الاثنين ٢٠ تشرين الثاني (نوفمبر) ٢٠٠٦
بقلم سليمان نزال

العجوز و الجذور

تحدقُ بي وساوسها, تسحبها الأضواء و الأنغام صوبَ كلماتي..أرى السؤال في عينيها يلوي عنقه قبل أن يقذفني بسهم التعجب: تظهر كعجوز ٍ و المكانُ يضيقُ بالأنفاس..و ما ودَّعتَ من مسافات ٍ بهذا العمر , تهاربَ ما تبقى منه في مسامات ٍ و هديل..

بالصمت ِ أناورُ.. و طائرُ البسمة ِ يخفقُ بجناحيه , بينما تستمرُ هي في مطاردة شبح الانتظار..قد تأخَّرَ , إذن..تأخرت خطواته.. و ما من طريق آخر إليه..سوى هذا الاحتمال..

تنقلُ الشجرةُ التي تجلس ُبقربي دفاترها إلى جذور في الجوار..تهملها الجذورُ ...تتيبس في توقعاتها العروق النافرة..أنظرُ و لا أتكلم, لكني ما زلت حاضراً بأغصاني كي أقنعها بالمسير نحو الثمرة.

محاولة أخرى, تسفرُ عن خيبةٍ ..ثم لا تجد مفرا من النظر بأوراقها إليّ..أبصرها, تتناولُ قدحاً من الشرود ِ أمامي..متظاهرة بشيء ما أدركهُ بفضة ِ الحواس.

يبدو أنها عثرتْ على جمرات مخبئة ٍ في جوارير َ سرية تحت جلد "العجوز" يبدو أنها قررتْ أن تدفعَ قافلةَ التعالي ِ بعيداً..ثم تلجأ لعنواني..مُكفِّرة عن مكابرتها.

نظرتْ في المقروء. دنتْ أكثر من الكشف.. كنتُ إلى الشفهي أميلُ و أفضله ساخناً من ساعتها..لكنها بعد أن تخلَّصت من لطخة الدمغ و أطيافها الجافة, أيقنت أنني أفضل من يحمل لها العذوبة على دفعات من نشاط لم تترك السنين في خاصرته سوى بعض الخدوش في ظهره.. و نواياه..

لكني فكرتُ بالأمر من زواية ٍ طليقةٍ.. و شرعتُ في جذب ِ ميولي إلى قفص التوثب ِ و الحيطة من موقع ٍ حصين, ثم ما لبثتُ أن كشفت عن حيلة "العجوز" ,معتمداً على خلايا قروية.

في آخر اللهاث..أغلقتُ دفترَ السهد.. و أخذتُ انسحبُ , تدريجياً, من رغبة ٍ مترددةٍ إلى رغبةٍ أقراصها من شهدٍ و سيرة فلاحين.

المرأة ما زالت ماثلة, شاكرة..تتصدى لي بشوق ٍ نافر..عدتُ كي أراها..ثوبها, الأبيض و الأسود, الذي يتسع بنظراتي يهفُّ, يتمايلُ و الزفرات..و قتها الذي يناديني..منديلها الشتوي الذي يسقطُ على مقربة ٍ من تداعياتي..

تقدمتُ و أحصنتي تسبقني وتشجعني.. و كلمة "مازلت في الشباب" تتشظى في أفق الصالة..كانت أشعةُ الوله ِ تنسابُ من خلاياها همسات همسات.. و أنا أديرُ دفةَ توقعاتي..بصبر ٍ محسوب.

على كتفي وضعتْ يدها.. و التصقت الدعوة المتجددة, بالدهشةِ المدروسة..

قالت: يدكَ عربية.. و الكتف من صوان.

قلت: و الدم ُ يلد المعنى الجديد.. حين تفهمبن النهاية بالمستعاد.

قالت: أعتذر.."حسبتها غلط" ..جذوركَ أصلب و أكثر من تطلعاتي..

حين تقدمت الأضواء من الكلمات و الفصول..كنتُ أسيرُ , بثقة, نحو الثمرة الثمرة, و كانت تلوحُ لي بمنديل من تجاربها.


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى