الأربعاء ٢٠ آذار (مارس) ٢٠١٩
بقلم مكرم رشيد الطالباني

جسر

في بيتنا صورة جسر
يجتازه مارة يحملون مناجل خشبية
يشعلون ناراً
في قش أعشاش طيور
تغرد في غابات سنديان
أنقطع عنها مطر الماضي
الجسر يصل بين ضفتين
فوق مجرى هجرتها المياه
إنتقاماً
لأشجار نخيلٍ
تقطع الطرق على صبيانٍ
يعودون من مدارس
أهملها حراسها
وهم يضاجعون وقتهم
في حمامات يلفها ضباب الزمان
لم يتقاضوا قبلاً
جراء عملهم المتواصل
في مراقبة هطول أمطار الرغبة
في شتاء قارس اللعنة
يتناولون غداء النسيان
في صوانٍ خشبية
من عصر النهضة
يحشرون أنوف كلماتهم
في مواضيع لا تمت إلى التاريخ
من شيء
وهم يحملقون
بين دوائر تزداد إتساعاً
كلما أتجهوا شمالاً
وتضيق كلما بكوا جنوباً
والبكاء لديهم جواز مرور
لتحقيق رغبة البقاء
في الظل
إلى مساء الإنتظار
لا هدف لهم
سوى المناداة على الكراسي الفارغة
للجلوس على أديم أرض
لم تنبت عشب التحرر من الهواجس السوداء
أراهم يتهامسون علناً
في وجوه بعضهم
ينسون جمل الترحيب
ويعلقون جمر الخوف
في شبابيك الحناجر الدامية
أرى عيونهم تجحظ حزناً
ولسانهم تمطر شتائم سوقية
كانت تنتشر في قرون الإنعتاق
من الفجر الأول
وهم منبطحون في زوايا النسيان
يعربدون شزراً
في هامات تحمل أسلحة قديمة
تركها جنود هربوا من الجبهة
للإلتحاق بمراكبهم
مبحرين نحو شواطيء ملغومة
بأعداء يتربصون بالشمس
ويعادون قمر الخجل
يقدون ناراً
وراء أسوارٍ
مزروعة بأشواك حقدٍ
يثمر غضباً
ينقض على آمالٍ
زرعوها منذ قرون
وهم يتسكعون بين ظهراني فجرٍ
لن ينبلج قبل الأوان
ها هم عادوا بخفي حنين
من إنتظار الشعاع
وقد نكسوا رؤوس المعاناة
أمام راية الخجل
لا يلوون على أمر
سوى العودة إلى ضفة الحزن الأخرى
منتظرين جريان النهر
الذي أعدمه الأعداء
ودفنوا رأسه بين جبال
عقرت منذ عصور
ورموا بجثته لنمورٍ
تطرد طرائدها
خلف القصور
في بيتنا جسرٌ
يجتازه مارة
يرمون ببنادقهم
في نهرِ جف ماؤه
فاغرين أفواههم
مدبرين من حيث أتوا!!!

27/11/2013

صالة العرض


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى