الخميس ١٩ نيسان (أبريل) ٢٠٠٧
بقلم محمد عطية محمود عطية

فى الغابة الترفيهية

أشرقت شمس يوم العطلة ؛ لتبسط الشمس أشعتها الذهبية على الدنيا . الجو صحو و جميل ، و صوت العصافير يشيع فيه البهجة ...

أكرم ، و رائف ، و ليلى ، قاموا من نومهم نشيطين ، و قد استعدوا لرحلتهم الى الغابة الترفيهية ،
التى يصحبهم فيها والدهم فى سيارته ..
انطلق صوت رائف ، جميلآ مغردآ :
ـ يا للا نقّضى أجازة سعيدة ..
و أكرم و ليلى يرددون خلفه بمرح و حرارة :
ـ و نشوف حاجة جديدة مفيدة .. يا للا .. يا للا ..
وصاروا يصفقون ، ويتقافزون داخل السيارة حتى وصلوا إلى الغابة .

***

فى الغابة أشجار كثيفة ، و كثيرة بينها مساحات خضراء زاهية ، تتلاقى فيها شجيرات الورود و
الأزهار المتفتحة ، التى يشع لونها فى ضوء الشمس المبهر ؛ فالوقت ربيع ، و نسائمه الطرية تهدهد النفس . تنفس الأطفال هواءها العليل ؛ فانطلقوا يتقافزون على المسطحات الخضراء .. ترتفع صدورهم المنتعشة بالهواء مفتوحة للسعادة و المرح ، فى الصباح الجميل الندى .

أكرم و رائف يلتقطون الكرة .. يطلقونها .. يجرون لاعبين بها فى حماس و نشاط .
ليلى تجرى نحو المراجيح . نركب المرجيحة الدوّارة .. تعتلى حصانآ أبيض جميلآ .. تدور به لفات عديدة .. يداعب الهواء شعرها الناعم الجميل و يطيره ؛ فتنتعش ، ثم تنتقل الى مرجيحة أخرى على شكل بطة بديعة الألوان .. تندفع بها فى أشواط متتالية للأمام و للخلف فى سهولة و يسر ، و هى مسرورة ، ثم تنزل ؛ لتنط الحبل ، و هى تنظر الى والديها ، و الابتسامة لا تفارق وجهها الجميل . يطرب لها والدها . يهز رأسه و يبتسم مشجعآ اياها ، ثم يقوم الى حيث يلعب أخواها .. يتابعهما ، ثم يدعوهما كى يجلسا ليلتقطا أنفاسهما .

يأتيان مسرعين . تنضم اليهم ليلى فى سعادة . تناولها والدتها ( ساندوتشآ ) تعطيه لأخيها أكرم ، و تتناول آخر تعطيه لأخيها رائف ، ثم تتناول ثالثآ لنفسها ، و عيون والديهم تتابعهم بحنان .

***

بعد الراحة ، عاود أكرم و رائف اللعب . انضم اليهما أصدقاء لهم جاءوا الى الغابة ، و مكثت ليلى الى جوار والدتها تقرأ فى مجلة للأطفال ، و والدها يلتقط لهما صورة جميلة ، ثم يقوم ليلتقط صورة لأخويها ، و هما يلعبان وسط الصحاب .

منير ، صديق أكرم و رائف ، اختفى لفترة ، ثم عاد من خلف الأشجار ، بجسمه السمين ، و وجهه الأبيض المحمر ، مجهدآ ، و مشمرآ ساقيه اللذين ابتلا بالماء المخضر ، و فى يده كيس مربوط من أعلاه ، و به ماء عكر ، و ضفدعة صغيرة ترفس بأقدامها داخله .. تحاول الخروج ، و منير يجرى بها نحو أصحابه ؛ ليعرضه عليهم مسرورآ متفاخرآ .

صاحت ليلى ، التى لمحته ، و هى جالسة بجوار والدها :
ـ أنظر يا والدى .. الضفدعة محبوسة فى الكيس .. ألا يعتبر هذا ايذاء للضفدعة المسكينة ؟!
التفت والدها ، و جاوبها باهتمام :
ـ نعم يا ليلى .. طالما ابتعدت عن الوسط الذى تعيش فيه ، و حرمت من الهواء الذى تتنفسه ، و تعيش به .

ترك الأولاد الكرة ، و تجمعوا حول منير ، الذى وقف يشرح لهم كيف نزل الى المصرف ، عند أطراف الغابة ، و ظل يعانى حتى استطاع أن يمسك بالضفدعة ، و كيف قفزت مرات عديدة عائدة الى الماء ، قبل أن يسيطر عليها أخيرآ و يتمكن من وضعها فى الكيس ، و أنه سوف يعاود المحاولة للامساك بضفدعة أخرى ، و زملاؤه ينظرون اليه متعجبين .

اقترب والد أكرم و رائف ، من منير قائلآ بهدوء و حكمة :
 لماذا تفعل هكذا بالضفدعة يا منير ؟
رد عليه منير فى أدب :
ـ سوف آخذها الى البيت ياعمى ، و أضعها فى حوض به ماء كى تعيش فيه .
قال الوالد :
 ألا تعرف أنك بذلك قد حرمتها من حريتها . أيرضيك أن يسلبك أحد حريتك ؟
سكت منير ، و واصل الوالد :
ـ و كيف ستحافظ عليها ، و أنت لا تعلم طبيعة وجودها فى الماء ؟ و من يضمن لك أنها سوف تعيش حتى تنتهى من رحلتك فى آخر النهار ، و تعود الى البيت .و لو عاشت كيف ستوفر لها غذاءها ؟... ثم انظر يا منير .. ماذا فعلت بنفسك و بملابسك . ألم تخش من السقوط فى المصرف ؟

خجل منير ، و طأطأ رأسه ، و مضى ليعيد الضفدعة الى المصرف ، و عاد محاولآ تنظيف ملابسه ، و ظل يعرضها لأشعة الشمس التى اشتدت ، حتى جفت ملابسه ، ثم عاد ليلعب مع أصدقائه فى مرح ، و تنقلوا بين الألعاب و المراجيح .

***

و قبل أن تغيب شمس يوم الرحلة ، التقط لهم والد أكرم و رائف ، صورة جماعية ، ظهروا فيها و هم يغنون و يصفقون و يضحكون مسرورين بيوم عطلة جميل.


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى