الخميس ٢٣ تشرين الثاني (نوفمبر) ٢٠٠٦
بقلم أحمد يونس

ليلة القبض على جثمان نجيب محفوظ

قالت لي ملامحه: هو علشان يعني ما سيبناكو يومين تلاتة، تهلفطوا على كيف اللي خلفوكو في الجرايد، افتكرتوا ان احنا خلاص, بقينا ملطشة للرايح والجاي؟ أي بتاع كده، بقميص وبنطلون عرة وقلم جاف فرنساوي, ونضارة كعب كوباية وتذكرتين مترو, يروح ناطط وعامل لي فيها هدى هانم شعراوي! لأ فتح يابني فتح! شوف مين بيكلمك! المقصات اللي على كتافي دي ما خدتهاش أونطة. أنا دفعت فيها عمر بحاله. بلضمة المثقفين وشغل الجماعة بتوع الأفكار دول ما ينفعوش معايا. لأ فتح يابني فتح! شوف مين بيكلمك! البيادة دي ياما داست على روس. ثم سكت لحظة, ليفتش في ملامحي عن تأثير ما قالته ملامحه.

إحساس غامر بالزهو, كالذي ينتاب الأباطرة, عندما يجتاحون المدن التي انتـهوا من تدميرها بمنتهى الإتقان, كان قد استبد بالضابط الكبير, على حين راح يتابع بسعادة المنتصر جنازة نجيب محفوظ. أظن أنه عثر ـأخيراًـ في ملامحي على ما أراد طوال الوقت أن يجده: أنا ـيا باشاـ لا أنكر أن العملية تمت بنجاح. أكون كاذباً لو أنكـرت أن مباحث أمن الدولة قد استطاعت ـبشجاعة منقطعة النظيرـ أن تلقـي القـبض على جثمان نجيب محفوظ في مستشفى العجوزة, متلبساً بالموت, وأنها تمكنت ـببراعة يندر أن تتوفر لغيرهاـ من تمرير أجهزة الكشف عن المتفجرات على جسده المسجى بلا حراك, فالرئيس شخصياً, بالرغم من مشاغله الجمة التي لا تحتمل التأجيل, , قد تكرم مشكوراً بالموافقة على تشريفه بالحضور الجنازة الرسمية التي سوف تشيع الروائي الراحل من مسجد عسكري بالألوميتال, أرضيته من الرخام الإيطالي الفاخر. الرئيس شخصياً بالنيابة عن الشعب المصري كــله.

أظن أيضاً أن ملامحي قالت له: المرة القادمة, لكي يكتمل الإنجاز, حـاولوا ـيا باشاـ أن تفكروا في كيفية اعتقال الروح...!


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى