الأربعاء ٢٩ تشرين الثاني (نوفمبر) ٢٠٠٦
بقلم أدهم أبو زين الدين

ضوء يقرع الباب

تصحو نافذتي باكراً بلا ضجيج ويبقى سريري هائماً في أحلامه ،الطاولة ..الكرسي.. الكومبيوتر..و باب غرفتي المغلق بإحكام ،اللوحة المعلقة على الجدار المقابل لبراكيني عبر تلك المساءات ..كلّها كانت بجواري ذلك الصباح تدعوني لشرب القهوة .

لم تعد أمي توقظني كعادتها لقد أغمضت عينيها الدافئتين على المشهد الصامت لدقات قلبي وغابت .
أنهض و النصف ساعة المتبقية لتحضير امرأة اعتادت العمل ربما تكون كافية الآن
ألملم بعض الأوراق ،أغلق خلفي باب الهدوء ثمّ أخرج حيث الضجيج يعلن بداية يوم جديد.

يصغي الرصيف إلى إيقاع أقدامي على جسده المهترئ ثم يمضي بعيداً عني ..أقف تنقلني المسافة إلى العمل عبر وجوه الناس الشاحبة .
لم ألتق بهم منذ فترة طويلة أراهم من بعيد رجالاً ، نساءاً و أطفالاً يعبثون بالهواء دون جدوى
أفتح غرفة العمل و أبدأ...ربما نسيت نفسي تنتظرني في مكان ما
منذ البدء كنت و سأبقى ، لكن هذا المكان يحاصرني حتى نافذته المرتفعة المطلة على السماء لا تجرؤ على الكلام إنها تعرف أنني سأرحل و لكن هل أرحل ؟

يوماً ما كان يجلس مكاني ،كان يصطحبني حين نصعد الدرج المليء بالأمل ويمضي ،لكنه الآن الأكثر قدرة على التنفس.
لقد رحل بعيداً إلى منفاه حيث الصمت القادر على الجنون .
يسري الوقت في جسدي النحيل معلناً نهاية العمل،أغادر عبر حلم طفولي يجمع ألعابي المتبقية في الذاكرة لينسج منها حكاية عن خطواتي الأولى لقدمي دون مساعدة أحد.

أغلق باب غرفتي بورود ذبلت و صمت تيبّس فوق سريري المهذب و في وشاح أمي التصقت بعض الفراشات التائهة تبحث عن امرأة تطير بها و تخرجها من هذا الظلام .

أعذريني أيتها الفراشات فلستُ تلك المرأة...
لن أستيقظ غداً ، فالمسافة المغادرة من عيوني إلى ذلك القمر الرمادي كانت قد اقتربت مني وصعدت في قلبي النابض كثورة شعب .
أراه هناك للمرة الأخيرة يغويني بنور عينيه فأحترق ...

وتحترق الفراشات التائهة عبر لهيبي لنصعد دخاناً يلوّن الضوء الخافت.


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى