الثلاثاء ٢٧ شباط (فبراير) ٢٠٠٧
بقلم أحمد نور الدين

صفعة

قال لي وشفتيه ترسمان ابتسامة ماكرة:

 و أخيرا سأنال مبتغاي!

فقلت له:

 مبارك مبارك..

ثم وأنا ابتسم ابتسامة تجاوبت مع ابتسامته الماكرة:

 ساورني ظن في ان عمرك كله سينقضي دون ان تدرك غايتك المنشودة !
فقال لا يريد ان يفسد فرحته شيء:

 وان طال عهد الانتظار فها انا الان دون قيد الخطوة من محبوبتي الفاتنة.

أدار نظره فيما حوله لبعض الوقت كأنما يبحث عن شيء بين الطاولات والوجوه والشخوص المحيطة بنا ثم عاد ينظر الي نظرته الماكرة تلك وقال بحيوية:

 لو كنت جالستها قبل الان لما استعظمت زمن الانتظار... عيناها... شفتاها... صدرها الكاعب..

لله ما أبدعها..!

جر نفسا عميقا وتنهد في افتتان، وقلت له بعجلة وصوت كالهمس:
 ها هي قد وصلت !

فاهتز جذعه بارتعاشة طارئة والتفت إلى باب المقهى فأبصرها تلج دالفة.. وروعته صورتها المفعمة غواية وفتنة وجمالا واغتصب الي نظرة رجاء:

 لا اظنك تمانع ان دعوتها لمجالستنا.

فأومأت بالايجاب. فالتفت اليها بنظرته الثاقبة الجائعة.. أبصرناها تأتي نحونا في مشية بطيئة تزيد في جاذبية جسدها الممتلئ وانتهت إلى مجلسنا ولكنها مرت بنا مرورَ عابر وتجاوزت مجلسنا.

دون أن تلتفت نحونا لكني تفرست في وجهها – وكنت حافظا لرسمها- وإذ تمليت النظر الى وجهها زايلتني الدهشة وفارقني التساؤل. لكن صاحبي لسوء طالعه كان قد شط به الهيام فتأدى به الى حيث لم يعد له رغبة في شيء سوى الاقتراب من فاتنته وتروية ظمأه.. أبصرته ينتفض واقفا فقدرت انه وقع في شرك محرج وحاولت استمهاله لكن دون جدوى فقد راح مندفعا نحوها واستوقفها فالتفتت إليه بدهشة بادية.. رأيته يقول لها كلاما لم أتبينه وترد هي عليه بما لم اسمعه.. لم احتمل المتابعة في مشاهدة المشهد الذي ايقنت انه سينقلب هزليا بعد قليل.. حولت ناظري عنهما وأجلت بصري في المحيط فألفيت الجلوس مندمجين في عوالمهم وأشفقت من شيء يبدد انسجامهم الهادئ.. خفضت بصري أكابد وجسا وثبت عيناي في فوهة فنجان القهوة أمامي وتهت في زبد شراب البن وداخلتني رغبة قوية في الرشف منه فرفعت الفنجان بأناملي في أناة.. قبل أن يبلغ شفتاي لطم سمعي رنين... رنين صفعة.


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى