السبت ٤ أيار (مايو) ٢٠١٩
بقلم عاطف أحمد الدرابسة

امرأةٌ جريئةٌ أم وطنٌ مُغتَصَبٌ؟

قلتُ لها:
ثوبُكِ جريءٌ هذا المساء
مفتوحٌ من الجانبينِ
ومن الوراء
حين أنظرُ إليه
تمرُّ في خاطري
ذكرياتٌ وذكريات
وأرى السِّنينَ
تمرُّ كالسُّحبِ الثَّقيلة
تحملُ ما لم تحمله الجبال
هناكَ تتجمَّعُ الدُّموعُ
كجحافلِ الجيوشِ
وتتجمَّعُ الدِّماء!
عطرُكِ مشتعلٌ هذا المساء
كجمرِ العودِ
حين تغزوهُ النَّار
حين تحملهُ الرِّيحُ إليَّ
تتغيَّرُ الاتجاهاتُ
وأشعرُ أنَّ الثَّورةَ
تنسابُ في عروقي
كمياهِ الأنهار
وأُحسُّ أنَّ الصَّمتَ السَّاكنَ
منذُ أعوامٍ
يستعدُّ ليُعلنَ الانفجار!
شعرُكِ المنثورُ جدائلَ
على الظَّهرِ
والكتفينِ
ساحرٌ هذا المساء
أشعرُ به يزحفُ على جسدي
كسنابلِ القمحِ في حوران
يدغدغُ صدري كالدَّحنون
فأرتعشُ
كأنِّي في كانون
فيمرُّ السُّؤالُ عليَّ كالأمواجِ:
هل يحملُ عقلُكَ هذا الجنون؟
ابتسامتُكِ متألقةٌ هذا المساء
كالهلال
حين يتفتَّحُ بين غيومِ الليلِ
تشدُّني إليكِ
بلا ذراعينِ
ثمَّ أستسلمُ بين أحضانكِ
كالأطفال
فأشعرُ بدفءٍ نديٍّ
يسري في خلايا جسدي
كأُغنيةٍ
أو كقصيدةِ شعرٍ
أو كضوءٍ خافتٍ مسكين
فأخرجُ من أحزاني
إلى المدنِ الخاويةِ
إلَّا من دماءِ الرَّاحلين
تلتفُّ حولُ عنقي
الشَّوارعُ
كالأفاعي السَّامَّةِ
أعرفُ هذه المدنَ
مدينةً مدينة
وأعرفُ هذا الخرابَ
وأعرفُ لِمَ لا تمرُّ الشَّمسُ من هنا
ولِمَ لا يوجدُ قلمٌ
أو كتاب
أبحثُ عن حجرٍ
يصلحُ للكتابةِ على الجدرانِ
لأرسمَ صورةً للوطنِ
بثوبٍ جريءٍ
مفتوحٍ من الجانبينِ
ومفتوحٍ من الوراء
وأكتبُ عبارتي الأخيرةَ:
هل تعلمُ يا وطنُ
مَن شرخَ ثوبَكَ من الجانبينِ
ومن الوراء
لتصبحَ كالخرائبِ
مأوى لقُطَّاعِ المدنِ
والغُرباء؟


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى