاتحاد، مؤتمرا وطنيا بمدينة طنجة، تم إجهاضه، ضدا على قوانين الاتحاد ومواثيقه وأعرافه، بذلك الشكل المفضوح الذي بات معلوما لدى الرأي العام؛

 وحيث إن المؤتمر الوطني التاسع عشر، كان سيشكل، لو لم يتم نسفه، مناسبة مواتية للمكاشفة والمساءلة والمحاسبة، وللتفكير الإيجابي المثمر والمسؤول في مستقبل منظمتنا وفي تطوير عملها وأدوات اشتغالها، في ضوء مستجدات المرحلة وتحولاتها، وأيضا في ضوء التحديات الكبرى التي تواجهها الثقافة الوطنية، بما يضمن لها تعزيز إشعاعها، ويستجيب لتطلعات كتابنا ومثقفينا، بعيدا عن أية حسابات شخصية أو طموحات وهمية؛

 وحيث إن الجميع يدرك أن منظمتنا قد استطاعت، خلال الفترة التي توليت فيها المسؤولية، بمعية أعضاء المكتب التنفيذي وباقي هيئات الاتحاد الأخرى، أن تحقق وبالملموس منجزات ومكتسبات عديدة ومختلفة، محليا وعربيا ودوليا، يأتي على رأسها الاستجابة المولوية الكريمة لجلالة الملك محمد السادس نصره الله، لملتمسنا المتعلق بتمكين منظمتنا العتيدة من مقر ملائم يليق برصيدها التاريخي، حيث تم، بتعليمات ملكية سامية، تشييد "مركب ثقافي ورياضي" كبير خاص بالاتحاد، يقف اليوم شامخا تحت مسمى "دار الفكر" بحي الرياض بمدينة الرباط.

وكلها منجزات ومكتسبات تشهد عليها الأعمال والمواقف والقرارات الصادرة عن اتحادنا، لا سيما تلك المتضمنة في التقريرين الأدبيين للمؤتمرين الثامن عشر والتاسع عشر؛

 وحيث إنه لم يحصل أن تخليت عن واجباتي تجاه منظمتنا، طيلة أزيد من تسع سنوات الماضية التي تحملت فيها مسؤولية تدبير شؤون هذه المنظمة الثقافية، وخدمة مبادئها وأهدافها وتطلعاتها، إلى جانب أخواتي وإخوتي في المكتب التنفيذي وفي أجهزة الاتحاد الأخرى؛

 وحيث إن واقع الاتحاد اليوم يستلزم منا جميعا قطع الطريق على كل النزعات الذاتية والزعماتية، الساعية، في تنكر تام لمبادئ منظمتنا، إلى تصريف حساباتها الشخصية ضيقة الأفق على حساب الرهانات والتطلعات التي يواجهها الاتحاد؛

 وحتى لا تكون مسؤوليتي التنظيمية الحالية، وأنا على رأس الاتحاد، مطية للبعض لحشر منظمتنا في أزمة تنظيمية دائمة قد تعصف بمستقبلها، وتدفع بها نحو التفكك والانهيار مثلما حصل لمنظمات وطنية عريقة؛

 وحيث إن البعض ما فتئوا يواصلون في حملاتهم المغرضة استهداف اتحاد كتاب المغرب، عبر تسخير جميع الوسائل وأساليب التواصل المتاحة لتحقيق ذلك؛

- وتبعا لاستشارات أخوية واسعة، حول الوضعية الحالية للاتحاد وآفاقه، شملت بعض رموز الاتحاد وحكمائه ومسؤولين سابقين في هيئاته؛

 وحيث إنه قد آن أوان عودتي إلى مباشرة مشاريعي الثقافية التي أجلتها لفترة مهمة من الزمن، أفنيتها، بكل مسؤولية وإخلاص ووفاء ومحبة، في خدمة الاتحاد؛

واعتبارا لما سبق ولغيره من الأسباب التي لا يسع المجال لعرضها، وتغليبا لمصلحة الاتحاد على أي اعتبار آخر كيفما كان نوعه، ولأجل وضع كل طرف أمام مسؤولياته التاريخية والأخلاقية والتنظيمية، وحرصا على أن تظل منظمتنا شامخة معافاة، فقد قررت، عن اقتناع تام وبكل مسؤولية وحرية، أن أتنحى عن مهمة رئاسة اتحاد كتاب المغرب، التي قلدني إياها المؤتمر الوطني الثامن عشر المنعقد بالرباط.

هذا، وقد حرصت على أن يكون قرار التنحي عن رئاستي للاتحاد، نابعا من الاعتبارات سالفة الذكر، وذلك دون سعي مسبق إلى أي تنسيق مع أخواتي وإخوتي في المكتب التنفيذي وفي الهيئات الأخرى، حتى يتسنى للجميع اتخاذ ما يناسبهم، بناء على اقتناعاتهم وتقديراتهم الشخصية، من قرارات ومواقف تجاه المستجدات التي بات يواجهها الاتحاد منذ إجهاض مؤتمره الأخير بطنجة، متمنيا لهم كامل التوفيق والسداد والنجاح، فيما سأظل حريصا، من مواقع أخرى، على خدمة الأهداف والمبادئ النبيلة لاتحاد كتاب المغرب.

وفي الأخير، أجدد شكري الخالص وامتناني الصادق لأخواتي وإخوتي في المكتب التنفيذي وفي باقي أجهزة الاتحاد الأخرى، على الجهود التي بذلوها في خدمة أهداف منظمتنا وتنزيل مشاريعها وبرامجها على أرض الواقع، والشكر موصول أيضا لكل من ساندنا ودعمنا، طيلة الفترة التي تحملت فيها المسؤولية على رأس اتحاد كتاب المغرب.


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى