الجمعة ٢٣ آذار (مارس) ٢٠٠٧

التلمود تاريخه وتعاليمه القسم السادس من عشرة أقسام

الدكتور ظفر الاسلام خان

يزخر التلمود بشتى أنواع الخرافات منها:

التنجيم

يعتقد التلمود اعتقاداً جازماً بأن التنجيم Astrology علم يتحكم في حياة الانسان. فالنجم يجعل الانسان ذكياً أو غنياً.

يقول الحاخام شانينا:

"إن تأثير النجوم تجعل الرجل ذكياً، وتأثيرها يجعله ثرياً، و(بنو) إسرائيل تحت تأثير النجوم".

ولكن الحاخام يوحنان اعترض عليه قائلاً:
"(بنو) إسرائيل ليسوا تحت تأثير النجوم. من أين ثبت هذا؟ لقد قال ربك: "لا تتعلم طريق الوثنيين، ولا تفزعك آيات السماء، لأن الوثنيين أفزعتهم آياتها". (إرميا 2:10) [1]

ويقول التلمود:

"إن كسوف الشمس آية سوء Evil-Sign للشعوب، وخسوف القمر آية سوء لبني إسرائيل، لأن إسرائيل تعتمد في بقائها على القمر، وشعوب الأرض تعتمد على الشمس" (1).

السحر

والتلمود يمتلئ بطقوس السحر والشعوذة والعرافة، ويعتقد بوجود العفاريت Demons.

يقول الحاخام أبا بنيامين:

"لو جاز لنا أن نشاهد العفاريت الخطرين، لما تمكن مخلوق من الوقوف أمامهم".

ويقول الحاخام أبائي:

"إنهم (العفاريت) أكثر عدداً منا. وهم يحيطون بنا مثل خندق حول حديقة"!

ويقول الحاخام راو هونا:

"كل منا يوجد على شماله ألف (من العفاريت)، ويوجد على يمينه عشرة آلاف".

وقال ربّا:

"إن الازدحام أثناء الموعظة Sermon (بالكنيس) بسببهم (العفاريت)، واستهلاك ملابس الحاخام (الإبلاء) بسبب احتكاكهم بها، والأقدام المكسورة بسببهم" [2]

(ثم يصف الحاخام بعض الطرق السحرية لمن أراد مشاهدة العفاريت، ولا نأتي على ذكرها لعدم إثارة فضول العامة). . . ومما يقوله الحاخام ربّا: إن الحاخام "راو بيبي بارأبّاي" اتبع هذه الطقوس السحرية فأصيب بالأضرار والأذى، ولكن الحاخامات دعوا وصلوا من أجله فشفي (!!).

والتلمود يعلم أن الأرواح الشريرة والشياطين (العفاريت) والجنيات (Goblin) من ذرية آدم. وهؤلاء يطيرون في كل اتجاه، وهم يعرفون أحوال المستقبل باستراق السمع (في السماء) Eavesdropping، وهم يأكلون، ويشربون، مثل الإنسان ويُكثِرون من جنسهم. والتلمود يضرب لهم مثلاً بـ "الرجال الذين يلعبون الحيل المنحرفة".

ويمنع الناس من أن يركبوا على ظهور الثيران التي كانت مربوطة في كشك داخلي، لأن الشيطان يرقص بين قرني الثور (في المربط)، كما يمنعهم من السلام على أصدقائهم في الليل خوفاً من أن يسلموا على الشياطين والعفاريت!

ويأمرهم أن يريقوا بعض الماء من الإناء قبل أن يشربوا منه، للنجاة مما رشفت منه الأرواح الشريرة.

ويجوز لهم – الناس – أن يستشيروا الشيطان في آخر أيام الأسبوع (الجمعة).

والشيطان مثل مَلَك الموت، ولكنه قيل: إن الشيطان لا قوة له على الذين يعكفون على دراسة القانون (التوراة).

والتلمود يورد كثيراً من حيل الشيطان الذي جعل كثيرين من الحكماء، بواسطة تلك الحيل، يتركون قراءة القانون، ثم تمكن من نزع أرواحهم.

جاء، أيضاً، أن مساء كل يوم جمعة تدخل روح جديدة في الأجسام (الميتة في القبر) وتبقى حتى انتهاء السبت، حيث تغادر الجسم، ولزم إتيان هذه الروح الجديدة بسبب الرغبة المتزايدة في الأكل والشرب.

وأما بعد الموت فتحلق الروح على الجثة ثلاثة أيام، تنوي الرجوع اليها ولكنها عندما ترى أن شكل الوجه تغير، تتركها وتذهب بعيداً.

وكانت الروح عندما تغادر الجثة يتنج عنها صوت صارخ، ولكن الحاخامات دعوا الله وصلّوا، فامتنع هذا الصوت الذي لا مثيل له إلا صوت الشمس حين تدور حول مدارها، وصوت الجماهير في مدينة روما. [3]

أما مسألة الجحيم والجنة، فيراها التلمود كما يلي:

"مساحة مصر أربعمائة ميل طولاً وعرضاً، وأرض الموريين تكبر مصر ستين مرة، والمعمورة تكبر أرض الموريين ستين مرة، والجنة تكبر المعمورة ستين مرة، والجحيم أكبر من الجنة ستين مرة". واستنتج الحاخامات من ذلك أن الأرض كلها لا تعدو أن تكون مثل "غطاء الإناء" Pot-lid بالنسبة للجحيم.

وبعض الحاخامات ذهبة الى أن الجحيم لا يمكن قياسها، وذهب البعض الآخر الى أن الجنة لا يمكن قياسها.

وقال أحد الحاخامات: "الجنة ليست مثل هذه الأرض لأنه لا أكل فيها، ولا شرب، ولا زواج، ولا تناسل، ولا تجارة Trafficking، ولا حقد، ولا ضغينة، ولا حسد بين النفوس، بل الصالح سوف يجلس وعلى رأسه تاج، وسيتمتع برونق السكينة splendor of schechinah".

ويرى الحاخامات أن الجحيم له أبواب ثلاثة، باب في البرية وباب في البحر وباب في أورشليم.

ويعلم التلمود أيضاً أن نار جهنم لا سلطان لها على مذنبي (بني) إسرائيل، ولا سلطان لها على تلامذة الحكماء (الحاخامات).

ولكن بعض الحاخامات قالوا: إن الإسرائيليين الذين اقترفوا الذنوب سيذهبون مع الأجانب الى نار جهنم وسيمكثون فيها إثني عشر شهراً، وسوف تحرق روحهم، وسوف تثير الرياح أجزاءهم تحت نعال الصالحين.

أما الهراطقة الذين ينكرون القيامة، وأتباع أبيقور والمذنبون الآخرون فسوف يعذبون عذاباً دائماً، "حيث دودة جسمهم لن تموت (تبقى حياتهم) ونارهم لن تطفأ".

(1) وقال أحد الحاخامات أنه لا حساب بعد انفصال الروح عن الجسد الذي فني، فالجسد المسؤول عن الذنوب، لا يمكن مساءلة الروح بشأنه؛ ولكن حاخاماً آخر نفى مزاعمه بشدة. [4]

أما الملائكة فالرؤية التلمودية عنهم غريبة، ومنها أن جبرائيل وحده على علم بكل اللغات، وهو الذي علم "يوسف" كل لغات الدنيا السبعين.

وأن "ميتاترون" هو رئيس الملائكة، ولكن ملكاً آخر يسمى أمبائيل ضربه بالنار.

ومن القصص التي يرويها التلمود أن نمرود الكافر عندما ألقى بإبراهيم عليه السلام في النار، تقدم جبرائيل أمام الله يقول: "رب العالم! أنا سوف أنزل الى الأرض، وأبرّد النار وأنقذ "الرجل الصالح" من كور النار". ولكن الله قال له: "أنا الواحد في عالمي، وهو الواحد في عالمه، أنه من واجب الواحد أن ينقذ الواحد الآخر". ولكن حيث أن الله لا يحرم أحداً من بركاته وإنعاماته، قال لجبرائيل: "إنك تستطيع أن تنقذ ثلاثة من ذريتي" (!) فيقول الحاخام سيمون الشيلوني: عندما ألقى "نبوخذنصر" الكافر الحاخامات حنانياه وميشائيل وأزارياه في أتون النار، تقدم جركيمو أمير البرد يطلب من الله السماح له بإخماد النار، ولكن جبرائيل قاطعه قائلاً: "إن قوة الله ليست كذلك، إنك أمير البرد وكل الناس يعرفون أن المياه تخمد النار، ولكنني أنا – أمير النار – سأذهب وأخمد النار في الداخل وأشعلها في الخارج. وسأقوم بمعجزة داخل معجزة "فأذن له الله". [5]

العرافة

العرافة من الأعمال المفضلة لدى الحاخامات، ويذكرها التلمود كثيراً، فيقول: إن بعض الحاخامات كانوا قادرين على خلق الإنسان والبطيخ (!).

وجاء أن أحد الحاخامات أحال امرأة الى أتان، ثم ركبها وذهب الى السوق، وهناك قام حاخام آخر بإعادتها الى صورتها الأصلية.

ويزعم الحاخامات أن إبراهيم عليه السلام أيضاً، كان يعرف "العرافة" لأنه أعطى بعض الهدايا لأبنائه كانت فيها قوة السحر. وكان هو نفسه يعلق حول عنقه عقداً يتوسطه حجر يشفي كل من رآه!!

وهناك قصص وخرافات لا نهاية لها عن معجزات الحاخامات وأساطير الأفاعي، والضفادع، والأوز والطيور والأسماك.

والتلمود يقص علينا أسطورة سبع غابة "الآي" الذي أراد قيصر روما رؤيته، فلما وصل على بعد 400 ميل من روما زأر فسقطت جدران روما، وحين بلغ على مسافة 300 ميل زأر مرة أخرى فسقط الناس على ظهورهم وخرجت أسنانهم ساقطة على الأرض، أما القيصر فسقط عن عرشه، وعندئذ ألح القيصر بإعادة السبع الى مكان مأمون!!

ويقول التلمود: إن هناك ثوراً وحشاً Unicorn في اليوم الأول من عمره، حجمه مثل حجم جبل الطور ولذلك كان من الصعب على سيدنا نوح أن ينقذ أحداً من هذه الثيران لأنه لم يكن في وسعه وضع أحدها في السفينة، فربط ثوراً واحداً بقرنه الى السفينة!

وفي نفس الوقت كان عوج Og ملك الباشان [6] من مخلوقات ما قبل الطوفان antediluvian، يواجه مشكلة عويصة تتعلق بنجاته من الطوفان، فلم يتمكن من ركوب السفينة بسبب جسمه الكبير، فركب على ظهر الثور. ويقول التلمود أن الملك عوج كان من العمالقة الذين ولدوا نتيجة زواج بين أحد الملائكة وإحدى بنات الإنسان (!!) وكان طول قدمه أربعين ميلاً، واستعان إبراهيم بإحدى أسنانه سريراً له. وحين واجهه الإسرائيليون بقيادة موسى، سأل رجاله عن مساحة معسكر الإسرائيليين فقيل له إن طوله ثلاثة أميال، فاقتلع جبلاً طوله ثلاثة أميال ليرمي به بني إسرائيل فأُرسل فوج من الجندب، فظل يعمل حتى نحت في الجبل ثقباً كبيراً سقط حول عنق الملك عوج، ثم نبتت له أنياب طويلة حالت دون خروج الجبل من حول عنقه (!)

وكل ما جاء في التلمود عن هذه الواقعة يختلف اختلافاً كلياً عما أورده كتاب Jerusalem Targum حول قصة كتاب العدد
(Book of Numbers XXI. 34). [7]

ويرى التلمود أن الله خلق آدم ذا وجهين، رجلاً من ناحية وامرأة من ناحية أخرى، ثم قطعه من النصف. وأن طوله كان يصل القبة الزرقاء Firmament، ولكن بعد خطيئته وضع الله يده على رأس آدم وكسبه حتى صار صغيراً، وأنه أتى الخطيئة في الساعة العاشرة بعد خلقه، ثم طرد من الجنة في الساعة الثانية عشر.

والتلمود يحتوي خرافات وأساطير كثيرة عن إبراهيم عليه السلام، وزوجته سارة (التي أضاء جمالها العالم حين فتح ابراهيم الصندوق الذي هي كانت فيه أمام رجال الجمرك المصريين!) وعن الحجارة الكريمة التي كان يلبسها حول عنقه (وقد مر بنا ذكرها)، وخادمه إليعاذر الذي كان يأتي بالمعجزات!

وكذلك يروي خارقة صدرت عن موسى وسليمان عليهما السلام، وعن الشمس، وعن معجزة "المنّ والسلوى" الطعام الذي أُنزل لبني إسرائيل، وأن طعمه كان يطابق الطعم الذي يتصوره الإسرائيلي!! وكذلك عن الجن والروح والشيطان.

وقال الحاخام يوشوا إن بني إسرائيل كانوا يتراجعون إثني عشر ميلاً كلما أعطى الله لهم وصية واحدة، وكان الملائكة القائمون بأمر النظام على جبل سيناء يزحزحونهم مرة أخرى نحو الجبل!!

ويزعم التلمود أن سبب نجاسة الأجانب أنهم لم يقوموا على جبل سيناء، بعد أن نجّس الإبليس "حواء"، أما الإسرائيليون فقد تطهروا وحدهم بوقوفهم على الجبل.

ومن أساطيرهم أن طيطوس النجس دخل الهيكل وبهزة سيفه مزّق ستار الهيكل فسال من (الستار) الدم، فأُرسلت بعوضة لعقابه ودخلت مخه، وأخذت تكبر حتى صارت مثل الحمامة، وحين فتحت جمجمته وجدوا أن البعوضة لها فم النحاس ومحالب حديدية [8] !

والتلمود يحدثنا عن كثيرين من الحاخامات الأكولين السكارى. وجاء أن أكراش بعض الحاخامات طالت بحيث كان من الممكن لو أُخرج كرش أحدهم لمشى تحته زوج من الثيران. وجاء عن أحد الحاخامات أنه قتل حاخاماً آخر في حالة سكر ثم أتى بمعجزة فأعاد الحاخام القتيل الى الحياة. وفي السنة التالية دعا الحاخام صاحبه لحفلخمر، ولكنه رفض قائلاً: "المعجزات لا تحدث كل يوم".

الدكتور ظفر الاسلام خان

[1الأدب العبري، ص 18.

[2لعل هذه الأسطورة هي التي ساقت الحاخامات الى اختلاق قصة القمر الذي قال لله: "إنك خلقتني صغيراً... !!".

[3كتاب Hebrew Literature، الصفحات 18 – 19 – 20.

[4الأدب العبري، ص 26 – 27. أنظر كذلك: The Talmud للدكتور جوزيف باركلي، ص 28 – 29.

[5الأدب العبري، ص 27 – 28.

[6الباشان هو الإسم القديم للأرض التي تقم شمال شرقي فلسطين، وتسمى الآن بالجولان.

[7الأدب العبري، ص 21 – 22.

[8كتاب Hebrew Literature، ص 25 – 26.


مشاركة منتدى

  • السلام عليكم ورحمة الله تعالى:
    شكرا موصول للدكتور الفاضل ، وتكريم والتبجيل للقائمين على الموقع وبعد ، فأن الدارس للأديان الساموية يقف عند نقطة إلتقاء تجمتع فيها وتلتقي على اٌلإختلاف الطاهر والذي يتجاوز حد التناقض إلى العدواة بينها ، وهده النقطة هي المعجوة فما من دين سماوي إلا ويجعل من المعجزة الدليل على صحة المعارف التي يدعو الناس إليها بل تأخذ المعجزة معنى آخر وهو البرهان الذي لايسع المتلقى إلا الإذعان له وهو غير قابل للخضوع لمناهج التفكير العقلي عموما ، وتطور انتقل المعجزة من كونه خاص بالأنبياء والرسل عليهم السلام إلى معنى آخر وهو الكرامة عند الأولياء مع المحافظة على جميع خصوصيات المعجزة ، وبغض النطر عن المسلمين بالمعجزة والذين يذهبون إلى أنها تأتي لتأييد الوحي وبهذا تفيد الظن أو أنها لإثبات الوحي وبهذا فهي تفيد القطع أو المنكرين لها إجمالا نتسائل هل المعجزة في صورتها الغير المعقولة يصح أن تكون برهانا ؟ وبما أن المعجزة تفارق الحقيقة المستدل عليها بها وليست من جنسها ولاتشاركها في الخصائص كيف تكون حجة في إثباتها أو نفيها ؟
    هل تستسيغ العقول ماهية المعجزة ؟ وإذا تقبلت العقول المعجزة هل يمكن إخضاعها لمناهج ىالعقل ؟
    وإذا كانت الإستحالة فهل يتصور أن تكون الحقيقة العلمية التسليم للعدمية ؟ من هنا يمكن أن نبحث عن مفهوم المعجزة في الأديان الساموية وإيجاد الفوارق الحدية بينها ودراستها دراسة عقلية بحته ....

أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى