الخميس ٢٩ آذار (مارس) ٢٠٠٧
بقلم زكية علال

بين جلباب أبي وقندورة أمي

في صبيحة الثامن من مارس همست لي صديقة قريبة من نفسي قائلة :

  كم أتمنى أن أعيش في جلباب أبي ولو يوما واحدا .

كم أتمنى ألا يتحقق حلمك صديقتي ...كم أتمنى أن تتعثر أمنيتك ولو كانت بمقاس دقيقة واحدة ، لأني أشفق عليك من هذا الانكسار الذي سيلازم ظلك وأيامك ويلتصق بك كجلد عظمك .

أنا أحمد الله أنه جعلني خارج هذا الجلباب .

فكم أشفق على الرجل من هشاشة هذا الجلباب الذي يندس فيه وهو كاره له ، كالهارب من قدره إلى قدره .

كم أشفق عليه من إحساسه بالضعف وهو يجد نفسه عاجزا عن الدفاع عن عرض ابنته وزوجته ... بل قد يصل إلى أحط درجات الضعف فتغتصب أمامه واحدة منهما ولا يملك إلا أن ينزف دما وقهرا من هذا الجلباب الذي جعله في صورة رجل مهزوم لا يقد ر على حماية حدود بيته ...دون الحديث عن حماية حدود وطنه .

كم يوجعني منظره وهذا الجلباب يسحب من جسده في السجون الإسرائيلية ، وفي سجن أبو غريب ليتحول إلى فأر للتجارب الاأخلاقية .

كم أحس بخيبة هذا الرجل العربي وهو ينكمش في ضعفه عندما يتفرج مع زوجته على الفضائيات العربية وهي تعرض صور النساء في فلسطين والعراق وهن يكشفن عورات ضياعهن .

أشعر بالمرارة تأكل هناء أيامه وهو يرى أن الذي جلس إلى كوندوليزا رايس وقنع بوطن داخل خيمة كان رجلا ...

والذي فاوض على بقايا وطن وحفنة من تراب كان رجلا ...

والذي وقع معاهدة سايكس بيكو وباع فلسطين كان رجلا ...

والذي تورط في خيانات رسمية وغير رسمية وجعل خريطة العرب للبيع، كان رجلا ...

والذي تورط في أسلحة فاسدة عادت إلى صدور جنده ، كان رجلا ...

والذي مد يده إلى حفنة من اليهود وجعل لها كيانا ووجودا وسفارة ، أطل بخيبته من جلباب رجل ...

ربما – لو رجع بي العمر إلى الوراء كثيرا ... كثيرا... لتمنيت أن أسكن داخل هذا الجلباب لأعيش إحساس خالد بن الوليد بانتصاراته في كل معاركه ، ولأتذوق عدالة الفاروق عمر بن الخطاب وهو يرى نفسه مسئولا عن بعلة تعثر في العراق ويخاف أن يحاسبه عليها الله تعالى ويقول له لماذا لم تعبد لها الطريق يا عمر ... عمر الحاكم العادل المتواضع الذي جاء رسول كسرى يبحث عنه كأمير للمؤمنين فوجده نائما تحت ظل شجرة ، فقال قولته المشهورة : ً عدلت فنمت قرير العين .

كنت سأحس بحلاوة الإيمان وقوته في صدر عمر بن عبد العزيز وهو يسعى بكل ما تملك زوجته إلى بيت مال المسلمين .

لكن ... اليوم أفضل أن أكون دمية قي قندورة أمي ولا أكون رجلا في جلباب أبي حتى لا أتورط في هذا الألم المستمر .

الهامش : القندورة هي لباس جزائري فضفاض يستر كل جسد المرأة


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى