الاثنين ١ آذار (مارس) ٢٠٠٤

جهاد…… الدرع البشري

محمود محمد عبدالمهدي ابوجحيشه ـ الخليل ـ فلسطين

بعد أن هدأ الكون، وسكن الليل، نامت قريتي ……… حبيبتي وقرة عيني نوماً هادئاً، في ليلة لا يكدرها عزول، تحلم بغدٍ جديد، يحمل في طياته آمالاً مشرقة، وأحداثاً قد تكون سعيدة
ولكن هيهات …… إذْ وفي الساعة "الحلوة من الليل" تهب البلدة من نومها مذعورة، كقطاة حط على فراخها غراب وهي في عشها آمنة.

فزعت البلدة على صوت مكبرات الصوت الممزوجة بجلبة الدبابات والجرافات وناقلات الجند تعلن منع التجول وتأمر "أبو جهاد" وأهله بمغادرة البيت فوراً، لأنهم على وشك أن ينسفوه، بعد أن أفضى إليهم أحد عملائهم أن "محمداً" المطارد ينام في قبو بيت "أبو جهاد".

يخرج جهاد وأبوه وأمه وأخوته فوراً تحت تهديد السلاح دون أن يحمل أحدهم شهادة ميلاده أو حقيبة مدرسته، أو حتى فردة حذائه

يأخذ الضابط الصهيوني بمكبر الصوت يطلب من محمد أن يسلم نفسه وإلا سوف يهدم المنزل على رأسه ……… ولكن لا جواب، لأنه وبكل بساطة غير موجودة، وأنها قد تكون تصفية حساب.

نفذ صبر الضابط الذي أمر الجرافة بالبدء من خزان الماء الذي قد يكون محمداً مختبئا فيه فأتبعها قنبلة ألقيت بداخله، ثم أرسل بكلب الأثر يجوب الخزان ثم يأتي دور جهاد ليكون درعاً بشرياً، جهاد أحد طلابي النجباء في الصف الأول الإبتدائي، والذي أنظر إليه وعيوني مملوءة بالدموع المحتبسة والجندي يقدمه وهو خلفه يسير إلى الخزان ليتأكد من عدم وجود محمد فيه وجهاد يتقدم جهة الخزان بجرأة ورباطة جأش وبشجاعة منقطعة النظير والجندي يحتمي وراءه عل المطارد بعد كل هذا لا زال حياً في الخزان، قد يسبب الأذى أو يقتله، والذي أنا متأكد منه أن الجندي سيموت خوفاً حتى ولو وجد محمد المطارد ميتاً.

فيتأكد الضابط من خلو الخزان، فيأمر الجرافة بهدم الجهة الشمالية من تسوية البيت، فيتكرر مشهد الخزان، يلقي الصهاينة بقنبلة ثم يقدم كلب الأثر ثم جهاد (الدرع البشري) يتبعه الجندي عله يجد "محمد المطارد" حياً أو ميتاً، ولكن لا جواب.

يأمر الضابط الجرافة بهدم الجهة الشرقية من البيت ويتكرر نفس المشهد بعد الهدم، القنبلة ……… فالكلب يدور في المكان ……… ثم "جهاد الدرع البشري" يتبعه الجندي المدجج بالسلاح يحتمي بطفولته البريئة، عله يجد "محمداً المطارد" ……… لكن لا جواب.

يأمر الضابط الجرافة بهدم الجهة الجنوبية ليتكرر المشهد السابق، القنبلة ……… فالكلب يدور في المكان ……… ثم "جهاد الدرع البشري" يتبعه الجندي المدجج بالسلاح يحتمي بطفولته البريئة، عله يجد "محمداً المطارد" ……… لكن لا جواب.

أُسقط في يد القوة التي قضّت مضاجع عشرين ألفاً من أهل البلدة بسبب معلومات خاطئة أبلغ بها ذلك الضابط فجن جنونه وأمر الجرافة الضخمة بهدم البيت بأكمله على كل ما فيه حتى سيارة أبو جهاد و"تحويشة" عمره، وحلي زوجته سويت بالتراب.

ولم يكتف بالإحتماء بجهاد كدرعٍ بشري، فأخذ يعتقل أقارب محمد المطارد …… أبو جهاد وإخوته السبعة وأبناء عمومته إلى أن بلغ مجموع ما اعتقلهم الضابط خمسة عشر وزيادة وأودعهم السجن وذلك كدروعٍ بشرية يضغط بها على محمد المطارد كي يسلم نفسه، ولكن هيهات أن تنجح هذه الوسائل مع الشعب الفلسطيني الذي أنجب "جهاد" وأمثاله وكشف أساليب الضابط وأبناء جلدته…

محمود محمد عبدالمهدي ابوجحيشه ـ الخليل ـ فلسطين

أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى